زار فيروس
كورونا رئيس النظام
المصري عبد الفتاح
السيسي في آذار/ مارس الماضي وألزمه وأسرته الحجر الصحي لأسبوعين، بحسب موقع "ميدل إيست" البريطاني. ويبدو أن آلام المرض التي تركتِ جهاز مناعة الجنرال أكثر ضعفا لم تعلمه الرحمة بالضعفاء من المصريين؛ بل زادت استئساده عليهم، بتمرير حزمة من التعديلات على قانون الطوارئ تسمح له بتقييد حريتهم أكثر، والمزيد من الشحاذة/ الشحاتة منهم بحجة الجائحة أو بدون، بالإضافة لمزيد من الشحاذة الخارجية (من صندوق النقد الدولي) بحجة مواجهة الفيروس الذي كان ينفي وجوده سابقا.. بل أغلق مكتب "الغارديان" في البلاد وسحب ترخيصها في 17 من آذار/ مارس الماضي لمّا أشارت لخطورته في مصر.
وهو لا يستحيي بعدها بأسابيع من مد اليد لحكومتها البريطانية ولو كانت لتلقي مبالغ تافهة، كما لم يستح من قبوله بداية عودة المصريين المخالفين العالقين في الكويت على نفقة حكومتها، لا في تذاكر الطيران فحسب (170 دينارا كويتيا)، بل في قبوله أجر الحجر الصحي لمواطنيه بواقع ألفيّ دولار للفرد، لأكثر من 8300، للسكنى بفنادق، بحسب اعتراف المُتحدث باسم مجلس الوزراء نادر سعد؛ مما جعل "مصر للطيران" تعلن إعادة مصريي الكويت بمفردها، وإعلان النظام أنه لن يحجز العائدين في فنادق بل في نُزل عادية!
يُطبق النظام إذا المثل المصري القائل: "إللي تكسب به العب به"، أي استغل أي حدث يمكن أن يأتيك بمصلحة لأقصى حد ممكن، ولو كان ذلك على صحة مئات الآلاف من مواطنيك. فالفيروس نفسه قالت عنه وزيرة الصحة المصرية هالة زايد منذ أسابيع قليلة إنه بعيد جدا عن مصر لأنه في الصين. ومن المعروف أن الصين بعيدة "مكانيا" عن مصر حتى نُسِبَ للرسول، صلى الله عليه وسلم، حديث: اطلبوا العلم ولو في الصين. ثم لم تلبث نفس الوزيرة أن ذهبتْ لنفس البلد حاملة معدات طبية لمعالجة نفس المرض، ثم إلى إيطاليا لنفس الغرض، بينما كان المصريون الذي يئنون تحت وطأة كورونا أولى، وهم أطباء وتمريض ومرضى يستجيرون في فيديوهات بالعالم ليرحمهم من نظام لا يوفر أدنى حقوقهم الصحية، من كمامات لأطباء، أو إمكانية أخذ مسحة لتحديد الموقف الصحي لمُخالط لمريض؛ بالإضافة لعدم وجود أماكن عزل مطابقة أو حتى آدمية!
والنظام نفسه المُهمل في صحة مواطنيه؛ هدد رئيس وزرائه مصطفى مدبولي في منتصف آذار/ مارس الماضي باعتقال المُتحدثين عن وجود وانتشار للفيروس في البلاد. وبالفعل بدأ في تنفيذ الخطة بثلاثة مواطنين، وخط ساخن؛ لا لاستقبال أماكن بؤر المرض، بل لتلقي البلاغات عن الشاكين من وجوده لإخفائهم قسريا.
النظام نفسه تقدم في 26 من نيسان/ أبريل الماضي بطلب استجداء وشحاذة جديد من صندوق النقد لمواجهة ما أسماه "التداعيات السلبية لأزمة كورونا"؛ وذلك من برنامجيّ "أداة التمويل السريع"، و"اتفاق الاستعداد الائتماني"، مما جعل أحد الخبراء يُصرح لـ"رويترز" حينها بأن التمويل سيكون بمقدار ثلاثة لأربعة مليارات دولار؛ وغالبا ستذهب لمعالجة خلل الميزانية الخاصة بالعام المالي الحالي والبالغ 28.3 مليار دولار.
