هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إن صفقة التطبيع الإماراتية مع الاحتلال الإسرائيلي أشعلت الحماسة في أكثر مكونات قاعدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصولية، بينما تتهيأ أمريكا لإجراء الانتخابات الرئاسية في تشرين ثاني/ نوفمبر المقبل.
وبحسب تقرير لآزاد عيسى، فإن القس جون هاغي، مؤسس مجموعة تعرف باسم "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" نصح جميع دول الخليج بعلاقة علنية مع الاحتلال واحتضانها، وعدم البقاء في الظل، وذلك قبل الشروع بالحديث عن مخطط ضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن.
وتاليا الترجمة الكاملة للتقرير:
في أواخر يونيو / حزيران، قدم جون هاغي، القس الذي أسس مجموعة اسمها "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل"، حلاً بسيطاً للدول الخليجية التي لا تشعر بالارتياح إزاء خطة إسرائيل ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، يتمثل في الخروج من الظل واحتضان إسرائيل علانية.
حينها، صرح هاغي لصحيفة ذي جيروزاليم بوست بما يلي: "يجدر بالدول الخليجية التي زعمت أن إقدام إسرائيل على الضم سوف يؤدي إلى إنهاء علاقاتها غير السرية مع إسرائيل أن تصيغ مطالبها بطريقة إيجابية. فبدلاً من التهديد بإدارة ظهرها، عليها أن تعرض علانية وبشكل رسمي تطبيع العلاقات بين العالم العربي الأوسع وإسرائيل."
ويوم الخميس الماضي، حينما أعلنت إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة عن أنهما ستطبعان العلاقات مقابل وقف إسرائيل لخطة الضم في الضفة الغربية المحتلة، كانت "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" من أوائل المنظمات التي أشادت بالخطوة.
وقالت المنظمة في بيان لها: "نصلي على الدوام من أجل أن يحل السلام في القدس، واليوم أجيبت صلواتنا بطريقة كبيرة."
وأضافت: "في سياق النقاش حول مد السيادة الإسرائيلية لتشمل أجزاء من يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)، قلنا بوضوح في نهاية يونيو / حزيران إن ذلك بالضبط ما ينبغي على دول الخليج أن تفعله، ونرجو أن تقتدي الدول العربية الأخرى بنهج الإمارات العربية المتحدة."
في وقت لاحق من يوم الخميس، قال الرئيس دونالد ترامب إن المسيحية لعبت "دوراً كبيراً في المفاوضات بالمجمل"، بينما أثار صهره جاريد كوشنر فضول الصحفيين حين أخبرهم بأن دولاً عربية أخرى قد تلحق وتطبع العلاقات.
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال دونالد واغنر، أستاذ الديانات والدراسات الشرق أوسطية في جامعة نورث بارك في مدينة شيكاغو، إن ما يتراوح بين 15 و 18 بالمائة من الإنجيليين هم صهاينة مسيحيون أصوليون يعتقدون بأنه يتوجب دعم اليهود من أجل أن يعودوا إلى وطنهم الروحي.
ترى العقيدة الدينية لهذه الحركة أنه بعد أن يجتمع اليهود في إسرائيل فإن ذلك سيحقق نبوءة الكتاب المقدس – الأمر الذي سيفضي إلى عودة يسوع، وهذا بدوره سوف يقود إلى التحول الجماعي إلى المسيحية من قبل البعض بينما سيعني الموت بالنسبة للبعض الآخر.
اقرأ أيضا: هل تضمن اتفاق تطبيع أبو ظبي نقل قاعدة "العديد" للإمارات؟
إنجيليون مسيحيون من أجل إسرائيل
على مدى الأربعين عاماً الماضية، لعب الإنجيليون المسيحيون دوراً ما لبث يتعاظم بشكل متزايد في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ولكن منذ عام 2006، ومن خلال تشكيل "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل"، نمت الحركة لتصبح قوة متنفذة في السياسة الأمريكية.
