ملفات وتقارير

تعرّف إلى معاناة أسرة الصدّيق.. سنوات من التنكيل والتهجير

رحلت آلاء الصديق في حادث سير بمدينة أكسفورد ببريطانيا قبل أيام- تويتر
رحلت آلاء الصديق في حادث سير بمدينة أكسفورد ببريطانيا قبل أيام- تويتر

رحلت الناشطة الإماراتية الشابة آلاء الصديق، في حادث سير بمدينة أكسفورد البريطانية قبل أيام، تاركة خلفها إرثا طويلا من العمل الحقوقي.

آلاء الصديق (33 عاما)، بدأت قصة معاناتها كبقية أفراد أسرتها قبل نحو 10 سنوات كاملة، حينما فوجئت العائلة بمرسوم رئاسي بسحب الجنسية عن 7 مواطنين، أحدهم والدها الداعية المعتقل محمد بن عبدالرزاق الصديق.

ومنذ كانون أول/ ديسمبر 2011، بدأت أسرة الصديق، بالإضافة إلى ست أسر أخرى، قصة من المعاناة الطويلة، لم تنته فصولها بعد.

 

ومحمد الصديق (58 عاما)، هو عضو بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو في هيئات شرعية تابعة لبنوك في الإمارات.

 

والصديق حاصل على درجة الماجستير في تخصص الفقة من كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود بالعاصمة السعودية الرياض.



البداية بـ"العريضة"
في آذار/ مارس 2011، شارك محمد الصديق بالإضافة إلى أكثر من 130 شخصية إماراتية، جلهم من الأكاديميين والكتاب والإعلاميين، بالتوقيع على عريضة تطالب رئيس الدولة بإصلاحات سياسية.

طالبت العريضة التي أكدت التمسك بأسرة الحكم في الإمارات، بحق الانتخاب الكامل لأعضاء المجلس الوطني، إذ يتم تعيين غالبية أعضائه دون اقتراع.

وبرغم تأكيدهم أنهم ليسو تيارا معارضا، وإنما "ناصحٌ"، إلا أن السلطات اعتقلت 5 من المشاركين بالوثيقة، خرجوا لاحقا بعفو رئاسي.


إلا أن السلطات عادت في العام 2012 وشنت حملة اعتقالات واسعة شملت العشرات، جلهم من حركة الإصلاح التي ينتمي إليها الصديق.


"اختار السجن على التهجير"
في كانون أول/ ديسمبر 2011، استدعت دائرة الجنسية والإقامة الإماراتية 7 مواطنين، هم بالإضافة إلى الصديق، كل من "أحمد غيث السويدي، وحسين منيف الجابري، وشقيقه حسن، وإبراهيم حسن المرزوقي، وشاهين عبدالله الحوسني، وعلي حسين الحمادي، وأبلغتهم بقرار سحب جنسياتهم، على خلفية اتهامهم بالارتباط بجهات خارجية مشبوهة، وذلك بعد مشاركتهم في التوقيع على العريضة.

قال محمد الصديق، والد آلاء، بعد قرار سحب الجنسية؛ إنه وغيره من رفاقه لم يحملوا الجنسية الإيرانية قط كما روجت وسائل إعلام تابعة للحكومة، ولم يقوموا بأي عمل يمس أمن الإمارات، وأنهم مواطنون إماراتيون مخلصون لبلدهم.

في تصريحه لقناة "الحوار" نهاية 2011، قال الصديق؛ إن القرار يفهم منه بأنه يأتي أيضا لدعمه حركة "حماس"، قائلا إنه يفخر بذلك كأي خليجي.


وتابع: "نحن مواطنون في الإمارات، ومواطنتنا ثابتة، وجذورنا فيها من قديم الزمن، نحن في هذه الأرض منذ جدنا السابع، ولا يستطيع أحد أن يزحزنا عن مواطنتنا".


وأضاف: "هذا إجراء عدواني، وجائر، ولن نقبل به، وسنتقدم بالإجراءات كافة لرفع هذه المظلمة".

تقول الراحلة آلاء؛ إن والدها تم تخييره بين الترحيل إلى دولة أخرى، أو السجن، ففضل السجن على أن يتم تجريده من مواطنته، وتهجيره خارج بلده. 

 

ومن المفارقات، أن الإمارات كانت قد ابتعثت الصديق قبل سنوات إلى الرياض، للمشاركة في مؤتمر يناقش قانون الأحوال الشخصية الموحد على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.


على ماذا استند القضاء؟
بحسب ما قال المعارض الإماراتي حمد الشامسي في حديث لـ"عربي21"، فإن "سحب جنسيات المواطنين السبعة لم يتم بناء على قرار قضائي، وإنما قرار رئاسي". 

