هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت
الذي ربط فيه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته الشهر القادم دونالد ترامب بين رفع اسم
السودان من قائمة الدول راعية الإرهاب والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي قبل شهرين،
إلا أن الكونغرس الأمريكي لم يتخذ القرار حتى اليوم.
صحيفة
"نيويورك تايمز" الأمريكية، نقلت الأربعاء، ما اعتبرته تحذيرا من رئيس مجلس
السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، من أنه
إذا لم يوافق الكونغرس بنهاية 2020، على قانون يمنح السودان حصانة من دعاوى الإرهاب،
فإن السودان "سيجمد التطبيع مع إسرائيل".
ومنذ
الإطاحة بحكم الرئيس السوداني عمر البشير، في 11 نيسان/أبريل 2019، تحاول السلطات
السودانية الجديدة الخروج من مأزق العزلة الدولية التي فرضها العالم على السودان منذ
أن أضافت واشنطن الخرطوم لقائمة الدول الراعية لـ"الإرهاب" عام 1993.
وجاء
لقاء رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بالبرهان، في أوغندا شباط/فبراير
2020، مؤشرا على اقتراب السودان من التطبيع مقابل فك عزلته الدولية، وهو المبرر
الذي ساقه البرهان للقائه بنتنياهو.
وفي
19 تشرين الأول/أكتوبر2020، أكد ترامب أن إدارته مستعدة لإزالة السودان من قائمة
"الدول الراعية للإرهاب" فور استلام تعويضات مطلوبة من الخرطوم قيمتها
335 مليون دولار، عن تفجير تنظيم "القاعدة" سفارتي واشنطن بتنزانيا وكينيا
عام 1998.
اقرأأيضا: NYT: اتفاق التطبيع بين السودان وإسرائيل معرض لخطر الانهيار
وحينها
قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إن رفع السودان من قائمة الإرهاب سيمكنه من
العودة للنظام المصرفي العالمي والاندماج فيه، وإعفائه من ديون 60 مليار دولار.
وفي
23 تشرين الأول/أكتوبر 2020، اتفق الاحتلال والسودان على تطبيع العلاقات، بالتزامن
مع الإعلان عن توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرسوما لإخطار الكونغرس بنيته رفع
السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو القرار الذي لم يقره الكونغرس حتى اليوم.
تأخر
الإدارة الأمريكية في رفع اسم السودان يدفع للتساؤل، حول مدى قدرة الخرطوم على التراجع
عن التطبيع إذا لم تغادر قائمة الدول الراعية للإرهاب، كما يدفع أيضا للتكهن حول الدور
الذي تملكه الحكومة السودانية القادمة ومدى إمكانية تجاوزها قرار الحكومة الانتقالية
الحالية حول التطبيع.
"الرعاة
الإقليميون"
وحول رؤيته لمدى قدرة السودان على التراجع عن التطبيع إذا لم يغادر قائمة رعاة الإرهاب الأمريكية،
قال السياسي والأكاديمي السوداني الدكتور عوض الله حسن: "إن تركت الحكومة
السودانية الرعاة الإقليميين واستمعت لرأي الشعب السوداني يمكنها التراجع".
رئيس
اللجنة التمهيدية لحزب "الأصالة والتنمية" بالسودان، يعتقد أن "قرار
التطبيع ليس له سند شعبي"، مشيرا إلى أنه يمكن أن يكون للشعب السوداني كلمة فاصلة
في الأمر.
وعن فرص الحكومة السودانية القادمة في تجاوز قرار الحكومة الانتقالية الحالية حول التطبيع،
لفت إلى أن "المخرج من المأزق هنا أننا أمام حكومة انتقالية ليست مفوضة بالنظر
في هذه القضية".
وأكد
حسن، أن "غالبية الشعب السوداني رافض لهذا التطبيع، وأحزاب الحرية نفسها ترفضه"،
مشيرا إلى وجود "ضغوط شديدة مورست على الحكومة السودانية، وقال بذلك الناطق الرسمي
باسمها".