ذكر مركز بيو للأبحاث في عام 2018 أن المسيحيين الإنجيليين البيض يشكلون ما نسبته 76 بالمائة من مجمل تعداد الإنجيليين في الولايات المتحدة، والذين يشكلون بدورهم ما يقرب من 25 بالمائة من تعداد الناخبين الأمريكيين.
ثم بانتخاب ترامب، وتعيين إنجيليين مسيحيين ملتزمين مثل نائب الرئيس مايك بينس ووزير الخارجية مايك بومبيو ضمن إدارته، استمتعت منظمة "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" وأعضاؤها الذين يزيد عددهم عن خمسة ملايين عضو بالاقتراب بشكل غير مسبوق من البيت الأبيض.
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال دانييل هاميل، مؤلف كتاب "إخوان الميثاق: الإنجيليون واليهود، والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية": "نظراً لأنهم جزء من قاعدة ترامب، فقد تحالفت منظمة "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" بشكل وثيق مع إدارة ترامب، وفي نفس الوقت تهتم إدارة ترامب باسترضاء هذه المنظمة."
أظهر استطلاع أجراه مركز بيو في شهر أغسطس / آب أن 83 بالمائة من الإنجيليين البيض مازالوا يدعمون ترامب. يقول الخبراء إنه نتيجة لإبرام الصفقة بين الإمارات العربية وإسرائيل فمن المحتمل أن تزداد حماسة هذا القطاع من الناس وأن يتعزز.
يقول هاميل: "التغيير الكبير الذي طرأ، لو تكلمنا تاريخياً، منذ 2006 وإنشاء "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل"، هو أن الدائرة السياسية المحلية الأهم من هذه الناحية داخل إدارة ترامب أضحت جماعات الضغط الإنجيلية الأمريكية ولم تعد الجماعات التي يقودها اليهود الأمريكيون مثل منظمة إيباك."
ويضيف: "على سبيل المثال، تفكيك صفقة النووي الإيرانية وتقليص المساعدات للفلسطينيين، ومشروع نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، وما يسمى "صفقة القرن" كانت كلها مشاريع دعمها ودفع بها قدماً الصهاينة المسيحيون."
ويقول هاميل: "تأسست "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" في عام 2006 كرد مباشر على التوترات الإسرائيلية الإيرانية، ولا يمكنك فهم الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي دون أن تضعه في سياق القلق الذي ما لبث يساور دول الخليج تجاه إيران."
مع أن الصفقة بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل علقت تنفيذ ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المتحدة – والضم أمر كبير جداً بالنسبة للصهاينة المسيحيين – إلا أن هاميل يرى بأن الحركة رأت في تحسين العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج خطوة باتجاه تحجيم مصدر التهديد الأكبر لإسرائيل: أي إيران.
حاز الاتفاق على إشادة المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدين كما كان محل ترحيب كل مجموعة يمينية تقريباً وكل مجموعة صهيونية في الولايات المتحدة.
كما استخدم الصهاينة المسيحيون التطبيع لتسليط الضوء على استعداد إسرائيل للتنازل سعياً لتحقيق السلام والانسجام بين أتباع الأديان.
ففي بيان لها قالت جماعة مسيحية تبشيرية اسمها "أجنحة النسر" وتكرس جهودها لتعزيز الروابط مع إسرائيل إن التطور "يشير إلى الاتجاه الإيجابي والسلمي الذي يسير فيه الشرق الأوسط على المدى المتوسط والبعيد."
وأضافت "أجنحة النسر" في بيانها: "وتستمر إسرائيل في إثبات استعدادها للعمل مع الشركاء الراغبين في الشرق الأوسط بينما تجري أحداث العالم في هذه الأزمنة غير المسبوقة."
"لا شيء يدعو للاحتفال"
كجزء من عقيدتهم، يشير الصهاينة المسيحيون إلى الضفة الغربية باعتبارها يهودا والسامرة كما هو منصوص عليها في الكتاب المقدس. وتعتبر الحركة كلمة "الضم" مغالطة لأنها تعتقد بحق إسرائيل التاريخي في الأرض.
