هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بدأ الأردن منذ مطلع تشرين أول/ أكتوبر بتسجيل آلاف الحالات اليومية بفيروس كورونا، مع معدل وفيات مرتفع مقارنة بدول مجاورة.
خلال الأيام الماضية، وبسبب الضغط الكثيف على المستشفيات الخاصة والحكومية، انتشر الوباء بين مجموعة من الأطباء، ما تسبب بوفاة سبعة منهم.
وفيات الأطباء أصابت الشارع الأردني بحزن وقلق شديد، لا سيما مع تحذيرات غير مسبوقة من خطر انهيار النظام الصحي.
ويتهم أطباء وزارة الصحة بالتقصير في إدارة ملف "كورونا"، وعدم وضع خطط بديلة لاستيعاب أعداد المرضى الذين لم تعد المستشفيات قادرة على استقبالهم.
"عربي21" تحدثت إلى طبيب بأحد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، إذ عبر عن خيبة أمله من النظام الصحي الذي فشل في إدارة الملف.
وقال الطبيب، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن ما حدث خلال الأسابيع الماضية كان متوقعا، رغم احتفاء الحكومة السابقة بنجاح الأردن بالحد بشكل كبير من إصابات "كورونا" لفترة قريبة.
وذكر الطبيب أن الوزارة أخطأت بعدم وضع خطط احترازية، أو بناء مشاف ميدانية، أو استدعاء أطباء الامتياز وغيرهم، ظنا منها أن الأعداد لن تتضاعف بشكل متسارع، رغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية منذ شهور بقدوم موجة ثانية من الفيروس.
ضغط شديد
القائم بأعمال نقيب الأطباء، الدكتور محمد الطراونة، قال في تصريحات صحفية إن الإصابات بكورونا بين الأطباء بالمئات.
وقال الطراونة إن الضغط الشديد على المستشفيات، ونقص وسائل الوقاية، ساهمت في إصابة عدد كبير من الأطباء بكورونا.
وتابع: "كنا نتلقى اتصالات من زملائنا يتحدثون فيها عن نقص شديد من وسائل الوقاية الشخصية".
وأضاف: "هنالك نقص في وسائل الوقاية من الفيروس في القطاعين العام والخاص، نحن نتحدث عن كمامة خاصة، وليس كالتي يستخدمها المواطنون، وبدلة وقاية، ووسائل شخصية أخرى".
وشدد الطراونة أنه "من الضروري دعم الكوادر الطبية بالأطباء؛ نظرا للنقص الشديد في صفوفهم".
بدوره، قال وزير الإعلام، علي العايد، إن الحكومة "تتألم" من ارتفاع أرقام الوفيات، لا سيما بين الأطباء، مجددا الدعوة إلى "الالتزام بسبل الوقاية"؛ لتخفيض عدد الإصابات.
وغرّد العايد عبر "تويتر": "نتألم لفقدان أو إصابة أي أردني أو أردنية بسبب كورونا، ونتألم لفقدان نخبة من أبطال الجيش الأبيض، رحمهم الله جميعا، ممن يصلون الليل بالنهار بالعمل على خطوط المواجهة الأمامية لحماية صحتنا".
وأضاف أن "الوفاء لتضحياتهم يكون بالالتزام بسبل الوقاية، وتخفيض الإصابات؛ لحماية منظومتنا وكوادرنا الصحية".
نتألم لفقدان أو إصابة أي أردني أو أردنية بسبب كورونا، ونتألم لفقدان نخبة من أبطال الجيش الأبيض، رحمهم الله جميعاً، ممن يصلون الليل بالنهار بالعمل على خطوط المواجهة الأمامية لحماية صحتنا. الوفاء لتضحياتهم يكون بالالتزام بسبل الوقاية وتخفيض الإصابات لحماية منظومتنا وكوادرنا الصحية.
— Ali Al Ayed (@AliHAlAyed) October 30, 2020
مسؤولية من؟
الكاتب فيصل تايه، وفي مقال بموقع "عمون" المحلي، قال إن المؤشرات الحالية تعدّ تهديدا خطيرا للمنظومة الصحية، وهو ما يتطلب "اتخاذ أقصى إجراءات الحماية، وأعلى معايير مكافحة العدوى في المستشفيات".
