هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتسب الانهيارات الجليدية في منطقة
الهملايا في الهند بفيضانات أودت بحياة العديد هناك، مع تعدد الأسباب لذلك، منها
الطبيعية ومنها البشرية.
لكن أجيالا هناك تعتقد أن معدات نووية
مدفونة تحت الجليد بين الصخور في الجبال العالية، هي السبب في ما يحدث لهم، ويغذي
ذلك روايات عن متسلقين أجانب جاؤوا بمعدات فقدوها تحت الثلج ولا يعلم مصيرها إلى
اليوم.
والقصة عن محاولات هندية أمريكية لزرع
معدات تجسس نووية زرعت هناك للتجسس على الصين، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية
"بي بي سي".
وقبل وقت طويل من الفيضان المدمر الذي
ضرب أحد الوديان الهندية النائية في الهملايا في وقت سابق من الشهر الجاري، كان
كوندان سينغ رانا يعلم أن أعمال البناء في هذه المنطقة الحساسة ستتسبب ذات يوم
بكارثة.
وقال رانا لوكالة فرانس برس في قريته
المطلة على مجمع محطة الطاقة الكهرومائية التي دمرها ما يعتقد أنه انهيار جليدي في
7 شباط/فبراير: "الأنهار والجبال والأشجار مثل آلهتنا وأي تدنيس يطالها ستكون
له عواقب".
وأضاف هذا المزارع البالغ من العمر 43
عاما: "نهر ريشي غانغا وجبالنا شوّههما الجشع البشري بشكل لا يمكن إصلاحه. هذا
الفيضان هو انتقام الله".
قد لا يشارك العلماء إيمانه بالعقاب الإلهي،
لكنهم اتفقوا على أن اللوم في هذه الكارثة الأخيرة التي أودت بحياة 60 شخصا وتركت
150 آخرين في عداد المفقودين، يُلقى إلى حد كبير على النشاط البشري.
فقد تسبب النشاط البشري بتقلص الأنهار
الجليدية في جبال الهملايا، وهي واحدة من بين أكثر المناطق تضررا بظاهرة تغير
المناخ. وأبدى الخبراء اعتقادهم أن الكارثة الأخيرة نتجت عن انهيار كتلة جليدية
يزيد طولها عن كيلومتر ونصف كيلومتر ويبلغ عرضها 300 متر وقد جرفت خلال انهيارها
جزءا من الصخور التي كانت متصلة بها.
وأدى ذلك إلى سد نهر صغير في أعالي
الجبال إلى أن اندفعت المياه بسرعة وضغط هائلين. وتسبب هذا الطوفان الذي حمل معه
المياه والصخور بجرف منازل وطرق وجسور بالإضافة إلى حوالي 200 شخص لم يعثر على
الكثير منهم بعد أسبوعين تقريبا من الحادث.
اقرأ أيضا: صراع محموم بين الهند والصين على النفوذ في أفغانستان
وروى ه.سي. ناينوال أحد علماء الأنهار
الجليدية الذين تفقدوا الموقع لوكالة فرانس برس أن الكارثة الأخيرة "هي أحد
تداعيات ظاهرة تغير المناخ وهي بمثابة تحذير لما قد يحصل في المستقبل".
في جبال الهملايا الهندية، ينحسر حوالي 10 آلاف نهر جليدي بمعدل 30 إلى 60 مترا كل عقد. ويمكن أن تشكل المياه الناتجة عن
ذوبان الأنهر بحيرات جليدية قد تنفجر بعد ذلك ضفافها بشكل خطير ومدمر.
لكن ذوبان الجليد ليس السبب الوحيد
الذي يجعل المنطقة عرضة للخطر، بل ثمة عنصر آخر يتمثل في عمليات التفجير
بالديناميت التي تستخدم في الأعمال التنموية في كل وديان أوتاراخند. وبعض تلك
العمليات مرتبط بإنشاء طرق جديدة من أجل تعزيز الحدود المتنازع عليها مع الصين
بعد الاشتباك العام الماضي الذي أسفر عن مقتل 20 جنديا هنديا.
ويضاف ذلك إلى بناء طريق سريع بطول 800
كيلومتر لربط أربعة مواقع دينية، وهو مشروع يريد تنفيذه رئيس الوزراء الهندوسي
ناريندرا مودي بشدة.
لكن المشكلة الأكبر هي بناء محطات
للطاقة الكهرومائية عبر الشبكة الواسعة لأنهار الهملايا، وهي جزء من حملة الهند
لتعزيز الطاقة المتجددة وفقا لالتزاماتها في اتفاق باريس للمناخ.
وأكثر من 75 من هذه المحطات هي قيد
التشغيل في أوتاراخند ويتم التخطيط لعشرات المحطات الأخرى، يعتقد الخبراء أن العديد
منها لا تأخذ في الاعتبار الأخطار المحتملة.
ولاحظ الخبراء أن هذه المشاريع تزيد من
احتمال حدوث فيضانات مدمرة أخرى، فيما ترفع أيضا خطر الانهيارات الأرضية.
وكانت الأخطار جليّة في العام 2013
عندما دمّر فيضان منطقة في أوتاراخند وأودى بحياة 6000 شخص.
وعقب ذلك الحادث، عينت المحكمة العليا
في الهند لجنة علمية أوصت بعدم إنشاء المزيد من محطات الطاقة الكهرومائية في
المنطقة، وهي نصيحة تجاهلتها الحكومات المتعاقبة.
وأكد سكان محليون في هذه المنطقة التي
شهدت حملة شهيرة في السبعينات لحماية الأشجار، أنهم لم يروا أيا من الفوائد
الاقتصادية الموعودة للتنمية وأن مخاوفهم لم تلق آذانا صاغية.
في العام 2019، أطلقوا حملة وقدموا
التماسات إلى المحكمة بشأن التعدين غير القانوني للرمال وإلقاء الوحل في نهر ريشي
غانغا الذي قالوا إنه يزيد خطر حدوث انهيارات أرضية وفيضانات.
لكن إزالة الغابات مستمرة من أجل إنشاء
مشاريع للبنية التحتية وتعدين الرمال وأعمال استخراج الحجارة. وقال سوريندر سينغ
(55 عاما) لوكالة فرانس برس: "كنا نثق في الحكومة ونعتقد أنها تعمل من أجل
تحسين نمط حياتنا لكن الأمر ليس كذلك". وأضاف: "لكننا الآن سنقاتل بكل
قوتنا ضد أي طريق أو سد يهدد حياتنا وجبالنا".