هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف تقرير تلفزيوني إسرائيلي عما أسماها "يوميات الانتفاضة الثانية التي عاشها الإسرائيليون، لاسيما عشية تنفيذ العمليات الاستشهادية من طرف مختلف الفصائل الفلسطينية المسلحة، حين قاد مقاتلو حماس والجهاد الإسلامي زمام القيادة بالفعل".
وأضاف المراسل الإسرائيلي غال بيرغر، ضمن فيلمه الوثائقي "حرب واحدة لشعبين"، أنتجه التلفزيون
الإسرائيلي "كان"، وترجمته "عربي21" أنها "كانت أياما
إسرائيلية سوداء، وربما كانت أكثر فترات جيلي سوادا وفظاعة على الصعيد الشخصي، حين
بدأت الحافلات بالانفجار في داخل إسرائيل، وكذلك الحافلات والمطاعم والمقاهي، ولم
تعد الحرب داخل الحدود، أو على أعتابها، بل دخلت إلى المنزل، وقلبت كل شيء".
وأشار إلى أنها "كانت أياما من
اللعنة، والخوف من ركوب الحافلة، والرعب من المرور بالسيارة بجانبها، أو الوقوف
عند إشارة المرور خلفها، واستغرق الأمر سنوات حتى يتخلص الإسرائيليون من هذا
الخوف، وحتى يومنا هذا، ليس من الواضح كيف سمح لنا أهالينا بمواصلة ركوب الحافلات،
بسبب مشاهد الانتحاريين والمفجرين في الحافلات والمطاعم والمقاهي والفنادق
والحانات والنوادي، وماتت الحياة الطبيعية، وترافق الخوف في كل مكان"، وفق
قوله.
مقارنة بين الانتفاضتين
وأوضح أن "الانتفاضة اندلعت بعد
شهرين من فشل مؤتمر كامب ديفيد، وانتهى دون اتفاق، وفي الواقع، فقد انتهى بانفجار
حقيقي، حتى يومنا هذا، وهناك جدل في إسرائيل حول ما إذا كانت الانتفاضة اندلعت بعفوية، من الأسفل كتعبير عن غضب شعبي حقيقي، في حين ركب ياسر عرفات موجتها فقط
عندما اعترف بها، أم أنه وجهها من فوق، وقادها منذ اللحظة الأولى، أي من أعطى
التعليمات، إن كان هناك أي تعليمات".
وأكد أنه "لا يزال جدل فلسطيني
حول طبيعة الانتفاضة المأمولة: هل تشبه الانتفاضة الأولى 1987، انتفاضة الحجارة،
أو تكون أبرز سماتها استخدام الأسلحة النارية والعمليات التفجيرية، كما تبلورت
الانتفاضة الثانية، وخاضتها جميع التنظيمات المسلحة، بما فيها حماس والجهاد وفتح،
وكلها ألقت نفسها في قلب المعركة، وشنت هجمات إطلاق نار في الضفة الغربية، والتسلل
للمستوطنات، وفي وقت لاحق إرسال المفجرين الانتحاريين إلى الخط الأخضر".
اقرأ أيضا: جنرال إسرائيلي: آثار سلبية لجدار الفصل على الحدود مستقبلا
وزعم أن "هناك نقاطا خلال
الانتفاضة الثانية أدرك فيها عرفات أنه ارتكب خطأ عندما عاد بكامل قوته لطريق
العمل المسلح، هذا أمر غير معروف، ليس لدينا معلومات مؤكدة عنه، ربما أدرك في
مرحلة ما أن العمل خرج عن السيطرة، وأن الانتفاضة أضرت بالسلطة الفلسطينية أكثر من
نفعها، وأن صورتها تضررت بشدة، خاصة عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، التي ربطت في الوعي
الدولي التفجيرات الانتحارية للقاعدة والجهاد العالمي بالتفجيرات
الفلسطينية".
انتصار حماس
وأشار إلى أن "فتح انضمت في
مرحلة ما من الانتفاضة الثانية لدائرة التفجيرات الانتحارية في الخط الأخضر، لكن
الهجمات التي انبثقت عن صفوف التنظيمات الإسلامية، حماس والجهاد، كانت أشد من حيث
الخسائر في الجانب الإسرائيلي، ومن وجهة النظر الفلسطينية الداخلية، فقد استغلت
حماس الانتفاضة الثانية ليس فقط لزرع الموت في شوارع إسرائيل، ولكن أيضًا لتضع
نفسها كقوة مساوية للسلطة الفلسطينية".
