بورتريه

بايدن رئيسا.. هل يخرج "المخضرم" من عباءة أوباما؟ (بورتريه)

بايدن ترامب بورتريه
بايدن ترامب بورتريه

سياسي "ديمقراطي" مخضرم، له حضور في السياسة الأمريكية منذ سبعينيات القرن الماضي، "مسالم أكثر من اللازم" بالنسبة للعديد من الأمريكيين. 

الاختلاف ما بين دونالد ترامب وبينه، يكاد يكون في كل شيء، ويتفقان على القليل، ومن بين القليل تأتي "إسرائيل".  

بالنسبة إلى مؤيديه هو صاحب عقود من الخبرة في واشنطن، وهو متحدث لبق، صاحب لسان فصيح، رغم تلعثمه في بداية حياته، بمقدوره الوصول إلى الناس العاديين، ورجل واجه بصمود وقوة مآس شخصية مرت كعاصفة هوجاء. 

بالنسبة لخصومه هو ابن مؤسسة الحكم، وأحد نخب واشنطن المتعجرفة، وصاحب زلات لا تصدق، ولديه ميل غريب إلى شم شعر النساء. 

ينتمي جوزيف روبينيت "جو" بايدن الابن، المولود عام 1942 في بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، لعائلة كاثوليكية من أصل أيرلندي، ليكون بذلك ثاني رجل يصل إلى البيت الأبيض يعتنق هذا المذهب المسيحي، بعد جون كينيدي.

بعد أن انتقلت العائلة للعيش في ديلاور التحق جو بادين بـ "أكاديمية اريشمير" في ديلاور عام 1961، وفي عام 1965 درس التاريخ وعلم السياسة في نفس الجامعة. 

التحق بعدها بجامعة "سيراكوس" للقانون وتخرج منها عام 1968، وانضم إلى السلك القضائي عام 1969. 

وكان انتخابه في مجلس مقاطعة نيوكاسل عام 1970 بداية تطلعاته السياسية. فقاد حملة انتخابية قليلة الكلفة كانت أشبه بالمغامرة دون تمويل للفوز بمقعد في مجلس الشيوخ عام 1972، وأصبح سادس أصغر سيناتور في تاريخ الولايات المتحدة يدخل المجلس. 

لكن لم تدم فرحته طويلا فبعد نحو شهرين على فوزه، خرج لشراء هدايا عيد الميلاد، وتوفيت زوجته وابنته في حادث سير تعرضت له السيارة التي كان على متنها أطفالهما الثلاثة.  

وقبل بضعة أسابيع من بدء ولايته في مجلس الشيوخ، فكر بايدن في التخلي عن وظيفته للعناية بطفليه الباقيين على قيد الحياة (ابنه البكر مات أخيرا بعد إصابته بالسرطان) ولكن تمكن زملاؤه من إقناعه بالعدول عن ذلك.

 

وبعد بضعة أشهر صعبة، وضع بايدن أسسا لإحدى أطول المسيرات في مجلس الشيوخ، فأعيد انتخابه في المجلس ست مرات، قبل أن يستقيل للترشيح لمنصب نائب الرئيس بارك أوباما في الانتخابات الرئاسية عام 2008، وأعيد انتخاب أوباما وبايدن مرة أخرى عام 2012. 

وقبل ذلك سعى بايدن إلى الترشيح عن الحزب "الديمقراطي" للرئاسة في حملتي 1988 و2008، وفشل في كلتا المرتين بعد عروض باهتة. 

في عام 2017، فاجأه الرئيس أوباما وقبل أيام من تركه لمنصبه في البيت الأبيض بمنحه أعلى وسام مدني في البلاد وهو "وسام الحرية" في حفل أقيم في البيت الأبيض. وصرح بايدن بعينين دامعتين بعد أن وضع أوباما وسام الحرية الرئاسي حول عنقه: "لم تكن لدي أدنى فكرة عن ذلك". 

وبعد أن ترك بايدن المنصب، عين أستاذا في جامعة بنسلفانيا. 

كان بايدن قد حصل في آب/ أغسطس الماضي على ترشيح "الحزب الديمقراطي" رسميا لتمثيله في سباق التنافس للفوز بالرئاسة في الانتخابات المقبلة، بعد تصويت غالبية المندوبين "الديمقراطيين" في مؤتمر الحزب العام الذي جرت وقائعه افتراضيا بسبب تفشي فيروس كورونا. 

واختار بايدن، لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية الحالية، كامالا هاريس، التي قبلت التحدي وقالت: "تحت قيادة جو بايدن، نستطيع أن نصبح أمة متحدة"، مضيفة: "ستصبح أمريكا أمة أكثر قوة وقادرة على مداواة جروحها". فيما وصفها بادين بأنها "المدافعة الشرسة عن الضعفاء وأحد أفضل من عملوا في الخدمة العامة نائبا لي". 

