هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر سياسيون ومراقبون مصريون وسودانيون من مغبة حجز الاحتلال الإسرائيلي مقعدا له في منظمة الاتحاد الأفريقي الذي تضم 55 عضوا، بعد 20 سنة على تأسيسها، في خطوة يكتنفها الكثير من الغموض، وغابت عنها ردود الفعل العربية خاصة والأفريقية عامة.
وكانت إسرائيل هي من أعلنت دون غيرها حصولها بشكل رسمي على صفة عضو مراقب بالاتحاد الأفريقي بعد أن تقدمت سفارتها لدى إثيوبيا، حيث يقع مقر الأمانة العامة للاتحاد الأفريقي، بأوراق اعتمادها كمراقب لدى الاتحاد.
وذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الخميس، في بيان: "لأول مرة منذ عام 2002، قدم سفير إسرائيل لدى إثيوبيا أدماسو الالي، أوراق اعتماده عضوا مراقبا لدى الاتحاد الأفريقي"، دون أن توضح كيفية حصولها على تلك العضوية المثيرة للجدل.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لابيد؛ إن هذا يوم احتفال بالعلاقات الإسرائيلية الأفريقية، ووصف تلك الخطوة "بالإنجاز" ويصحح الحالة الشاذة التي كانت موجودة منذ قرابة عقدين، وهو جزء مهم من تعزيز نسيج العلاقات الخارجية لإسرائيل".
وتكللت جهود تل أبيب في وضع قدم لها في أكبر منظمة أفريقية بالنجاح، بعد عقدين من بناء علاقات قوية مع العديد من البلدان الأفريقية، خاصة الشرقية منها التي يقع فيها منبع نهر النيل، حيث كانت إسرائيل عضوا مراقبا في منظمة الوحدة الأفريقية، وذلك قبل أن يتم حلّها وتأسيس الاتحاد الأفريقي في تموز/ يوليو عام 2002.
ماذا خسر العرب؟
أحد أكثر الخسائر من حصول إسرائيل على صفة عضو مراقب، وفق الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور ياسر محجوب الحسين، "هو خسارة الدول العربية لمواقف الدول الأفريقية المناصرة لها في صراعها مع إسرائيل الذي لم ينته بعد، ومع هرولة دول عربية للتطبيع المجاني مع إسرائيل، تجد العديد من دول أفريقيا نفسها اليوم في حل من أي التزام يمنعها من التواصل مع إسرائيل".
وحذر في حديثه لـ"عربي21": من تداعيات تلك الخطوة، قائلا: "تبدو لي هذه الخطوة في غاية الخطورة في ظل واقع عربي مأزوم وجامعة مشلولة لا تنجح حتى في عقد قمة للرؤساء، فإسرائيل قد وجدت منبرا واعترافا في فضاء كان محصنا ضد الاختراق الإسرائيلي".
وأوضح: "في 2016، جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو عددا كبيرا من قادة الدول الأفريقية للقائهم دفعة واحدة، وطالب بمنح بلاده صفة دولة مراقب في الاتحاد الأفريقي وقد كان، ومع ذلك، لم تنبه زيارة نتنياهو إلى أربع دول أفريقية ذات ثقل كبير في تموز/يوليو من ذات العام، العرب للمخططات الإسرائيلية في القارة السمراء. وجاءت تلك الزيارة -التي وصفها نتنياهو بالتاريخية- تحت شعار "إسرائيل تعود إلى أفريقيا، وأفريقيا تعود إلى إسرائيل".
اقرأ أيضا: الاحتلال ينضم إلى الاتحاد الأفريقي كعضو "مراقب"
اختراق "كبير"
عن أهمية تلك الخطوة لإسرائيل، يقول عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري سابقا، محمد عماد صابر؛ إنه "على مدار عقدين ودولة الاحتلال الصهيوني تحاول بشتى السبل البحث عن موطئ قدم لها داخل القارة السمراء واختراقها، لما تمثله من أهمية استراتيجية تخدم أجندتها التوسعية في المنطقة، لكن هذا الهدف ظل عصيّا لسنوات طويلة لعدة أسباب".
وعدد تلك الأسباب في تصريح لـ"عربي21" بالقول: "الموقف السياسي الواضح من دولة جنوب أفريقيا التي تعتبر دولة الاحتلال نظام فصل عنصري، وتضامنها مع العرب في صراعهم مع دولة الاحتلال، إلا أن الوضع تغير في 2018، حين انتخب رئيس رواندا، "فول كاغما" رئيسا للاتحاد الأفريقي، وكانت تربطه علاقات قوية برئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، إذ تبادلا الزيارات خلال السنوات الأخيرة، الأمر تعزز أكثر مع السيسي الذي تولى رئاسة المنظمة عام 2019".
وتابع: "أضف إلى ذلك هرولة بعض الدول العربية للتطبيع مع دولة الاحتلال، مما أدى إلى فتور مواقف معظم الدول المتعاطفة مع القضية الفلسطينية، سواء من العرب أو الأفارقة، كما أن تمدد دولة الإمارات في أفريقيا كان بمنزلة جسر سياسي لتعميق النفوذ العبري داخل القارة".
وبشأن مزايا تلك العضوية، بيّن البرلماني المصري، أن "عضوية المراقب تمنح ميزة المشاركة في نشاطات المنظمة، وكذلك حق الحديث في الجمعيات العامة لتلك المنظمات دون الحق في التصويت أو اقتراح قرارات، ولكنها تعد تطورا تاريخيا في العلاقات مع أفريقيا على حساب العرب، ويُمكنها من التأثير على قرارات الكثير من دولها".
هذا على مستوى المكاسب السياسية، أما على مستوى المكاسب الاقتصادية، بحسب صابر، فقد تمكنت دولة الاحتلال من تحقيق حزمة من المصالح الاقتصادية المحورية، فقد حققت عشرات الشركات الإسرائيلية أرباحا طائلة في صورة استثمارات داخل القارة، هذا بجانب استغلال ثرواتها المادية والنفطية والمعدنية التي تميزها عن غيرها من قارات العالم.
محاصرة العرب جنوبا
اعتبر السياسي المصري خالد الشريف أن "حصول إسرائيل على عضوية المراقب بالاتحاد الأفريقي رغم محاولاتها الحثيثة منذ تأسيس الاتحاد، يعد نجاحا بعد جهد سنوات أثمر عن ارتباطها بعلاقات دبلوماسية مع 46 دولة مقابل تراجع الدور العربي، وأكبر مثال على ذلك تلاعب إثيوبيا بمصر والسودان في أزمة سد النهضة ورفضها للاتفاق النهائي لملء السد".
مضيفا لـ"عربي21": "الكثير من الدول الأفريقية اتجهت لإعادة علاقاتها مع إسرائيل إثر توقيع مصر وإسرائيل على اتفاقية كامب ديفيد؛ ومصر والدول العربية بتراجعها وتخاذلها وتطبيعها جعلت إسرائيل تطمع أكثر في أفريقيا، وحصولها على صفة مراقب سيزيد من أطماعها في إقامة علاقات شراكة مع الدول الأفريقية، تسمح لها بالتدخل في الشأن الأفريقي ومحاصرة العرب جنوبا".