هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم تفشي جائحة فيروس كورونا في مصر والعالم، ومسارعة كثير من البلدان إلى اتخاذ قرارات عاجلة للتخفيف من آثار تداعياتها، فرضت الحكومة المصرية "جباية" استنزفت جيوب المصريين تحت مسميات مختلفة.
ورصدت "عربي21" أبرز القرارات التي أثقلت كاهل المصريين في 2020، بتواطؤ مع البرلمان والحكومة، دون الأخذ في الاعتبار تداعيات جائحة كورونا على فقدان الملايين من المصريين أعمالهم أو أجزاء منها.
شهد العام الفائت تحصيل الحكومة المصرية أكبر جباية في تاريخ البلاد ناهزت الـ20 مليار جنيه حتى الآن، وهي غرامة مخالفات البناء، مع توقعات بتخطيها هذا الحاجز خمسة إلى عشرة أضعاف؛ لأنها تمثل 25 بالمئة فقط من قيمة المقرر تحصيله. (الدولار= 15.75 جنيها).
ويبلغ عدد المباني في مصر لأغراض السكن 13 مليونا و466 ألف مبنى في تعداد 2017، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وبدلا من مساعدة الفقراء الذين يعتمدون على الدعم التمويني، قامت الحكومة المصرية في آب/ أغسطس الماضي، بتخفيض وزن وحجم رغيف الخبز من 100 غرام إلى 90 غراما، وذلك بعد أن كان حوالي 123 غراما.
في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قررت الحكومة المصرية أن يقتصر الدعم المقدم للبطاقات التموينية على طفلين لكل أسرة بحد أقصى، فيما تتحمل اﻷسرة أعباء الطفل الثالث بدعوى مواجهة الزيادة السكانية.
في أيار/ مايو الماضي، وافق مجلس الوزراء المصري، اعتبارا من أول تموز/ يوليو 2020، لمدة 12 شهرا، خصم نسبة 1% من صافي دخل العاملين في كافة قطاعات الدولة، ونسبة نصف في المئة من أصحاب المعاشات الذين يكافحون للعيش.
في آب/ أغسطس 2020، أعلنت وزارة النقل المصرية زيادة جديدة في أسعار تذاكر الخطوط الثلاثة لمترو الأنفاق ، الذي يستقله نحو 3 ملايين راكب يوميا، بنسب تراوحت بين 40 و60 بالمئة.
الزيادات في كل شيء
وزاد الطين بلة صدور قرار في حزيران/ يونيو المنصرم، بإيقاف البناء في المحافظات لمدة ستة أشهر، ما أثر على العمالة بنشاط المقاولات، وكل الأنشطة المتعلقة بالبناء.
وتشير إحصاءات جهاز الإحصاء الحكومي بشأن نتائج البطالة خلال الربع الثاني من العام 2020/2021 إلى فقدان 2.3 مليون شخص وظائفهم بسبب كورونا.
على مستوى التعليم، قررت وزارة التربية والتعليم المصرية زيادة مصروفات المدارس الحكومية للعام الدراسي 2020/2021 للمراحل رياض الأطفال والابتدائي والثانوي، بنسب أكثر من 150 بالمئة دفعة واحدة، لتدبير احتياجاتها من جيوب المواطنين.
كما وافق مجلس النواب المصري، في أيار/ مايو الفائت، على تعديلات قانونية لتنمية موارد الدولة عن طريق زيادة الرسوم المفروضة على بعض الخدمات، واستحداث أخرى جديدة على عدد من الأنشطة والسلع.
شملت خدمات الشهر العقاري، وعمليات الشراء من الأسواق الحرة، والحفلات والخدمات الترفيهية التي تقام بالفنادق والمحال السياحية، وأجهزة المحمول ومستلزماتها، وفواتير الإنترنت للشركات والمنشآت، ورسوم على التبغ الخام والبنزين والسولار.
ضرائب جديدة ودراسات تحذر من الفقر
كان البيان التحليلي الخاص بمشروع موازنة السنة المالية 2020-2021 في مصر، أظهر أن الحكومة تخطط لزيادة الضرائب، وخفض الدعم الحكومي للمواد البترولية.
وذكرت وكالة "رويترز" أن وزارة المالية المصرية تستهدف زيادة الإيرادات الضريبية بنحو 12.6% إلى 964.777 مليار جنيه (61.45 مليار دولار)
تأتي تلك الزيادات مجتمعة، رغم وجود دراسة بحثية قام بها معهد التخطيط القومي التابع لوزارة التخطيط المصرية تتوقع ارتفاع معدل الفقر في مصر، بين 5.6 إلى 12.5 مليون فرد (38 بالمئة- 40.2 بالمئة) من عدد السكان خلال العام المالي 2020-2021، وفقا لسيناريوهات مختلفة.
وبدعوى تراجع التضخم، قام البنك المركزي بإلغاء شهادات الادخار ذات الـ15 في المئة والـ12 بالمئة للعائد عليها على التوالي، وخفض سعر الفائدة في المصارف بنسبة 4 في المئة خلال العام.
وبحسب الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، فقد تسبب القرار في تراجع عوائد صغار المدخرين وأصحاب المعاشات على ودائعهم، والتي انخفضت بشكل ملموس خاصة على شهادات الاستثمار وعلى دفاتر توفير البريد.
لن يتحملوها للأبد
واعتبر عضو لجنة الإسكان بمجلس الشعب السابق، عزب مصطفى، أن قانون "الجباية المسمى التصالح على مخالفات البناء أحد أكثر القوانين التي تضرر منها ملايين المصريين في جميع أنحاء الجمهورية، والذي وصل إلى هدم آلاف المنازل بدعوى المخالفة".
وانتقد في حديثه لـ"عربي21": "تمادي نظام السيسي في فرض إتاوات تحت مسميات مختلفة، وكلها بهدف إفقار المصريين، وخضوعهم للدولة التي تخضع لعصبة من العسكر والمنتفعين"، محذرا في الوقت ذاته "أن مثل تلك الإتاوات والجباية لن يتحملها المصريون للأبد".
غياب العدالة الاجتماعية
فيما وصف الباحث الاقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، النظام الضريبي في مصر بأنه "يفتقر للعدالة الاجتماعية، والهدف منه هو زيادة موارد الموازنة العامة للدولة، من أجل سد العجز المتنامي بسبب زيادة القروض وتفاقم حجم الديون الداخلية الخارجية".
وأرجع، في حديثه لـ"عربي21"، "حالة زيادة الرسوم اللامتناهية تحت مسمياتها المختلفة إلى عدم اهتمام المسؤولين بإيجاد حلول جديدة من شأنها زيادة موارد الدولة، بدلا من اتباع نظرية الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على جيوب المصريين".