كتب

السلفية التكفيرية في تونس.. النشأة والطبيعة والمسار (4من4)

مصادر رسمية تتحدث عن وجود 700 امرأة تونسية في تنظيمات إرهابية في سوريا (فيسبوك)
مصادر رسمية تتحدث عن وجود 700 امرأة تونسية في تنظيمات إرهابية في سوريا (فيسبوك)

الكتاب: "السلفية التكفيرية العنيفة في تونس من شبكات الدعوة إلى تفجير العقول"
الكاتب: الدكتور عبد اللطيف الحناشي
الناشر: الدار التونسية للكتاب، الطبعة الأولى نوفمبر2020،(400 صفحة من القطع الكبير).

يواصل الكاتب والباحث التونسي توفيق المديني، عرض كتاب "السلفية التكفيرية العنفية في تونس.. من شبكات الدعوة إلى تفجير العقول"، للكاتب والمؤرخ التونسي الدكتور عبد اللطيف الحناشي.. ويركز في هذا الفصل عن دواعي التطرف والانزواء ثم تجليات ذلك من خلال علاقة المتشددين مع المجتمع المدني..

المرأة التونسية في التنظيمات السلفية التكفيرية المقاتلة 

في كتابه الجديد، تناول الدكتور عبد اللطيف الحناشي ظاهرة النساء المنخرطات في التنظيمات السلفية التكفيرية الموصوفة بـ"الجهاديات"، مبينا أدوارها في التنظيمات السلفية التكفيرية المقاتلة والأسباب والدوافع التي تقف وراء انخراطها في هذا المسار، إذ اتخذت أبعادا أخرى في تونس والمغرب الأقصى باعتبار أنهما تحولا على رأس قائمة الدول المصدرة للمقاتلين، وأكبر مُصدِر للنساء "الجهاديات" للخارج أولا والى ما تتمتع به المرأة من حظوة اجتماعية وسياسية، مقارنة بدول عربية أخرى، بالإضافة إلى دورها في عملية التحديث السياسي والاجتماعي ثانيا وهو ما يثير الدهشة عند الكثير من الباحثين. إذ من المفروض أن يكون ذلك عامل نبذ لتلك الظاهرة وليس الانخراط فيها. ومع ذلك يجب التأكيد أن عددهن هو أقل بكثير من عدد الأوروبيات الملتحقات بتلك التنظيمات خاصة منذ بداية "المسالة السورية "وتطورها.

ويرى الدكتور الحناشي أنَّ مشاركة المرأة في النزاعات العنيفة لا تبدو مسألة غريبة عن التاريخ الإنساني المعاصر إذ شاركت المرأة في اغلب حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا كما شاركت في الحركات السياسية العنيفة في مواجهة الاستبداد وتبعية أنظمتها للخارج ومن أجل أنظمة ديمقراطية عادلة كما ضمت بعض التنظيمات اليسارية ذات الطابع العنيف، باختلاف أهدافها، التي عرفتها بعض دول أوروبا الغربية واليابان وفلسطين في السبعينيات من القرن الماضي مشاركة بعض النسوة وحديثا تلعب النساء الكرديّات في العراق وتركيا وخاصة في سوريا دورا هاما في القتال مع قوّات حزب الاتّحاد الديمقراطي الكرديّ المعروفة بـ "وحدات حماية الشعب"، غير أن انخراط المرأة في التنظيمات العنيفة ذات المرجعية الدينية والقيام بأعمال عنيفة يبدو أمرا طارئا. 

كانت أدبيات الجماعات السلفية الجهادية من الجيل الأول من تنظيم القاعدة أو غيره من التنظيمات القتالية لا تصوغ مشاركة المرأة إلا من الزاوية الأخلاقية والمظهرية وكان منظرو وزعماء تلك المجموعات يعملون على إبعاد نساء وبنات عائلاتهم من الانخراط في الشأن العام وذلك بالاستناد إلى الفقه الإسلامي الذي يجيز "جهادها"، بمختلف أشكاله". ولذلك لم يكن لهن دور يذكر إلا في بعض الحالات النادرة أي في حالة "تعرض الأمة" لغزو أجنبي من عدوّ كافر أما في غير ذلك فيكون فرض كفاية "إن قام به البعض سقط عن البعض الآخر ومن باب أولى انه يسقط عن المرأة والصبيّ.

