هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تعيش المعلمة والمرابطة المقدسية خديجة خويص منذ عدة أشهر في ظروف معقدة فرضها الاحتلال عليها، ولكن مؤسسة التأمين الإسرائيلية زادت الأمور تعقيدا بمشاركتها أذرع الاحتلال في فرض الظروف القاسية عليها.
منذ شهر أيلول/ سبتمبر الماضي تعيش خويص مع أطفالها في القدس المحتلة بينما يعيش زوجها في الضفة الغربية دون أي نقطة التقاء بينهما، وذلك بسبب قيام الاحتلال بمنعها من السكن في الضفة ومنعه من دخول القدس.
أما دور مؤسسة "التأمين الوطني" الإسرائيلية في القدس فكان من خلال الضغط عليها عبر قطع المخصصات والمستحقات اللازمة التي تمكّنها من تدبر أمورها، ولكن الاحتلال حرص على عدم تلقيها أي منها.
وتقول خويص لـ"عربي٢١" إنه خلال اعتقالها الأخير قامت قوات الاحتلال بمداهمة بيتها الكائن في بلدة الطور/جبل الزيتون شرقي مدينة القدس، واعتقلت زوجها وعرضته على المحكمة وكان القرار بمنعه من دخول مدينة القدس نهائيا، وإبعاده إلى منطقة الضفة الغربية، مع التوقيع على سجن لمدة عامٍ كامل و١٠ آلاف شيكل غرامة مالية إذا دخل القدس.
وأشارت إلى أن مؤسسة التأمين وبالتزامن مع ذلك قطعت عنها الخدمات الصحيّة لها ولأبنائها الخمسة، وقطعت عنها مخصصات الأطفال كذلك منذ ما يزيد عن عامين ونصف بحجّة أنها لا تسكن بمدينة القدس.
وأوضحت أن الاحتلال ومخابراته على يقين أنها تسكن بالقدس، إذ داهمت بيتها في بلدة الطور في العامين ٢٠١٦ والعام ٢٠١٧ عدة مرات؛ ففي العام ٢٠١٦ داهمته ثلاث مرات؛ إحداها لتفتيش البيت، ومرّة لاستدعاء بناتها للتحقيق ومرة لاعتقال زوجها، وكذلك فعلت في اعتقالها الأخير عام ٢٠١٧، فقد داهمته ثلاث مرات لنفس الغايات، ممّا يثبت بشكل قاطع سكنها في القدس، وكذلك امتلاكها الأوراق الثبوتية من عقود الإيجار وفواتير الماء والكهرباء والهاتف والأرنونا لأكثر من ١٥ عاما، وهذا يثبت أنّ قطع التأمين الصحيّ ومخصصات الأطفال إنّما هو بقرارٍ سياسي للضغط عليها ومنعها من الاستمرار في دعم القدس والأقصى.
وأضافت: "ساومني المحقق بإعادة حقوقي المسلوبة مقابل تغيير الطريق؛ ولكنني بالطبع رفضت"، في إشارة إلى نشاطها مع المرابطات بالأقصى.
وتابعت: "أعلم يقيناً أنّني اخترتُ هذا الطريق مع الاستعداد التّام لتحمُّلِ التضحيات في سبيله، والتبعات المترتبة عليه، في نفس الوقت عليّ ألا أقف مكتوفة اليدين أمام تعسّف سلطات الاحتلال وأن أسعى للحفاظ على بيتي وحقوقي التي يكفلها لي القانون".
بنك معلومات
ويؤكد المقدسيون أن مؤسسة التأمين تتعامل بازدواجية في المعايير؛ حيث تتعمد المماطلة في تسهيل معاملاتهم وتجبرهم على الوقوف لساعات طويلة خارج مكاتبها في الحر والبرد دون أي جهد إضافي لتسهيل ذلك، كما أنها تتعمد تأخير المعاملات لأشهر طويلة؛ علاوة على كونها مؤسسة تساعد الاحتلال في طرد الفلسطينيين من القدس.
