ملفات وتقارير

هذه أبرز النظريات حول أسباب كارثة "تشيرنوبل اللبنانية" ببيروت

انفجر نحو 2750 طنّا من نترات الأمونيوم خلال الكارثة في بيروت- تويتر
انفجر نحو 2750 طنّا من نترات الأمونيوم خلال الكارثة في بيروت- تويتر

انتشرت نظريات عدة في الصحف العربية والدولية، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، حول أسباب كارثة بيروت، التي شبهها البعض بكارثة "تشيرنوبل" في حقبة الاتحاد السوفييتي، وكذلك الهجوم النووي على هيروشيما وناغازاكي في اليابان.

 

وحصلت كارثة "تشيرنوبل"، في عام 1986، إثر خطأ في التشغيل أدى إلى ارتفاع حرارة اليورانيوم وانصهار قلب المفاعل النووي ثم الانفجار، بعد سلسلة من الأخطاء التي وقعت فيها السلطات على مستويات مختلفة في الاتحاد السوفييتي، والإهمال وسوء الإدارة، الأمر المشترك مع كارثة بيروت.

وما تزال التحقيقات الرسمية مستمرة للوقوف على أسباب الكارثة التي عصفت بالعاصمة اللبنانية بيروت، وسط رواية رسمية لبنانية لم تلق قبولا كبيرا لدى الكثيرين.


وبدت في البداية مزاعم انفجار الألعاب النارية تفسيرا أوليا لما حدث في ذلك الوقت، لكن روايات أخرى انتشرت بشدة أشارت إلى أن الانفجار نجم عن قنبلة نووية، وذلك بسبب ظهور سحابة بيضاء تشبه الفطر، كتلك الناتجة عن تفجير قنابل نووية.

 

اقرأ أيضا: هذه قصة وصول المواد المتفجرة إلى مرفأ بيروت قبل 7 سنوات

 

ورغم أن مقاطع الفيديو التي تم تداولها عن الحادث تبدو غير مزيفة من منازل المواطنين بالقرب من موقع الانفجار، إلا أن الشائعات حول سبب الانفجار انتشرت بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي.

وسارع خبراء الأسلحة إلى نشر تقارير تنفي الانفجار الذري، وأشاروا إلى أن الانفجار لو كان ناجما عن مواد نووية، لكان قد ظهر وميض أبيض يعمي البصر، وكذلك الحرارة كانت ستحرق الناس بشدة.

وبحسب خبراء عسكريين تحدثوا لوسائل الإعلام المختلفة، فإن السحب البيضاء التي تشبه الفطر لا تظهر فقط بسبب القنابل النووية، فهي نتيجة لضغط الهواء الرطب،الذي يكثف الماء ويكون السحاب.

وتاليا أبرز النظريات المتعلقة بأسباب انفجار بيروت التي رصدتها "عربي21":

الرواية الرسمية


تعددت الروايات منذ الانفجار، وتبقى الرواية الرسمية اللبنانية الأكثر أهمية للمواطنين الذين يطالبون بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار.

وبحسب المعلومات الأولية الرسمية، فقد شب حريق في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، تحول إلى انفجار كبير، حيث كان العمال يقومون بأعمال لحام داخل المرفأ، حيث يقع مخزن لنترات الأمونيوم التي تحت مصادرتها من السلطات بالأطنان.

وتقول الرواية الرسمية اللبنانية، إن "الانفجار نجم عن كميات هائلة من نترات الأمونيوم، انفجرت بسبب تلحيم لإحدى البوابات فيه".

واستغرب رئيس مجلس إدارة والمدير العام لمرفأ بيروت حسن قريطم، في بيان "كيف أنه، وبالرغم من المراسلات المتكررة بين إدارة الجمارك وقضاء العجلة، لم يجرِ التخلّص من هذه المواد؟". 

وأضاف أنه جرى تعيين حارس قضائي عليها، ووُضِعت في عنبر منفرد حيث بقيت لمدة 6 سنوات من دون أن يكون للإدارة الحق في التصرّف بها.

وأشار قريطم إلى أنّ الإدارة تلقّت تعليمات من القضاء مؤخراً وبعد كل هذه السنوات، تقضي بإقفال فجوة في بوابة العنبر لحماية محتوياته من التلف والسرقة، وهذا بالتحديد ما أقدمت عليه إدارة المرفأ.

وانفجر نحو 2750 طنّا من نترات الأمونيوم خلال الكارثة.
 
