هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أطلقت السلطات السويسرية تحقيقا رسميا بشأن سرقات الذهب من مناطق الصراع في أفريقيا، وتهريبه عبر الإمارات.
وأفاد بيان نشره "المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط"، ومقره جنيف، بأن الأمر يتعلق بتهريب الذهب من دول أفريقية أبرزها السودان وغانا وتنزانيا وزامبيا.
وأضاف أن تلك الممارسة، التي تتورط فيها الإمارات، تتسبب بواحدة من أخطر الأزمات التي تواجهها تلك الدول، لما لها من آثار سلبية على اقتصادها وحرمانها من أحد أهم موارد النقد الأجنبي، والإيرادات الجمركية المفروضة على تصدير الذهب.
ويوضح البيان أن غياب سوق منظمة لتجارة الذهب في غالبية الدول الأفريقية، يتم فيها تداوله بشفافية ووضوح وعدالة، من العوامل التي أدت إلى تفضيل منقبين خيار تهريبه ونقله إلى سويسرا ودول أوروبية أخرى عبر بوابة إمارة دبي.
وبحسب البيان، فقد اطلع المجهر الأوروبي على نتائج تحقيق لمنظمتين غير حكوميتين في سويسرا تؤكد أن إمارة دبي تعد بوابة لنقل ذهب مناطق النزاع في أفريقيا إلى مصافي التكرير السويسرية.
وأضاف: "ومع قيام سويسرا بتكرير ومعالجة ثلثي الذهب العالمي، ولكونها المركز الرئيسي لتجارة الذهب العالمية، يتوجب على الدولة تبني مبادرة للأعمال المسؤولة، في محاولة لإلزام الشركات المحلية بتقييم تأثير أنشطتها على حقوق الإنسان ونهب ثروات ومقدرات الدول".
وتابع بأن شركات سويسرية لتكرير الذهب، على رأسها "فالكامبي" (Valcambi SA)، تخضع للتدقيق بهذا الخصوص.
ولفت البيان إلى أن منظمتين غير حكوميتين نشرتا تقريرين متوازيين يتناول أحدهما، تحت عنوان "المنعطف الذهبي"، تجارة الذهب في الإمارات، مع التركيز على مصفي وتاجر الذهب "كالوتي" في دبي وعلاقاته بـ"فالكامبي".
وجاء في التقرير، الذي نشرته منظمة "سويس أيد" ومقرها في برن، أنه "يتم اللجوء إلى وسطاء لإخفاء مصدر الذهب، بدلا من الحصول عليه مباشرة من المصدر".
وأشار بيان "المجهر الأوروبي" إلى أن الإمارات صدرت 149 طنا من الذهب، بقيمة 6.8 مليارات فرنك سويسري (7.2 مليارات دولار)، إلى "دولة في جبال الألب" عام 2019، وأظهر التحقيق أن المصادر الحقيقية لغالبية هذه الكميات هي المناجم الحرفية الأفريقية، وتم تصدير معظمه بصورة غير مشروعة من مناطق منكوبة بالصراعات، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية ومنطقة دارفور في غرب السودان.
اقرأ أيضا: هكذا كشف تورط قنصلية إماراتية بتهريب الذهب في الهند
وخلص تقرير "سويس أيد" إلى أن معالجة هذا الذهب تتم من قبل شركات إماراتية لا ترتبط بعلاقات مباشرة مع المصافي السويسرية، الأمر الذي يجعل تتبع مصدره وضمان أنه استخرج في ظروف تحترم حقوق الإنسان والبيئة أمرا صعبا.
وتعد "فالكامبي" أكبر مستورد سويسري للذهب من الإمارات. ووفقا لمنظمتي "سويس أيد" و"غلوبال ويتنس" فقد استوردت الشركة بين عامي 2018 و2019 نحو 20.5 طنا من الذهب من "كالوتي" مباشرة، بالإضافة إلى أكثر من 60 طنا أخرى من شركة "تراست وان" للخدمات المالية المحدودة المسجلة في المملكة المتحدة والمرتبطة بـ"كالوتي".
وأشار بيان "المجهر الأوروبي" إلى تقرير آخر هو عبارة عن تحقيق أجرته منظمة "غلوبال ويتنس"، بعنوان "تحت البريق: قصة مصفاتَي ذهب"، وهو يتفق مع استنتاج منظمة "سويس أي" باحتمال حصول كالوتي على ذهب سوداني مرتبط بالصراع وانتهاكات حقوق الإنسان في دارفور بين عامي 2012 و2019.
وبحسب ما ورد في التحقيق، قام كالوتي بشراء الذهب من بنك السودان المركزي، الذي حصل عليه من جماعات مسلحة تسيطر على مناجم في دارفور.
وبحسب إحصائيات رسمية فإن ما نسبته 70 بالمئة من إنتاج الذهب في السودان يهرب إلى الخارج بشكل غير قانوني.
وأكدت جهات حقوقية سويسرية على أن المصارف والجواهريين وصناع الساعات في سويسرا يتوجب عليهم تتبع نهاية سلسلة التوريد عبر إجراءات مختلفة لبذل العناية الواجبة. وعلى إثر قيامها بتحليل ممارسات 15 شركة، وجدت "سويس أيد" أن قدرة هذه الشركات على ضمان مصدر الذهب النظيف محدودة.
كما شككت المنظمة غير الحكومية أيضا في مصداقية رابطة سوق لندن للسبائك (وهي هيئة الترخيص الرئيسية في قطاع الذهب)، التي رفضت ممارسات "كالوتي"، ولكن قدرتها على التحقق من هوية مزودي المصافي السويسرية مثل "فالكامبي" تبقى محدودة.
وتلتزم شركة "ميتالور" (METALOR) إحدى كبريات المصافي السويسرية الأربع المتخصصة في تكرير وصقل الذهب بعدم استيراده من دبي بسبب استحالة تتبع مصدره، ولأن مخاطر الانتهاء بذهب غير شرعي في نهاية المطاف مرتفعة للغاية.
يشار إلى أنه سبق أن توصل تحليل أجرته وكالة "رويترز" العالمية للأنباء إلى وجود عمليات لتهريب الذهب بمليارات الدولارات من أفريقيا كل عام عن طريق الإمارات التي تمثل بوابة للأسواق في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها.
وتظهر بيانات جمركية أن الإمارات استوردت ذهبا قيمته 15.1 مليار دولار من أفريقيا عام 2016 أي أكثر من أي بلد آخر، ارتفاعا من 1.3 مليار فقط عام 2006. وكان الحجم الإجمالي 446 طنا بدرجات نقاء متفاوتة ارتفاعا من 67 طنا فقط عام 2006.
ولم يكن جانب كبير من هذا الذهب مسجلا ضمن صادرات الدول الأفريقية. وقال خمسة خبراء اقتصاديين حاورتهم رويترز إن ذلك يشير إلى نقل كميات كبيرة من الذهب دون تسديد الرسوم الضريبية الواجبة عليها للدول المنتجة.