هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أيّد الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، التي رعاها سلفه دونالد ترامب.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إنه أبلغ نظيره الإسرائيلي مائير بن شبات أن إدارة الرئيس جو بايدن ستعمل عن كثب مع تل أبيب بشأن قضايا الأمن الإقليمي وللبناء على اتفاقيات التطبيع.
"المعهد المصري للدراسات"، تناول بشكل تفصيلي الاستراتيجية والسياسة المتوقعة لإدارة بايدن تجاه القضية الفلسطينية.
وذكر في تحليل مطوّل، أن بايدن أعد العُدّة للانخراط في القضية بإطار استراتيجية جديدة للولايات المتحدة. حيث قال باراك رافيد، مراسل موقع "أكسيوس" الأمريكي من تل أبيب، إن "إدارة بايدن قد استعرضت سياستها تجاه إسرائيل وفلسطين في مجلس الأمن الدولي، مشددة على أهمية إصلاح العلاقات مع السلطة الفلسطينية".
وبحسب رافيد فإن التغييرات ستكون بالنقاط التالية:
– ستستأنف الولايات المتحدة مساعداتها للفلسطينيين وستعيد فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن والقنصلية في القدس.
– ستعارض إدارة بايدن ضم الأراضي وبناء المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين من قِبل إسرائيل، والتحريض ودفع الأموال لعناصر المقاومة من قبل السلطة الفلسطينية.
هادي عمرو
بحسب المعهد، فإن شخصية من أصول لبنانية فلسطينية ستلعب دورا هاما في المرحلة المقبلة.
إذ عيّن بايدن هادي عمرو كنائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي الجديد لشؤون إسرائيل وفلسطين.
وهادي عمرو، بحسب "أكسيوس"، هو "أحد اللاعبين الرئيسيين في صياغة السياسات الأمريكية الجديدة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وسيكون له أيضاً دور رئيسي في تنفيذها بصفته نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون إسرائيل وفلسطين؛ ويحظى عمرو باحترام كبير من قبل المسؤولين الفلسطينيين الذين يرونه شخصية متوازنة في السياسة الأمريكية".
وتابعت أن "عمرو انضم إلى وزارة الخارجية في عام 2013. وخلال الفترة من عام 2010 حتى انضمامه إلى وزارة الخارجية الأمريكية، عمل كنائب مساعد مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للشرق الأوسط، ونائب رئيس مكتب يضم 600 شخص أدار 1.6 مليار دولار من المساعدات الخارجية الأمريكية للشرق الأوسط بما في ذلك مصر والعراق والأردن ولبنان والمغرب، السلطة الفلسطينية واليمن".
وفي بداية الربيع العربي، بالإضافة إلى كونه مسؤولاً عن الأبعاد الاستراتيجية للمساعدات الخارجية الأمريكية لهذه البلدان، تولى دوراً قيادياً في صياغة استجابة المساعدة الأمريكية لليبيا وسوريا وتونس.
وقبل ذلك، وخلال الفترة من 2006-2010، شغل عمرو منصب المدير المؤسس لمركز بروكينجز الدوحة، حيث قام بالشراكة مع مضيفين قطريين وقيادة بروكينجز بتأسيس وإدارة المركز، بما في ذلك جميع الجوانب القانونية والحوكمة والتوظيف والشؤون المالية بالإضافة إلى وضع أجندة البحث والاتصالات للمركز.
وفي معهد بروكينجز، عمل أيضاً زميلاً في دراسات السياسة الخارجية في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط وأحد المنظمين لمنتدى الولايات المتحدة والعالم الإسلامي السنوي، وهو حدث عالمي يجمع القادة الأمريكيين والمسلمين، حيث يُعتبر السيد عمرو مفكراً ريادياً في علاقات الولايات المتحدة مع العالم الإسلامي.
وأثناء وجوده في معهد بروكينجز، عمل هادي عمرو أيضاً كمستشار أول في مكتب السياسات بوزارة الأمن الداخلي الأمريكية خلال إدارة أوباما.
وبصفته أحد المعينين في إدارة كلينتون في وزارة الدفاع الأمريكية، ساعد في إنشاء مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني.
وكان هادي عمرو حصل على درجة البكالوريوس من جامعة تافتس في الاقتصاد عام 1988، وماجستير إدارة الأعمال في الاقتصاد والسياسة العامة من كلية وودرو ويلسون بجامعة برينستون عام 1994؛ ومنذ ذلك الحين تم تعيينه من قبل مجلس أمناء جامعة برينستون في المجلس الاستشاري لكلية وودرو ويلسون.
باراك رافيد استبعد قيام إدارة بايدن بتعيين مبعوث خاص لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية؛ وعلى هذا الأساس، فإنه سيتم التعامل مع القضية في الغالب من قبل وزارة الخارجية، مما يعني أن هادي عمرو قد يكون له تأثير كبير على قيادة هذا الملف.
استراتيجيات جديدة
ذكر مركز أبحاث "سنتر فور نيو أميركان سيكيوريتي" الأمريكي، أن "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتطلب اليوم أن تغير الولايات المتحدة نهجها".
وتابعت: "ينصب تركيزها حالياً على المبادرات الدبلوماسية رفيعة المستوى التي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق دائم تكون الولايات المتحدة فيه الوسيط المحوري. وبدلا من ذلك، فإنه يتوجب على الولايات المتحدة التركيز على اتخاذ خطوات ملموسة على الأرض وأخرى دبلوماسية على حد سواء، يكون من شأنها تحسين الحرية والازدهار والأمن لجميع من يعيشون بين البحر المتوسط ونهر الأردن، مع تهيئة الأجواء من أجل التوصل إلى اتفاق مستقبلي على أساس حل الدولتين يتم التفاوض عليه من قِبل الطرفين".