ويلفت الشامسي إلى أن المرسوم الرئاسي هذا، لم يتم إطلاع المواطنين السبعة عليه.

ونوه الشامسي إلى أن قرار سحب الجنسية، يسري على جميع أفراد أسرة الصديق والستة الآخرين، ممن لم يتجاوزوا حينها 18 عاما. 

إلا أن السلطات لم تكتف بذلك، إذ اتصلت لاحقا بجميع الأفراد ممن أعمارهم فوق 18 (بمن فيهم آلاء)، وأبلغتهم بضرورة مراجعة السلطات المعنية لتسليم جوازات سفرهم وهوياتهم الوطنية.

واصل الداعية محمد الصديق نضاله من أجل استعادة جنسيته عبر تقديم طعون لدى القضاء، واستدعاءات لدى الديوان الرئاسي، وغيره، إلا أن السلطات رفضت جميع ذلك، وقامت باعتقاله في نيسان/ أبريل 2012.

قرار سحب الجنسية، والسجن لاحقا، يعني بحسب الشامسي أن أسرة الصدّيق حرمت من حقوقها المالية كافة، وأملاكها في الإمارات.

 

اقرأ أيضا: الشرطة البريطانية تصدر تقريرا أوليا حول وفاة آلاء الصديق

 

تشتّت عائلة
بعد تجريدهم من مواطنتهم، والتضييق عليهم، خرجت أسرة محمد الصديق إلى قطر، ولاحقا في 2019، حصلت آلاء على حق اللجوء السياسي في بريطانيا.

إلا أن جل إخوتها لا يزالون في قطر التي منحتهم إقامات، بيد أنهم يواجهون مشكلة عند السفر إلى بلد آخر لعدم امتلاكهم جوازات سفر.


وبرغم عدم توجيه الادعاء العام الإماراتي أي تهم لهم، إلا أن خروجهم من الإمارات نحو قطر دفع وسائل الإعلام الإماراتية كافة لشن هجمة شرسة عليهم، واتهامهم بتشكيل تنظيم تقوده الراحلة آلاء.

يقول الشامسي: "هذه هجمة إعلامية فقط، وآلاء لم تُدَنْ في قضية، ربما تم محاكمتها غيابيا بعد خروجها من الإمارات، لكنها كانت تبلغ من العمر 24 عاما حين خرجت من الإمارات، فكيف لها أن تقود تنظيما بهذا العمر؟".

 

يقول إبراهيم الصديق، شقيق آلاء في رثائها: "أعظم أمنياتها أن ترى أبي، كانت تتمنى وتسعى لأن نجتمع كعائلة، شتتنا البلدان".

ويتابع: "الحمدلله، ذهبت إلى أرحم الراحمين، الآن وجدت السلام والأمان، وشفاء القلب، وآن لجسدها أن يرتاح بعد هذه الرحلة القصيرة، الحافلة بالتحديات والكفاح والتعب".

 

وكانت آلاء ردت سابقا على مغرّد إماراتي اتهمها بترك الإمارات والهروب نحو قطر، بالقول: "رحت لقطر لاجئة عشان ما أموت من الاهتمام الزايد من قبل أمن الدولة عشان دافعت عن أبويه (أبي)، وعبرت عن أفكاري، مارحت عشان فيها ديمقراطية، اهتمام زايد عن اللزوم لدرجة خنقوا أبوي وربعه من الضرب عشان يعترفون بشي ما سووه". 

 

وقالت: "عبارة (ترى نعرف كل شيء)، غير صحيحة، ما تعرفون ولا شيء، وأغلب المذكور جذب وتلفيق وتركيب وكلام ميمع من طرف واحد، ويوم من الأيام بقول القصة كاملة، بس الحين ساكته حفاظا على سلامة ناس يعزون علي في البلاد".

 


مأساة متوقعة
تنتهي محكومية محمد الصديق في العام المقبل 2022، إلا أن مأساة متوقعة في انتظاره، وهي أن السلطات الإماراتية سنت قانونا يتيح لها إبقاء المعتقلين السياسيين قيد الاعتقال لغاية تصويب أوضاعهم الفكرية.

كما من المتوقع أن يخضع الصديق وغيره لثلاث سنوات من المراقبة الشديدة بعد الإفراج عنهم، بحسب ما يعرف بـ"الملاحظة" التي تستند إلى قانون رسمي في الدولة.

معضلة أخرى يواجهها الصديق، هي أنه لم يعد حاملا للجنسية الإماراتية، ومن ثم أسقطت الدولة مواطنته.