بل إن النظام نفسه الذي أغلق "الغارديان" في القاهرة في نهاية الأسبوع الأول من آذار/ مارس؛ لا يستحيي من قبول مساعدات من بلدها في بداية أيار/ مايو، عبر شركتين للهواتف المُتنقلة بـ12 مليون جنيه، و100 دولار. ولم تنس جريدة "أخبار اليوم" الحكومية في نهاية الخبر المنشور في 4 أيار/ مايو الجاري؛ التأكيد على أن حكومة بريطانيا (العظمى) لا تدعم الرعاية الصحية في مصر فحسب، بل أجندة الإصلاح الاقتصادي، في أسلوب مختلف نوعيا للشحاذة الصحفية.
والسيسي الذي أعلن أن المواطن الذي يدفع "سيُريه ما لم يره من قبل؛ وأن الذي لا يدفع لا شيء لديه له"، لا يستحيي أيضا من خروج سياسي كويتي شاب ليُعيره بأخذه مئات الآلاف من الدولارات والدنانير من حكومة بلاده نظير عودة المصريين لبلادهم، فيما نظامه الانقلابي يُنفق مئات ملايين الدولارات على المسلسلات الرمضانية التي تُشرف عليها شركة "سنيرحي" المخابراتية منذ رمضان الموافق لعام 2017م، لضمان أن تصب الملايين من عائدات الإعلانات في جيب النظام، وهو نفس رئيس النظام الذي ابتلع لسانه في نفس الوقت عن واقعة سحل الشرطة السعودية لمواطن مصري لمجرد أنه هدد بالتظاهر أمام السفارة المصرية في الرياض للمطالبة بإعادته لمصر أسوة بمصريي الكويت، رغم اعتذاره وقسمه بأنه لم يكن يقصد شيئا مُسيئا!
كما أن نظام السيسي هو نفس النظام الذي استغل انشغال المصريين في الجائحة واستقبال شهر رمضان ليُثبت أركان نظامه على حساب مزيد من الشحاذة والاستجداء داخليا من المصريين هذه المرة. فقد نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية تقريرا الخميس 7 من أيار/ مايو قالت فيه إن البرلمان الانقلابي أقر في 22 نيسان/ أبريل حزمة تغييرات على قانون الطوارئ المُقر في البلاد منذ عام 1958م منها: "تقييد تداول بعض السلع والمنتجات، أو نقلها، أو بيعها، أو حيازاته، أو حتى تصديرها". وتسمح له التعديلات أيضا بـ"تحديد أسعار بعض السلع والخدمات والمنتجات، وتحديد طريقة جمع التبرعات المالية والعينية لمواجهة الحالة الطارئة، وقواعد تخصيص هذه التبرعات والإنفاق منها"، وهذه الطرق للاستجداء المُستحدثة لا تتعلق بكورونا بحال من الأحوال.
بل انطلق النظام من الشحاذة هذه إلى إجراءات أكثر قمعا من مثل "منح الرئيس، دون إلزامه بالإشارة إلى ظروف تهدد الصحة العامة، سلطات موسعة بإغلاق المدارس، والجامعات، والمحاكم، والمرافق الحكومية، ومؤسسات وشركات القطاعين العام والخاص، بشكل كامل أو جزئي".. فضلا عن جميع أنواع الاجتماعات خاصة أو عامة قليلة العدد أو كثيرة، ونسي النظام أن يحددها بحتى لو كانت للرجل مع "أهل بيته". ولكي يُسهل المشرع المصري الأمر على الرئيس الانقلابي، قال بأن التعديلات السابقة يمكنه أن يأمر بها شفيها ثم يكتبها في حدود ثمانية أيام.
أعان الله شرفاء المصريين ومخلصيهم على التعامل مع نظام لا يعرف ذرة من الشرف أو الأخلاق؛ حتى يمكنهم التخلص منه.