هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
* قناة "الشرق" تحصل على وثيقة مُسربة من الأمانة العامة لوزارة الدفاع تكشف "عسكرة المحاجر"
* الوثيقة صادرة من "أمين عام وزارة الدفاع" وموجّهة إلى "أمين عام مجلس الوزراء" بتاريخ 28 حزيران/ يونيو الماضي
* الوثيقة تشدّد على "سرعة" قيام مجلس الوزراء بإنهاء "مطالب وزارة الدفاع" الخاصة بحوكمة المحاجر
* الوثيقة تؤكد ضرورة عدم إدخال أي تعديلات حاليا على النسب (المالية) الخاصة بالمحاجر التي حددها السيسي
* الجيش طالب الحكومة بالانتهاء من التشريع اللازم لإصدار اتفاقية بين مصر و"الشركة المصرية لإدارة واستغلال المحاجر والملاحات"
عرضت قناة الشرق الفضائية المصرية،
الثلاثاء، وثيقة سرية مُسربة من الأمانة العامة لوزارة الدفاع تكشف جانبا مما
وصفته بـ"مخطط عسكرة المحاجر"، حيث تشدّد الوثيقة على "سرعة" قيام مجلس الوزراء
بإنهاء "مطالب وزارة الدفاع" الخاصة بمنظومة "حوكمة المحاجر" التي
أعلن عنها رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي سابقا.
وتكشف الوثيقة عن حقيقة "الشركة
المصرية لإدارة واستغلال المحاجر والملاحات" التي تم الإعلان عنها لأول مرة في 5 نيسان/ أبريل الماضي، والتي
وصفتها وسائل الإعلام التابعة للنظام بأنها شركة "حكومية"، حيث أوضحت
قناة الشرق أنها شركة "عسكرية" وليست "حكومية"، وأنها ستحتكر
تماما أعمال "المحاجر والملاحات".
وأشارت الوثيقة إلى أن "الشركة
المصرية لإدارة واستغلال المحاجر والملاحات" تابعة للجيش من الباطن، ويترأس مجلس إدارتها اللواء
سيد البوص الذي كان يشغل سابقا منصب مدير إدارة الحرب الكيماوية بالقوات المسلحة.
وكانت الوثيقة صادرة من "أمين عام
وزارة الدفاع"، أشرف محمد فارس، وموجّهة إلى "أمين عام مجلس
الوزراء"، عاطف عبد الفتاح عبد الرحمن، بتاريخ 28 حزيران/ يونيو الماضي، وحملت
صيغة "تعليمات مشدّدة، ولهجة آمرة للحكومة التي بدت وكأنها خاضعة لتعليمات
القوات المسلحة".
وتطالب وزارة الدفاع -في الوثيقة المُسربة-
الحكومة المصرية بضرورة "عدم إدخال أي تعديلات حاليا على النسب (المالية)
الخاصة بالمحاجر التي حددها السيسي كحصص من قيم الإنتاج على أن يكون منها 13%
لوزارة المالية، و6% للمحافظة، و15% لمشروعات التنمية بالمحافظة".
وتشدّد الوثيقة على ضرورة "قيام
المحافظات باستمرار العمل في المحاجر، والسيطرة وتنفيذ أعمال الميزانية الشبكية، والتقدم
إلى هيئة عمليات القوات المسلحة بطلبات الدراسة استغلال المحاجر والملاحات حتى 30 أيلول/
سبتمبر المقبل".
"سيطرة الجيش"
من جهتها، قالت الإعلامية دعاء حسن، مُقدمة
برنامج "صباح الشرق"، إن "الوثيقة تشير إلى سيطرة وزارة الدفاع على
الحكومة والتدخل في تشريعات البرلمان، خاصة أن الجيش طالب مجلس الوزراء بالانتهاء
من التشريع اللازم لإصدار اتفاقية بين جمهورية مصر العربية، والشركة المصرية
لإدارة واستغلال المحاجر والملاحات"، وهو الأمر الذي اعتبرته غير منطقي وغير مفهوم.
وتوضيحا للأمر، فقد قال الخبير في القانون
الدولي والعلاقات الدولية، السيد أبو الخير، في مداخلة هاتفية مع "قناة
الشرق"، إنه "لا يجوز إبرام الاتفاقيات بين الدولة المصرية وإحدى
الشركات المحلية، لأنه حينما تكون الدولة طرف في اتفاقية ما ينبغي أن يكون الطرف
الآخر دولة أخرى أو شركة أجنبية وليست شركة محلية"، لافتا إلى أن "الوثيقة
التي عرضتها قناة الشرق تؤكد أن الحكم في مصر هو حكم عسكري وليس حكما مدنيا".
وأكد أبو الخير في تصريح لـ"عربي21"،
أن "تلك الاتفاقية تُعد أمر غير قانوني وغير دستوري، لأنه هروب صريح من
الخضوع للقانون المصري، وسيسمح لهم بعدم الخضوع للجهاز المركزي للمحاسبات ولا لأي
جهة رقابية، ولا حتى للمحاكم المصرية في حال وجود خلاف أو مشكلة ما في العلاقة بين
الطرفين".
