صحافة دولية

لوموند: السخط الاجتماعي بالأردن يتصاعد ويهدد النظام الحاكم

تراجع الحريات والقبضة الأمنية والعزوف الكبير عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة دفع صوب احتقان شعبي كبير- جيتي
تراجع الحريات والقبضة الأمنية والعزوف الكبير عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة دفع صوب احتقان شعبي كبير- جيتي

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن تأثير الغضب الاجتماعي في الأردن، على النظام الحاكم. 

وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنّ الضيق الذي يبدو جليا على وجوه الناس في العاصمة الأردنية عمّان يكشف طبيعة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد.

واعتاد محمد الربيحات، وهو رب عائلة في الثامنة والعشرين من عمره، ويكسب قوته من بعض الأشغال البسيطة رغم شهادته الجامعية، على المشاركة في المظاهرات المطالبة بالتشغيل.

 

ومحمد هو نموذج من الشباب الأردني الذي يعاني البطالة وغلاء المعيشة، على غرار بلال وعاصم وأحمد الذين أصبحوا مقتنعين بأنّ الغضب الاجتماعي يتصاعد باستمرار.  

وشهدت البلاد حراكا اجتماعيا وسياسيا متصاعدا خلال السنوات العشر الماضية، لكن السياق تغير في الوقت الراهن، حيث قيّدت الحكومة حضور القوى الاجتماعية المختلفة في الشارع، ومنها النقابات العمالية، مما أثار استياء عارما.

كما زادت القيود المرتبطة بانتشار فيروس كورونا من تأزم الأوضاع، حيث كانت الحكومة تفرض ومنذ أشهر حظرا للتجول يبدأ يوميا في الساعة السابعة مساءً.

وفي هذا الصدد، تقول سهير سعود، رئيسة جمعية خيرية نسائية في حي الطفايلة تساعد في توفير المساعدات الغذائية للسكان: "أصبح الناس في حالة فقر شديد".

خيارات سياسية سيئة
بعد الزوبعة التي أثارتها الاتهامات الموجهة للأخ غير الشقيق للملك عبد الله وولي العهد السابق، حمزة بن الحسين، بالتخطيط لمؤامرة بمساعدة دولة أجنبية مجهولة الهوية في أوائل نيسان/ أبريل الماضي، أصبح من المؤكد -حسب لوموند- أنّ الأمير حمزة يمثل عقبة في طريق الملك.

وقد أقام الأمير حمزة شبكة علاقات مع جهات مرتبطة بالعائلة المالكة وعشائر أردنية مؤثرة أخذ بعض قادتها زمام المبادرة في المظاهرات ضد الفساد في الأشهر الأخيرة، وهو ما أزعج السلطات في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الراهنة.

وترى الصحيفة أنّ هذا الارتباك فاقم أزمة الثقة بالمؤسسات وهو ما ظهر من خلال الانتخابات التشريعية عام 2020، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة 30 بالمئة.

 

وقد تعددت الوعود بالإصلاحات لكن لم يتحقق شيء على أرض الواقع، وهو ما جعل كثيرين يطالبون بعقد اجتماعي جديد يحكم مستقبل البلاد.

في أزقة حي الطفايلة بجبل التاج بالعاصمة عمان، يعبّر الشباب عن امتعاضهم بسبب الأوضاع المعيشية المتردية.

 

ويقول عاصم، وهو أحد الشباب العاطلين عن العمل: "ينبع الوضع الاقتصادي المتردي من الخيارات السياسية السيئة والفساد".

 

ويقول بلال، وهو شاب أردني آخر يشعر بالمرارة مما يحدث: "نحن ندفع ضرائب أكثر، ولكن ما المقابل؟".

 

ويؤكد عبد الرؤوف الربيحات الحاصل على شهادة دكتوراه من الهند ويبلغ من العمر 50 سنة أنه "كان يمكن للجيل السابق أن يعتمد على مناصب في الإدارة أو الجيش ليعيش حياة كريمة، لكن الشباب اليوم لا يمكن أن يراهن على تلك الوظائف".

ويقول أحمد: "أُنهك القطاع العام من خلال خطط التكيف الهيكلي والخصخصة. أنا أؤيد النظام الملكي، ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به فيما يتعلق بترسيخ الحقوق الاجتماعية والحريات".

 

وأضاف: "أود أن تتم الإصلاحات بسلام وليس بعد موجة من الفوضى كما حدث في سوريا والعراق. لقد شهدنا ما يكفي من الدمار في المنطقة".

ضغوط أمنية
تشير التقديرات إلى أن معدلات البطالة، التي ارتفعت بشكل مطرد منذ سنة 2014، تؤثر على ما يقرب من 25 بالمائة من السكان في سن العمل.

 

في هذا السياق، يقول محمد الحلايقة، الرئيس التنفيذي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني إن "الغضب الناجم عن ارتفاع معدلات البطالة والفقر يقلقني وقد يتحول إلى عنف".

ويضيف الوزير السابق، الذي أكد أنه طلب من الملك بعد قضية الأمير حمزة اتخاذ بعض القرارات العاجلة: "ينبغي على الملك أن يتخذ إجراءات لإقناع الناس بإمكانية تحقيق مستقبل أفضل. دون إحداث تغيير جذري، وفي ظل استمرار هذا الضغط الاجتماعي والاقتصادي، فإن كل هذه العوامل ستتسبب في انفجار اجتماعي".

