هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أطاحت تداعيات جائحة كورونا بآمال الحكومة المصرية في النمو الاقتصادي، وكبح جماح الاقتراض، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، وتعافي السياحة، ونمو الصادرات ما انعكس بالسلب على أداء ميزان المدفوعات وعجز الموازنة العامة بشكل حاد.
وكشفت أحدث الأرقام الرسمية تسجيل تراجع كبير في أداء ميزان المدفوعات تجاوز الـ950 بالمئة في العام الماضي 2019-2020 مقابل العام السابق، في أسوأ أزمة منذ عقد من الزمان.
وسجل ميزان المدفوعات عجزًا تجاوز الـ8.5 مليار دولار، مقابل عجز قدره 102.5 مليون دولار فقط العام في 2018-2019، بحسب البنك المركزي المصري.
وواصلت الحكومة الاقتراض بشكل مفرط ما أدى إلى ارتفاع الديون الخارجية إلى 123.5 مليار دولار بنسبة 13.6 بالمئة خلال عام على أساس سنوي.
وتضرر قطاع السياحة، أكبر مصدر للعملة الأجنبية في مصر، ويسهم بما بين 12 و15 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي، وسجل تراجعا بنسبة 78 بالمئة.
وانخفض عدد السياح من 13 مليون سائح في 2019 إلى 3 ملايين فقط، بعد توقف شبه تام نتيجة الإغلاق الذي فرضته إجراءات مواجهة كورونا.
وتوقع تقرير للمركز المصري للدراسات الاقتصادية أن تتسبب جائحة فيروس كورونا في خسارة 18 مليار دولار من إيرادات مصر السياحية المتوقعة في العام المالي الجاري.
وكشف وزير البترول طارق الملا، عن انخفاض دعم المواد البترولية بنسبة 46 بالمئة خلال الربع الأول من العام المالي 2020-2021.
فيما أظهرت بيانات وزارة المالية أن دعم السلع التموينية تراجع 7.6 بالمئة إلى 80.4 مليار جنيه (5.16 مليار دولار) في النصف الأول من 2020.
وتخطى إجمالي الاقتراض حاجز الـ 21 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الماضية، وقفز العجز الكلي للموازنة العامة في 2020-2021 إلى نحو 432 مليار جنيه (27.5 مليار دولار).
وسجلت استثمارات الأجانب عجزا تجاوز الـ7.3 مليار دولار في 2019-2020، مقابل فائض تجاوز الـ4.2 مليار دولار في العام 2018-2019، وتراجع الاحتياطي النقدي إلى 39.22 مليار دولار حتى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مقارنة بأكثر من 45 مليار دولار قبل الجائحة.
وألقت بظلالها على المواطنين المصريين، حيث توقعت دراسة بحثية حكومية ارتفاع معدل الفقر ما بين 5.6 و12.5 مليون فرد (38 بالمئة- 40.2 بالمئة) من عدد السكان خلال العام المالي 2020- 2021 وفقا لسيناريوهات مختلفة.
وأشارت الدراسة إلى أن 17 في المئة من الأسر المصرية اعتمدت "مساعدات أهل الخير"، فيما حصلت 5.4 في المئة من الأسر على منحة العمالة غير المنتظمة، بينما اتجهت 1.5 في المئة من الأسر إلى بيع جزء من ممتلكاتها.
اقرأ أيضا: ما حقيقة مؤشرات الاقتصاد المصري الإيجابية في 2020؟
أوجه تداعيات جائحة كورونا
وشرح مدير المركز الدولي للدراسات التنموية والاستراتيجية، مصطفى يوسف، آثار جائحة كورونا على الاقتصاد المصري قائلا: "من الآثار السلبية الكبيرة للجائحة تضرر قطاعات عديدة في الاقتصادات غير المرنة مثل الاقتصاد المصري، ومن أهم هذه القطاعات التي تضررت بشدة قطاع السياحة والنقل الجوي وصناعات الترفيه والمطاعم والشركات الصغيرة والمتناهية الصغر".
وأضاف لـ"عربي21": "في النظم السلطوية مثل النظام المصري فإن الفئات الفقيرة تم سحقها وفرض ضرائب عليها رغم تناقص دخول هذه الفئات بشكل مخيف ما ينذر بكارثة اجتماعية-اقتصادية".
ووصف الاقتصاد المصري بأنه "اقتصاد ريعي، ويعتمد على المنح والقروض و يعزف المستثمرون عن الاستثمار في دولة ترتيبها 125 من 128 في مؤشر سيادة القانون و 139 من 140 في مؤشر جودة التعليم ومن أكثر دول العالم فسادًا وعدم احترام لحقوق الإنسان".
واعتبر يوسف أن "الاعتماد على الدول الأخرى في إنتاج السلع الأساسية أثبت فشله في حالات الطوارئ مثلما حدث مؤخراً أثناء اشتداد الجائحة، ولكن الاقتصاد المصري غير قادر على تحقيق توازنات تحمي المواطنين من تقلبات الأسواق العالمية".
تعاف بطيء
من جهته؛ قال الخبير الاقتصادي محمد كمال عقدة، إن "تداعيات جائحة كورونا انعكست على مجمل نمو الاقتصاد المصري، (انخفض إلى 0.7% خلال الربع الأول من العام المالي 2020-2021)، وأكثر المجالات تضررا هي السياحة والانتقال، والمجالات الإنتاجية".
وفي ما يتعلق بالطبقات والفئات المتضررة، أشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "العمالة سواء الرسمية أو غير الرسمية تضررت بقوة، وانتشرت العدوى بين الطبقات العاملة والفقيرة والتي تعمل باليومية وليس لها مصدر آخر للدخل".
واعتبر عقدة أن "الإجراءات الحكومية لم تكن كافية لاستيعاب الصدمة كما تقوم به بعض الدول من تقديم مساعدات ومنح وقروض وخفض للضرائب وتأجيل الرسوم وتزويد حجم الخدمات لمواطنيها، في حين يخرج المواطن المصري كل يوم للحصول على قوت يومه دون إجراءات احترازية كافية، أو خدمات صحية مناسبة.
وتوقع أن "تستمر تداعيات الجائحة الاقتصادية على الاقتصاد المصري بشقيه الحكومي والخاص، وسيحتاج التعافي إلى وقت كبير مقارنة بدول أخرى إنتاجية، لا يعتمد اقتصادها على المنح والقروض الداخلية والخارجية كما في الاقتصاد المصري".