وختم
السياسي والأكاديمي السوداني بالقول إن الظهير الذي يجب أن تلجأ له السودان كي تنجو
من ضغوط التطبيع، هو "الشعب السوداني والتوافق السياسي بين مكوناته".
"من
الصعب التنبؤ"
وفي
تعليقه، قال الخبير المصري في الشؤون الأفريقية الدكتور مصطفى الجمال، إن "الوضع
في السودان شائك جدا، والبلاد مرشحة لاضطرابات كبيرة، وقد تتأثر بشدة لو حدث صراع عسكري
أو صراع عنيف فيما يتعلق بموضوع السد الإثيوبي".
مدير
مركز البحوث العربية والأفريقية"، أشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى حقيقة
الوضع السوداني الداخلي، مؤكدا أن "القوى السياسية المختلفة تمارس ضغوطا على بعضها
البعض، وربما يكون هناك بالأفق انقلاب عسكري جديد يغير الأوضاع بالسودان".
وأضاف: "لذلك من الصعب التنبؤ بما قد تشهده السودان في قضية التطبيع أو غيرها من الملفات"،
لافتا إلى أن "هذا على جانب آخر يربك حسابات الحكومة المصرية".
"مشروع
البرهان"
من جانبه،
يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني وائل علي نصر الدين، أنه "يمكن للسودان التراجع
عن التطبيع مع إسرائيل رغم أنه قرار استراتيجي"، موضحا أنه "حتى الآن لم
توقع اتفاقية واضحة مع إسرائيل، لأن ترامب ربط رفع السودان من قوائم الدول الراعية
للإرهاب بالتطبيع مع إسرائيل".
وفي
حديثه لـ"عربي21"، يرى عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب السودان، صعوبة
مراجعة الحكومة السودانية القادمة لمسألة التطبيع، خاصة إذا كانت ضمن التحالف
الاستراتيجي المسمى باتفاقيات أبرهام.
وعبر
عن خشيته من أن تجد الحكومة القادمة مصالح السودان مرتبطة بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي،
مما يضطرها للتعامل معه كأمر واقع، معتقدا أنه في هذه الحالة فسيكون على
الحكومة "خفض درجة العلاقات إلى أقل درجة".
اقرأ أيضا: السودان سمح لوفد إسرائيلي بزيارة منظومة الصناعات الدفاعية
ومن
وجهة نظر علي نصر الدين "التطبيع متعلق بالمشروع الشخصي لرئيس المجلس
الانتقالي عبد الفتاح البرهان الذي يريد أن يصبح رئيسا للسودان، ويعتقد أن التحالف مع
دول اتفاقيات أبرهام أداته للاستمرار بالسلطة".
ولفت
إلى وجود "سلطتين في السودان، سلطة معلنة لرئيس وزراء الحكومة الانتقالية عبد الله
حمدوك، وسلطة حقيقية للبرهان والمجلس العسكري"، لكنه جزم بأن للشعب السوداني "الكلمة
الفاصلة في الأمر"، مبينا أنهم كشباب للثورة أسسوا "قيادة مناهضة للتطبيع".
"مقاومة التطبيع"
وفي رأيه، أكد الكاتب الصحفي السوداني حسن إبراهيم، لـ"عربي21"، أن الاحتلال
الإسرائيلي يدير ملفات كثيرة في السودان وجنوب السودان، منذ وقعت الخرطوم اتفاقية
(نيفاشا) عام 2005 (التي مهدت لاستفتاء انفصال جنوب السودان عن شماله)".
وتوقع
إبراهيم حدوث رد فعل في الشارع السوداني تجاه التطبيع، والذي ربما يقود لحركة مقاومة
مسلحة، مبينا أن "هذا ليس بسبب العشق السوداني لفلسطين وحسب، بل إحساس متزايد
بخطر محور أبوظبي الرياض تل أبيب، والدليل هو محاولاتهم إثارة تمرد في شرق السودان".