هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا، سلطت فيه الضوء على انقسام مواقف الدول العربية من عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين، ما بين دول صامتة وأخرى تطالب بوقف العنف.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21 لايت"، إن الموقف الرسمي لهذه الدول يختلف عن موقف شعوبها، التي تدين العدوان الإسرائيلي بشكل واضح.
وأكدت الصحيفة أن تصاعد التوتر في المنطقة، الذي نتج عنه تبادل هجمات صاروخية على المناطق المحتلة، وتلويح جيش الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ عملية برية جديدة، أماط اللثام عن اتجاهات غير متوقعة في مواقف عدد من الدول العربية.
وحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فقد انقسمت مواقف دول المنطقة إلى معسكرين فيما يتعلق بالأحداث الجارية والطرف المتسبب في توتر الوضع. وفي حين أدانت دول عديدة، من بينها تركيا وإيران، اعتداءات الاحتلال ضد الفلسطينيين والهجمات على قطاع غزة، أبدت دول عربية موقفا مختلفا بشأن هذه القضية.
اقرأ أيضا: المقاومة لـ"عربي21": لا تهدئة دون وقف العدوان على القدس
وقد تحفظت السلطات الرسمية في الإمارات والبحرين والمغرب والسودان في التعبير عن موقفها، رغم غضب مواطني هذه الدول وإدانتهم للهجمات الإسرائيلية.
وكانت هذه الدول قد أعلنت تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل العام الماضي، وكانت الإمارات أول بلد عربي يتخذ هذه الخطوة، ليسير على خطاها كل من البحرين والسودان والمغرب.
وذكرت الصحيفة أن رد الفعل الصامت لهذه الدول تجاه الصراع تجلى في اتخاذ المسؤولين موقفا محايدا، وتجاهل وسائل الإعلام الحكومية تفاقم الوضع ليصل الأمر إلى إطلاق هاشتاج "فلسطين ليست قضيتي" على المنصات الاجتماعية، غير أن ذلك لم يحبط موجة النقد ضد ممارسات الاحتلال.
في الوقت نفسه، اتخذت دول من العالم العربي، مثل تونس وسوريا وقطر ومصر، موقفا يتضمن إدانة لأعمال العنف بوجه عام، ويميل للجانب الفلسطيني، رغم أنه لا يؤيده بشكل واضح. وترى الغارديان أن الوضع القائم يعكس الانقسام الرسمي العربي.
هل هناك انقسام عربي؟
ترى مستشارة مدير معهد الدراسات الاستراتيجية في روسيا، إلينا سوبونينا، أنه بالنظر إلى موقف الرأي العام العربي، من السابق لأوانه الحديث عن انقسام العالم العربي، لا سيما أن معظم الشعوب العربية تقف ضد ما تقوم به تل أبيب.
وتضيف سوبونينا: "هذا الرفض الشعبي لم يحدث فقط في الدول التي طبّعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل قبل عام، ولكن أيضا في مصر والأردن، اللتين تعدان أول من طبّع عربيا مع دولة الاحتلال، حيث عبّرت الغالبية العظمى من الأردنيين والمصريين عن تضامنها مع الفلسطينيين. لم يدخر الإسرائيليون في السنوات الأخيرة جهدا في سبيل جذب الدول العربية إلى صفهم، غير أن مكاسبهم تبدو مهددة، لأنه يتعين على حكام دول الخليج العربي الحذر من موقف الرأي العام".
ونقلت الصحيفة عن الخبير الروسي بمعهد العلوم الاجتماعية والإدارة العامة لدى الرئاسة الروسية، سيرغي ديميدنكو، أنه ليس هناك سبب للحديث عن انقسام داخل العالم العربي، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية كثيرا ما تذيلت قائمة أولويات القمم العربية خلال السنوات الماضية.
وأضاف ديميدنكو: "لقد قبلت الغالبية العظمى من الدول العربية بوجود دولة الاحتلال. إنهم يرون في ذلك واقعا إقليميا لا يمكن تغييره بأي شكل من الأشكال. لهذا السبب، تقوم الدول العربية في الوقت الراهن بمراجعة علاقاتها مع إسرائيل، ولم يتبق في المعسكر المناهض لإسرائيل غير إيران والإسلاميين".
من جانبه، يرى كبير المحاضرين في معهد الاستشراق التابع للمعهد العالي للاقتصاد في روسيا، أندريه تشوبريجين، أن العالم العربي منقسم أساسا، ولم يتحد يوما، بما في ذلك الانقسام بشأن الحقوق الفلسطينية.
ويقول تشوبريجين في هذا السياق: "في الوقت الحالي، هناك مفهوم في السياسة الواقعية، وهو أن إسرائيل لن تذهب إلى أي مكان، ومن الضروري التعايش معها بطريقة أو بأخرى. يبدو دعم الحكومة التونسية لفلسطين مجرد مسرحية في ظل وضع سياسي غير مستقر في البلاد، ما يجعل الحكومة غير قادرة على غض الطرف عن التحركات الشبابية المؤيدة لفلسطين".
ويضيف: "يختلف الوضع تماما في البحرين، حيث يغيب تأثير الشارع هناك، وبالتالي فإن الدوافع السياسية والمصالح، بما في ذلك العلاقة مع إسرائيل، تأتي في مقدمة الأولويات، والأمر ذاته ينطبق على الإمارات العربية المتحدة".
مفاوضات التسوية النهائية
تحاول دول إقليمية وعالمية في الوقت الحالي التأثير على مسار الأحداث في خضم المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وحماس. فعلى سبيل المثال، تلعب مصر إقليميا دور الوسيط، غير أن محاولات وقف إطلاق النار لم تسفر عن أي نتائج حتى الآن.
أما على المستوى الدولي، فتعمل "اللجنة الرباعية" -أي روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة- على إحياء عملية التسوية السياسية. ومن المتوقع انضمام مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين وفلسطين وإسرائيل والمملكة العربية السعودية إلى المفاوضات.
ويرى ديميدنكو أن أي اختلاف في تقييم الدول العربية للتصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين لن يكون له أي تأثير على تسوية الصراع بين الجانبين.
ويقول في هذا السياق: "لن يؤثر ذلك على مفاوضات التسوية بأي شكل من الأشكال، كونها تقوم على ثلاث قضايا رئيسية، وهي مشكلة اللاجئين ومشكلة المستوطنات ووضع القدس. إلى جانب ذلك، لن تتمكن قوة خارجية واحدة، سواء كانت عالمية مثل روسيا أو الولايات المتحدة، أو إقليمية مثل السعودية أو مصر، من التأثير على حل هذه القضايا، خاصة فيما يتعلق بوضع القدس، التي يعتبرها الطرفان عاصمتهما الأبدية".
في المقابل، يعتقد تشوبريجين أن الإمارات العربية المتحدة ستلعب دورا رائدا في تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على الرغم من اتفاقية تطبيع العلاقات بين البلدين.