صحافة دولية

NYT: إيران تتخلى عن سياسة "التحرش" وتخفف التوتر مع أمريكا

ليست إيران معنية بالتصعيد مع أمريكا في الظروف الحالية - جيتي
ليست إيران معنية بالتصعيد مع أمريكا في الظروف الحالية - جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحافيتين أليسا روبين، وفرناز فصيحي، قالتا فيه إنه بعد سنوات من التوتر المتصاعد الذي كاد يؤدي للحرب، غيرت إيران مقاربتها تجاه الغرب، فتحولت من سياسة التحرش إلى سياسة التعاون المحدود. ويعكس هذا التحول جهدا لتجنب مواجهة مباشرة مع أمريكا.

وليس التحول أوضح منه في العراق، حيث دعمت إيران رئيس وزراء مقرب من أمريكا وأمرت وكلاءها بالتوقف عن هجماتهم الصاروخية ضد القوات الأمريكية.

أما الأمريكيين فبينما لم يقروا علنا بأي تغير في الموقف الإيراني، إلا أنهم بادلوا إيران الموقف بطرق متواضعة وغير مباشرة.

وبحسب ما ترجمته "عربي21"، قالت رندة سلم، الزميلة في معهد الشرق الأوسط: "هناك احتمال أقل بوقوع حرب، ولكن هناك خطر المواجهة.. ولكن ذلك أقل احتمالا لأن نوايا اللاعبين الرئيسيين تغيرت".

ويبدو أن التحول الإيراني تكتيكي بحسب رأي المحللين الذين أشاروا إلى أن إيران لا تزال تعارض بشدة مطلب ادارة ترامب بالتفاوض ثانية مع الغرب على الاتفاقية النووية ولم تتراجع عن هدفها بطرد القوات الأمريكية من الشرق الأوسط. وفي العلن لا تزال البلدان في حالة حرب كلامية.

وهذه بعض المؤشرات الحديثة على تخفيف في التصعيد:


• بعد أشهر من الهجمات على القوات الأمريكية في العراق كانون ثاني/ يناير، أوقفت إيران ميليشياتها الحليفة وتوقفت الهجمات بشكل كبير.
• عندما اختار البرلمان العراقي رئيس وزراء مدعوم من أمريكا هذا الشهر، وافقت إيران، وساعدت على تعيينه في المنصب.
• تواصلت إيران في نيسان/ أبريل مع أمريكا لفتح التفاوض على تبادل سجناء وعرضت إطلاق سراح أحد قدماء المحاربين مقابل إطلاق سراح طبيب إيراني أمريكي تحتجزه أمريكا.
• تم التخفيف من الهجمات على السفن التجارية وناقلات النفط في الخليج والتي كانت تهدد أكثر خطوط الشحن البحري في العالم اكتظاظا لمعظم الوقت العام الماضي.

ويتابع التقرير بأن الدبلوماسيين والمسؤولين والمحللين العراقيين والإيرانيين يشيرون إلى مجموعة من الأسباب للتغيير، بما في ذلك الخوف من الحرب مع أمريكا. كما أنهم يقولون إن إيران تتحمل فوق طاقتها بسبب كورونا والاقتصاد وتحتاج لإثبات نفسها.

وكتب محمد حسين ملائك، وهو دبلوماسي إيراني مخضرم وسفير سابق في الصين، في مجلة الدبلوماسية الإيرانية في نيسان/ أبريل: "تقوم إيران بإعادة تعريف سياساتها الإقليمية بعد اغتيال اللواء سليماني.. تقوم بإعادة ترتيب أوراقها، وتقوم بالتأكد من إمكانياتها ودخلت الميدان بنظرة وخطة جديدة".

كما أن إيران استنتجت بأن تصعيد التوتر مع أمريكا قد يثير صراعا مسلحا والذي، بالإضافة لكونه مؤلما لإيران قد يفيد ترامب سياسيا ويحسن من فرص إعادة انتخابه، بحسب من هم مطلعون على السياسة. فمنذ تسلمه الرئاسة قام ترامب بالانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران وفرض عقوبات اقتصادية صارمة وهو ما دمر اقتصاد إيران.

وقال مستشار لدى وزارة الخارجية الإيرانية بأنه حتى فيلق القدس تم توجيهه بالتصرف "بتحفظ" ويبقى في "حالة انتظار" حتى شهر تشرين ثاني/ نوفمبر.

وقال محللون بأنه بالإضافة للانتخابات الأمريكية، فإن إيران تنظر إلى قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تشرين أول/ أكتوبر حيث سيتم التقرير إن كان حظرا دوليا على الأسلحة ضدها سيتم توسيعه. وحتى ذلك الوقت تسعى إيران لعدم تنفير أعضاء مجلس الأمن.

