صحافة دولية

مجلة أمريكية: المصالحة الخليجية تجمع شمل العائلات والمنطقة

المصالحة الخليجية أنهت قطيعة بين دول الخليج استمرت سنوات عدة- واس
المصالحة الخليجية أنهت قطيعة بين دول الخليج استمرت سنوات عدة- واس

نشرت مجلة "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا لمراسها "تايلور لوك"، قال فيه إن انتهاء القطيعة بين السعودية وقطر، يجمع شمل العائلات وشمل المنطقة من جديد.

 

ولفتت في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إلى أهمية ذلك، بعد ثلاث سنوات ونصف من الانقسام الذي لم ينتج عنه سوى عزل المواطنين عن بعضهم والإضرار بالاقتصادات.

 

 وبينما يناقش المراقبون إن كان اتفاق المصالحة بين دول مجلس التعاون الخليجي الذي تم توقيعه الأسبوع الماضي في قمة عُقدت في العلا بالمملكة العربية السعودية مجرد علاقات عامة، عادت الروابط بين المواطنين الخليجيين، الذين حرضتهم وسائل الإعلام الحكومية لسنوات على معاداة بعضهم البعض، على الفور.

 

وكان هناك شعور بفرح ملموس من العائلات والأصدقاء المنقسمين في منطقة قبلية، ربما تكون أكثر ارتباطا بالدم والتجارة من أي كتلة إقليمية أخرى.

 

وكانت وسائل الإعلام الخليجية مليئة بقصص بنات اجتمعن مع والديهن، وأجداد اجتمعوا بأحفادهم للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة.

 

اقرأ أيضا: فايننشال تايمز: لا فائز بالمواجهة مع قطر ولا إذعان للمطالب الـ13
 

تقول نجاح العتيبي، المحللة السعودية في لندن: "كان أكثر الأطراف تضررا من الحصار هم سكان دول مجلس التعاون الخليجي، وأولئك الذين سيشعرون أكثر بفوائد إنهاء هذا الحصار هم أنفسهم المواطنون الخليجيون".

 

وتمتد بعض القبائل من طرف عُمان حتى الكويت، وانقسمت العائلات التي نسجت عقودا من التزاوج بين مواطني قطر والسعودية والإمارات فجأة عندما فرضت الرياض وأبو ظبي الحصار عام 2017.

 

يقول عبد الله باعبود، المحلل العماني والأستاذ الزائر في جامعة واسيدا: "عندما أنشئ مجلس التعاون الخليجي قبل أربعة عقود، سهل السفر، وساعد على إعادة الاتصال بين هذه العائلات والقبائل التي تفصلها حدود الدولة القومية.. هذه الروابط لا تختفي فجأة في ظل حصار أو انقسامات سياسية. هذه المصالحة هي عودة إلى الوضع الطبيعي".

 

مجال الصحة

 

وفي مجال الصحة، بعد إعلان المصالحة، أنشأ قادة الخليج مركز الخليج للوقاية من الأمراض ومكافحتها لتنسيق الجهود في مكافحة كوفيد -19 والأوبئة المحتملة في المستقبل.

 

وعدا عن مكالمة Zoom التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة لجميع وزراء الصحة الخليجيين في آذار/ مارس 2020، يقول المطلعون والمراقبون إن التنسيق كان ضئيلا فيما يتعلق بفيروس كورونا بين دول الخليج.

 

هذا على الرغم من تضرر منطقة الخليج بشكل خاص في العالم العربي. وقد سجلت المنطقة، التي يبلغ عدد سكانها 55 مليون شخص، مليون إصابة و10000 حالة وفاة.

 

وسوف يساعد المركز، بالتنسيق مع وزارات الصحة الخليجية، على نشر اللقاحات وتبادل المعلومات والبحوث المتعلقة بكوفيد-19 والأمراض المعدية الأخرى.

 

يقول جورجيو كافيرو من جلف ستيت أناليتيكس، وهي شركة استشارية مقرها واشنطن: "تضخ اتفاقية المصالحة هذه الأمل في فكرة التكامل والتعاون الاقتصادي الإقليمي".

 

وأضاف محذرا من أنه لا يزال هناك انقسامات سياسية: "يمكننا أن نرى بعض التغيرات الإيجابية والمهمة في الكفاح ضد كوفيد-19".

 

اقرأ أيضا: FT: محمد بن سلمان بحاجة لعمل المزيد بعد المصالحة
 

ودعا إعلان المصالحة لدول مجلس التعاون الخليجي إلى تفعيل السوق الخليجية المشتركة التي تأخرت كثيرا واتحاد جمركي لوضع سياسة تجارية موحدة وتعرفات ونقطة دخول واحدة للواردات الخليجية.

 

ويقول مراقبون ومواطنون إنه حتى الخطوات الأساسية نحو التكامل الاقتصادي ستخفف من الضغوط على دول الخليج المعتمدة على النفط، التي تسعى بنشاط إلى تنويع مواردها وخصخصة اقتصاداتها التي تديرها الدولة وسط جائحة.

 

وبعد مرور عام على انهيار أسعار النفط، وصل سعر النفط الأسبوع الماضي فقط إلى مستوى 50 دولارا للبرميل وظل أقل بكثير من 60 دولارا، وهو نقطة التعادل المالي لكل دولة خليجية باستثناء قطر.

