هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في خطوة تعكس تداعيات عملية الملء المبدئي لسد النهضة الإثيوبي
على مصر، طالبت الحكومة المصرية المزارعين بعدم التوسع في الزراعات الشرهة
لاستهلاك المياه، في ضوء التحديات المائية التي تواجه الدولة، في إشارة إلى بناء سد
النهضة.
وكشف وزير الموارد المائية والري المصري، خلال اجتماع
اللجنة المشتركة العليا بين وزارتي الري والزراعة، إلى صدور قرار بشأن تقليص
مساحات بعض المحاصيل الشرهة لاستهلاك المياه، مثل: الأرز، والموز، وقصب السكر.
وشدد الوزير، الاثنين، على أن الحكومة عازمة وبكل قوة
على التصدي لزراعات الأرز المخالفة، خلال الموسم الزراعي الحالي، مؤكدا أنه يتم
رصد ومتابعة مساحات الأرز المزروعة عن طريق القمر الصناعي.
ولفت إلى أنه تم تناول خطة الموسم الزراعي المقبل،
وتحديد المساحات المخطط زراعتها بالأرز، وأنه سيتم التشديد على تطبيق غرامات
مخالفات الزراعة بشكل حاسم؛ لما لذلك من أهمية للحفاظ على المقنن المائي.
وطالب رئيس اتحاد الفلاحين وعضو الاتحاد التعاوني
الزراعي محمد فرج، في تصريحات صحفية، وزارة الري بإيجاد بديل يحقق مقابلا مساويا
للأرز.
وحذّر من أن تقليص مساحة الأرز قد ترفع الأسعار مُجددا
إلى 10 جنيهات للكيلو، وتضطر الحكومة للاستيراد مرة أخرى لتهدئة الأسواق.
وكانت الحكومة المصرية حددت المساحة التي سيتم زراعتها
بمحصول الأرز خلال موسم الزراعات الصيفية العام الحالي بـ724 ألفا في 9 محافظات
فقط، طبقا للموارد المائية المتاحة، تمثل نحو 55% من المساحة المزروعة في الأعوام
الماضية.
وفيما يتعلق بقصب السكر، فإن المساحة الخاصة بزراعته نحو
320 ألف فدان، مع رغبة الحكومة في عدم التوسع في زراعته؛ بسبب شراهته للمياه، مقارنة
بقلة موارد مصر المائية.
وتستهلك مصر ما يقارب من 3.3 مليون طن سكر سنويا،
وإنتاجها المحلي من السكر (البنجر والقصب) يصل إلى 2.3 مليون طن، ويتم تلبية باقي
الاحتياجات عبر الاستيراد من الخارج.
"تضارب
التصريحات الحكومية"
من جانبه، قال الخبير الزراعي ومستشار وزير التموين
الأسبق، عبد التواب بركات، إن "قرار تقليص مساحة المحاصيل الإستراتيجية يكذب
تصريح المتحدث باسم وزارة الري، الذي ادعى عدم تأثر مصر بقيام إثيوبيا منفردة
بعملية الملء الأول لسد النهضة، لأن الواقع أثبت أن المزارعين المصريين تأثروا
بالفعل من خلال منعهم من زراعة الأرز والقصب، ما أدى إلى تحول مصر من مصدر للأرز
إلى مستورد".
وبشان تداعيات هذا القرار، أوضح في حديثه
لـ"عربي21" أن "مثل هذه القرارات أدت إلى زيادة سعر المحصول
الإستراتيجي (الأرز) من جنيه ونصف إلى عشرة جنيهات، وإلغاء مقرره من منظومة
البطاقات التموينية، وخسارة مليار دولار نتيجة وقف تصدير مليون طن، وتكبد الموازنة
العامة للدولة عملة صعبة ذهبت لاستيراد 800 ألف طن من الأرز الهندي".
وأضاف بركات أن "تحميل المزارعين فشل الحكومة
المصرية في الحفاظ على حقوق مصر في مياه النيل بسجن مَن يزرع الأرز والقصب هو ظلم
لهم، وعقاب على جرائم لم يرتكبوها، وإذا لم ير النظام رفضا من المزارعين فسوف يتوسع
في تحميلهم أعباء مالية؛ بسبب توسعه في مشاريع تطوير الري الحقلي كبديل للتغلب على
نقص مياه النيل، لكنها لن تكون مجدية في حل الأزمة، رغم تكاليفها العالية".
وانتقد بركات "تحميل الحكومة المصرية المزارعين
المصريين فشلها في إدارة ملف سد النهضة، وتفريطها في حقوقهم التاريخية والقانونية
في مياه نهر النيل، وقرار تقليص زراعة بعض المحاصيل، ما يعكس وجود أزمة نقص في
مياه النيل بسبب سد النهضة، ما يكذب الجنرال السيسي الذي أنكر أكثر من مرة عدم
وجود أزمة من الأساس".
"تداعيات الملء والقرار"
بدوره، رأى وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب المصري
سابقا، عبد الرحمن شكري، أن قرار وزارة الري يعكس حقيقة تضرر مصر من الملء الأول
لسد النهضة، قائلا: "المسؤولية الأولى تقع على عاتق متخذ القرار، ولم يراع
المصالح الخاصة بالشعب المصري، ولن يكون هذا القرار الأخير، وستخسر مصر أراضي زراعية
وليس محاصيل فقط".
وأشار في حديثه لـ"عربي21": "هناك أنواع
من الأرز لا تستهلك مياه بشراهة، وتسقى كل 10 أيام، فماذا عن البرسيم الحجازي الذي
يزرع في مزارع رجال الأعمال، ويتم تصديره للإمارات، والمياه التي نقلها للعاصمة
الإدارية، أليست جميعها من حصة الفلاحين؟".
وأوضح نقيب الفلاحين الأسبق أن "تقليص مساحة الأرز
سيؤدي إلى أزمتين، الأولى خسارة مالية للفلاح، وعدم وجود محصول بديل يعوضه عن
خسارته، والثانية، زيادة فاتورة استهلاك الأرز من الخارج بالعملة الصعبة، فضلا عن
أن الأرز يزرع في الدلتا لإصلاح الأراضي، وليس فقط من أجل المحصول".