واستبعدت الدراسة أن يكون هناك حل قريب للقضية الفلسطينية، مضيفة: "إسرائيل تواصل احتلالها وتوسعها الإقليمي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث يعيش مئات الآلاف من المستوطنين الآن خارج حدود عام 1967، واستعداد أغلبية من أعضاء الكنيست الإسرائيلي، من حيث المبدأ، لدعم ضم أراضي الضفة الغربية من جانب واحد. وفي نفس الوقت، فإن مؤسسات الحكم الفلسطينية آخذة في التآكل، حيث تفتقر إلى الشفافية، ولا تخضع للمساءلة، بينما تنقسم القيادة السياسية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بين حماس في غزة والسلطة الفلسطينية الضعيفة التي تقودها فتح في الضفة الغربية".
وأضافت: "يؤدي عدم تحقق المساواة الاقتصادية والسياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبشكل أكثر وضوحاً في غزة، إلى تفاقم الصراع بين الطرفين. وبما أن كلاً من الإسرائيليين والفلسطينيين يقبعون في جزر منعزلة بشكل متزايد، فإن وجهات النظر عند جميع أطراف النزاع تزداد أيضاً تشددا".
ولفتت الدراسة إلى أن السياسة الأمريكية الجديدة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يجب أن تركز على الأهداف التالية:
– منع الصراع والحفاظ على استقرار وأمن شركاء الولايات المتحدة.
– تعزيز الحرية والأمن والازدهار لجميع من يعيشون بين البحر المتوسط ونهر الأردن، على المدى القريب وفي اتفاقية إسرائيلية فلسطينية نهائية.
– الحفاظ على رؤية حل تفاوضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين يؤدي إلى إنهاء الصراع بشكل متفق عليه من الجانبين.
وباعتبار هذه الأهداف معالم أساسية للتحرك، يرسم هذا التقرير خطة تركز على ثلاثة محاور رئيسية للعمل وبذل الجهد:
– معالجة القضايا الملحّة التي تهدد أي إمكانية لإحراز تقدم في معالجة الصراع وتمنع الولايات المتحدة من لعب دور بنّاء.
– متابعة تنفيذ خطوات ملموسة لتحسين وضع الحرية والأمن والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين بشكل هادف، مع تعزيز آفاق حل الدولتين المتفق عليه للنزاع على المدى المتوسط.
– إعادة تشكيل دور الولايات المتحدة لتحقيق قدر أكبر من المثابرة والتأثير، من خلال تعديل كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الأطراف المعنية وبقية العالم بشأن هذه القضية، وكيفية تنظيم عملية صنع السياسات الخاصة بها.
خطوة ضرورية
بحسب التقرير، فإنه قبل أي خطوة، يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ سلسلة من الإجراءات التي تعيد ترسيخ مصداقيتها كوسيط بين الاحتلال والفلسطينيين.
وتابعت أن جزءا رئيسيا من هذا الجهد يجب أن يشمل إعادة بناء العلاقات بين الولايات المتحدة والشعب الفلسطيني مع إعادة فتح القنوات مع قيادتهم، التي لم تتعامل بجدية مع إدارة ترامب منذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في أواخر عام 2017 والإعلان عن إغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
وتاليا النص الكامل للتقرير الذي أعده "المعهد المصري للدراسات":
هناك ثلاثة مبادئ أساسية يجب أن تقود السياسة الأمريكية، وعلى الرئيس الجديد أو وزير الخارجية أن يغتنم الفرصة المبكرة للتعبير عنها للعالم:
- الاعتراف بأن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية التي تستند إلى قرارات الأمم المتحدة والأُطر المرجعية الدولية المعترف بها على نطاق واسع – وأهمها مفهوم الأرض مقابل السلام – تظل الوسيلة الوحيدة لتحقيق اتفاق دائم بين الأطراف، حتى لو لم تكن هذه المفاوضات مثمرة في الوقت الحالي؛
ثانياً، تسعى السياسة الأمريكية إلى ضمان الحرية والأمن والازدهار لجميع الإسرائيليين والفلسطينيين، سواء في الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة اليوم أو في أي اتفاقية مستقبلية؛
وأخيراً، تظل الولايات المتحدة ملتزمة بحل الدولتين الذي يتم التوصل إليه من خلال التفاوض. وعلى الرغم من أن قابلية حل الدولتين للنزاع أصبحت موضع تشكك بشكل متزايد، لكنها تظل النهج الوحيد الذي التزمت به حكومتا الطرفين رسمياً والذي لا يزال الإجماع الدولي قائماً حوله.
وسيتعين على الولايات المتحدة التراجع عن عدد من الخطوات التي اتخذتها إدارة ترامب والتي قوضت العلاقات الأمريكية الفلسطينية. وبينما لا ينبغي للولايات المتحدة إعادة سفارتها إلى تل أبيب، يجب على واشنطن أن توضح أنها تدعم حلاً يمكّن كلا الطرفين من إقامة عاصمتيهما في القدس وأن وضع القدس هو قضية يجب حلها من خلال المفاوضات.
وعلى الولايات المتحدة أيضاً تجديد العلاقات مع الشعب الفلسطيني وحكومته وإظهار التزامها بعلاقات مستقلة مع الفلسطينيين، وعكس سياسة جعل التواصل الدبلوماسي مع الفلسطينيين جزءاً من العلاقات الأمريكية مع إسرائيل. وهذا يعني إعادة فتح البعثة الأمريكية للفلسطينيين في القدس والعودة إلى سلطة القنصل العام لرئيس البعثة على الضفة الغربية والعلاقات مع السلطة الفلسطينية. ويجب أن تسمح الولايات المتحدة أيضاً بإعادة فتح بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، على الرغم من أن هذا سيتطلب العمل مع الكونغرس لتنفيذه.
