هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما زالت الرصاصة المستقرة في ساق الشاب المقدسي موسى قضماني
(٢٤ عاما) تذكره بذلك اليوم الذي تعرض فيه للاعتقال والإصابة على يد قوات الاحتلال
بزعم أنه كان يطلق ألعابا نارية صوبها.
وتعتبر المفرقعات أو الألعاب النارية من المواد الممنوعة
في القدس؛ حيث يخشى الاحتلال استخدامها من قبل الشبان الذين باتوا يرون فيها سلاحا
إلى جانب الحجارة؛ للتصدي للجنود المدججين بأحدث أنواع الأسلحة.
ويروي والد الشاب قضماني لـ"عربي٢١" ما حدث مع
نجله؛ حيث اقتحمت قوات الاحتلال حي الصوانة شرق المدينة، فكان موسى من بين عشرات الشبان
الذين تصدوا للجنود، وحينها رآه أحدهم يحمل علبة مفرقعات نارية فأطلق الرصاص فورا صوبه.
ويوضح بأن الاحتلال لديه قرار داخلي بإطلاق الرصاص فورا بهدف
قتل أي شاب يحمل ألعابا نارية؛ وذلك بحجة تشكيلها خطرا على حياة الجنود، فقام الجندي
بإطلاق النار صوب موسى وأصابه في ساقه اليسرى.
الإصابة كانت خطيرة كونها اخترقت الوريد الرئيسي؛ فسقط موسى
أرضاً ولم يتمكن أصدقاؤه من إنقاذه أو سحبه بعيدا عن أعين الجنود الذين استغلوا الفرصة
وقاموا باعتقاله وهو ينزف.
وأشار الوالد إلى أن العائلة لم تر نجلها ولم تعرف طبيعة
إصابته في بادئ الأمر؛ لأن الاحتلال اعتقله ونقله إلى جهة مجهولة، ثم تبين أنه موجود
في مستشفى "شعاريه تسيدك" مكبلا في السرير ويخضع للتحقيق.
مكث موسى في المستشفى ١٢ يوما؛ وكانت محكمة الاحتلال تمدد
اعتقاله وهو مصاب ويخضع لجلسات محاكمة وهو في قيد العلاج، وحتى الآن لم يتمكن الأطباء
من إزالة الرصاصة من ساقه كونها قريبة من الأعصاب وقد يحدث ذلك شللا له.
وبعد جولة من المحاكم والتحقيق في مركز المسكوبية رغم إصابته؛
تم الحكم على موسى بالسجن لمدة عام كامل ودفع غرامة مالية بقيمة خمسة آلاف شيكل؛ ولم
تأخذ المحكمة إصابته بعين الاعتبار، بل كانت النيابة العسكرية الإسرائيلية تطالب بسجنه
لمدة ثلاثة أعوام على الأقل.
وقال الوالد إن هذا الحكم يعتبر مخففا؛ حيث يسعى الاحتلال
في البداية لقتل الشاب ثم يتم الحكم عليه لأكثر من أربع سنوات، مبينا أن الجندي الذي
أطلق النار عليه قال إنه كان ينوي إصابته في صدره بهدف القتل؛ ولكن الإصابة جاءت في
ساقه.
وبعد الحكم عليه أصدر الاحتلال قرارا بوقف التنفيذ بحق موسى
لمدة ثلاث سنوات؛ أي أنه إذا تم اعتقاله مجددا تحت التهمة ذاتها يتم الحكم عليه فورا
بنفس الحكم.
وأوضح القضماني أن نجله ما زال يعاني من الإصابة رغم مرور
أربع سنوات عليها؛ حيث لا يتمكن من لعب الرياضة أو الركض ويعاني من أوجاع شديدة بسبب
وجود الرصاصة مستقرة في ساقه.
وأضاف: "حياة موسى أصبحت محدودة؛ ولا يتمكن من القيام
بمعظم النشاطات؛ كما أن اعتقاله أثر على حياته بشكل كبير وأعاقه عن الدراسة والعمل،
وكان لديه حلم بأن يعمل سائق حافلة ولكنه لن يتمكن من تحقيق حلمه بعد الآن، ولكن رغم
ذلك نحن نحمد الله أن الإصابة لم تكن قاتلة لأن الهدف كان قتله، وقبل ذلك في حي الطور
تم قتل شاب في وسط الشارع لأنه كان يحمل المفرقعات".
منع ومصادرة
مئات حالات الاعتقال سجلت في أحياء القدس المحتلة بتهمة حيازة
مفرقعات نارية أو استخدامها صوب الجنود، ولكن من الصعب الحصول على رقم محدد للمعتقلين
بسبب استمرار الحملة اليومية بحق الشبان واعتقالهم وتوجيه التهم لهم.
ويقول رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب إن الاحتلال
ومنذ ما يقارب ثمانية أعوام يقوم باعتقال الشبان بتهمة حيازة المفرقعات؛ وذلك لأنه
يعتبر أن صوتها يسبب الإرباك؛ وأنها من الممكن أن تسبب جروحا إذا انفجرت بالقرب من
الجنود ما يؤدي لإصابتهم بحروق وجروح.
وأوضح أن الشبان كانوا دائما يستخدمونها في بلدات سلوان والعيسوية
وعقبة الصوانة في الطور للوصول إلى البؤر الاستيطانية؛ خاصة أن الشخص الذي يمسك بالصندوق
يقوم بتوجيهه في زاوية معينة وبإمكانه الوصول للهدف الذي يريده.
وأشار إلى أن أصوات المفرقعات وتتابعها لعدة مرات يسبب إرباكا
شديدا؛ خاصة إذا كان أحد الشبان يكمن لقوة من الجنود أو المستوطنين ويفاجئهم بها؛ فيسبب
ذلك لهم الإرباك والخوف وأحيانا الإصابة.
وضمن حملته ضد المفرقعات النارية يقوم الاحتلال بشكل مستمر
بمتابعة تجار المفرقعات واعتقال عدد منهم.
وصادر الاحتلال كميات منها من المحلات التجارية؛ ليس فقط
في القدس بل أيضا في الضفة والداخل وحتى لدى التجار اليهود خشية أن تتوجه المفرقعات
للقدس في نهاية المطاف.
وأوضح أبو عصب أن الاحتلال كذلك من خلال محاربته لمطلقي المفرقعات؛
أصبح بعد مطاردة الشبان يلتقط صندوق المفرقعات حتى يرفع عنه البصمات ويحلل الحمض النووي،
ولاحقا إذا عرف من هو صاحب البصمة تتم إدانته بسهولة.
وأضاف: "الاحتلال أصدر تعليمات واضحة وصريحة أن يتم
إطلاق الرصاص على مطلقي الألعاب النارية، حتى الأسير حين يتم الإفراج عنه يتم استدعاء
الأهل وفرض شروط عليهم؛ أهمها هو عدم استخدام المفرقعات النارية ورفع الرايات".