وأوضح أن "عرفات لم يفهم ذلك
جيدا، ولم يدرك أنه عندما يطلق الهجمات من الزجاجة، قد تعرف كيف تبدأ، ولكن لا
تعرف كيف تنتهي أبدا، لقد خاطر بفقدان السيطرة على عجلة القيادة، لأنه عندما غرقت
السلطة الفلسطينية في الفوضى العميقة خلال الانتفاضة الثانية، وأعادتها إسرائيل
للعصر الحجري، ودمرت مقار قوات الأمن الفلسطينية بصواريخ أباتشي أو دبابات الجيش،
كان الأوان قد فات".
وأشار إلى أن "حماس رأت أمرا رئيسيا
واحدا أمام عينها من الانتفاضة الثانية، دون أن تعود السلطة الفلسطينية قادرة على
استغلالها كما فعلت في التسعينيات، وهي مصممة على ألا تعود لتلك الأيام، وستفعل أي شيء
لتغيير الميزان، وهكذا خرجت حماس أقوى من الانتفاضة التي استمرت بين نهاية 2000
إلى بداية 2005، وفي صيف هذا العام، انسحبت إسرائيل من غزة، وأخلت المستوطنات،
واعتبرتها حماس انتصارا واضحا لها".
اقرأ أيضا: توقعات إسرائيلية باندلاع انتفاضة تشمل "عمليات استشهادية"
وأكد أن "حماس رأت في الانسحاب الإسرائيلي
من غزة أنها نجحت حيث فشلت السلطة طوال سنوات المفاوضات، وأجبرت إسرائيل على
الهروب من غزة على وقع الهجمات المسلحة، لكنها لم تكمل هدفها الشامل، صحيح أنها
استولت على غزة منذ أكثر من عقد، لكن "الكرز" الحقيقي كان ولا يزال
الضفة الغربية، رغم أنه بعد أقل من ستة أشهر، حصدت حماس فوائد هذه الرسالة، وهزمت
فتح في الانتخابات البرلمانية".
توقف الهجمات
وأضاف أنه "بعد وفاة عرفات،
وانتخاب أبو مازن محله، قاد الأخير سياسة عكسية في ما يتعلق باستخدام الأسلحة النارية
والقنابل البشرية، وعارضها منذ 15 عاما، أما بالنسبة لحماس فلم يتم اتخاذ أي قرار
لوقف التفجيرات الانتحارية، ولم تصدر فتوى من رجال الدين أو مجلس الشورى، ولا
يُعرف نقاش في قيادة حماس صدر فيه أمر بوقفها، ومع ذلك، فقد تضاءلت التفجيرات
تدريجيا، وتوقفت بشكل شبه كامل على مر السنين".
وسرد الكاتب لذلك أسبابا متنوّعة، من
بينها "العالم الذي تغيّر منذ ذلك الحين، والأضرار التي لحقت بالفلسطينيين من
صور التفجيرات الانتحارية، والجدار الفاصل الذي أقامته إسرائيل في الضفة الغربية،
جعل من الصعب على المفجرين الانتحاريين اجتيازه، كما أن الجيش الإسرائيلي لم يسمح
لحماس برفع رأسها بالضفة الغربية، وقام بقص البنية التحتية للحركة منذ أن استولت
على قطاع غزة صيف 2007".
وأوضح أن "البعض قد يقول إن
حماس حققت الهدف السياسي الشامل الذي سعت لتحقيقه في الانتفاضة الثانية، بأن تصبح
قوة مساوية للسلطة الفلسطينية، وبالتالي لم تعد بحاجة لهذه التفجيرات، مع العلم أن
الحركة واصلت حتى يومنا هذا محاولاتها لتنفيذ هجمات من الضفة الغربية ضد
الإسرائيليين، بما في ذلك الهجمات الدامية، لأنه من وجهة نظرها، لم يكتمل هدفها
السياسي بعد"، بحسب زعمه.