 

وتبحث دول الخليج جميعها عن طرق لإبقاء الشركات واقفة على قدميها، بينما تواجه عجزا في الميزانية يتراوح بين 12٪ و20٪ من إجمالي الناتج المحلي بعد عام واحد من دفع حوالي 97 مليار دولار في عمليات إنقاذ لشركات القطاع الخاص وشبه الخاص في 2020.

 

وقالت المحللة السعودية، الدكتورة العتيبي: "كان تأثير الوباء إيجابيا، بمعنى أن دول الخليج أدركت أن الخليج أقوى عندما يتحد، وعليهم أن يكونوا متحدين، لأننا جميعا نواجه تحديا مشتركا".

 

الرياضة والترفيه


وهناك دفعة أخرى من التقارب في مجال الرياضة والترفيه.

 

فمع استعداد قطر لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، فإن إنهاء الحصار لن يسمح فقط بخدمات لوجستية أسهل للفرق والمشجعين للوصول إلى الدوحة، بل سيسمح أيضا لدول الخليج الأخرى بإغراء الزوار لرؤية المعالم السياحية في بلدانهم.

 

لكن تظل هناك تساؤلات حول ما إذا كان التعاون المتزايد والتهديدات الاقتصادية والصحية المشتركة يمكن أن تتغلب على الانقسامات الأيديولوجية. ويحذر المراقبون من استمرار الخلافات العميقة بين قطر والسعودية والإمارات رغم العناقات المتلفزة.

 

ولم تتناول اتفاقية المصالحة دعم الدوحة للحركات الإسلامية في المنطقة، التي تعتبرها الإمارات تهديدا لاستقرارها، وكانت سببا معلنا لحصار عام 2017.

 

كما لم تتناول الاتفاقية تحالف قطر مع تركيا واعتمادها الاقتصادي المتزايد على إيران - وكلاهما شراكات عززتها بسبب الحصار.

 

وفي الوقت ذاته، لا تشترك عُمان والكويت في رؤية السعودية لإيران باعتبارها تهديدا وشيكا يجب تحييده، بل كجارٍ يجب على دول الخليج تطبيع العلاقات السلمية معه.

 

ويقول مراقبون آخرون إن مثل هذه الاختلافات تجعل أهداف معاهدة العلا المتمثلة في "اتفاقية الدفاع المشترك" و"التكامل العسكري" غير واقعية، في الوقت الحالي.

 

ويقول المحلل العماني باعبود: "لا يمكنك الانتقال إلى المرحلة النهائية من الوحدة السياسية عندما لا يكون لديك وحدة اقتصادية أو سوق مشتركة".

 

وأضاف: "فكرة التكامل الإقليمي هي أنك تعمل على مستوى أدنى، وتبني الثقة.. وتعمل للأعلى إلى المستوى السياسي. أنا متفائل بحذر الآن أنه بسبب أزمات كوفيد-19 وأسعار النفط، سنبدأ في رؤية إجراءات جادة وملموسة".

 

هل تلتئم الجراح؟

 

الآمال كبيرة في أن الصفقة ستهدئ الاستقطاب الذي تغذيه وسائل الإعلام التي تديرها الدول والمعلقون والمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي، وكلها استخدمت من قبل الحكومات لمهاجمة بعضها البعض ونشر نظريات المؤامرة.

 

في السابق، دعت شخصيات إعلامية مدعومة من الإمارات إلى الإطاحة بأمير قطر واتهمت الدوحة بالإرهاب، بينما نددت الشبكات القطرية بالإمارات باعتبارها تشن حربا على الديمقراطية، وروجت لشائعات عن نزاعات بين العائلة المالكة السعودية، ومؤامرات قتل وتمرد.

 

وعند توقيع الاتفاقية، بثت شبكات فضائية بالخليج فجأة مقاطع فيديو موسيقية لمواطني الخليج وهم يغنون معا ويمسكون بأيديهم. جلبت شبكات الدولة السعودية محللين ذكروا الحاجة إلى الدبلوماسية الخليجية والعلاقات "الأخوية" مع قطر. لعبت قناة الجزيرة القطرية دور وكالة سفريات، ونشرت مقاطع تشيد بجمال أبو ظبي والرياض والعلا.

 

وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام الخليجية تماشت مع قرارات الأمراء والملوك، إلا أن المراقبين يتساءلون متى وما إذا كانت النزعة القومية اللاذعة والمحمومة التي غذيت بها جماهيرها في السنوات الأربع الماضية ستتبدد.

 

يقول كافيرو، من جلف ستيت أناليتيكس: "يمكن لحكومات هذه الدول التوقيع على اتفاقية، لكن هذا لا يعني أن القطريين سوف ينسون ما حدث لهم، أو ينسى الجمهور ما قيل في وسائل الإعلام بشكل يومي.. لا يمكنك السير بسرعة 100 ميل في الساعة في اتجاه ما وتضغط على زر يعيدك فجأة إلى نقطة البداية".

 

وقال باعبود: "حدثت إصابات في كلا الجانبين، وهناك جراح، ولكن مع مرور الوقت سوف تلتئم هذه الجراج".

التعليقات (0)