دعت
منظمة العفو الدولية الولايات المتحدة إلى استخدام نفوذها للضغط من أجل تحسينات ملموسة في حالة
حقوق الإنسان في مصر، وأن يبدأ ذلك بتأمين إطلاق سراح الآلاف الذين ما زالوا محتجزين بشكل تعسفي ووضع حد للحملة الحكومية المستمرة ضد المجتمع المدني.
جاء ذلك في مقال نشرته اليوم الثلاثاء، الأمينة العامة الجديدة لمنظمة العفو الدولية أغنيس كالامارد، على موقع المنظمة، انتقدت فيه مطالبة رئيس جهاز المخابرات العامة في مصر عباس كامل باعتقال المدافع المصري الأمريكي عن حقوق الإنسان محمد سلطان الذي يعيش في فرجينيا.
وذكرت كالامارد أن سلطان، الذي يرأس الآن مبادرة الحرية، وهي منظمة تدافع عن السجناء السياسيين، احتُجز ظلماً في مصر وتعرض للتعذيب وسوء المعاملة منذ عام 2013 حتى ضمنت إدارة أوباما إطلاق سراحه في عام 2015.
وأشارت إلى أن مصر عرفت "حملة من القتل غير المشروع والاعتقالات الجماعية عقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، والتي جاءت بالرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي"، الذي قالت إنه "أشرف على حملات قمع غير مسبوقة ضد حقوق الإنسان".
وأكدت كالامارد أنها خلال عملها كمقرر خاص للأمم المتحدة، والآن بصفتها الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، رأت "قادة لن يتوقفوا عند أي شيء لإسكات أولئك الذين يفضحون انتهاكاتهم، في الداخل ولكن الآن في الخارج بشكل متزايد".
واعتبرت كالامارد أن "مطالبة عباس كامل للولايات المتحدة باحتجاز سلطان في سجن أمريكي لبقية حياته، محاولة وقحة لحشد دعم المسؤولين الأمريكيين للقيام بالعمل القذر لمصر على الأراضي الأمريكية".
وأضافت: "إنه لأمر مزعج أنه في رحلة للحديث عن الصراع الذي يختمر مع إثيوبيا حول الأمن المائي استغل وقته المحدود في هذا الأمر".
وأشارت كالامارد إلى أنه على الرغم من رفض المسؤولين الأمريكيين لطلبات اعتقال سلطان على الفور، فإن غطرسة مصر في الاعتقاد بأنها يمكن أن تهدد وترهب المدافعين عن حقوق الإنسان في أي مكان في العالم تجد لها ما يبررها من الوقائع.
وقالت: "قام عملاء سعوديون بقتل وتقطيع الصحافي جمال خاشقجي المقيم في فرجينيا بوحشية في قنصلية إسطنبول في تشرين الأول (أكتوبر) 2018. وفي كانون الثاني (يناير) 2021، ألقى تقرير رفعت عنه السرية من مكتب مدير المخابرات الوطنية (ODNI) اللوم على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لكنها فشلت الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات ضده ولم يواجه أي مساءلة عن هذا العمل المروع".
وأضافت: "لا ينبغي أن يجعل التعاون الأمني والسياسي الوثيق بين مصر والولايات المتحدة من الولايات المتحدة ملاذًا يحتمل أن يكون غير آمن للمنفيين المصريين".
وأكدت كالامارد أن مصر والسعودية ليستا الجناة الوحيدين، وقالت: "هناك أدلة على زيادة عدد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان أو المعارضين السياسيين الذين يبحثون عن الأمان في الخارج، ومع ذلك فإنه يتم استهدافهم من قبل الدول أو الجهات الفاعلة غير الحكومية. وهم يواجهون أشكال المراقبة الإلكترونية وغيرها من أشكال المراقبة والتهديد والترهيب والاعتداءات الجسدية والاختطاف والقتل".
وأشارت إلى أن منظمة العفو الدولية عملت مع المنظمات الشريكة مؤخرًا على الكشف عن كيفية قيام الشركة الإسرائيلية NSO Group ببيع برامج تجسس خبيثة إلى الحكومات في جميع أنحاء العالم التي تستخدمها لتنفيذ هذا القمع العابر للحدود بالضبط.
وقالت: "جهود هذه الحكومات القمعية ضارة ليس فقط بسبب انتهاكات الحقوق التي تمثلها لأفراد مثل سلطان، ولكن أيضًا لأن لها تأثيرًا مخيفًا على المجتمع المدني العالمي".
واختتمت كالامارد مقالها بالقول: "إن كون سلطان وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان يجب أن يعيشوا حياتهم في المنفى على الإطلاق هو أمر غير معقول، ولكن بعد ذلك فإن العيش في خوف من الاضطهاد في مكان لجوئهم على أيدي أولئك الذين دفعوهم إلى المنفى هو أمر بعيد المنال. الطريقة الوحيدة لمنع ذلك هي اقتلاع المشكلة من جذورها".
وأضافت: "إن الوقوف في وجه هذا التنمر العابر للحدود ليس مجرد دفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان؛ إنه يدافع عن الحق في التعبير والعمل بحرية"، وفق تعبيرها.
يذكر أن الناشط الحقوقي محمد سلطان هو نجل الداعية والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور صلاح سلطان، وقد شاركَ في ثورة 25 يناير كما أنه شارك في التظاهرات المُندّدة بالانقلاب العسكري على الرئيس المصري السابق محمد مرسي وهناك اعتُقلَ على يدِ الشرطة المصرية بعد فض اعتصام رابعة العدوية في 14 آب (أغسطس) 2013 إلى أن أُفرج عنه في أيار (مايو) 2015 بعدما خاض إضرابًا طويلًا عن الطعام فضلًا عن تنازلهِ عن الجنسيّة المصرية.
وبعد عودته إلى الولايات المتحدة تقدم محمد سلطان بدعوى قضائية أمام محكمة في واشنطن ضد مسؤولين مصريين كبار حاليين وسابقين بدعوى تعرضه للتعذيب خلال فترة اعتقاله في مصر لنحو عامين، بسبب نشاطه المناهض للحكم العسكري عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي عام 2013.
واستهدفت هذه الدعوى رئيس الوزراء المصري السابق، حازم الببلاوي (والمقيم حاليا بالولايات المتحدة) كمتهم أول بوصفه من وَجّه بإساءة معاملته كما أنها تشمل الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ومدير ديوانه السابق عباس كامل الذي يرأس حاليا جهاز المخابرات العامة، وثلاثة قادة سابقين في وزارة الداخلية، وطالب سلطان في الدعوى بملاحقتهم في حال دخولهم الولايات المتحدة.