"كوميديا سوداء"
من جانبه، أوضح
الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، أن "ثروات مصر المعدنية غير مُستغلة حتى
الآن، وأن الجيش يتعمد وضع قوانين مفخخة، ويفرض أتاوات للحصول على أموال من
المستثمرين في المحاجر"، مشيرا إلى أن "إيرادات المناجم والمحاجر تراجعت
بشكل متعمد في الموازنة من 5 مليارات إلى مليار جنيه فقط"، محذرا من "خطورة
الدور الذي تلعبه الأجهزة السيادية في السيطرة على ثروات مصر".
اقرأ أيضا: "السيسي" يطلق يد الجيش للسيطرة على قطاع الأدوية بمصر
وأكد ذكر الله أن
"الاقتصاد المصري يعاني من كارثة أزمة فيروس كورونا، وأنه لا يجب زيادة
الأعباء على المواطنين"، واصفا حصول وزارة المالية على 13% فقط من إيرادات
المحاجر – بحسب الوثيقة التي عرضتها قناة الشرق- بـ "الكوميديا
السوداء"، لافتا إلى أن الوثيقة المُسربة تثبت أن "الجيش دولة أكبر من الدولة
المصرية نفسها".
وخلال البرنامج،
تم عرض تسجيل صوتي لأحد عمال المحاجر يؤكد أن "الجيش أوقف 5 آلاف محجر
بمحافظة المنيا وسط خراب بيوت الأهالي في محافظات المنيا، وبني سويف، وأسيوط".
"تقنين السرقة
والنهب"
بدوره، لفت عضو
لجنة الصناعة والقوى العاملة بمجلس الشورى السابق طارق، مرسي، إلى أن "سيطرة
الجيش على الثروات المعدنية أمر ليس بجديد، لكن ما يحدث حاليا هو تقنين للسرقة
والنهب"، مؤكدا أنه "لا يتم منح تراخيص المحاجر إلا لأشخاص بعينهم
تابعين للمؤسسة العسكرية".
وشدّد، في مداخلة
هاتفية على قناة الشرق، على أن "الجيش سيّطر على جميع مناحي الدولة المصرية،
وأن السيسي يعمل لصالح المؤسسة العسكرية وفقط، وتم احتلال بلادنا من قبل القوات
المسلحة"، منوها إلى أن "انقلاب السيسي قضى على حلم المصريين في الحصول
على حقهم في الثروات المعدنية وغيرها؛ فمصر غنية بالكثير من الثروات والخيرات لكن
سرقة ونهب العسكر سبب خراب بلادنا".
"دولة السيسي"
وفي نهاية حلقة "صباح الشرق"،
أكدت الإعلامية دعاء حسن أن "السيسي يؤسس لدولة أبشع بكثير من دولة ملك فرنسا
لويس الرابع عشر، صاحب أطول فترة حكم في تاريخ أوروبا كله، والذي هو صاحب الجملة
الشهيرة (أنا الدولة والدولة أنا)، والذي اعتبر نفسه مركز الكون و(طبيب الفلاسفة)،
وكان يعاني - مثل السيسي- من جنون العظمة والغطرسة والكبرياء، حيث قال عن نفسه إنه
مصدر السلطات، وصاحب (الملكية المطلقة) على غرار السيسي صاحب (العسكرية المطلقة)".
وأضافت حسن: "مثلما بنى لويس الرابع
عشر لنفسه قصر فرساي العظيم، ليس من أجل الفخامة والثراء الملكي، لكن لمحاولة الحفاظ
على مُلكه بعيدا عن المؤامرات والأزمات والصراعات والانقلابات التي كانت تُدبر ضده
في باريس، وهذا هو نفس ما يفعله السيسي بتشييده لعاصمته الإدارية الجديدة بعيدا أيضا
عن المؤامرات والأزمات والصراعات والانقلابات اللي ستحدث ضده خلال الفترة المقبلة"،
بحسب قولها.
وحذّرت حسن من أن "سيطرة الجيش على
كل مفاصل الاقتصاد المحلي ستمنع تماما أي استثمار أجنبي حقيقي في البلد، وستصبح مصر
بيئة غير صالحة للاستثمار الأجنبي بعدما باتت بيئة غير صالحة للاستثمار المحلي تحت
حكم المؤسسة العسكرية".
ووجّه الإعلامي محمد إسماعيل، مُقدم برنامج
"صباح الشرق"، رسالة إلى رجال الأعمال "المدنيين" الذين قال
إنهم "توهموا" أن السيسي سيكمل مسيرة "مبارك" في التعامل معهم،
قائلا إن "هذا الأمر غير صحيح بالمرة؛ فالسيسي لن يسير أبدا على نهج مبارك في
التعامل مع رجال الأعمال أو مع غيرهم، لأنه يؤسس لدولة (عسكرية خالصة)، دولة
بوليسية قمعية جشعة متوحشة 100%".
وشدّد إسماعيل على أن "الدولة التي يؤسسها السيسي
من جديد لا علاقة لها بدولة 23 يوليو، لأنه يؤسس (دولة السيسي وفقط)"، منوها
إلى أن "كل الاستثمارات والأعمال والثروات الخاصة برجال الأعمال المدنيين ستكون
في مهب ريح العسكر التي لن تُبقي ولن تذر، ولن تترك شاردة أو واردة إلا وستتحكم
فيها بشكل مطلق ولأبعد مدى".