وعلى الولايات المتحدة أن تتخذ خطوات فورية لمعالجة الأزمة الإنسانية والتحديات الاقتصادية التي تواجه الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة.
وينبغي أن يدفع جزء من هذا الجهد الولايات المتحدة إلى إعادة تشغيل برامج المساعدة الاقتصادية للشعب الفلسطيني وتمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حيث توقف كلاهما في السنوات الأربع الماضية.
ويجب التركيز بشكل خاص على غزة، حيث لا يزال مليونا شخص عالقين في دائرة مستمرة من العنف بين حماس وإسرائيل، في حيت لا تقوم السلطة الفلسطينية أيضاً بدور مفيد في هذا الصدد. وقد أدى الحصار الناجم عن ذلك إلى خنق التنمية الاقتصادية والبشرية. ويجب أن تركز الإجراءات المبكرة على تحسين حرية التنقل للفلسطينيين، والتي هي شريان الحياة لأي اقتصاد، مع الاستثمار أيضاً في الوصول إلى المياه النظيفة والكهرباء، والتي لا تزال نادرة بشكل غير مقبول.
يجب أن تكون الخطوة المبكرة الأخرى هي إصلاح النظام العتيق الذي تقدم من خلاله السلطة الفلسطينية و/أو منظمة التحرير الفلسطينية مدفوعات للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ولعائلات الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في سياق الهجمات على أهداف إسرائيلية.
حيث تقول منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها حركة تحرير وطني، إن لها الحق في تعويض شعبها بهذه الطريقة، لا سيما وأن أفراد الأسرة كثيراً ما يتم تهجيرهم بسبب السياسة الإسرائيلية في هدم منازل الفلسطينيين الذين ينخرطون في هجمات على إسرائيل.
بينما يجادل معارضو نظام المدفوعات هذا من الإسرائيليين والأمريكيين بأن هذا النظام يشكل تحفيزاً ومكافأة للعنف. ولكن الواقع العملي هو أن القضية أصبحت عقبة كبيرة في العلاقات الأمريكية الفلسطينية، في ظل معارضة ساحقة من الكونغرس لهذه الممارسة. لذلك، فعلى الولايات المتحدة أن تعمل مع السلطة الفلسطينية لإصلاح هذا النظام من خلال إلغاء تقديم أي تعويض مرتبط بالإدانة بجرائم العنف؛ وعوضاً عن ذلك تحويل النظام إلى نظام رعاية اجتماعية أساسية. فإذا أجرى الفلسطينيون هذا التغيير، يمكن للرئيس أن يؤكد للكونغرس بسهولة أكبر أن منظمة التحرير الفلسطينية لم تعد تمارس أو تدعم الأعمال الإرهابية، وبالتالي يتم إلغاء قانون مكافحة الإرهاب لعام 1987 والذي عفا عليه الزمن، والذي لا تزال منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بموجبه تعتبران منظمات إرهابية بموجب القانون الأمريكي.
ويمكن لمثل هذا الإصلاح أيضاً أن يخلق مرونة أكبر في مبنى الكابيتول هيل (الكونغرس) لتعديل القوانين التي تقيد المساعدة والعلاقات مع الفلسطينيين ويمكن أن تسهل إعادة فتح بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة في واشنطن. وكجزء من هذا النهج، على الولايات المتحدة أيضاً الضغط على إسرائيل لإنهاء هدم منازل المهاجمين، والذي يعد بمثابة شكل من أشكال العقاب الجماعي.
وعلى الولايات المتحدة أيضاً أن تتخذ خطوات مبكرة لردع عمليات الضم الإسرائيلي والتوسع الاستيطاني من خلال إعلان المعارضة الواضحة التي لا لبس فيها لكليهما. ويجب أن يتم عكس سياسات إدارة ترامب والآراء القانونية التي خففت من موقف الولايات المتحدة تجاه النشاط الاستيطاني، والعودة إلى المواقف التي طالما تم التقيد بها والتي تميز بوضوح سياسة الولايات المتحدة وسلوكها بين إسرائيل والأراضي التي احتلتها عام 1967.
وكجزء من هذا النهج، على الولايات المتحدة أن توضح أنها لن تحمي إسرائيل من العواقب الدولية التي قد تواجهها عندما تتخذ إجراءات تتعارض مع السياسة الأمريكية، مثل بناء المستوطنات. وعلى الولايات المتحدة أيضاً أن توضح لإسرائيل أن هناك أربعة أنواع من الإجراءات الإسرائيلية يمكن أن تؤدي إلى رد أمريكي قوي بشكل خاص، وهي:
(1) بناء أو تطوير خطط للبناء في مناطق ذات صلة بشكل خاص بإمكانية تحقيق حل الدولتين، مثل إي-1، جفعات هماتوس و إي-2 و أتاروت.
(2) نقل أو طرد المجتمعات الفلسطينية من أي من هذه المناطق أو من غيرها.
(3) إنشاء بنية تحتية رئيسية جديدة مثل الطرق داخل الضفة الغربية بهدف تقوية الارتباط بين المستوطنات وإسرائيل.
(4) إجراء أي تغيير على الوضع التاريخي الراهن في الحرم الشريف/جبل الهيكل الذي أعادت إسرائيل تأكيده في عام 2015.