كما كان تنظيم القاعدة وزعيمه الجديد أيمن الظواهري من المتحفظين على مشاركة المرأة في العمل المسلح. وكانت زوجته، أميمة، قد وجهت رسالة مفتوحة إلى النساء المسلمات تدعوهنّ إلى "عدم الالتحاق بالجهاد"، باعتبار أن طريق القتال "ليس سهلا بالنسبة للمرأة من ذلك انه يتطلب مَحْرَمِ ".لذلك لم تشارك المرأة المنتسبة لتنظيم القاعدة في العمليات الانتحارية إلا في وقت متأخر عندما دعا قادة التنظيم في العراق وعلى رأسهم أبو مصعب الزرقاوي النساء إلى القيام بالعمليات الانتحارية.

أما السلفية التكفيرية العنيفة "الجديدة"، فرأت الأمور غير ذلك؛ إذ تعاملت مع هذه المسالة من زاوية فقه الضرورة. من ذلك خروج المرأة للمشاركة في التظاهرات والتجمعات دعما للمعتقلين السلفيين في المغرب وتونس ومصر مثلا وهو أمر لم يكن في الواقع حصيلة مراجعات فكرية عميقة، بقدر ما كان استجابة لضرورات الواقع كغياب الرجل (نتيجة الأسر أو في ساحات القتال أو الموت) والحاجة إلى أن تقوم المرأة ببعض وظائفه...كما اعتبرت نفسها في حالة حرب ضد أنظمة كافرة ومن هذا المنطلق أصبح" الجهاد لديها فرض عين تدخل في نطاقه المرأة".

فقد بدأت مشاركة المرأة في العمليات القتالية وخاصة العمليات الانتحارية عند "السلفية الجهادية التكفيرية" من مناطق القوقاز، ومناطق الصراع في روسيا. ففي الشيشان انتشرت مجموعة تسمى بـ"الأرامل السوداء" وهن مجموعة من السيدات فقدن أزواجهن في معارك مع الجيش الروسي وقمن بارتكاب عمليات انتحارية انتقاما لأزواجهن. وكان تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أول الجماعات العربية التي أشركت المرأة في العمليات القتالية .

وكان قائد تنظيم القاعدة في السعودية يوسف العييري أول من نظّر لمشاركة المرأة للقتال. فقبل وفاته ببضع سنوات ألف كتابا بعنوان: دور النساء في جهاد الأعداء خصصه للحديث عن الأدوار المنوطة بالمرأة في جهاد الكفار والمرتدين والدفاع عن حوزة الدين قائلا: "سبب مخاطبتنا في هذه الورقات المرأة، هو ما رأيناه بأن المرأة إذا اقتنعت بأمر كانت أعظم حافز، وترضى بما أمر الله به الرجال بأدائه، وإذا عارضت أمرا كانت من أعظم الموانع له وأقل ما يطلب منك في حال خروج الرجال إلى الجهاد، أن تسكتي وترضي بما أمر الله به، واعلمي أنك حين تثنين الرجال عن الجهاد، سواء أكانوا أبناء أو أزواجا أو إخوة، فإن هذا نوع من الصد عن سبيل الله لا يرضاه أبداً".

وكان لهذا الكتاب تأثير على سير تنظيم القاعدة الذي أعلن في آذار (مارس) 2003 عن اسم أول امرأة مستعدة لتنفيذ عملية تفجيرية وبالفعل تم تنفيذ أول عملية انتحارية قامت بها امرأة سنة 2005. وتحول الأمر إلى ظاهرة عام 2007 عندما شهد العراق ثمانية تفجيرات انتحارية قامت بها نساء.