وأكد الحلايقة أن "الحديث عن تحسين الخدمات العامة لن يكون كافيا، فهناك حاجة إلى تغييرات سياسية، ذلك أن الدور الكبير الذي تضطلع به بعض الأجهزة يعد من بين المشاكل الرئيسية"، في إشارة إلى ما تقوم به الأجهزة الأمنية.

ويؤكد النقابيان الأردنيان البارزان في نقابة المعلمين ناصر نواصرة وكفاح أبو فرحان أنهما "يخضعان للرقابة الأمنية الخانقة بشكل يومي، حيث تتم مراقبة منزليهما ومحادثاتهما الهاتفية".

 

وقد تم مؤخرا حلّ النقابة التي أعيد إحياؤها سنة 2011 بعد أكثر من خمسين سنة من الحظر، وتم إحالة نواصرة وأبو فرحان إلى التقاعد المبكر وسجنهما كإجراء عقابي.

بعد إضراب سنة 2019، تمكنت النقابة من تحقيق مطلبها بزيادة رواتب المعلمين، لكن تم تجميد القرار السنة الماضية بذريعة تداعيات جائحة كورونا. في هذا السياق، يقول نواصرة: "السلطات تعتبر نقابتنا مصدر تهديد بسبب قدرتها على التعبئة الاجتماعية، وهي في الوقت ذاته غير قادرة على الاستجابة للمطالب الاجتماعية".


اقرأ أيضا : البطالة والبيروقراطية.. ثنائية معاناة الشباب في الأردن


وتؤكد الصحيفة أن وسائل الإعلام الحكومية قدمت صورة سلبية حيث صوّرت النقابة عند غلقها مؤخرا بأنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، حزب المعارضة الأكبر بالبلاد.

 

وحسب عدد من المراقبين الذين أكدوا تعدد التوجهات الفكرية داخل النقابة، فإن هذا الاتهام الزائف يهدف إلى نزع الشرعية عن المطالب الاجتماعية.

مستقبل غامض

يرى نواصرة أن "الأردنيين باتوا يدركون مدى انتشار الفساد في البلاد"، بينما يؤكد أبو فرحان أن "الغضب من تدهور الوضع الاجتماعي أصبح علنيا ومنتشرا بوضوح على الشبكات الاجتماعية، على عكس السابق". 

وفي مخيم البقعة الفلسطيني، يحظى أبو فرحان بشعبية كبيرة. وتقول علياء، وهي شابة في الثلاثين من العمر إن "أبو فرحان صوت من لا صوت لهم".

ويعيش في مخيم البقعة أكثر من 100 ألف شخص، وقد استقر الكثيرون في المنطقة المحيطة بالمخيم بسبب الاكتظاظ الشديد داخله.

 

في هذا الشأن، يشير أبو فرحان إلى أنه فضّل البقاء في هذه المنطقة بسبب أسعارها المنخفضة، حتى يظل قريبا من عائلته. 

ورغم هويته الأردنية، إلا أن أبو كفاح، أستاذ الثانوية السابق، لم ينس غرفة جلوسه الصغيرة المليئة بالتحف التذكارية، مثل مفتاح المنزل الذي يرمز إلى عملية التهجير القسري من موطنه الأصلي في فلسطين.

 

وفي مناطق متعددة في شرق العاصمة عمان، حيث لا تزال الصور الممزقة لانتخابات 2020 التشريعية معلقة على الجدران، يتردد صدى معاناة الأردنيين في حي الطفايلة وغيره من الأحياء، وترتسم ملامح مستقبل غامض في ظل الأزمة التي تمرّ بها البلاد.

 
التعليقات (1)
محمد غازى
الخميس، 03-06-2021 09:20 م
ألوضع فى ألأردن، والحمد لله الذى لا يحمد على سوء سواه، يتجه من السىء للأسوأ. هذا هو وضع ألأردن. لن يتحسن الوضع، طالما إستمر النظام على حاله! ألملك هو كل شىء. ألوزارة لا تستطيع عمل شىء إلا بإرادة ملكية! الذى أعرفه، أن الملك فى أى بلد يملك ولا يحكم. ألحكم يجب أن يكون بيد رئيس الوزراء والوزارة ويخضع لرقابة برلمانية. وعليه أنصح بإلغاء الديوان الملكى الذى يصدر ألأوامر لرئاسة الوزراء وعليها تنفيذها، لأن الوزارة تعتقد أو تشعر أنها أوامر ملكية. كذلك يجب إلغاء مجلس ألأعيان! لماذا وجوده، والكثير من أعضاءه تقاعدوا ويتقاضوا رواتب تقاعدية؟ لماذا وجود هذا المجلس وهناك مجلس نيابى أو مجلس أمة؟! لماذا ألمجلسان؟! ألأردن بحاجة إلى ثورة تصحيحية كبيرة، تبدأ بالقصر والمجالس، هذا إذا كان هناك أمل بإصلاح ألأردن. لا أحد يطالب بإسقاط النظام الملكى، ولكن المطالبه يجب أن تكون أن الملك يملك ولا يحكم. ألحكم للشعب وحده.!!!!!!!!!!!