وأخيراً، حتى في الوقت الذي توضح فيه الولايات المتحدة أنها لن تسعى بقوة لعقد مفاوضات جديدة حول اتفاق دائم، فعلى واشنطن إعادة التأكيد على المعايير الرئيسية الثابتة للتوصل إلى حل نهائي للصراع والتي حددها رؤساء الولايات المتحدة وتؤكد التزامها المسبق بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242، بما في ذلك مفاهيم الأرض مقابل السلام و"عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب"، والتي كانت منذ فترة طويلة نقطة البداية للمفاوضات.
وتشمل هذه المعايير دعم الحدود على أساس خطوط 1967 مع تبادل الأراضي المتفق عليه بشكل متبادل؛ والترتيبات الأمنية التي تلبي احتياجات الطرفين وتستند إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح؛ وحل عادل ومتفق عليه للاجئين؛ وعاصمتين (لكلا الطرفين) في القدس. ولن يكون الغرض هو وضع خطوط أساسية لجهود مفاوضات جديدة، ولكن ببساطة من أجل التوضيح لجميع الأطراف أن خطة ترامب غير المتوازنة وغير العملية لم تعد جزءاً من رؤية الولايات المتحدة للاتفاق النهائي.
إجراءات متوسطة المدى لتحسين الحرية والأمن والازدهار وتهيئة الظروف لحل الدولتين.
بينما تتم متابعة الأولويات العاجلة الموضحة أعلاه، فإن على الولايات المتحدة أيضاً متابعة عدد من المبادرات التي ستستغرق وقتاً أطول وسيكون تحقيقها أكثر صعوبة. ومع ذلك، فإذا نجحت هذه الخطوات، فإنها ستغير الوضع بشكل جذري على الأرض، وتساعد على تهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات واتفاق حل الدولتين مع تحسين الأمن والازدهار والحرية للإسرائيليين والفلسطينيين.
على الولايات المتحدة أن تروّج لسلسلة من الخطوات التي من شأنها توفير قدر أكبر من الحرية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. على أن يبدأ ذلك بتوسيع نطاق الحرية وخلق فرص اقتصادية كبيرة للفلسطينيين، وإنهاء هدم المنازل، وتعزيز حرية أكبر في الحركة، من خلال حثّ إسرائيل على تحويل أجزاء من نسبة الـ 60% من الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل بالكامل والمعروفة بالمنطقة (ج) إلى مناطق (ب) في ظل سيطرة إسرائيلية فلسطينية مشتركة. وعلى إسرائيل أيضاً نقل أجزاء من المنطقة (ب) الحالية إلى المنطقة (أ)، والتي من المفترض أن تكون تحت سيطرة فلسطينية كاملة. فهذا سيكون مفيداً بشكل خاص لتحسين عمل الشرطة والأمن. وعلى إسرائيل أيضاً تخفيف القيود المفروضة على التجارة والأنظمة التي تخنق الاقتصاد الفلسطيني. وعلى الولايات المتحدة أن تسعى إلى تقليل الفوارق في المعاملة والإجراءات والنتائج بين المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، الذين يواجهون نظامين قانونيين منفصلين وغير متساويين في الضفة الغربية.
وإلى أن يتم التوصل إلى حل تفاوضي للنزاع، وطالما استمرت إسرائيل في السيطرة بشكل كامل على الفلسطينيين، فإنه يجب أن يتمتع كل شخص يعيش في الضفة الغربية بنفس الحق الأساسي في الإجراءات القانونية الواجبة، باستخدام الحقوق التي تمنحها إسرائيل لمواطنيها أو الزوار الأجانب كمعيار في ذلك.
المؤسسات الفلسطينية في الوقت الحالي آخذة في التآكل؛ والانقسامات بين حماس وفتح، وبين غزة والضفة الغربية، تشكل عقبة رئيسية أمام التقدم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ولذلك، فإن على الشعب الفلسطيني وقادته توحيد قيادته في شكل قيادة واحدة يمكن أن تحكم دولة مستقلة ملتزمة بالتعايش السلمي مع إسرائيل. لكن الولايات المتحدة يمكنها دعم هذا العمل أو إعاقته من خلال سياساتها ومقارباتها. يمكن للولايات المتحدة واللاعبين الخارجيين الآخرين إيصال المعايير المطلوب توفرها، بما في ذلك توقعها بأن تتمسك الحكومة الفلسطينية بالالتزامات الأساسية بالاعتراف بإسرائيل وشرعيتها، وبالمفاوضات السلمية باعتبارها الوسيلة الوحيدة لتسوية النزاع، بالإضافة إلى نبذ العنف. كما ينبغي أن تضغط واشنطن على السلطة الفلسطينية للتغلب على الفساد والسلوكيات غير الديمقراطية من خلال الدخول في عملية ديمقراطية تشمل الانتخابات.
وكجزء من هذا التحول في النهج، على الولايات المتحدة أن تشجع المصالحة الفلسطينية الداخلية بأن تصبح أكثر مرونة بخصوص تكوين الحكومة التي يشكلها ويختارها الفلسطينيون.
ويمكن للولايات المتحدة أيضاً أن تفعل المزيد، من خلال العمل بالتنسيق الوثيق مع مصر ومنسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، لتشجيع عمل ترتيبات سياسية مستدامة لقطاع غزة على أساس ركيزتين:
(1) اتفاق بين السلطة الفلسطينية وحماس بشأن إعادة الدمج التدريجي للضفة الغربية وقطاع غزة، مع تولي السلطة الفلسطينية مسؤولية أكبر في دمج غزة وحماس في منظمة التحرير الفلسطينية.
