اقتصاد عربي

أزمة مالية تضرب صيدليات 19011 بمصر.. ما علاقة الجيش؟

تغول صيدليات 19011 في السوق المصري وصل حد فتح فروع لها ببعض السجون المصرية- فيسبوك
تغول صيدليات 19011 في السوق المصري وصل حد فتح فروع لها ببعض السجون المصرية- فيسبوك

تواجه سلسلة  صيدليات "19011" المصرية، أزمة مالية طاحنة، وديونا متراكمة نتيجة صفقات استحواذ مثيرة للجدل على سلاسل صيدليات شهيرة بمصر، وافتتاح عشرات الأفرع في وقت قصير.


وكشف عمال في السلسلة، التي تتخذ من تاريخ ميلاد رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي اسما لها (19 تشرين الثاني/ نوفمبر)، عن عدم حصولهم على رواتبهم منذ نحو ثلاثة أشهر، في وقت أعلنت فيه السلسلة عن خطة توسعية لإضافة نحو 120 فرعا جديدا لها، وفقا لوسائل إعلام مصرية.

وأكد أن السلسلة الكبيرة التي تسيطر على القطاع الصيدلي في مصر، بدعم من الجيش وأجهزة سيادية أخرى، تمر الآن بأزمة مالية طاحنة، ومطالبة بدفع مبالغ كبيرة لشركات الأدوية والبنوك.

وأوضحوا أن عددا من مدراء الشركة والأطباء غادروها، وأن السلسلة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها بدفع رواتب العاملين لديها، وكذلك فإنها تعاني من نقص في الدواء بعد امتناع شركات أدوية عديدة عن مدها به بسبب مديونياتها العالية.

سلسلة "19011"، بدأها 10 صيادلة أسسوا شركة "ألف" لإدارة الصيدليات بنحو 20 فرعا بالعام 2017، ثم سرعان ما استحوذت على أكبر سلاسل الصيدليات مثل "إيمدج" و"رشدي"، ووصلت لأكثر من 200 فرع في 3 سنوات.

وغزت السلسلة سوق الدواء المصري بشعار "رقمنا هو اسمنا"، مع إعلانات ضخمة بوسائل الإعلام والطرق ووسائل المواصلات، تكلفت نحو 800 ألف جنيه شهريا حينها حسب تصريح للوكيل السابق، لنقابة الصيادلة الدكتور محمد سعودي، آب/ أغسطس 2019.

تغول "19011"، وسيطرتها على سوق بيع الدواء والمستلزمات الطبية وأدوات التجميل بجميع الأماكن الحيوية بمحافظات مصر وخلال ثلاثة أعوام ومنذ إنشائها في 2017، وعبر صفقات مثيرة للجدل؛ أثار قلق ومخاوف الصيادلة، والنقابة التي حذرت من خطورتها هي وبقية السلاسل على الأمن القومي الدوائي.


وفي نيسان/ أبريل الماضي، وفيما وصف بأنه الاستحواذ الأكبر في سوق بيع الدواء المصري، تملكت صيدليات (19011)،  سلسلة "رشدي" الشهيرة، بعد أشهر من صفقة مماثلة تملكت فيها مجموعة "إيمدج"، المالكة لـ17 صيدلية، وسلسلة "دوائي" الشهيرة.

تغول تلك الصيدليات في السوق المصري وصل حد فتح فروع لها ببعض السجون المصرية، حسب صفحة "صوت الزنزانة"، نقلا عن أهالي المعتقلين بسجن "العقرب" شديد الحراسة.

"حقيقة الأزمة وأبعادها"

مصدر داخل إحدى صيدليات "19011"، أكد أن "الأوضاع تسير بشكل سيئ، وبالفعل إدارة السلسلة عاجزة عن دفع رواتب الصيادلة العاملين لديها، وعن توفير الأدوية بنفس القدرة والمعدل القياسي السابق الذي كان يتم قبل نحو 6 أشهر".

الصيدلي الذي يعمل بأحد أفرع "19011" بإحدى المدن الجديدة، أكد لـ"عربي21"، أنه "على مستوى العجز في الأدوية فنحن كأفرع كنا نطلب ما نحتاجه لحظة بلحظة من المخزن الرئيسي للسلسلة في منطقة الهرم بالجيزة، أما الآن وخلال الأشهر الماضية فقد خلا المخزن الرئيس والمخازن الفرعية من الأدوية".