يعلق الشامسي: "لا يوجد بلد يمكن له السفر إليها؛ لأنه ليس له جنسية أخرى، في مثل هذه الحالات إما سيبقى في السجن، أو سيتم عرض جنسية جزر القمر عليه".

حالة مأساوية أخرى داخل عائلة الصديق، هي لأسماء شقيقة الراحلة آلاء، التي لا يزال زوجها عمران الرضوان معتقلا، رغم انتهاء محكوميته (سجن 7 سنوات) في منتصف العام 2019.


يقول الشامسي؛ إن "الرضوان انتهت محكوميته، ولكن لا يبدو أن السلطات ستعيد له جواز سفره حتى يلتحق بزوجته، ولا هي تستطيع أن تعود للإمارات".

ويتابع: "ستبقى إشكالية لا يمكن معرفة تداعياتها، هم حاليا لا يستطيعون حتى التحدث إليه من السجن، ويسمعون أخباره عن طريق أهله في الإمارات".

 


تنكيل بالأب

عانى محمد الصديق كغيره من معتقلي جمعية الإصلاح من أصناف مختلفة من التعذيب والتنكيل والحرمان.

 

كشفت الراحلة آلاء أن والدها قال أمام المحكمة في العام 2013 بعد شهور من التغييب القسري: "سُلّط عليّ شخص ضربني على وجهي ورقبتي، وقال لي: سأضربك وأدوس على بطنك، وسأفرغ هذا السلاح في رأسك. فقلتُ: لا إله إلا الله. فأجاب المحقق: أنا لي ربّ غير ربك".

 

وكشفت آلاء أن والدها أمضى نحو عام كامل في سجون سرية، وهي المعروفة بانعدام أي معايير لحقوق النزيل داخلها.

 

وبعد صدور الحكم عليه، ظل الصدّيق يتواصل مع أسرته هاتفيا بشكل متقطع لغاية العام 2018، حيث حرمته السلطات من هذا الحق أيضا، ولم تعد عائلته تعرف عنه شيئا.

 

لم تكتف السلطات الإماراتية بقطع التواصل عن محمد الصديق منذ نحو 3 أعوام، إذ تحرمه الآن من التواصل مع ذويه للعزاء بعد وفاة آلاء، أو الخروج بشكل مؤقت.

 

ووجهت 7 منظمات حقوقية دعوة إلى رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بالإفراج عن الصديق، مع تبقي 9 شهور على انتهاء محكوميته.

 

اقرأ أيضاشقيق آلاء الصديق يعلق على وفاتها في مقطع مؤثر (شاهد)

التعليقات (2)
الاكوان المتعددة
الجمعة، 25-06-2021 11:23 م
لو كانت الامارات هي من قتلتها لماذا تخيرهم بين البقاء في الامارات او الرحيل عنها والتنازل عن جنسيتها ؟ ! الاخر ابو الاء درس بجامعة محمد سعود لاصول الفقة لماذا لا يتم اغلاقها الجامعة اذا فرقة ام عليوي من تحكم بلادها السعودية بقمر صناعي لا تريد الاخوان ولا تحبهم من قتل الاء هوانفسة من قتل لقمان سليم واستهدافة للمعارضين لكي تسمح باقي الدول لة بطلبة وبسهولة
فراعين هذا الزمان
الجمعة، 25-06-2021 04:57 م
يا رب ان ظلم هؤلاء الطواغيت بلغ عنان السماء ولم يعد للمظلومين ملجأ الا انت. اللهم ان امهالك لاهل الظلم قد جرأهم علي انتهاك حرماتك و عدم الخوف من بطشك وعقابك فعاثوا في الارض ظلما وفسادا وصدوا عن سبيلك وقاتلوا اولياءك وتألهوا في الارض بغير الحق. اللهم ان حال المظلومين و ذويهم لا بخفى عليك وعلمك بحالهم يغني عن السؤال لكننا نعمل بما امرتنا به ادعوني استجب لكم وها نحن ندعوك و نرفع ايدينا تضرعا لك راجين عدلك بالقصاص من الظلمة وان تجعل صبرا المبتلين على الابتلاء خيرا لهم في الدنيا والاخرة. اللهم انك قلت في محكم كتابك الكريم " ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون". اللهم ارنا في فراعين هذا الزمان و جنودهما ما اريته موسى وقومه في فرعونهم ومكن للمستضعفين في هذا الزمان كما مكنت لقوم موسى واجعلهم الوارثين لا اله الا انت سبحانك جلت قدرتك وعظم سلطانك.

خبر عاجل