في هذه الأثناء ندد الفلسطينيون داخل الضفة الغربية المحتلة وكذلك في الولايات المتحدة بمحاولات واشنطن استخدام صفقة الإمارات وإسرائيل لتطبيع الاضطهاد والتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين.
كما قللت الجماعات الأمريكية اليهودية التقدمية مثل "إن لم يكن الآن" و "صوت يهودي للسلام" من شأن الصفقة وقالت إنه لا يوجد فيها ما يدعو للاحتفال.
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال طارق أبو عطا، وهو فلسطيني مسيحي يعمل مديراً تنفيذياً لمنظمة اسمها "أصدقاء سبيل في أمريكا الشمالية": "بينما يحتفل ما يزيد عن مائتين من منظمات المجتمع المدني الفلسطيني بالذكرى السنوية الخامسة عشر لانطلاق حركة بي دي إس من أجل تحقيق العدالة للفلسطينيين، ويشيدون بنجاحاتها مع الاتحادات العالمية والمؤسسات التعليمية والطوائف الكنسية، من العار أن نرى بلداً عربياً يختار تطبيع حالة العنف الذي يمارس ضد شعبنا."
وكذلك تحدث عامر زهر، رئيس منظمة "جيل جديد لأجل فلسطين"، حيث قال لموقع ميدل إيست آي إنه حينما يجري التطبيع مع إسرائيل "دون مركزة المشكلة الفلسطينية – فأنت في هذه الحالة تعذر إسرائيل وتقبل بكل ما فعلته لنا على مدى الاثنين وسبعين عاماً الماضية."
ما لبث الفلسطينيون يؤكدون أن الحديث عن السلام والانسجام بين أتباع الأديان حين يصدر عن ممثلين لدول الخليج وكذلك عن إسرائيل، وحتى عن الصهاينة المسيحيين، ما هو ببساطة إلا كناية عن الدفاع عن جرائم إسرائيل والرغبة في الحفاظ على الوضع القائم كما هو.
حينما أعلن البيت الأبيض عن الصفقة الإسرائيلية الإماراتية، التي أطلق عليها اسم اتفاق إبراهيم، قال سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل دافيد فريدمان في حديث مع الصحفيين إن الاسم يشير إلى إبراهيم، الذي يعتبر أباً للديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام.
ثم تدخل جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب، ليضيف إلى الخطاب قائلاً: "من شأن هذه الصفقة أن تمكن الناس من أن يستقلوا طائرات من دبي ومن أبوظبي متجهين مباشرة إلى تل أبيب. سوف يُرحب بالمسلمين في إسرائيل، وهذا سيخلق مناخاً أفضل من أجل التبادل الثقافي ما بين أتباع الديانات."
يقول هيميل إن التطبيع بين البلدين هو نوع من السلام الذي يؤثر المصالح الإسرائيلية.
وذلك أنه من ناحية لن ينهي العداء للفلسطينيين ولا العداء للمسلمين ولا التعصب ضد العرب، ومن ناحية أخرى لا يتبرأ من مشروع إسرائيل الأكبر ألا وهو تطبيع إحكام قبضتها على الأرض الفلسطينية.
ويضيف هاميل: "حينما تقرأ تصريح هاغي بشأن اتفاق السلام، تجده يرى في هذه الصفقة قراراً بتعليق خطة مد السيادة، واعترافاً ضمنياً من قبل الإمارات العربية المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية. وتراه فيه منظمة "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" شرعنة لموقف إسرائيل الدبلوماسي ووضعها الدولي. كما ترى في الصفقة مكسباً لترامب في عامه الانتخابي."
وعلى الرغم من أن ترامب ونتنياهو يعتبران الاتفاق ضربة دبلوماسية ويرجوان أن تخفف من عمق السخط الذي يُصب على إدارتيهما قبيل الانتخابات في البلدين، إلا أن الصهاينة المسيحيين يرون أنه يعبر عن مجموعة من الحقائق على الأرض لا يمكن التراجع عنها من شأنها أن تحافظ على هيمنة إسرائيل في الشرق الأوسط.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)