وقال إن "الأزمة الحالية طالت الأدوية، والمستلزمات الطبية، وأدوات التجميل"، مشيرا إلى أن حالة العجز المالي جعلت إدارة السلسلة تلجأ لبيع ما لديها من بضاعة وبراندات إلى شركات الأدوية لتسديد جزء من ديون الأفرع لدى شركات التوزيع".

وأشار إلى أنهم "لجأوا أيضا إلى المشتريات الخارجية بمبالغ بسيطة لتسيير أعمال الأفرع من بعض المخازن الصغيرة لصيدليات وشركات أخرى، ومن الصيدليات الكبرى التي تقدم عروضا على البيع، مثل صيدليات (العزبي) الشهيرة".

وحول رواتب آلاف الصيادلة والعاملين وأفراد التوزيع والنقل، أكد أنها "تتأخر بالفعل خلال الأشهر الماضية، ولكن السلسلة تحاول ألا تصل لطريق مسدود في هذا الأمر فبدلا من صرف الرواتب بداية الشهر تقوم بتأخيرها لنحو أسبوعين أو 3 أسابيع كل شهر".

وأوضح أن "سبب الأزمة هو الديون التي تراكمت على السلسلة بعد شراء سلسلة (رشدي) الكبيرة"، مؤكدا أنهم "لجأوا للقروض من البنوك على اسم كل فرع من الأفرع وحصلوا على مبالغ كبيرة تصل من مليونين إلى 5 ملايين على كل فرع حسب حجمه ومكانه".

وأشار إلى أن "البنوك بدأت في إجراءات الحجز على بعض الأفرع بسبب عجز الإدارة عن سداد أقساط الديون"، لافتا إلى أن الأزمة إلى تفاقم وليس إلى حل، ما يقلق آلاف العاملين".

"حقيقة ارتباطهم بالمخابرات"

من جانبه، أرجع أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق، الدكتور أحمد رامي الحوفي، سبب الوضع الذي تواجهه صيدليات "19011"، الآن إلى "أنهم اعتمدوا بداية عملهم على تأجير جزء كبير من الصيدليات بمقابل مالي، وقاموا بتغيير الديكور ووضع الاسم بالمخالفة للقانون، بجانب ما اشتروه من صيدليات".

الحوفي، أوضح لـ"عربي21"، أن "بداية الأزمة كانت مع استحواذ (19011)، على سلسلة صيدليات (رشدي)، في نيسان/ أبريل الماضي، مقابل (360 مليون جنيه) ولم يستطيعوا توفير ضمانة بنكية لسداد قيمة الصفقة".

وأضاف: "ولأن (19011)، تسدد قيمة صفقة (رشدي)، من المبيعات مباشرة ما جعلهم غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم وتأخروا بصرف رواتب الأطباء والعاملين والالتزامات المالية الأخرى، لمدة 4 أشهر، ومنتظر استمرار الأزمة حتى انتهاء سداد قيمة الصفقة".

الصيدلي والنقابي المصري، أكد أن "هذا الكلام له دلالة أن سلاسل (19011)، لا تخضع لأية جهات سيادية مصرية وإلا كانت وفرت لهم الدعم والغطاء والتسهيل البنكي لسداد صفقة (رشدي)".

وتابع: "ولكنه في نفس الوقت يثير الريبة حول مصدر أموال هؤلاء الشباب فوفق أعمارهم وتاريخهم بأوساط الصيادلة هم ليسوا من الأثرياء".

وأشار الحوفي، إلى "أحاديث غروبات الصيادلة عن ارتباط عضو بمجلس إدارة (19011)، بقرابة مع برلماني بإحدى دوائر محافظة الجيزة؛ قيل إنه يتاجر بالآثار وأن هذه الصيدليات وسيلة لغسيل الأموال".

وبشأن احتمالات بيعها للأجانب نتيجة لتعثرها، قال إنها "ليست المرة الأولى التي تتعثر فيها سلاسل صيدليات مصرية، وقد ينتهي الأمر بالبيع لسلسلة أخرى مصرية أو غير مصرية، خاصة أنها تمر بضائقة مالية صعب تجاوزها".

"الهروب إلى الحصانة"

الخبير المصري بمجال الإدارة والتخطيط، الدكتور هاني سليمان، تحدث عن أزمة سلسلة "19011"، مشيرا إلى أن الشريك الكبير في السلسلة (الرئيس التنفيذي الدكتور نعيم الصباغ)، يسعى الآن جاهدا للحصول على عضوية البرلمان، وبهذا يظفر بالحصانة البرلمانية والحماية القانونية من المساءلة.



 

التعليقات (0)