هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تثير هجمات جماعة الحوثي في اليمن، داخل عمق المملكة العربية السعودية، القلق حول قدرات الجماعة العسكرية ونموها المتزايد بعد 6 سنوات من الحرب.
وشهدت ترسانة "الحوثي" من الطائرات المسيرة تطورا، وفقا لخبراء ومتابعين للشأن اليمني، خاصة ما يتعلق بكمية المتفجرات التي تحملها، والمسافات التي تقطعها، ودقة إصابة أهدافها، وقدرتها على ضرب أهداف مدنية وعسكرية في العمق السعودي، دون رصدها.
فيما تفتح العمليات المتكررة للحوثيين على منشآت إنتاج النفط في السعودية، إما بصواريخ باليستية أو عبر طائرات من دون طيار، الباب واسعا أمام تساؤلات عدة حول حجم الترسانة الجماعة، والجهات التي تزودهم بها.
وقبل أيام من حلول الذكرى السادسة للحرب، أقام الحوثيون معرضا للصناعات العسكرية في صنعاء، في محاولة لإرسال رسائل مفادها أن " ترسانتها العسكرية في تطور مستمر"، يوازي ذلك التعهد بتوجيه ضربات قاسية، في العام السابع من الحرب.
وبدا الحوثيون فخورين جدا لدى عرضهم في وقت سابق هذا الشهر نماذج من ترسانتهم، ودخولهم العام السابع بصواريخ وطائرات غير مأهولة، قادرة على ضرب أهداف عسكرية واقتصادية داخل العمق السعودي، دون رصدها.
وأقيم المعرض في قاعة لم يحدد مكانها لأسباب أمنية، فيما أظهرت تسجيلات مصوّرة وزّعها الإعلام العسكري التابع لها مجسمات متعددة لطائرات من دون طيّار، وصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى، وأحدث هذه الأسلحة "صماد 4" و"وعيد"، وهما طائرتان مسيّرتان، برأس متفجّر قادرة على التحليق لمسافة تتجاوز ألفي كيلومتر.
اقرأ أيضا: الجيش اليمني يعلن صد هجوم حوثي على مأرب (شاهد)
ووفقا للإعلام التابع للحوثيين، فإن الطائرتين تمتازان بمدى قياسي يصل إلى نحو 2500 كيلومتر.
وفيما تحمل "صمّاد 4" قنبلتين يصل وزن الواحدة منها إلى 25 كيلوغراما، تحمل "وعيد" عدة رؤوس متفجرة حسب نوع الهدف.
وأما الصواريخ، فتتنوع بين متوسطة المدى وطويلة، وأبرزها "قدس 2 المجنح"، و"سعير"، و"قاصم 2".
وكشف الإعلام العسكري التابع للحوثيين عن ألغام بحرية جديدة، من طراز "كرار 2، وعاصف 4، وشواظ، وثاقب، وأويس، ومجاهد، والنازعات"، في مؤشر عن نية الجماعة شن هجمات بحرية ضد السعودية.
"تطور تكتيكي"
وفي هذا السياق، يرى الخبير اليمني في الشؤون الأمنية والعسكرية، علي الذهب، أن القدرات الحوثية العسكرية في تطور، وذلك في مجالات معينة، وهي الصواريخ الباليستية، والطائرة غير المأهولة (من دون طيار).
وقال في حديث خاص لـ"عربي21": "هذا التطور، فرضته عدة عوامل، منها التفوق والسيادة الجوية لدى الطرف الآخر"، في إشارة إلى التحالف السعودي الإماراتي.
أما العامل الثاني، فيكمن في "حاجة الحوثيين لسلاح استراتيجي يفرض إرادتهم السياسية، وهذا ما حدث، عندما وُجه صوب السعودية وآتى ثماره"، متابعا بالقول: وما اقتراب الرياض من الحوار مع الحوثي إلا نتيجة ما تحقق من أثر اجتماعي وعسكري واقتصادي، بفعل تلك الهجمات التي تعرضت لها المملكة.
وأضاف الخبير الذهب أن ذلك التطور ليس تقنيا بكل ما تعنيه الكلمة، لكنه تحديث وتعويض لمنظومة الطيران والدفاع الجوي التي خرجت عن الجاهزية في الأيام الأولى من الحرب.
وبحسب المتحدث ذاته، فإن تقنية الطائرات غير المأهولة (من دون طيار) والصواريخ، هي بسيطة، خاصة الأولى، لأنها صغيرة يمكن الحصول عليها عبر التهريب، إما عبر قطع متعددة، أو تهريب محركاتها والاشتغال على القطع المكملة داخل البلد.
واستدل الخبير اليمني بما ورد في تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للأمم المتحدة الصادر في يناير/ كانون الثاني 2021، مؤكدا أن هذه الطائرات ليست مكلفة، ولا يمكن القول إنها صناعة محلية، بل يمكن اعتبارها "صواريخ مجنحة"، فضلا عن كونها ليست حديثة، كتلك التي تصنعها دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وتركيا وإيران الداعمة للحوثيين.
أما بالنسبة للصواريخ، وفق الخبير اليمني في الشؤون العسكرية، فمنها ما جرى تحديثها داخل اليمن بطريقة أو بأخرى، فما كان أرض- جو تحول إلى أرض- أرض، وما كان قصير المدى تكتيكيا تحول إلى متوسط المدى، بعدما خفف رأسه المتفجر، وإجراء تعديلات بسيطة لإطالة مداه، بينما قوته التفجيرية محدودة.
واستدرك قائلا: "لكنه غير ذي جدوى، كما حدث في مطار الرياض، الذي خلف أضرارا طفيفة، في مقابل صدى إعلامي وتأثير نفسي داخل المملكة، وهو ما تسعى له الجماعة".
