هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت مجلة "فورين بوليسي" الضوء على الرغبة المفاجئة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في التفاوض مع إيران، التي أعلنها في مقابلة تلفزيونية قبل أيام.
وقالت المجلة في مقال ترجمته "عربي21"؛ إن الأمير
سيئ السمعة عزف قبل أربع سنوات فقط، لحنا مختلفا، وقال؛ إن "الحوار مع إيران
مستحيل (..)، وكيف نتحاور مع نظام مبني على أيديولوجية متطرفة؟".
وتساءلت المجلة عن التحول الجذري في اللهجة السعودية،
معتقدة أن هناك عاملا يبرز أكثر من جميع العوامل الأخرى، ويتمثل في جدية إدارة
الرئيس الأمريكي جو بايدن بتحويل تركيزها بعيدا عن الشرق الأوسط.
وتابعت: "الولايات المتحدة توقفت عن طمأنة شركائها
الأمنيين في المنطقة بأنها ستواصل دعمهم دون قيد أو شرط، بغض النظر عن السلوك
المتهور الذي ينخرطون فيه"، مضيفة أن واشنطن تريد الابتعاد عن توريط نفسها في
مشاجرات وحيل شركائها في الشرق الأوسط.
انسحابات وشيكة
وأشارت المجلة إلى أن السياسة الخارجية لواشنطن تتمثل في
انسحابات عسكرية وشيكة من المنطقة، مقابل تعزيز الدبلوماسية الإقليمية.
ورأت أن تصريحات ابن سلمان تشير إلى "محادثات
سرية" بين إيران وجيرانها العرب في العراق، بهدف تخفيف التوترات، ووضع حد
للحرب في اليمن، منوهة إلى أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي لديه مصلحة
واضحة في حل التوترات السعودية الإيرانية، عمل على تسهيل الحوار العربي الإيراني.
اقرأ أيضا: ابن سلمان ينسب لنفسه إنجازات لم يفعلها.. كيف علق النشطاء؟
وأوضحت أن "العداء والقتال بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة،
يهدد بمزيد من زعزعة استقرار العراق"، لافتة إلى أن السعودية نفت في البداية
الخبر، ورفضت طهران التعليق، إلا أنها بالنهاية رحبت بالحوار مع الرياض.
وأكدت المجلة أن الحوار لم يقتصر على إيران والسعودية،
وإنما عقد الاجتماع الأول بين طهران وأبوظبي في كانون الثاني/ يناير الماضي، تلته
اجتماعات ضمت مسؤولين سعوديين وأردنيين ومصريين، مشيرة إلى أن خمسة اجتماعات من هذا
النوع، عقدت على الأقل منذ بداية العام.
ولفتت إلى أن المحادثات الإيرانية السعودية ركزت على الحرب
في اليمن، لكنها شملت أيضا الوضع في سوريا ولبنان، وشارك فيها مسؤولون أمنيون كبار
في دول مختلفة، بما في ذلك عقد لقاء بين قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني
ورئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان.
وذكرت المجلة أن "هذه المحادثات لا تزال في بدايتها،
وهناك احتمال واضح بأنها قد تفشل في سد الهوة بين إيران وخصومها العرب، لكن هناك
العديد من العوامل قد تساعد هذه المحادثات في تغيير مسار العلاقات بين الرياض
وطهران، وأيضا الوضع الأمني بالمنطقة".
الحوار الإقليمي
واستندت "فورين بوليسي" لتأكيد صحة طرحها، إلى مشاركة العديد من
القوى الإقليمية الأخرى إلى جانب السعودية وإيران في هذه المحادثات، بما يشبه
الحوار الإقليمي، مؤكدة أنه "ليس مجرد مفاوضات ثنائية لنزع فتيل
التوترات".
وقالت؛ إن "الشرق الأوسط يفتقر إلى المؤسسات، بمعنى أنه
يفتقر إلى أي نوع من التنظيم الإقليمي الشامل، أو المنتدى الذي غذى حوارا متعدد
الأطراف، بغرض الحد من التوترات، وخلق خيارات لخفض التصعيد، وإدارة انعدام
الثقة".
وأشارت إلى أن ما يدعو للتفاؤل من هذا الحوار الإقليمي
المبتدئ، هو أنه جاء بمبادرة وقيادة من القوى الإقليمية نفسها، أي إنها لم تفرض
عليهم من قبل قوى كبرى من خارج المنطقة، ولا تقودها دول خارجية، مستدركة:
"هذا لا يعني أن أمريكا لم تساهم في هذه العملية".
وبحسب تقدير المجلة، فإن العامل الوحيد الذي أجبر الجهات
الفاعلة في المنطقة، على انتهاج الدبلوماسية، ليس إعادة التزام أمريكا بدعم الرياض
في مواجهة طهران، أو أي مبادرة دبلوماسية جديدة للمنطقة، لكن بالعكس الذي حفز
المحادثات، الإشارات الواضحة على نحو متزايد، أن واشنطن ستنفصل عسكريا عن الشرق
الأوسط.
وتابعت: "أولوية إدارة بايدن تمثلت في تقليل التشابكات
الأمريكية في الشرق الأوسط"، معتقدة أن هذه الرسالة دفعت القوى الإقليمية إلى
البدء في استكشاف الدبلوماسية مع منافسيها.
وأكدت أن تحول اهتمام بايدن بعيدا عن الشرق الأوسط، ساهم
بشكل مفاجئ في اللجوء إلى الدبلوماسية الإقليمية، وجعلها الخيار المفضل لشركاء واشنطن
الأمنيين في الشرق الأوسط.