يعتبر بادين من الليبراليين المعتدلين بشكل عام في توجهاته السياسية. أما عن آرائه بالقضايا المطروحة، فهو أحد مناصري البيئة ويعارض التنقيب عن النفط في محميات ألاسكا مفضلا البحث عن مصادر طاقة جديدة. أما فيما يتعلق بالهجرة فهو يؤيد منح تأشيرات للعمال الزائرين، ولكنه يدعم فكرة السور على الحدود مع المكسيك. 

أما بخصوص القضية الفلسطينية فهو معروف بتأييده الشديد لـ"إسرائيل"، وكان صاحب المشروع الذي حصلت بموجبه "إسرائيل" على أكبر حزمة مساعدات عسكرية في تاريخها، كما أنه من أنصار حل الدولتين.  

وقبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية وفي ذروة الدعاية الانتخابية المرافقة قطع بايدن على نفسه تعهدا إضافيا: "سأعمل مع حليفتنا إسرائيل لضمان قدرتها الدائمة على الدفاع عن نفسها والسعي لتحقيق السلام الدائم عن طريق حل الدولتين". 

وأظهر استطلاع للرأي أن بايدن يحظى بدعم حوالي 75 % من يهود الولايات المتحدة الذين يدعمون بشكل تقليدي الحزب "الديموقراطي". فيما فضل اليهود الأرثوذكس ترامب. 

فيما يتعلق بإيران فهو يؤيد الخيار الدبلوماسي مع استخدام أسلوب العقوبات. وكان قد صوت ضد اعتبار "الحرس الثوري" الإيراني منظمة إرهابية. 

عارض حرب الخليج عام 1991، لكنه دعا إلى تدخل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في حرب البوسنة في عامي 1994 و1995.  

كما صوت لصالح غزو أفغانستان عام 2001، وصوت لصالح قرار حرب العراق عام 2003، لكنه عارض زيادة القوات الأمريكية عام 2007. وأصبح لاحقا من كبار منتقدي تورط بلاده في غزو العراق. وهو من دعاة تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات (كردية وسنية وشيعية) وأثار رأيه جدلا بين العراقيين. 

وفي عام 2011، عارض تنفيذ المهمة العسكرية التي أسفرت عن مقتل أسامة بن لادن.  

وتميل آراء كثيرة إلى أن أوباما ترك المنطقة في حال أسوأ، وأنهم يأملون أن ينأى بايدن بنفسه عن سياسة رئيسه السابق في حال انتخابه. 

وثمة شبه إجماع بين أوساط المراقبين أن بايدن لن يولي الشرق الأوسط الاهتمام الذي كانت تحظى به المنطقة من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة بسبب تراجع أهمية النفط، وموقف بايدن المؤيد للحد من التغيير المناخي والتوجه إلى مصادر طاقة نظيفة وبسبب التحديات الأخرى التي يرى بايدن أنها تمثل مصدر تهديد مباشر لمصالح ومكانة وموقع الولايات المتحدة على الصعيد العالمي. 

على الرغم من تمريره للقانون التاريخي عن العنف ضد المرأة ثم تطويره في 2013 إلا أنه يواجه اتهامات بكونه قام بحركات اتصال جسدي غير ملائمة مع نساء في عدة مناسبات التقطتها الكاميرات، وهو ما يرفضه باعتبار "نواياه مشرفة ومفهومة بطريقة خاطئة وبعيدة كليا عنه". 

واتهم باتصال غير لائق بالنساء في المناسبات العامة، مثل العناق أو التقبيل أو الإمساك أو وضع اليد على أكتافهن. ووصف نفسه بأنه "سياسي يتفاعل باللمس" واعترف بأن هذا السلوك تسبب بمشكلات له في الماضي. 

وردا على ذلك، تعهد بايدن بأن يكون "أكثر حرصا" في تعاملاته مع الآخرين. 

ويحب "الجمهوريون" الإشارة إلى موقف وزير الدفاع في إدارة أوباما، روبرت غيتس من بايدن إذ وصفه بقوله: "من المستحيل ألا يحب المرء بايدن ولكنه كان مخطئا في كل قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي الرئيسية تقريبا على مدار العقود الأربعة الماضية"، بحسب غيتس. 

بايدن مثل ترامب يواجه مشاكل صحية، فقد نقل بايدن عام 1988 مرتين إلى المستشفي بسبب تمدد في الأوعية الدموية والتي تطلبت عمليتين شديدتي الخطورة، تماثل بعدها للشفاء دون أي مضاعفات. 

فوز بايدن هو تتويج لمسيرة سياسية طويلة مليئة بالأحداث، وكانت رسالته في حملته الانتخابية "الولايات المتحدة في حالة حرب لإنقاذ روح الأمة". 

ويبدو بايدن رئيس لدورة رئاسية واحدة فهو في عمر قد لا يساعده كثيرا على الترشح ثانية وربما تمارس نائبته كامالا هاريس المهام الرئاسية فعليا. 

التعليقات (0)