وأشار الخبير اليمني علي الذهب إلى أن هناك تحديثا لسلاح القناصات، لكنه يقتصر على "هيكل القناصة"، وليس في القطع الأصلية لها، حيث أضيفت لها مناظير وقطع غيار، بعضها تم تجميعها.
وذكر أن الحوثيين يستخدمون الجانب الإعلامي للتضخيم بشكل كبير، بالاستناد على خبرات لبنانية وإيرانية وعراقية، وإظهار أنهم قوة قادرة على الإنتاج في ظروف الحرب الصعبة.
في الجانب البشري، يوضح الذهب أن الحركة الحوثية لا تمتلك كفاءات مقاتلة، بقدر ما هناك جماعات مقاتلة، يتم تعبئتها فكريا وعقديا في دورات تأهيلية تغسل فيها أدمغة الشباب، وعادة ما يختاروا القاصرين، لافتا إلى أن من يتم تدريبهم لمدة قد تصل إلى شهر، يتم الدفع بهم إلى المعارك مع القوات الحكومية، فمنهم من يعود، ومنهم لا يعود.
وأكد الخبير اليمني الاستراتيجي أن هناك تطورا في الجانب التكتيكي للحوثيين، بفعل الاستفادة من الخبرات والتجارب التي يتمتع بها "حزب الله" اللبناني والإيرانيين في الأعمال الهندسية، وحقول الألغام البحرية، وفي الخداع والحرب الإلكترونية.
وأستطرد: الحوثيون تطوروا في الجوانب التكتيكية للقتال، يتجلى ذلك في أن القوات الحكومية تواجه صعوبة في دخول واقتحام المناطق التي كانت تحت سيطرة مسلحي الجماعة، أو تطهيرها من الأعمال الهندسية (شبكات الألغام والعبوات) التي تعوق تقدم تلك القوات.
ويعتقد الخبير العسكري اليمني أن الحاضنة الاجتماعية الزيدية، ومناطق الكثافة السكانية المرتفعة التي يسيطرون عليها، أعطتهم إمكانية الحشد، وتعويض خسائرها البشرية في المعارك مع قوات الجيش التابع للحكومة اليمنية.
وزاد بالقول: "استقلال قرار الحوثيين السياسي والعسكري، ووحدة وترابط الجغرافيا، إضافة إلى سطوتهم الأمنية، ضمنت لهم إمكانية حشد المقاتلين إلى الجبهات".
اقرأ أيضا: إيكونوميست: السعودية تبحث عن طريق للخروج من حرب اليمن
وقال إن مجلس التلاحم القبلي لعب دورا كبيرا في تقوية المُلاك البشري، والتحكم بمصادر القوى البشرية لدعم معاركهم، بخلاف المناطق الأخرى (الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها) التي تواجه تصدعات وانشقاقات وتكتلات مليشياوية.
وفيما يتعلق بالمعدات العسكرية الثقيلة، يؤكد الخبير الأمني والعسكري، أن الجماعة الحوثية قامت بصناعة بعض عربات نقل الأفراد، وهي "مركبة رباعية الدفع، تم تدريعها، وبالتالي استخدامها في نقل الأفراد فقط".
"تراجع وتطور نوعي"
من جهته، قال الباحث اليمني في الشؤون الخليجية والإيرانية، عدنان هاشم، إن قدرات الحوثيين العسكرية تراجعت خلال سنوات الحرب.
وأكد في حديث خاص لـ"عربي21" أن أبرز ما يشير على ذلك هو أنه في السابق، امتلك الحوثيون سلاح الجيش اليمني، وهي ترسانة ضخمة، إلا أنهم يقومون حاليا بتحويل سيارات رباعية الدفع لتكون آليات جديدة"، مضيفا أن هذا تأكيد على تراجع قدرات الجماعة عسكريا.
وأشار هاشم إلى أن الحوثيين قاموا ببناء ورش عمل لتصنيع الذخيرة، في الوقت نفسه، يعتمدون على الذخيرة والآليات المهربة من الخارج لاستمرار القِتال.
وبحسب الباحث هاشم، فإن معظم القوة العسكرية المُدربة هلكت خلال الحرب، بمن فيهم قادة في الجماعة كانوا في الحروب الست (2004-2010)، لذلك يعتمد على التجنيد السريع، وعادة ما تتضمن مئات الأطفال.
ورأى الباحث في الشؤون الخليجية والإيرانية أن التطور الذي أحدثته الجماعة كان في السلاح النوعي "الصواريخ الباليستية وطائرات دون طيار، وهي تكنولوجيا سلاح إيرانية بالتأكيد".
وأضاف :"ومع كونها كذلك، لكنها مؤثرة، وتسبب صداعا للقادة العسكريين اليمنيين والسعوديين".
فيما يلفت إلى أن "الاعتماد الذاتي، ومحاولات التصنيع المحلي، والأسلحة المهربة والتكنولوجيا الإيرانية، هي العوامل التي تنقذ الحوثيين من الاستنزاف"، وفق تعبيره.
وكثف الحوثيون، في الأسابيع الماضية، إطلاق الصواريخ الباليستية والمقذوفات والمسيرات على مناطق سعودية، وسط إعلانات متكررة من التحالف عن تدميرها، واتهام الجماعة بأنها مدعومة بتلك الأسلحة من إيران.
وتدخل الحرب في اليمن عامها السابع، بهدف إنهاء انقلاب الحوثيين على الرئيس عبدربه منصور هادي المقيم حاليا في الرياض، إلا أن السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم شرعية هادي، لم تحقق الأهداف المرجوة منها، بل عمقت الأزمة في البلاد، بحسب تقارير محلية ودولية.