(2) اتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد بين إسرائيل ومجموعة من الفصائل الفلسطينية تضم حماس وفتح وتحظى بمباركة منظمة التحرير الفلسطينية.
وسيشمل هذا الاتفاقية تخفيف كبير للحصار الإسرائيلي المفروض على غزة. والأهم من ذلك، أن ذلك لن يؤدي فقط إلى مزيد من التماسك الفلسطيني، بل سيؤدي أيضاً إلى تحسين الأمن الإسرائيلي بشكل كبير من خلال إرساء وضع أكثر استقراراً في غزة ينهي الجولات المستمرة من الهجمات الصاروخية على المدنيين الإسرائيليين. ويمكن للولايات المتحدة أيضاً أن توضح أنها لن تتعامل مع مسؤولين من الأحزاب السياسية التي تدعم العنف، كما تفعل حماس حالياً. لكنها قد تحتاج إلى إيجاد طريقة للعمل مع حكومة فلسطينية تضم حماس.
وأخيراً وليس آخراً، إذا تم إحراز تقدم ووافقت الفصائل الفلسطينية على إجراء الانتخابات، فيجب على الولايات المتحدة دعمها، والتأكيد على أنها ستحترم النتيجة، وتضغط على إسرائيل للسماح بالتصويت في القدس الشرقية، كما فعلت في عامي 1996 و2005.
وإلى جانب القضايا المباشرة المتعلقة بالضم والنشاط الاستيطاني الحساس التي نوقشت سابقاً، فعلى الولايات المتحدة أن تبني نهجاً فعالاً طويل الأمد لردع إقامة المستوطنات. وقد ينطوي هذا ببساطة على التمسك بنهج المعارضة الواضحة للتوسع الاستيطاني المحدد أعلاه، على أنه يجب أيضاً تقييم خيارين آخرين بشكل صارم: أحد البدائل هو متابعة تجميد جزئي ولكنه صارم في نفس الوقت للاستيطان. والأهم من ذلك، أن التجميد الجزئي لا يمكن أن يقوم ببساطة على مسار الجدار الأمني الذي رسمته إسرائيل من جانب واحد ويشمل بعض الأراضي الأكثر تنازعاً داخل الجدار، في القدس الشرقية والضفة الغربية. كما يجب تحديد أي تجميد جزئي بشكل شديد الوضوح بدلاً من السماح بتفسيرات “الكتل” التي تمثل ضوءاً أخضر للتوسع في المستوطنات.
وبينما لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتوقع موافقة الفلسطينيين على مثل هذه الترتيبات، فإنه يمكنها التشاور عن كثب مع كلا الجانبين. وقد يكون الخيار الآخر هو أن تضع الإدارة الأمريكية الجديدة خريطة الوضع النهائي المقترحة الخاصة بها بعد التشاور مع الجانبين وجعلها أساس سياستها. وسيحل هذا النهج محل خريطة ترامب غير العملية وغير المتوازنة. ويمكن أن تشمل الخريطة الجديدة أيضاً مناطق تبادل عادلة للفلسطينيين، ويمكن للولايات المتحدة أن تستمر في الاعتراض على أي نشاط استيطاني إسرائيلي ما لم تتخذ إسرائيل خطوات لتسليم مناطق التبادل غرب الخط الأخضر للفلسطينيين. وعلى الرغم من أن هذه الخيارات تنطوي على مزايا وعيوب بالنسبة للسياسة الأمريكية، إلا أنها تستحق الدراسة في سياق الهدف العام المتمثل في تعزيز الحرية والأمن والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين، حتى في حالة عدم وجود اتفاق نهائي.
وأخيراً، على الولايات المتحدة أن تستثمر في جهد طويل المدى لإعادة بناء الدعم داخل المجتمع الإسرائيلي والفلسطيني للتعايش والمفاوضات. ولطالما تعامل صناع السياسة الأمريكيون مع مساحة الصراع هذه على أنها تأتي بعد ذلك؛ ولكن هذا يحتاج إلى التغيير.
فنحن نقترح استراتيجية أكثر اتساقاً وتركيزاً وتحظى بالدعم من قبل المسؤولين الأمريكيين للمشاركة عبر مجموعة من المجتمع الإسرائيلي والفلسطيني، بما في ذلك القادة السياسيون والمجتمعيون وكذلك المجتمع المدني. على أن تركز الاستراتيجية أيضاً على المشاركة بين الناس مع بعضها البعض، والتي يجب أن تشمل صندوق الشراكة من أجل السلام بقيمة 250 مليون دولار، المعروض الآن على الكونجرس. ويمكن للولايات المتحدة أيضاً أن تقدم حوافز وآليات دعم تهدف إلى تهميش الأصوات المتطرفة، واستئصال التحريض من الخطاب الرسمي وتعزيز ثقافة التسامح والتعايش على كلا الجانبين. وأخيراً، يجب على الولايات المتحدة أن تشجع الجهود في ما يسمى بحوار المسار الثاني لاستكشاف جوهر المفاوضات المحتملة في إطار غير رسمي، يكون بعيداً كل البعد عن أي طابع رسمي.
إعادة تشكيل دور الولايات المتحدة من أجل مزيد من الاستمرارية والتأثير
على الولايات المتحدة أن تتخذ سلسلة من الخطوات لتغيير الطريقة التي تتعامل بها مع بقية العالم بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وكيفية تطوير صنع السياسات داخل الحكومة الأمريكية. فالولايات المتحدة تقليديا كانت تسعى إلى احتكار صنع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتضغط على الجهات الفاعلة الأخرى لتحذو حذوها. ولكن بالنظر إلى عقود من الفشل، واحتمالات ضئيلة لعقد مفاوضات ناجحة على المدى القريب، وحقيقة أن القيادة الأمريكية تواجه أولويات ملحّة أخرى، فقد حان الوقت لإعادة النظر في هذا النهج.