وبحسب موقع "Shiparrested" المختص بمتابعة أخبار حركة السفن، والعوائق التي تواجهها حول العالم، فإن السفينة التي كانت تحمل هذه المواد، توجهت من مرفأ باتومي بجورجيا إلى مرفأ بيرا في موزمبيق قبل نحو سبع سنوات، وتحديدا في 23 أيلول/ سبتمبر 2013، إلا أنها توقفت في بيروت نتيجة لعطل فني.
 
المشكلة التي حصلت حينها، هي أن السلطات اللبنانية فتّشت السفينة التي كانت ترفع العلم المولدوفي، وعند فحصها لهذه المواد المتفجرة، منعتها من مواصلة الرحلة، ما دفع طاقمها للتخلي عنها والمغادرة، علما بأن مالك السفينة روسي الجنسية.
 
وبعد ذلك بشهور، أفرغت سلطات مرفأ بيروت حمولة السفينة ونقلتها إلى العنبر 12، وبقيت منذ ذلك الحين دون أي تدخل أو محاولة لإزالتها، قبل وقوع الكارثة.
 
هجوم إسرائيلي


وعزز توقيت الكارثة من نظرية أخرى، مع التوتر المتصاعد على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، خلال الأسبوع الماضي، تفيد بأن هناك هجوما إسرائيليا ربما يكون وراء الانفجار. 

وسبق أن قال الاحتلال إنه أحبط محاولة تسلل عبر الحدود من أفراد من جماعة حزب الله.

ولكن الإسرائيليين نفوا بشكل مستعجل أن تكون إسرائيل على علاقة بانفجار بيروت.

ولكن الكثيرين رأوا في هذا السياق، أن النفي الإسرائيلي لا يعني بالضرورة أن يكون حقيقيا.

 

اقرأ أيضا: حزب الله وإسرائيل ينفيان علاقتهما بانفجار بيروت

من جهته، قال الخبير العسكري ورئيس مركز ‪الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري، رياض قهوجي، في تغريدة له على "تويتر" أرفقها بفيديو: "يظهر بوضوح انفجار الذخائر التي يمكن سماعها أيضا قبل أن تصيب نيرانها كونتينر الأمونيوم نايترايت، متسببا بالانفجار الكبير

وأضاف: "إذن كان هناك غارة إسرائيلية، سمع العديد صوت الطائرات المهاجمة على مخبأ صواريخ أدى للانفجار الناتج عن إهمال الدولة الفاشلة".

 

 


وينظر على إمكانات حزب الله الصاروخية، بأنها تهديد أمني رئيس للاحتلال الإسرائيلي، ما يشكل دافعا مهما للهجوم بالفعل. 

ويمكن لصواريخ حزب الله أن تعطّل الحياة في إسرائيل تماما، ولذلك يقوم جيش الاحتلال بمطاردتها على نحو هستيري، حتى في مخازن حزب الله في سوريا. 

مخزن أسلحة لحزب الله


وترتبط النظرية الثالثة بالنظرية السابقة، إذ برزت على نحو كبير، نظرية انفجار مخزن للسلاح لحزب الله في إحدى المستودعات القريبة من تخزين نترات الأمونيوم، ما تسبب بحريق وصلها وتسبب بالانفجار الكبير.

 

وظهرت تكهنات بأن حزب الله، قد يكون إما قام بتخزين أسلحة في المرفأ أو استقبل شحنة أسلحة من إيران، أو يقوم بتصنيع قنابل وتخزينها هناك.

وفي صحيفة السياسة الكويتية، قال الكاتب أحمد عبد العزيز الجارالله: "كلُّ أصابع الاتهام، كيفما وجَّهتها، تتجه نحو حزب الله".

وأضاف: "إن الكارثة التي تسبَّب بها حزب الله تثير أسئلة عدة، فهو على بُعد يومين من حكم العدالة الدولية بقضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري، ورفاقه، وهو الحكم الذي سينزع آخر أوراق التوت عن عورة الحزب الإرهابية ... لذلك لا يُستبعد أن يكون ما جرى في مرفأ بيروت الذي يسيطر عليه لعبة من ألاعيبه لحرف الأنظار عن الحكم المرتقب صدوره غدا".

 

اقرأ أيضا: صحيفة: شبهات حول انفجار بيروت.. ما علاقة حزب الله؟

وسرد العميد المتقاعد في الجيش اللبناني والخبير العسكري ومستشار رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري للشؤون الدفاعية مارون حتي، أنه كشاهد عيان سمع صوت الطيران وسمع أول إنفجار الذي يشبه إلى حدّ كبير جدار الصوت.

وقال حتي لوسائل الإعلام: "إن الانفجارات الصغيرة التي تلت الانفجار الأول هي انفجار ذخائر وتحديدا رصاص، ما يؤكّد أن إسرائيل ضربت مخزن ذخيرة لحزب الله". 