لذلك يمكن القول إن مشاركة المرأة في "الجهاد "لا يبدو سلوكا جديدا تزامن مع اندلاع الحرب أو القتال في سوريا بين التنظيمات السلفية (كطرف أساسي) والنظام الحاكم، بل هو أقدم من ذلك لكن مشاركة المرأة في العراق وسوريا كانت أكثر تواترا مقارنة بدورها في الحروب والمعارك التي خاضتها السلفية "الجهادية" في مناطق أخرى.

حجم المرأة التونسية في التنظيمات المقاتلة

تقدر بعض المصادر عدد "الإناث" في صفوف داعش بحوالي 10% من عدد المقاتلين الأجانب في التنظيم اللواتي "ينحدرن"، من عدة دول غربية وإسلامية، على رأسها دول شمال إفريقيا وآسيا الوسطى وأوروبا.

أما بخصوص التونسيات فلا تبدو المعطيات المقدمة حول حجم النساء التونسيات الناشطات في صفوف المجموعات السلفية التكفيرية في بؤر التوتر دقيقة بل هي متضاربة ومتناقضة. إذ تحدثت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة عن وجود 700 امرأة تونسية في تنظيمات إرهابية في سوريا.

وجاء في إحصائية قدمتها وزارة الداخلية التونسية أن عدد التونسيات اللواتي التحقن بالمجموعات المتشددة المسلحة سواء خارج البلاد في صفوف "جبهة النصرة" و"تنظيم الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق أو داخل تونس في صفوف "جماعة أنصار الشريعة" أو "كتيبة عقبة بن نافع" التابعة لتنظيم الدولة لا يتجاوز 300 امرأة. كما تحدثت بعض المصادر عن وفاة 18 امرأة تونسية في بؤر التوتر.

وحسب الناطق الرسمي لوزارة الداخلية فإن عدد التونسيات اللواتي التحقن بداعش وبالتنظيمات الإرهابية في بؤر التوتّر في الخارج وخاصّة في سوريا هنّ في حدود 182 تونسية معدّل أعمارهن بين 16 و45 سنة بينهن 6 فتيات قاصرات أي أقل من 18 سنة. 

أما معدّل منع النساء التونسيات من السفر للاشتباه في نيتهن في الالتحاق بهذه الجماعات فكان، بحسب نفس المصدر، بين 7 و12 حالة شهريا وهو رقم اخذ في التقلّص بالنظر إلى اليقظة الأمنية التي عرفتها البلاد بعد الانتخابات التشريعية في تشرين الأول (أكتوبر) 2014. دون الحديث عن النسوة التونسيات اللواتي التحقن بأزواجهن في ليبيا أو اللواتي ذهبن بإرادتهن مثل الشابة التونسية (ام عمر)  التي حلّت في سبتمبر عام 2015 بمدينة سرت الليبية بحثا عن "المدينة الفاضلة"، صحبة مواطنة تونسية أخرى تدعى هاجر... 

تحول "تأنيث الجهاد" من الاستقطاب والتجنيد إلى القيام بهجمات عنيفة داخل تونس، إذ ساهمت خمس فتيات، لا تتجاوز أعمارهن 25 سنة، في المذبحة التي استهدفت قوات الأمن بمنطقة بولعابة في ولاية القصرين المحاذية لسلسلة جبال الشعانبي، وراح ضحيتها 4 عناصر من الحرس الوطني. 

كما شاركت إحدى المنقبات في التخطيط والتنفيذ للعملية الإرهابية النوعية بولاية المنستير خلال يوم إجراء الانتخابات التشريعية بالبلاد.
 