وأضاف أن "العاملين من كوارد الرعاية الصحية في الصفوف الأمامية تحملوا واجبهم المهني والأخلاقي، وخيروا صحة أفراد المجتمع ومرضاهم على مصلحتهم الشخصية، حيث ما زالوا يقدمون أروع الأمثلة وأفضل خدمات الرعاية الطبية الممكنة للمصابين بالفيروس".
وتابع: "على الجهات المسؤولة ومؤسسات المجتمع المدني وكل المعنيين المباشرة الفورية بإطلاق مبادرة إنسانية نبيلة، للمساعدة في تقديم الوقاية لحماية كافة الكوادر الطبية من خطر فيروس كورونا".
بدوره، قال الطبيب والمدون أنس المحتسب (يعمل بمستشفى حكومي)، إن النظام الصحي في الأردن يتعامل مع "كورونا" وفق منطق "الجزر المنفصلة"، مكرسا حالة "الانقسام والتشظي" في مواجهة الوباء.
وقال المحتسب إن "وزارة الصحة تقول إن لديها الأسرة الكافية وأجهزة تنفس صناعي زيادة عن الحاجة، ومع ذلك فتخطط لزيادة عدد الأسرة من خلال شراء أو استئجار مستشفيات خاصة، أو بناء المستشفيات الميدانية، تحسبا لأي زيادة كبيرة في أعداد المرضى كونها الملاذ الأخير للجميع".
وتابع بأن "الخدمات الطبية الملكية تخصص مستشفى الملكة عالية لمعالجة مصابي كورونا من منتفعي التأمين العسكري، وقامت بتجهيز مستشفى ميداني فيه لزيادة الطاقة الاستيعابية، ومستشفيات القطاع الخاص تخصص عددا محدودا من المستشفيات لعلاج مصابي كورونا على حسابها الشخصي، ومن لا يملك المال فبإمكانه الذهاب إلى وزارة الصحة".
وأضاف: "قبل نحو شهر، قدمنا مبادرة (جسد واحد في مواجهة الكوفيد)، التي تطرح الشراء الاستراتيجي لخدمة علاج الكورونا شراء استراتيجيا من القطاعين العام والخاص، بحيث تتكامل القطاعات ولا تختلف، وبحيث نضع نظامنا الصحي على أول طريق الإصلاح للمستقبل، ولكن ما من مجيب".
نسبة مرتفعة
قالت قناة "المملكة" الأردنية، إن الأردن سجل، السبت، أعلى نسبة وفيات بين المصابين بفيروس كورونا، مقارنة بعدد السكان على مستوى العالم العربي، بعد وفاة 57 مصابا بالفيروس.
وشكلت حصيلة الوفيات اليومية في الأردن الحصيلة الأعلى من الوفيات اليومية منذ بدء الجائحة، وبنسبة 5.29 لكل مليون نسمة.
وحل الأردن في المركز الثاني بين الدول العربية من حيث عدد الوفيات اليومية بعد المغرب.
ووصل عدد الوفيات الإجمالي بين المصابين بالفيروس إلى 829، أي بنسبة تقارب 77 وفاة لكل مليون نسمة، وبنسبة 1.14% مقارنة بعدد الإصابات الإجمالي.
وكانت وزارة الصحة أرجعت "أسباب ارتفاع الوفيات إلى الزيادة الواضحة في عدد الحالات المصابة، ووجود عوامل خطيرة تساهم بالوفاة، مثل كبر السن، والأمراض المزمنة المثبطة للمناعة، وهي موجودة في أغلب حالات الوفاة".
وقال وزير الصحة، نذير عبيدات، الأربعاء الماضي، إن كبار السن هم الأكثر تضرّرا بإصابات فيروس كورونا، وأغلب الوفيات من هذه الفئة، لكنه ذكر أنه "لا توجد فئة عمرية محصنة من وباء كورونا".
وحتى صباح الأحد، سجل الأردن 72 ألف إصابة بفيروس كورونا، نتج عنها وفاة 829 شخصا.