هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تقف مصر على أعتاب قرار سينزل كالصاعقة على المصريين خصوصا الفقراء منهم، جراء منح رئيس
سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي الضوء الأخضر لحكومته لرفع سعر رغيف الخبز المدعم،
وذلك للمرة الأولى منذ عام 1988 بدعوى توفير دعم الخبز لتمويل وجبة مدرسية صحية للطلاب.
ومن فوره أعلن وزير التموين المصري، علي المصيلحي
(وزير التموين في عهد مبارك)، أن وزارته سوف تقوم بدراسة زيادة سعر رغيف الخبز المدعم،
إلى جانب العمل على إعادة صياغة فاتورة الدعم بحيث يشمل الجوانب كافة.
وفي اليوم التالي، اقترح أعضاء في الاتحاد العام
للغرف التجارية بمصر، تسعير رغيف الخبز المدعوم بـ20 قرشا، بدلا من 5 قروش، بنسبة ارتفاع
300 بالمئة، بزعم أنه "يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الحالية للأسرة المصرية، وبما
يسمح للدولة بتوجيه قيمة هذا الدعم لمشروعات اقتصادية تخلق فرص عمل جديدة للشباب".
وقال خبراء ومختصون في تصريحات لـ"عربي21"؛ إن مثل هذا القرار غير المسبوق والمحفوف بالمخاطر يشكل تهديدا حقيقيا لمستقبل ملايين
الأسر المصرية التي يرزح 30 بالمئة ( 30 مليون مواطن) في براثن الفقر بعد رفع جميع
أنواع الدعم خلال السنوات الماضية، كما أنه يكشف عن نوايا أكثر جرأة وقسوة.
حقيقة الدعم المهدر
لكن الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال، محمود وهبة،
توقع أن "يمر قرار السيسي برفع سعر رغيف الخبز دون أي رد فعل"، ما يعد خطوة
أخيرة نحو كتابة نهاية عصر الدعم في مصر.
وفي رده على مزاعم السيسي بأن رفع سعر رغيف الخبز
هو إصلاح اقتصادي، وأن دعم الخبز هو أموال مهدرة، تساءل في حديثه لـ"عربي21":
أين إيرادات شركات ومصانع الجيش والصناديق السيادية (المليارية). يتم تحميل ديون المؤسسة
العسكرية والصناديق السيادية لميزانية الشعب".
واستهجن وهبة سياسة مصر العسكرية في التعامل مع
المواطنين وإدارة الاقتصاد المصري من منطلق مصالحه الخاصة، مشيرا إلى أن "الجيش
لا يدفع ديونه وتتحملها جيوب المصريين، ولا حق دستوري له في الدخول بالاقتصاد أو الاستيلاء
على ممتلكات الشعب والوطن".
اقرأ أيضا: مقترح لرفع سعر الخبز بمصر 300 بالمئة.. والسلطات تبرر
كم مليون فقير جدد؟
تنتج مصر، المستهلك الأكبر للقمح عالميا، حوالي
121 مليار رغيف مدعوم سنويا، يستفيد منها 67 مليون مواطن، يحصل كل منهم على خمسة أرغفة
يوميا، بإجمالي مخصصات دعم تبلغ حوالي 45 مليار جنيه، وفقا للبيان المالي لموازنة
العام الحالي. (الدولار يساوي 15.74 جنيها)
ويهدد رفع سعر الخبز إذا ما نفذ بسقوط ما بين
4-5% من المصريين تحت خط الفقر، وفق هبة الليثي مستشارة رئيس الجهاز المركزي للتعبئة
العامة والإحصاء.
وأشارت في تصريحات صحفية إلى أن دعم الخبز هو ما
كان يحميهم من السقوط، الذي يُشكل جزءا من الاحتياجات الأساسية وعلى رأسها الطعام،
وهي النسبة نفسها التي ذكر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أنها حُميت من الفقر بفضل
الدعم الغذائي.
بالونة اختبار قبل تلاشي الدعم
يعتقد مستشار وزير التموين المصري الأسبق، الدكتور
عبد التواب بركات، أن الخبز يمثل تحوطا ضد الجوع خاصة خلال الأزمات، قائلا: "رفع
السعر سوف يؤدي إلى سقوط عدد كثير في براثن الفقر، وبحسب دراسة سابقة لبنك الدولي، فإن
دعم الخبز يحمي 10 بالمئة من المصريين من السقوط في الفقر، ما يعني انضمام 10 ملايين
فقير".
وفيما يتعلق بالسعر المقترح، توقع في حديثه لـ"عربي21"
أن "ما أثير من قبل أجهزة السيسي عن رفع سعر رغيف الخبز 3 أضعاف، الهدف منه هو
رفع السقف أمام الحكومة قبل أن تعلن السعر الحقيقي المراد رفعه"، مشيرا إلى أن
"دعم رغيف الخبز هو حق للمواطن وليس منة من الحكومة؛ لأنه أداة دستورية لعلاج
الفقر الناجم عن الفشل في هيكلة الاقتصاد وأدائه".
ونفى أن تكون هذه هي الزيادة الأولى مؤكدا أنها
"تعد هذه الزيادة الثالثة، بعد الزيادة الأولى غير المباشرة والملتوية التي حدثت
في عامي 2013 و 2020، بعد قرار وزارة التموين خفض وزن رغيف الخبز من130 إلى 110 غرامات
ثم إلى 90 غراما، أي أنها رفعت، بطريقة غير مباشرة، سعر الرغيف بنسبة 35 بالمئة".
وأوضح مستشار وزير التموين الأسبق، أن "نظام
السيسي يقوم دائما بخفض الدعم عن السلع التموينية بطرق غير مباشرة؛ من خلال تثبيت الدعم
النقدي للمواطن عند 50 جنيها واقتصاره على الوالدين وأول طفلين فقط و25 جنيها للثالث،
لكنه يقوم برفع أسعار السلع التموينية (الزيت والسكر) وتخفيض القيمة الشرائية هو تخفيض
الكميات، ومن ثم تخفيض الدعم".