وأحبطت الأجهزة الأمنية يوم 27 شباط (فبراير) 2015 أيضا عملية إرهابية لخلية، تتكون من 5 "جهاديات" و13 "جهاديا"، تابعة لـ"كتيبة عقبة بن نافع" في مدينة تالة التابعة لولاية القصرين. كما فككت الأجهزة الأمنية المتخصصة في مكافحة الإرهاب، في تشرين الأول (أكتوبر) من نفس السنة، خلية جهادية نسائية تضم 5 "جهاديات" ضمن ست خلايا تضم 27 جهاديا، تتولى تسفير الشباب للالتحاق بـ "الجماعات الجهادية" قصد تلقي تدريبات على فنون القتال، والعودة لاحقا إلى البلاد للقيام بهجمات. ونفذت "كتيبة عقبة بن نافع" يوم 24 أكتوبر 2014 أخطر عملية إرهابية وقد شاركت في التنفيذ 5 نسوة. كما كان من بين الموقوفين بتهمة المشاركة في عملية باردو  فتاتان أحداهما طالبة تبلغ 23 عاما والثانية تلميذة تدرس بأحد المعاهد الثانوية بالعاصمة التونسية وذلك بتهمة "الدعم وإخفاء المعلومة" وكانت إحداهما قريبة جدا من العنصر الإرهابي الذي نفذ العملية، ياسين العبيدي، والذي تم القضاء عليه في العملية، وقد كانت آخر من اتصل به، وفق ذات المصدر.

 

ظلت السلفية التكفيرية حبيسة مجال جغرافي محدد طيلة فترة زمنية طويلة نسبيا ثم أخذت تطل برأسها شيئا فشيئا منذ أواخر الستينيات من القرن الماضي وذلك من خلال بعض الممارسات المحدودة في مصر ثم في العربية السعودية ثم انتقلت من المحلية إلى "الأممية الإسلامية" منذ الثمانينيات من القرن الماضي بعد أن تم توظيفها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الخليج العربي في إطار الحرب الباردة والصرع الدولي في أفغانستان بعد احتلالها.

 



كما ألقت "الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب" القبض على طالبة جامعية في مقتبل العمر تنتمي إلى كتيبة "عقبة بن نافع" أنشأت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي "الفايس بوك" و"تويتر" وبينت الأبحاث أن هذه الفتاة حرضت على استهداف رجال أعمال وسياسيين وأمنيين عسكريين ويساريين والسياح لبث الفوضى في البلاد التونسية وفسح المجال أمام “داعش” للسيطرة عليها كما تم الكشف عن كتيبة نسائية كانت تحمل اسم"حفيدات عقبة" وهي كتيبة تتكون من سبع فتيات بينهن طالبة ومطلقة وثالثة متزوجة وعاملة بشركة وقد تبنين جميعا الفكر السلفي التكفيري وخططن للقيام بأعمال إرهابية. وتكفر الكتيبة النظام السائد بالجمهورية التونسية باعتبار انه "مخالف لتعاليم الشريعة الإسلاميّة"، وتدعو لإقامة «دولة الخلافة" من خلال القيام بعمليات إرهابية واستهداف قيادات سياسية وأمنيّة. أما الموقوفات على ذمة قضايا ذات علاقة بالتطرف العنيف بتونس فإنهن في حدود 133 امرأة، منهن 17 قاصرا تورّطن في عمليات عنيفة بين 2014 و2015  .

كما تمكنت المرأة التي تحمل كنية "عائشة" والتي تنتمي ل"كتيبة الفرقان" بجهة سوسة من استقطاب عون أمن أصيل منطقة سيدي الهاني بولاية سوسة انتدب للعمل عام 2011 رغم أنه سكير ولا يصلي وممن يعرفون بالتردد المتواصل على الحانات، فمكنها بعد فترة من صور لمسؤولين أمنيين بسوسة التقطها بنفسه من بينها صور لآمر فوج التدخل إضافة لصور سياراتهما وصور لثكنة النظام العام. 