وتعتبر إدارة ترامب بأن الفضل يعود "لحملة الضغط" الذي مارسته على إيران بما في ذلك العقوبات والتهديدات العسكرية.

 

اقرا أيضا: إيران تعلن مواصلة المهام البحرية "الاعتيادية" بعد تحذير أمريكي

وقال برايان هوك، الممثل الخاص لوزارة الخارجية للسياسة الإيرانية، الثلاثاء: "الضغط يأتي بنتيجة.. فلأكثر من ثلاث سنوات احتوينا وواجهنا إيران من خلال دبلوماسية الردع. كما أن النظام مفلس بسبب عقوباتنا. ويواجه قادة إيران اليوم خيارين: إما التفاوض مع الرئيس ترامب أو الانهيار الاقتصادي".

ويشير الأمريكيون إلى أن الهجمات في مياه الخليج تراجعت بعد أن أمر ترامب البحرية الأمريكية بإغراق أي قارب إيراني يضايق السفن الأمريكية. وحذرت البحرية الثلاثاء القوارب بألا تقترب أكثر من 100 متر من سفن البحرية الأمريكية في المياه الدولية.

وفي نفس الوقت، بالرغم من التصريحات الأمريكية التي تسعى للحصول على كل المطالب الأمريكية، إلا أن أمريكا بقيت على تفاعل مع إيران بشكل غير مباشر.

وبعد أن قبلت إيران بالمرشح المدعوم من أمريكا في العراق لرئاسة الوزراء، مصطفى الكاظمي، قامت أمريكا بمنح العراق استثناء لمدة أربعة أشهر من العقوبات المفروضة على إيران كي تستطيع بغداد شراء الغاز من طهران. وهذا الاستثناء يمنح إيران فرصة للحصول على أموال هي في أشد الحاجة لها.

كما أن التواصل تضمن مناقشات حول تبادل سجناء محتمل يشمل المحارب القديم في البحرية الأمريكية، مايكل وايت، وطبيبا إيرانيا مسجونا لدى أمريكا.

وفي إيماءة محتملة أخرى، قال محافظ البنك الإيراني المركزي، عبدالناصر هيماتي في آذار/ مارس، بأن أمريكا سمحت لبعض الأموال الإيرانية المجمدة في بلدان أخرى بأن تدفع لإيران. والمفهوم أن تلك الأموال كانت أثمان نفط مباع.

وقال جاريت بلانك، الزميل في معهد كارنيغي للسلام: "يمكن شرح ما رأيناه من إيران على مدى الشهرين الماضيين بسهولة على أنه تحول تكتيكي بدلا من كونه تحولا استراتيجيا".

وقال مسؤولون إيرانيون بأنه في العراق حيث كان الأخذ والرد مع أمريكا هو الأكثر شفافية، فإن اهتمام إيران بأن تستقر العراق كان أكبر من فرض مرشحها المفضل.

كما أن المظاهرات المناهضة للحكومة في العراق الخريف الماضي والتي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء السابق كانت تشجب النفوذ الإيراني أيضا والسلطة غير المحدودة التي تتمتع بها ميليشياتها بالوكالة.

وتعتمد إيران على اقتصاد العراق كسوق لبضائعها وكمصدر للدخل من خلال الميليشيات المدعومة من إيران. 

وقالت آريانا طبطبائي، الزميلة في دراسات الشرق الأوسط لدى مارشال فند في ألمانيا: "تعتبر إيران العراق واحدا من أهم بلدين بالنسبة لها من حيث أمنها وتعرف أن ما يحصل في العراق لن يبقى في العراق". 

وفي نيسان/ أبريل جاء العميد إسماعيل قاآني الذي حل مكان اللواء سليماني كقائد لفيلق القدس إلى بغداد برسالة واضحة. وقال إن كبار القيادات السياسية في طهران قلقون من الفوضى الاقتصادية التي تسود العراق، وقال لهم بحسب كبار المسؤولين السياسيين العراقيين الذين قابلوه: "الأمور ليست جيدة في العراق ولا يمكن أن تستمر كذلك لأن العراق سيصبح عبئا على إيران".

وقال سياسي عراقي كبير طلب عدم ذكر اسمه: "لقد بالغت إيران في لعب أوراقها وأرهقها ذلك – في لبنان وسوريا ثم المظاهرات خلال الخريف – وحقيقة أن الشيعة تظاهروا ضد إيران، شكل صدمة لهم".

ولم توافق إيران فقط على الكاظمي، الخيار الأمريكي، ولكنها أيضا ضغطت على الأحزاب الحليفة لها في العراق لدعمه.

واعتبر المسؤولون الغربيون ذلك انتصارا.

التعليقات (0)