هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا عن العلاقات العراقية – الإيرانية، أشارت فيه إلى مساعي رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للحد من نفوذ إيران ومليشياتها في بلاده.
ونقلت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، عن ضابط بالجيش العراقي وصف وجود يافطة تمجد الجنرال قاسم سليماني، تطل على المنطقة الإدارية في بغداد "المنطقة الخضراء" بأنها "لطخة لسيادة العراق".
وأشارت إلى أنه ومع أن الكثير من العراقيين رحبوا بسليماني الذي عبأ وحشد القوات المحلية للقتال ضد "تنظيم الدولة"، لكن المشاعر تغيرت، وباتت الجماهير العراقية التي رحبت بإيران كمحررة، تنظر إليها كقوة محتلة. ويحاول الساسة العراقيون تخفيف قبضتها على البلاد.
ولا تزال الكثير من المليشيات التي تدعمها إيران تسيطر على مساحات من العراق ويتهم بعضها بالمشاركة في قمع الانتفاضة الشعبية في 2019، ولكنها خففت من ظهورها في الفترة الماضية.
ورأت أنه بعد اغتيال سليماني وأبو مهدي المهندس، وبدون تسلسل قيادي يجمعهما فقد بدأت هذه المليشيات بالتشرذم، وكان من المتوقع إظهار القوة في الذكرى الأولى على مقتل القائدين.
وتظاهر الآلاف في بغداد وتم عرض صورة حطام السيارة التي قتل فيها سليماني والمهندس لكن بدون هجمات انتقامية ضد أهداف أمريكية، بحسب المجلة.
اقرأ أيضا: مليشيا تستعرض ببغداد وتدوس صورة الكاظمي.. والأخير يعلق
وتضيف المجلة أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ليس كرة يمكن للإيرانيين اللعب بها، وعلى خلاف أسلافه من رؤساء الوزراء لم يأت الكاظمي من حزب قريب لإيران.
ومنذ توليه الحكم في أيار/ مايو قام بتطبيق العقوبات الأمريكية التي تمنع حصول طهران على مليارات الدولارات مقابل وارداتها إلى العراق، مما أدى بعلي شمخاني، رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني لدعوة المسؤولين العراقيين إلى طهران ولعنهم بسبب عدم تحويل الأموال، كما ذكرت المجلة.
وأزعج رئيس الوزراء المليشيات عبر فرض سيطرة الدولة على معابر حدودية وعزل عدد من رجالها من مناصب أمنية. وبناء على طلب منه سيرسل حلف الناتو 3 آلاف و500 من القوات.
وتقول ماريا فانتبابي، من مركز الحوار الإنساني، وهي جماعة حل نزاعات مقرها في جنيف: "هذه الجماعات (المدعومة من إيران) تشعر بأنها مهددة بشكل خطير".
وتبدو حالة انعدام الثقة بين الكاظمي، مدير المخابرات السابق وأعدائه لأنهم يتهمونه بإرسال معلومات عن مكان سليماني إلى الأمريكيين ومساعدتهم في اغتياله.
وقام مسلحون باغتيال مقربين للكاظمي وأجبروا عددا من مستشاريه على الخروج إلى المنفى، وقامت مجموعة تطلق على نفسها كتائب حزب الله، ولها روابط مع إيران بمحاصرة مقر إقامته بالشاحنات الصغيرة والمسلحين في حزيران/ يونيو عندما حاول اعتقال عناصر يتهمون بقتل المتظاهرين. وقال مراقب: "كان محظوظا أنه نجا بدون أي أذى".
وذكرت المجلة، أنه منذ ذلك الوقت ابتعد الكاظمي عن المواجهة المفتوحة مع المليشيات، فحكومته تحتوي على وزراء من جماعات مؤيدة لإيران التي تحاول زيادة أعدادها، وهي بالآلاف وتتلقى رواتبها من الحكومة. ويذكر مسؤول عراقي رئيس الوزراء وهو يتحدث متذمرا: "إن لم تدفع إليهم فسيضربون الأمريكيين".
ولكنهم يفعلون ذلك في بعض الأحيان، فقد قاموا بتوجيه ضربات للأمريكيين وحلفائهم مرتين هذا العام. كما استهدفوا السعودية. ففي كانون الثاني/ يناير انفجرت طائرة مسيرة محملة بالمتفجرات في قصر ملكي بالعاصمة الرياض. وقال مسؤولون عراقيون إن المسلحين يحتشدون قرب الحدود العراقية ولديهم 1400 صاروخ.
ولو مارس الكاظمي الضغط، فإنه قد يجبر إيران على تنفيذ ردود انتقامية، ذلك أنها توفر الكهرباء والغاز لبغداد ومعظم المدن العراقية. ولو قطعت إيران إمدادات الكهرباء خلال الصيف، فإنها قد تدفع باحتجاجات جديدة.
وعبّر الضابط العراقي الذي انزعج من اللوحات الإعلانية عن مخاوفه من أن الكاظمي إن مزق صور سليماني، فإنه قد يدفع إيران للسيطرة على جنوب العراق.
اقرأ أيضا: ما فرص نجاح دعوة الكاظمي للحوار الوطني في العراق؟
ويعتقد مستشارو رئيس الوزراء أن معظم العراقيين يؤيدون خطوات الكاظمي للحد من نفوذ إيران، مع أن من صوتوا في الانتخابات السابقة كانوا من مؤيدي إيران، وظل الخائفون منها في بيوتهم.
وهناك انتخابات متوقعة في تشرين الأول/أكتوبر، ولو قام رئيس الوزراء ومن حوله بعمل جيد وتحضير وأرسلت الأمم المتحدة مراقبين للتأكد من نزاهة الانتخابات فإن الخريطة السياسية قد تتغير بطريقة تسهل من عمل الكاظمي للحد من نفوذ إيران.
وفي الوقت الحالي دعا الكاظمي إلى حوار وطني، يضم جماعات فرضت عليها أمريكا عقوبات، ويبدو أن الحوار أفضل من مواجهة سيخسرها رئيس الوزراء.