من جهة أخرى بلغ عدد النزيلات (الموقوفات والمحكوم عليهنّ) بالسجون بتهم ذات علاقة بالتطرف العنيف نحو 104 امرأة موزعات على حوالي 5 وحدات سجنية في كامل تراب الجمهورية التونسية... منهن حوالي 60 في سجن النساء بمنوبة وبينهنّ 10 نزيلات يعتبرن من اخطر عناصر التنظيمات المتطرفة العنيفة في تونس. 

من خلال دراسة حديثة قامت بها حملة "السكينة" أكدت أن أسباب مشاركة المرأة ضمن جماعات متطرفة، تكون (بنسبة 32.40 %) لأسباب فكرية وبنسبة (16.33% )لأسباب عاطفية وبنسبة 53.26% لأسباب اجتماعية  وبالنسبة إلى الحالة المغاربية، ومن خلال الحالات التي اطلعنا عليها فان العوامل المساعدة على الاستقطاب متعددة منها:

1 ـ دور المحيط العائلي
 
2 ـ دور الفضاءات العامة كالمساجد والجامعات والجمعيات "الخيرية خاصة ". التي لعبت وتلعب دورا هاما في استقطاب الفتيات نحو تبني الفكر المتطرف العنيف وخاصة تلك التي تهتم بالقوافل الخيرية التي يقع تنظيمها لفائدة العائلات المعوزة بالجهات المعوزة في تونس مثلا أو تلك التي تقوم بجمع التبرعات لفائدة اللاجئين. كما تم الكشف مؤخرا عن مجموعة من الأشخاص في مدينة صفاقس تنشط تحت صبغة جمعية ثقافية وتربوية وبتفتيش مقر الجمعية تم العثور على أموال مشبوهة المصدر ووثائق تحمل مضامين الفكر المتطرف العنيف وتحثّ على ممارسته إضافة إلى ما يشير إلى تلقي الجمعية تبرعات أجنبية. 

3 ـ دور مواقع التواصل الاجتماعي: للتحريض، وترويج الأفكار وتؤكد بعض الدراسات "أن 40% من مواقع أصحاب الفكر المتطرف كانت تُديرها نساء أعمارهن ما بين 18 – 25 عامًا، وكان لهن الدور البارز في التأثير على الأخ أو الزوج، ودفعه للانضمام إلى جماعات الفكر الضال.
 
4 ـ دور الخيمات الدعوية التي نصبها السلفيون بعد الثورة في تونس مثلا، والتي ساهمت في كسب عدد هام من المراهقات وإقناعهن في مرحلة أولى بارتداء اللباس الشرعي والتكفير عن ذنوبهن وترويعهن بعذاب القبر، ودفعهن إلى تكريس حياتهن في القتال والجهاد في سبيل الله . 

5 ـ الدوافع الطائفية: الاعتقاد بان المسلمين السّنة يتعرضون للتصفية من قبل "الروافض" الشيعة في العراق وسوريا وهو ما دفع بالعديد من النساء إلى القتال إلى جانب "داعش"، ليس من باب القناعة بفكر التنظيم بقدر ما هو من باب "الجهاد" من أجل الدفاع عن عقيدة "أهل السنة" بالإضافة إلى قناعاتهن بأن "داعش" صار يمثل الطريق الوحيد إلى قيام دولة "إسلامية سنية".
 
6 ـ أسباب ذاتية عاطفية ونفسية: كأَنْ تحب فتاة مراهقة شابا ثم يتخلى عنها فتعيش أزمة نفسية حادة خاصة إذا كانت من أسرة فقيرة ومحافظة بغض الطرف عن الموقع الاجتماعي لهذه الفتاة أو تلك. 

7 ـ التكفير عن الذنوب وعن أخطاء الماضي والسلوك "المشين" حسب اعتقادهن. 

8 ـ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية:

تستهدف "التنظيمات التكفيرية" المقاتلة عادة شبانا وفتيات من فئات اجتماعية فقيرة ومعدمة ومستويات تعليمية متدنيّة... فيقمن بعمليات غسل دماغ وإقناعهن (أو التغرير بهن) بان "الطريق السليم" لتجاوز الواقع هو "طريق الجهاد". غير أن ذلك لا يمثل قاعدة إذ سجل عدد من الباحثين انضمام شبان وفتيات جامعيين ينحدرون من عائلات متوسطة بل وميسورة الحال أحيانا.

