الذاكرة السياسية

جار الله عمر: أطالب بفصل القبيلة عن الدولة في اليمن

جار الله عمر: القبلية في اليمن أصبحت دولة منذ ألفي سنة (عربي21)
جار الله عمر: القبلية في اليمن أصبحت دولة منذ ألفي سنة (عربي21)

لم تفهم معارضتنا للمشايخ في اليمن بطريقة صحيحة. القبلية في بلادنا ليست بدوية، هي مزيج من الفلاح والمواطن الذي يحتفظ بشيء من قيم القبلية وهذه ليست كلها سيئة، تنطوي على بعض الإيجابيات مثل الشهامة ونصرة الملهوف والكرم والتضامن مع من يصاب بأذى، إلخ. القبلية في اليمن أصبحت دولة منذ ألفي سنة، تبني السدود وقنوات الري، وهنا لا بد من التفريق بين القبيلة والقبلية (المقصود نظام القبلية). أنا ضد إعادة إنتاج المفاهيم القبلية وفرضها على الدولة، وأطالب بالفصل التام بين الدولة والقبلية.

وحتى لا يبقى هذا الكلام نظريا أقول؛ إن الشيخ راجح بن لبوزة (مفجر الثورة ضد الاستعمار البريطاني في 14 تشرين الأول / أكتوبر 1963)، مناضل كبير في اليمن ولدينا في المكتب السياسي للحزب الاشتراكي شيخ معروف هو يحيى منصور أبو إصبع، ويقوم بدور عظيم في البرلمان، وهو شيخ بكيلي من مدينة جبلة، ولدينا مشايخ من عائلة دماج أدوا أدوارا مهمة. 

ولا أتنكر لدور الشيخ عبدالله الأحمر في مدينة "خَمرْ" ومجاهد أبو شوارب في مدينة "حَجّةْ "خلال الثورة اليمنية. أدى الشيخان دورا في رفع الحصار عن العاصمة من جهة المناطق الشمالية، وقد جرح الشيخ عبدالله في صنعاء خلال معارك فك الحصار عن المدينة.

للشيخ مجاهد أبو شوارب علاقات متينة مع القوى السياسية الحديثة وبخاصة حزب البعث. ولا ينكر الشيخ عبدالله الأحمر حرصه على تعزيز دور شيوخ القبائل في اليمن، وهو يتميز بالوضوح والصراحة في خصومته وصداقته. أعرف تشدده القوي ضد الحزب الاشتراكي، لكن هذا التشدد ما عاد مبررا، بل يعيق الحوار والتفاهم (كان هذا التصريح قبل تأسيس اللقاء المشترك بين الاشتراكي والتجمع اليمني للإصلاح، الذي يقوده الأحمر والناصريون وأحزاب معارضة أخرى). علاقتي قوية مع مجاهد أبو شوارب، ولن أنسى وقوفه معي في الأوقات الصعبة.  

الشيخ سنان أبو اللحوم من أذكى الشخصيات القبلية في اليمن. اختلفنا معه سياسيا عندما كان محافظا للحديدة، لكنه استطاع أن يتجاوز تلك المرحلة وأن يدافع عن القوى السياسية الحديثة في الكثير من المراحل، كما استثمر بعض أمواله في التعليم وإقامة المنشآت التربوية، وكان دوره ممتازا مع مجاهد أبو شوارب في محاولة منع الحرب عام 1994. أدّيا دورا عظيما سيسجله التاريخ، ويجب ألا يندما على ذلك أو يخجلا منه، وإن كان علي أن أفضل، فأنا أقرب إلى الشيخ سنان من الشيخ عبدالله. (كان هذا الكلام موجها للمشايخ الثلاثة الذين غابوا بعد اغتيال جارالله عمر في 28 كانون الأول / ديسمبر عام 2002.  فقد توفي مجاهد أبو شوارب في حادث سيارة في 17 تشرين الثاني / نوفمبر عام 2004 وتوفي الشيخ عبدالله الأحمر إثر مرض عضال في 28 كانون الأول / ديسمبر عام 2007، وغاب الشيخ سنان أبو لحوم في 9 كانون الثاني / يناير 2021)

لا أحب الحديث عن نفسي وما دمت تصر فسأفعل مضطرا. 

حول ماركسيتي، لا أستطيع أن أقول إنني ماركسي؛ لأن ماركس لم يكن يوما ماركسيا. كان يغير آراءه وتفكيره باستمرار. لو عاش حتى هذا العصر لربما بدّل أشياء كثيرة، وأنا معه، إذ يقول؛ إن الأيديولوجيا هي مجموعة من الأوهام والتصورات. أنا ضد التفكير السلفي باسم التقدمية والدين والقومية. لا أنفي تأثري بالماركسية كمنهج وكعلم وبجوهرها النقدي وشموليتها واعتمادها العقل والعلوم الوضعية.

