قضايا وآراء

الملتحف بالأمريكان عريان

عدنان حميدان
1300x600
1300x600
يقول المثل "الملتحف بمتاع الغير عريان"، وكذلك حال من تلحف بغطاء الأمريكان في أفغانستان، وسيكون في كل مكان، فلا نجاة لحكومة ترهن قرارها للخارج.

وهذه ليست المرة الأولى للأمريكان خاصة وللغرب عامة في التخلي عن حلفائهم، ولنا في شاه إيران وزين العابدين بن علي عبرة ومثال.

في أقل من شهر ونصف بعد اجتماع الرئيس الأفغاني أشرف غني بالرئيس الأمريكي بايدن، وتبادلهما الضحكات معا، تخلى بايدن عنه وتركه وحيدا يواجه مصيره.

وكان حال غني كسائر عملاء الغرب من الحكام، منبطحا مهزوما مدبرا غير مقبل، لا كرامة ولا مروءة ولا دفاع يذكر عن شرعية نظامه، إن وجدت أصلا.
في أقل من شهر ونصف بعد اجتماع الرئيس الأفغاني أشرف غني بالرئيس الأمريكي بايدن، وتبادلهما الضحكات معا، تخلى بايدن عنه وتركه وحيدا يواجه مصيره

يذكّرنا أشرف غني ومن قبله كرزاي بحال الوزير ابن العلقمي الذي تآمر مع ملك التتار هولاكو ضد الخليفة المستعصم، وبفضل خيانة ابن العلقمي أمكن لهولاكو قتل الخليفة وعدد كبير من رجالات بغداد، بيد أنه بعد ذلك عومل بمنتهى الاحتقار من قبل التتار، حتى أنهم جعلوه في الأرض بجانب خيولهم وهي تبول حتى أصابه شيء منها.

ولم تكن دمشق أفضل حالا تحت إمرة الملك الناصر وهو يتلقى تهديدات التتار؛ فبعث وزيره زين الدين الحافظي رسولاً إليهم، فأحسنوا إليه ومدحوه وأخذوا يشيدون بوعيه وحكمته وحنكته واحترامهم له واستمالوه حتى صار من جهتهم وأصبح طوع أمرهم، وصار يهوّل على الملك الناصر أمورهم ويعظّم شأنهم ويخوّفه منهم، ويصف كثرة عساكرهم ويصغّر شأن الملك الناصر ومَن عنده من العساكر، حتى سهل مهمتهم في اقتحام المدينة واحتلالها.

ممارسات وحيل في استقطاب العملاء واستدراج الموالين تكاد تكون واحدة ولو اختلفت الأزمنة والعصور، فهو ليس إسقاطا ماليا أو أخلاقيا - وإن كان ذلك واردا في أي وقت - بقدر ما هو استدراج من مدخل الحكمة والحنكة والنضج السياسي وحسن تقدير الأمور، والواقعية في التعاطي مع المتغيرات على خلاف فلان أو علان، سواء كان ذلك هو حاكم البلاد أو تيارا يمثل توجها إصلاحيا فيها.

فأنت يا أشرف غني "غير عنهم كلهم"، ونحن معك وندعمك ونثق بوجود أمثالك في السلطة، ثم إذا سقط ورحل إلى غير رجعة، كانت كل سلبياته حاضرة، ويصحب ذلك سعي لإيجاد بديل له مهما كلف ذلك من ثمن.
ما شهدناه في الأيام الأخيرة في أفغانستان يؤكد بما لا يقبل الشك أن الشعب هو الحاضن الحقيقي لأي حاكم، وإن كان هناك جدل أو نقاش حول شعبية طالبان في أفغانستان، فلا أحد يجادل في انعدام شعبية الحكومة وعدم دفاع الناس عنها

ما شهدناه في الأيام الأخيرة في أفغانستان يؤكد بما لا يقبل الشك أن الشعب هو الحاضن الحقيقي لأي حاكم، وإن كان هناك جدل أو نقاش حول شعبية طالبان في أفغانستان، فلا أحد يجادل في انعدام شعبية الحكومة وعدم دفاع الناس عنها. ولك أن تقارن ذلك بما حصل في 15 تموز/ يوليو في تركيا على سبيل المثال، وكيف قام الشعب ومعه أجهزة أمنية وعسكرية بمقاومة الانقلاب ورفضه حتى دحره، لأن الشعب هناك يدافع عن اختياراته ويدرك أن القادم لو نجح الانقلاب سيكون أسوأ، الأمر الذي كان فيما رأينا سيان على الشعب الأفغاني الذي لم ير خيرا قط في بلاده، رغم وجود الأمريكان وعملائهم في الحكم منذ أكثر من عشرين عاما.

وقد لخص نابليون المشهد في ذلك كله بقوله: مثل الذي خان وطنه وباع بلاده مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه.
التعليقات (0)