هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رأى رئيس حركة "وفاء" التونسية المحامي عبد الرؤوف العيادي، أن ما يقوم به الرئيس التونسي قيس سعيد منذ إعلانه تجميد البرلمان وحل الحكومة وتوليه النيابة العامة يوم 25 تموز (يوليو) الماضي، هو انقلاب على الديمقراطية، وتدويل للخلافات الداخلية بين الفرقاء التونسيين.
وأكد العيادي في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن "ما يقوم به قيس سعيد من سياسات شعبوية ومحاولة تقديم نفسه كزعيم مسخر لخدمة الشعب بدلا من المؤسسات التي تم تصويرها على أنها غير قادرة على القيام بمسؤولياتها، هو تكرار لأسلوب قديم تجاوزه عرف العرب في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وتجاوزه الزمن".
وقال: "ربما يفسر هذا التوجه أنه تحالف مع القوميين وبعض الأطراف اليسارية، وهؤلاء ثقافتهم هي ثقافة الزعيم والديكتاتور الشعبي، أرادوا أن يمارسوها كخيار ضد الديمقراطية، واتخذوا من قيس سعيد واجهة، لأنه لا ماضي سياسيا له وليس له رصيد".
واستغرب العيادي كيف يقدم قيس سعيد، وهو في الأساس رجل قانون، على مخالفة كل القوانين بأن يجعل من نفسه الوصي على مصير شعب، في مسعى لتجاوز المؤسسات، وعدم إذعانه لمقتضيات القوانين".
وأكد العيادي، أن انقلاب قيس سعيد وحلفائه على المسار الديمقراطي جرى بالتنسيق مع قوى إقليمية ودولية، وقال: "الانقلاب صار بتنسيق قوى إقليمية عربية رجعية تخشى المنظومة الديمقراطية التي تخترق أنظمة قبلية تقوم على فكرة الشيخ".
وأضاف: "هم يخشون الديمقراطية، ومستقبل أنظمتهم في الميزان.. لأن الربيع العربي يخترق هذه الأنظمة.. لقد حققت البيئة التونسية العديد من المكاسب.. وقد أخذت التدابير التي أقدم عليها قيس سعيد ردات فعل كبيرة، من المجلس الأعلى للقضاء والمحامين، وهناك نبرة تحد من عدة أطراف من جامعيين وغيرهم، وإن ما حصل هو ضد التاريخ وهذا سيخلق حركية، الخيار بين قوة الإقناع وقوة الإكراه.. قوة الإكراه مادية، وقوة الإقناع معنوية".
ورأى العيادي أن "الانقلاب يتخبط، فهو في الوقت الذي يتحدث فيه عن مقاومة الفساد، فإنه لم يفعل شيئا في هذا المسار، ولن يستطيع أن يفعل شيئا في غياب مؤسسة قضائية مستقلة ومؤهلة لذلك، ولذلك فإن كل ما يقوم به لن يتجاوز الاستعراض لا غير".
وجوابا على سؤال وجهته له "عربي21"، عن ما إذا كان الحوار ما زال ممكنا لإخراج تونس من مشكلاتها، قال العيادي: "ما يجري في تونس، صراع داخلي وإقليمي في آن واحد، الحديث عن حوار وارد لما تكون المشكلة داخلية.. أما الآن فالسعودية والإمارات ومصر دول منخرطة في المعركة، وتريد إنهاء الربيع العربي".
وأضاف: "كما أن النظام الغربي الموجود في تونس خطابه خطاب المؤسسات، على اعتبار أنه صاحب وجهة النظر الليبرالية، التي دافع عنها وصارع بها الاتحاد السوفييتي، وهناك أيضا لعبة المصالح.. كذلك دور إسرائيل في فرض نوع من التطبيع.. من سيجري الحوار.. حتى الحوار السابق أجري برعاية فرنسية.. حيث تمت استضافة الشيخين إلى باريس.. أنا لا أرى حوارا في المرحلة الراهنة إلى حين اتضاح الرؤى للأطراف المشاركة في المشهد التونسي"، على حد تعبيره.
ومنذ 25 تموز (يوليو) الماضي، تعيش تونس أزمة سياسية حادة، حين قرر سعيّد إقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، وأن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤسه النيابة العامة، ولاحقا أقال مسؤولين وعَيَّنَ آخرين.
ويعتبر مراقبون ما يحدث في تونس انتكاسة للمسار الديمقراطي، بعد أن كان يُنظر إليها على أنها الدولة الوحيدة التي تمكنت من إنجاز انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى شهدت أيضا قبل سنوات ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها.
إقرأ أيضا: بعد زيارة قرقاش.. هل لا يزال التطبيع خيانه لدى قيس سعيّد؟