الناشط والباحث المقدسي ناصر الهدمي أكد أن مؤسسة التأمين في القدس هي ذراع من أذرع الاحتلال والتي تساعده في تنفيذ سياساته التهويدية في المدينة وتهجير المقدسيين منها؛ عبر كونها بنك معلومات تزود مؤسسات الاحتلال كوزارة الداخلية مثلا بمعلومات حول حياة المقدسيين وقيامهم بتنفيذ القوانين العنصرية التي سنها الكنيست الإسرائيلي للعمل على تهجير المقدسيين وعلى رأسها ما يسمى بقانون مركز الحياة.
وقال لـ"عربي٢١" إن "مؤسسة التأمين تعمل تحت غطاء الرفاه الاجتماعي والحرص على رفاه المواطنين من أجل حياة أفضل؛ ولكنها في الحقيقة تجمع معلومات عبر محققين عن حياة المقدسيين من خلال تقارير تعبّر على أن المواطن الفلاني يدعي أنه يعيش في القدس ولكنه لا يعيش هناك؛ وتقدم الإثباتات وتكون هناك زيارة للموظف لمنازل الفلسطينيين ويتنقل عبر الأحياء للتأكد من ذلك".
وأشار إلى أن "داخلية الاحتلال تقوم عبر مؤسسة التأمين بطلب وثائق من المواطن ليثبت أن مركز حياته في مدينة القدس؛ وهذا المصطلح يعني أن على المقدسي أن يوفر وثائق تثبت أنه يعيش في القدس وأن عليه أن يوفر عقد إيجار أو عقد ملكية بيت؛ وكذلك وثيقة ضريبة مسقفات المسماة بضريبة "الأرنونا" لعقار عنوانه ضمن إطار مدينة القدس، وكذلك فواتير كهرباء وماء وهاتف".
وأوضح أن كل هذه الأوراق الثبوتية تطلبها سلطات الاحتلال عبر مؤسسة التأمين وعبر وزارة الداخلية لأجل أن يحصل المقدسي على تجديد بطاقة هوية أو الحصول على أوراق ثبوتية لأبنائه أو وثيقة سفر للسفر عبر مطار اللد المحتل.
وأضاف: "هذه المؤسسة تشكل بنك معلومات لمؤسسات الاحتلال التي تعمل على تهجير المقدسيين وتقليل أعدادهم؛ وعبّر قيادات الاحتلال عن استراتيجية لديهم أن المقدسيين يجب ألا يتجاوز عددهم نسبة معينة ضمن خطة القدس ٢٠٢٠؛ حيث كان الطموح ألا تتجاوز نسبتهم ١٣-١٦٪ لكن بفضل الله وصمود المقدسيين ما زالت نسبتهم ٣٨-٤٠٪ في شطري المدينة وهذا إنجاز استطاعوا القيام به عبر مواجهة سياسات الاحتلال التهويدية في القدس".
وعلاوة على ذلك تنتهج مؤسسة التأمين الإسرائيلية سياسة عنصرية في التعامل مع المقدسيين، فيقول الهدمي إنه في القسم الشرقي من القدس ليست هناك مكاتب تتناسب مع عدد السكان ومساعدتهم وتقديم الخدمات لهم كما هو الحال في القسم الغربي الذي يحتله المستوطنون.
وأوضح أن القسم الشرقي فيه فقط أربعة مكاتب لما يقارب ٤٥٠ ألف مواطن، بينما في القسم الغربي يوجد ٢٠ مكتبا للمؤسسة لخدمة المستوطنين الذين هم بنفس العدد تقريبا.
وتابع: "العنصرية في توزيع المكاتب والتقصير في خدمة المجتمع العربي والمماطلة في معاملات المقدسيين لأشهر طويلة الهدف منه ليس خدمة المجتمع المقدسي بل لجمع المعلومات وتقديمها للمؤسسات الأخرى للمساعدة في تهجير المقدسيين".