حيث يمكن لنهج أكثر مرونة للشراكة الدولية أن يمكّن الآخرين الذين يتمتعون بوصول فريد أو نفوذ على قضايا أو أطراف معينة من المضي قدماً في ذلك بالتنسيق مع واشنطن. وعلى سبيل المثال، ففي حالة غزة، تتمتع مصر والمنسق الخاص للأمم المتحدة بأكبر قدر من التأثير والمعرفة بالوضع على الأرض، بينما لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بأكبر قدر من التأثير مع إسرائيل وتمتلك أكبر قوة دولية في التجميع والتنظيم. ومن المرجح أن تكون أي مبادرة يقودها هذه الأطراف الثلاثة بشكل مشترك والتي قد تشارك بعد ذلك فاعلين دوليين آخرين، أكثر فعالية من الاستراتيجيات الأمريكية الأحادية.
وتحتاج الولايات المتحدة أيضاً إلى تعديل نهجها مع اللاعبين الإقليميين. فالأردن، مثلاً، أكثر عُرضة من أي دولة عربية أخرى، لعواقب الوضع الراهن المتردي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وعلى الرغم من أن عمّان أظهرت اهتماماً ثابتاً ولعبت دوراً بنّاء على مر السنين في السعي لإنهاء الصراع، إلا أنه قد تم إهمال الأردن من قبل إدارة ترامب، والعلاقة الإسرائيلية الأردنية هي اليوم في أدنى مستوياتها منذ توقيع معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية. ويجب على الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لإعادة تنشيط تعاونها مع الأردن في معالجة الصراع.
ويجب على الولايات المتحدة أن تضع اتفاقيات الخليج العربي مع إسرائيل في السياق المناسب. إذ يُعد التقارب بين هذه الدول وإسرائيل أمراً إيجابياً بالنسبة للحكومات المعنية ويُؤدي إلى تحسين العلاقات بشكل كبير بين إسرائيل ودول الخليج، مع إمكانية تحقيق المزيد من الاستقرار والازدهار الاقتصادي في الشرق الأوسط.
وبالرغم من أن هذه الاتفاقيات قد تخلق فرصاً جديدة مع مرور الوقت لصنع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أنها لن تغير طبيعة الصراع الذي هو في نهاية المطاف بين الإسرائيليين والفلسطينيين – وليس الدول العربية. مع الوضع في الاعتبار أن انفتاح دول الخليج العربي على إسرائيل ليس مدفوعاً بالقلق على الفلسطينيين بل إنه يمكن أن يؤدي إلى تقويض المواقف الفلسطينية. إن حكومتي البحرين والإمارات العربية المتحدة ليستا في وضع جيد للاستفادة من علاقاتهما الجديدة مع إسرائيل لإقناع الفلسطينيين بتقديم تنازلات ومن غير المرجح أن تربط تعاونها مع إسرائيل بسياسات الأخيرة تجاه الفلسطينيين. ولكن الحقيقة هي أنه لا يزال التعاطف مع حقوق الفلسطينيين كبيراً في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ ويوضح رد فعل دول الخليج لاحتمال الضم الإسرائيلي أنها تدرك أن هناك طرقاً قد يهدد بها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مصالحها. لذا، فعلى الولايات المتحدة إشراك هذه الحكومات الخليجية لاستكشاف فرص المشاركة الخليجية البنّاءة في هذا الصراع.
وعلى الولايات المتحدة أيضاً تغيير طريقة صنع سياستها داخلياً. فتقليديا، كانت القضية الإسرائيلية الفلسطينية تُعالج على أعلى مستويات الحكومة، في ظل مشاركة شخصية منتظمة من وزير الخارجية والرئيس وعملية صنع السياسات بشكل سري مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى أسلوب تفكير القطيع أو تفويت الفرص من خلال عدم ضم مجموعة موسّعة من الأصوات بالشكل الكافي. قد يكون ذلك مفهوماً عندما كان الطرفان يعقدان مفاوضات دبلوماسية حساسة وعندما كانت الولايات المتحدة في قلب العملية، لكنه لا معنى له الآن بالنظر إلى مكان الصراع ونوع الاستراتيجية التي تدعو إليها هذه الورقة. وعِوضاً عن ذلك، فإن المطلوب هو عملية مشتركة بين الوكالات تكون أكثر انتظاماً وشمولية وتجمع الوكالات الرئيسية في ظل سياسات وأدوات تتسم بالمساواة لإطلاقها في العملية. كما يجب أن يشمل أن يقوم مبعوث خاص لوزارة الخارجية بتنسيق وثيق مع مكتب شؤون الشرق الأدنى بإدارة التنفيذ اليومي للسياسة.
وستتطلب القضية قيادة ودعماً من المستويات العليا في حكومة الولايات المتحدة – والأهم من ذلك دعم الرئيس ووزير الخارجية. لكن متابعة جدول الأعمال الذي وضعناه لا يتطلب مشاركتهم اليومية في ذلك. لذلك فهذه العملية قابلة للتنفيذ حتى عندما يكون الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في مرتبة أقل على قائمة أولويات الرئيس عما كان عليه في الماضي.
التعامل مع التوجهات البديلة
عند تطوير مقاربتنا هذه، قمنا بفحص ثلاث استراتيجيات أخرى ممكنة لمعالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني:
(1) إدارة الصراع؛
(2) مقاربة “من الخارج إلى الداخل”، واعتبار التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية كعامل مساعد لإحراز تقدم في السلام الإسرائيلي الفلسطيني؛ و
(3) الابتعاد عن الالتزام بحل الدولتين.