الخاتمة  

لقد ظلت السلفية التكفيرية حبيسة مجال جغرافي محدد طيلة فترة زمنية طويلة نسبيا ثم أخذت تطل برأسها شيئا فشيئا منذ أواخر الستينيات من القرن الماضي وذلك من خلال بعض الممارسات المحدودة في مصر ثم في العربية السعودية ثم انتقلت من المحلية إلى "الأممية الإسلامية" منذ الثمانينيات من القرن الماضي بعد أن تم توظيفها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الخليج العربي في إطار الحرب الباردة والصرع الدولي في أفغانستان بعد احتلالها.

يخلص كتاب الدكتور عبد اللطيف الحناشي، حسب التوطئة التي قدمها له العميد المختار بن نصر إلى رسم ملامح السلفية في تونس بدءا بالمسار التاريخي انطلاقا من حقبة ما قبل احتلال البلاد التونسية وكيف تحول التيار السلفي بتونس من تيار إصلاحي متميز بفضل وجود مؤسسة جامع الزيتونة بعلمائها ومشايخها إلى تيار تكفيري يعتمد العنف وذلك مرورا بمراحل التأسيس للجماعة الإسلامية منذ ثمانينات القرن الماضي وكيفية تنظمها وهيكلتها وتجاربها القتالية المختلفة مع تحليل ممارسات العنف لديها انطلاقا من تسعينات القرن الماضي اثر عودة عناصرها من أفغانستان ورصد لمختلف عملياتها الإرهابية المتعددة ومحاكماتها ونشاطاتها خارج البلاد ..

مع تفصيل لمختلف أنشطة السلفية التكفيرية العنيفة بعد الثورة التونسية انطلاقا من الجمعيات إلى الاندساس في الأجهزة الأمنية واختراقها، مع التأكيد على أنها كانت ترفض المشاركة في العمل السياسي، إذ يتمثل هدفها الاستراتيجي في تحكيم الشريعة الإسلامية في تونس وإنشاء إمارة  من خلال الانقلاب على الحكم وبين الكتاب هيكلة وأنشطة التنظيمات والكتائب ومخططاتها وجهات تمركزها في جرد مفصل، دقيق وشامل يبين مدى تغلغل وتمكن هذا الأخطبوط الذي انتشرت أذرعه وخلاياه في الجبال والأرياف والمدن والقرى ومختلف الأحياء؛ وكيف يختار معسكراته وحواضنه حسب قواعد دقيقة جغرافية وطبيعية وبشرية وامنية في كل جهات البلاد، ومرللعمل الميداني العنيف وشرع في الاستقواء وارباك الدولة.

ولا يغفل الكتاب عصب تلك التيارات التكفيرية وهو التمويل فيبين كيفية الحصول عليه مؤكدا على علاقة التهريب بالإرهاب كما يطرح التساؤل الصعب حول التونسيين المقا تلين في بؤر الصراع وما حقيقة الأرقام المتداولة حول حجمهم الحقيقي، كما يحاول الإجابة على السؤال الذي شغل العديد من الباحثين حول أسباب ودوافع ذهاب الشباب التونسي للقتال بتلك الأعداد الكبيرة، فيرصد الآليات والأساليب والأدوار ومختلف العوامل النفسية والاجتماعية والسياسية التي أسهمت في ذلك.

 

اقرأ أيضا: السلفية التكفيرية في تونس.. النشأة والطبيعة والمسار (1من4)

 

اقرأ أيضا: السلفية التكفيرية في تونس.. النشأة والطبيعة والمسار (2من4)

 

اقرأ أيضا: السلفية التكفيرية في تونس.. النشأة والطبيعة والمسار (3من4)





التعليقات (0)