تركت هزيمة حزيران (يونيو) 1967 أثرا سلبيا في نفسي مقابل الأثر الإيجابي لحرب تشرين الأول (أكتوبر) عام 1973. كنت بين الذين تظاهروا وبكوا حزنا على الرئيس المصري جمال عبد الناصر. كنت أؤيده في بعض الجوانب وأعبر عن إعجابي بخالد محيي الدين، الذي كان يجمع بين إيمانه بالعدالة وموقفه الثابت من الديمقراطية. أعتقد أن الوحدة العربية ستتحقق ذات يوم ومن دونها لا مكان للأمة العربية في هذا العالم. الوحدة ضرورة في عصر العولمة لتحسين شروط العيش في عصرنا. وأؤيد الوحدة على الطريقة الأوروبية.

 

لست ماركسيا، ولا أحب السينما والتلفزيون، ومانديلا مثالي الأعلى، ولو لم أكن يمنيا لوددت ان أكون لبنانيا أعيش في بيروت

 



ويبقى نيلسون مانديللا نموذجي العالمي الأبرز. أما في اليمن، فأنا أقدر الأستاذ محمد أحمد النعمان قائد التنوير الحديث في بلادنا، والشاعر محمود الزبيري، مع لفت الانتباه إلى أن العصبية اليمنية جعلت الزبيري في مرتبة أولى والنعمان في مرتبة ثانية، وهذا ما يؤسف له، وأذكر أيضا عبد الفتاح إسماعيل الزعيم الوطني العظيم.

أميل في اختياراتي الأدبية إلى روايات "القضايا" ومن بينها رواية "زوربا اليوناني" (ميكيس كازانتزاكيس) وهي الأحب إلي، و"ذهب مع الريح" (مارغريت ميتشل) هي مثالي الأعلى، وتجذبني أعمال نجيب نجيب محفوظ وهو الأول عندي عربيا، وأبو العلاء المعري بحِكَمِه العظيمة وهو مثالي الأعلى في الشعر، وأحب أبو نواس في تعبيره عن الطبيعة الإنسانية.
  
لا أفهم الموسيقى الكلاسيكية، ويبدو أنني مازلت مطبوعا على الأغاني التي كنت أسمعها في صباي،  أي أغاني صوت العرب وإذاعات اليمن. ولا أحب السينما والتلفزيون إطلاقا، بالمقابل أحب المسرح، لكن للأسف لا مسرح في اليمن. كنت أشاهد مسرحيات في القاهرة تجمع بين الإمتاع والإفادة، أي تلك التي تمارس النقد الهادف مثل مسرحية الزعيم. ومسرحيات سعدالله ونوس. 

أمارس رياضة المشي، وكنت أحب ركوب الخيل عندما كنت في كلية الشرطة، وهويت الشطرنج في السجن. أما السباحة، فأمارسها عندما تتاح الفرصة لي، ولا أجيد قيادة السيارة، فقد أوكلت هذه المهمة إالى زوجتي حفظها الله. 

لا أتحدث لغة أجنبية ولا أقرأ إلا بالعربية فقط، وهذه من الأسباب التي دفعتني لإرسال ابني قيس إلى لندن ليدرس اللغة الإنجليزية خصيصا، وهو يشتغل ويتعلم هناك. 

 

لو لم أكن يمنيا، لوددت أن أكون لبنانيا؛ لأني أحب العيش في بيروت، وأحب ندوات القاهرة.

 

*ملاحظة: ستنشر هذه الحلقات لاحقا في كتاب مستقل عن المعهد الأسكندنافي لحقوق الإنسان ـ جينيف. 

 

اقرأ أيضا: القائد الاشتراكي اليمني الذي كان سيطلق سراح قاتله لو بقي حيا

 

اقرأ أيضا: مذكرات جار الله عمر: عقلانية المعتزلة مهدت طريقي إلى الماركسية

 

اقرأ أيضا: مذكرات جار الله عمر: هكذا تم إنقاذ الجمهورية في اليمن من السقوط

 

اقرأ أيضا: مذكرات جار الله عمر: شاهدت قرار اغتيال الغشمي بأم العين

 

اقرأ أيضا: مذكرات جار الله عمر: الإمام البدر فتح أبواب اليمن على العالم

 

اقرأ أيضا: جار الله عمر: هذه القصة الكاملة لنهاية عبد الفتاح إسماعيل

 

اقرأ أيضا: مذكرات جار الله عمر: هذا ما جرى في مجزرة يناير 1986 باليمن

 

اقرأ أيضا: جار الله عمر: رفضت دمج المؤتمر والاشتراكي وعارضت الانفصال











 


التعليقات (0)