ولكننا في نهاية الأمر وجدنا الاستراتيجيات الثلاثة ناقصة:
1- إدارة الصراع
يجادل بعض المحللين بأنه لا يوجد حل تفاوضي متاح بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الوقت الحالي، ولذلك يجب على الولايات المتحدة التركيز على قضايا أخرى والعمل ببساطة على إدارة الصراع ومنع اندلاع العنف.
ولكننا لا نتفق مع ذلك. الوضع الحالي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، غير مستقر – إنه وضع مترد كما هو موضح بالتفصيل في هذا التقرير. يتسبب هذا التردي في أضرار يومية، بما في ذلك العنف، للإسرائيليين والفلسطينيين الذين يعيشون مع الصراع، ويشكّل أيضاً السياق الذي ستمر به الحركة الوطنية الفلسطينية لخلافة قيادية عالية المخاطر في الفترة المقبلة. حيث يتم إجبار الفلسطينيين على التعايش مع الإهانات اليومية للاحتلال، بينما بالنسبة للإسرائيليين، يتسبب تكريس الاحتلال في تآكل القيم الديمقراطية والتعرض لاضطرابات سياسية داخلية عميقة. اشتملت إدارة الصراع على مدى العقد الماضي على ثلاث حروب كبرى وعدة صراعات طفيفة أخرى بين إسرائيل وحماس، حروب أودت بحياة الناس، وأدت إلى تدهور التنمية البشرية، ودمّرت البنية التحتية المادية، وأعاقت النمو الاقتصادي. ولكن الولايات المتحدة تستطيع ويجب عليها أن تفعل المزيد لتحسين نوعية الحياة للإسرائيليين والفلسطينيين الآن، مع خلق ظروف أكثر ملاءمة للدخول في مفاوضات في المستقبل.
2- من الخارج إلى الداخل
في الأشهر الأخيرة، تسببت اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان والمغرب في دفع العديد من المحللين إلى القول بأن الانفتاح الدبلوماسي بين دول الخليج العربي وإسرائيل قد قلب الديناميكية العربية الإسرائيلية ويتطلب مراجعة شاملة للدبلوماسية الأمريكية بخصوص الصراع. وهؤلاء المحللون يجادلون بأن على الولايات المتحدة أن تبتعد عن تركيزها التقليدي على إشراك الإسرائيليين والفلسطينيين والعمل بدلاً من ذلك مع المنطقة، وخاصة الخليج، للتأثير على الصراع وعلى الطرفين الرئيسيين.
يتضمّن هذا الرأي الإيحاء بأن العناد الفلسطيني هو العقبة الأساسية أمام التقدم الدبلوماسي، وأن الخليج العربي في وضع أفضل لتحقيق الاعتدال لوجهات النظر الفلسطينية. كما أن هذا يعني ضمناً أن ضخ الدعم الاقتصادي الخليجي العربي للشعب الفلسطيني يمكن أن يلعب دوراً مركزياً في التغلب على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويسوق الكثير ممن يقدمون هذا الرأي أيضاً اعتقادهم بأنه مع تزايد عزلة الفلسطينيين في ظل انسحاب الدول العربية بعيداً عنهم، فإنه لن يكون لديهم خيار سوى العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل وهم في موقف ضعيف.
وسيكون هذا الارتباط الجديد بين الدول العربية مع إسرائيل إيجابياً للمنطقة ولأمن إسرائيل وللمصالح الأمريكية. ويجب على الولايات المتحدة أن تستمر، كما فعلت منذ عقود، في الترحيب وتشجيع الحوار الرسمي وغير الرسمي بشكل أعمق ودعم البرامج التي تزيد التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني بين إسرائيل ودول الخليج.
ومع ذلك، فهناك عدد من الأسباب التي تدعو إلى الشك في أن تؤدي اتفاقيات التطبيع هذه إلى اختراقات كبيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فدول الخليج لا تنظر للقضية الفلسطينية كأولوية، وهذا بالضبط سبب تطبيعها مع إسرائيل. أما بالنسبة لعامة الجمهور الإسرائيلي وقيادته، فيرى هذه الاتفاقات على أنها وسيلة لتجاوز الفلسطينيين وليس وسيلة للعمل معهم. لقد عارض الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية بشدة اتفاقيات التطبيع هذه، مما قلل من احتمالية تأثير التطبيع على المواقف أو السياسات الفلسطينية. وأخيراً، فإن الانفتاح الدبلوماسي الخليجي على إسرائيل لن يتغلب على أو يتجاوز التحديات الجوهرية للسلام التي تظهر في الديناميكيات الإسرائيلية والفلسطينية والأمريكية الموضحة في الفصول التالية.
وبالنظر إلى هذه الحقائق، فإن تكريس سياسة الولايات المتحدة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في اتفاقيات التطبيع هذه قد لا يكون ذا جدوى. على أن الانخراط الخليجي العربي – الإسرائيلي قد يوفر، مع مرور الوقت، إمكانيات دبلوماسية جديدة لتحقيق هذا الهدف، ويجب أن تكون الحكومة الأمريكية على دراية كاملة بهذه الاحتمالات. كما يجب أن تشجع القيادةَ الفلسطينية على إصلاح علاقاتها مع بعض دول الخليج العربي. ويجب أن تشجع دول الخليج العربي، التي قد يكون لها الآن نفوذ أكبر في إسرائيل، على لعب دور بنّاء ودفع الأطراف نحو السلام. ومع ذلك، يبقى الواقع أنه لن يكون هناك حل للصراع دون مشاركة مباشرة وحلول وسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
3- الابتعاد عن الالتزام بحل الدولتين
إن الحكم الرئيسي، الذي يختلف عليه العديد من المحللين، هو ما إذا كان حل الدولتين لا يزال الوسيلة الأكثر فاعلية وقابلية للتطبيق من أجل إنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني سلمياً.