وأضاف: "رواية تخزين مفرقعات نارية في المرفأ لا تمت للواقع بصلة، فلا يتم تخزين أي نوع من المفرقعات في مرفأ بيروت".

وشدّد حتي أنه سمع صوت طيران بعد الانفجار الأول، وثم أتى الانفجار الثاني، وبالتالي ضرِب مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس بصاروخين وليس بصاروخ واحد، وفق قوله. 

واعتبر حتي أن ما ارتكتبه إسرائيل هو جريمة حرب وهي لن تعترف بذلك كما وأن حزب الله لن يعترف بتخزينه السلاح في مرفأ بيروت، ما أبعد الرواية الرسمية عن الواقع، وفق تقديره.

وما يعزز هذه النظرية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كان قد عرض صورا في أيلول/ سبتمبر 2018، في الأمم المتحدة، حول أماكن تواجد صواريخ وذخيرة تابعة لحزب الله، حيث كانت المواقع في الصور في بيروت، ما يشير إلى رصد إسرائيلي لنشاطات الحزب في مرفأ بيروت وما حوله، بحسب حتي.

سوء إدارة وإهمال


وتعد هذه النظرية مكملة للنظرية الأولى، وهي تتكلم عن أن السبب الرئيس وراء الانفجار، سوء الإدارة والإهمال الرسمي.

فوفق وكالة "رويترز"، فإن المدير العام للجمارك بدري ضاهر، قال إن الجمارك أرسلت ست وثائق إلى القضاء تحذّر ‏من أن المواد المشار إليها تشكل خطرا، مضيفا: "طلبنا إعادة تصديرها لكن ذلك لم يحدث... نترك للخبراء ‏والمعنيين تحديد السبب".‏ 

ونقلت الوكالة عن مصدر آخر مقرّب من موظف في الميناء أن الفريق الذي تفحّص نترات الأمونيوم قبل ستة أشهر ‏حذّر من أنه إذا لم يتم نقلها فسوف "تفجر بيروت كلها".‏

وقال ضابط الاستخبارات البريطاني السابق، فيليب انغرام، لهيئة "بي بي سي" البريطانية، إن نترات الأمونيا لا تتحول إلى مادة متفجرة إلا في ظروف معينة.

ولنترات الأمونيا عدد من الاستخدامات، لكن أكثرها شيوعا هو استخدامها سمادا في الزراعة، وفي التفجير.

وهي مادة شديدة الانفجار إذا اقتربت منها النيران، وعندما تنفجر، ينبعث منها غازات سامة، منها أكسيد النيتروجين وغاز الأمونيا.

وهناك قواعد صارمة لتخزينها بأمان، إذ يجب أن يكون مكان التخزين مقاوما للحرائق تماما، وألا توجد فيه أي مصارف أو مواسير، أو أي قنوات أخرى تتراكم عليها نترات الأمونيا، وتكون سببا لخطر انفجار آخر، ما يثير تساؤلات للسلطات اللبنانية بشأن سوء التخزين.

وقال انغرام إنها إذا خزنت بأمان، ولكن في مكان ضيق ولحقها التلوث بمواد أخرى مثل زيوت الوقود، فقد تنفجر.

وتتداول وسائل الإعلام اللبنانية أخبارا عن رفع مديرية أمن الدولة تقريرا بالمواد المتفجرة في 10 كانون الأول/ أكتوبر 2019 إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وإلى حكومة سعد الحريري التي كانت مستقيلة في ذلك الوقت، بالإضافة إلى تقرير آخر حول الموضوع نفسه في 4 حزيران/ يونيو 2020 وجرى تسليمه لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حسان دياب، وتقرير ثالث في 20 تموز/ يوليو 2020، ورُفع مجددا إلى رئيسي الجمهورية والحكومة.

ونوهت صحيفة الجمهورية إلى أنه و"في حال صحت الرواية الرسمية، فسيكون الدخول في لعبة تَقاذف المسؤوليات وتجاوز محاسبة المسؤول أو المسؤولين عما جرى، مشيرة إلى أن ما جرى ليس "سوى فساد لا يمكن فصله أبداً عن منظومة الفساد، وبنية الفساد الحاكمة في البلد، والذي أدى إلى تجميع كميات هائلة من نيترات الأمونيوم بين الناس وانفجرت فيهم".

وفي الإطار ذاته، تعهد رئيس الحكومة اللبناني حسان دياب بمحاسبة "المسؤولين عن كارثة" الانفجار الذي وقع في "مستودع خطير".

وقال دياب في كلمة متلفزة: "ما حصل اليوم لن يمر من دون حساب سيدفع المسؤولون عن هذه الكارثة الثمن".


التعليقات (0)