إن التغيرات الديموغرافية والإقليمية في الضفة الغربية، والانقسام السياسي بين غزة والضفة الغربية، وتعنت القادة وتضاؤل الدعم لحل الدولتين من الجانبين، واحتمال ضم أراضي بشكل أحادي الجانب من طرف إسرائيل، وإحجام إسرائيل عن الانسحاب من أي مستوطنات: هذه الأمور جميعها تثير تحديات كبيرة أمام تحقيق نتيجة تفاوضية بشأن قيام الدولتين وتشكل عقبات أمام إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة. ومع ذلك، فإننا نرى أن النتائج البديلة التي يمكن التفاوض عليها والتي كثيراً ما يتم الاستشهاد بها ليست أكثر واقعية أو ديمومة. وحل الدولتين أيضاً هو الحل المفهوم بشكل عام والذي يحتفظ المجتمع الدولي والمنطقة، بما في ذلك الإسرائيليون والفلسطينيون، حياله بدرجة معينة من التوافق.
هذا يقودنا إلى ثلاثة استنتاجات:
أولاً، ما زلنا نعتقد أن حل الدولتين يجب أن يظل الحل المفضل لسياسة الولايات المتحدة.
ثانياً، من الأهمية بمكان ألا يؤدي سعي الولايات المتحدة لتحقيق حل الدولتين في المستقبل إلى تأجيل اتخاذ خطوات من شأنها زيادة الحرية والازدهار والأمن لجميع من يعيشون بين البحر المتوسط ونهر الأردن في الوقت الحالي.
وأخيراً، فمع إدراك أن حل الدولتين قد لا يكون قابلاً للتحقيق، أو قد يصبح كذلك في المستقبل، فمن الحكمة أن تستكشف الحكومة الأمريكية العواقب المحتملة للسيناريوهات البديلة، وتتولى التخطيط للطوارئ لتلك السيناريوهات، وتدرس كذلك احتمالات عمل تعديلات على نموذج حل الدولتين كهدف تفاوضي، ووضع مبادئ واضحة لتوجيه سياسة الولايات المتحدة التي يمكن أن تتجاوز رؤية دولتين مستقلتين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام. ونعتقد على وجه الخصوص أن يكون واضحاً لدى صانعي السياسة الأمريكيين أن أي حل لهذا الصراع المستمر منذ قرن من الزمان يجب أن يوفر للإسرائيليين والفلسطينيين الحرية والديمقراطية والمساواة في الحقوق.
ملخص التوصيات
أ- معالجة القضايا المُلحّة التي تهدد أي إمكانية للتقدم
1- وضع المبادئ الأساسية: المفاوضات كأساس لحل النزاع؛ الحرية والأمن والازدهار للجميع الآن؛ ودعم حل الدولتين.
2- إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس وبعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
3- استئناف المساعدات الاقتصادية الثنائية للفلسطينيين والمساعدات من خلال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
4- التركيز على حرية التنقل والكهرباء والمياه في الأراضي الفلسطينية وخاصة غزة.
5- إصلاح نظام مدفوعات الأسرى الفلسطينيين.
6- ردع ضم وبناء المستوطنات من قِبل إسرائيل.
7- إعادة التأكيد على المعايير الأمريكية السابقة بشأن الحدود والأمن واللاجئين والقدس.
ب- متابعة الخطوات متوسطة المدى للحفاظ على قابلية بقاء الدولتين
1- توسيع الحقوق الفلسطينية وإتاحة سيطرة أكبر للفلسطينيين على المنطقتين (ج) و (ب) من الضفة الغربية.
2- دعم إصلاحات الحكم الفلسطيني؛ تمكين الوحدة الفلسطينية؛ وتشجيع الانتخابات الفلسطينية.
3- تجميد أو عكس النشاط الاستيطاني من خلال مجموعة من الخيارات، بما في ذلك:
إنهاء ممارسة حماية إسرائيل من العواقب الدولية؛
متابعة تجميد جزئي للاستيطان محدد بوضوح؛ أو اقتراح خريطة من الولايات المتحدة واستخدامها كنقطة انطلاق لسياسة الولايات المتحدة بشأن المستوطنات.
4- تهيئة الدعم الإسرائيلي والفلسطيني للمفاوضات والتعايش من خلال الدبلوماسية القوية، والجهود الشعبية، والبرامج لمعالجة التحريض من كلا الطرفين، ودعم حوارات المسار الثاني.
جـ- إعادة تشكيل دور الولايات المتحدة.
1- متابعة المشاركة المرنة مع الجهات الدولية الفاعلة الأخرى بدلاً من السعي لاحتكار عمل الدبلوماسية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي.
2- تعزيز التواصل مع الأردن وتسخير العلاقات الدافئة بين إسرائيل ودول الخليج العربي لتعزيز التعاون الإيجابي مع العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية.
3- تجذير عملية صنع السياسة الإسرائيلية الفلسطينية في إطار عملية شاملة مشتركة بين الوكالات بدلاً من تركيز العمل على القضية على مستوى وزير الخارجية والرئاسة.
4- متابعة الولايات المتحدة للتخطيط الداخلي الجاد للطوارئ الخاصة بالبدائل أو التعديلات المقترحة على نموذج حل الدولتين.