هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تتغير ولكنها انتصرت فعززت ثقتها بنفسها وبمعتقداتها؛ كيف لا بعد أن تغلبت على الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى التي هزمت الاتحاد السوفييتي السابق؛ وفرضت شروطها للاستسلام الكامل على ألمانيا واليابان وإيطاليا في الحرب العالمية الثانية.
لم تتغير حركة طالبان ولكنها عادت وملئُها الثقة بالنفس بعد حرب ضروس دامت عشرين عاما تفوقت فيها على دول حلف الناتو الـ 30؛ فطالبان لم تعد بحاجة لإظهار قوتها أو الدعوة لأفكارها ورؤيتها للمجتمع الذي أسندها على مدى السنوات العشرين الماضية؛ ووفر لها الحاضنة التي مكنتها من الانتصار وهزيمة أعدائها.
طالبان اليوم أكثر ثقة بالمجتمع الأفغاني؛ من طالبان الأمس التي خاضعت حربا أهلية مع فصائل المجاهدين وتحالف الشمال بتركيبته المعقدة إثنيا وفكريا؛ فهي الآن محط إعجاب واهتمام العالم أجمع؛ فدوي انتصارها يتردد صداه في زوايا العالم من كوبا وفنزويلا في أمريكا الجنوبية واللاتينية إلى إفريقيا وزوايا آسيا الواسعة.
طالبان لم تعد بحاجة لكبير عناء لتدافع عن نفسها أو صورة انتصارها الذي عكسه الفرار الجماعي والتعلق المحزن والمخزي بأجنحة الطائرات العملاقة للموالين لأمريكا وحكومتها في كابل.
لم تعد طالبان بحاجة لنشر فكرها ورؤيتها فهي على ثقة بقدرتها على إدارة الدولة وبناء التحالفات الداخلية والخارجية بكل يسر وسهولة؛ فالجميع وبصوت واحد يقول "طالبان تغيرت"؛ بل إن البعض بات يجزم بذلك؛ ومن ضمنهم ـ للذكر لا للحصر ـ قائد الجيش البريطاني الجنرال نيك كارتر الذي كان من أكثر المعارضين للانسحاب الأمريكي؛ فالرجل تغير من حال إلى حال وبتنا نسمعه يقول بصوت عال "طالبان تغيرت".
تمكنت طالبان من تفويت الفرصة على خصومها وباتت أقرب لتحقيق انتصار سياسي يترجم انتصارها العسكري من خلال الحكم وفق مبادئها والقيم التي تؤمن بها؛ ودون الحاجة للتغيير أو التعبير الصارخ عن أفكارها؛
طالبان لم تتغير ولكنها نكهة الهزيمة المرة في حناجر وألسنة القادة العسكريين والسياسيين والدبلوماسيين الغربيين هي التي غيرت المذاق فتغيرت معها الأقوال؛ نكهة فجرها هول الصدمة بسرعة انهيار الحلفاء والشركاء الذين أنفق عليهم الناتو وأمريكا المليارات لضمان استدامة الصراع لعشرين عاما أخرى في أفغانستان فخاب ظنهم؛ فأفغانستان على موعد مع الاستقرار وعلى موعد مع تحالفات وعلاقات جوار ممتازة تشمل روسيا والصين وإيران أيضا.
تمكنت طالبان من تفويت الفرصة على خصومها وباتت أقرب لتحقيق انتصار سياسي يترجم انتصارها العسكري من خلال الحكم وفق مبادئها والقيم التي تؤمن بها؛ ودون الحاجة للتغيير أو التعبير الصارخ عن أفكارها؛ فالمساحة لديها أوسع معززة بالثقة الغامرة بالنفس التي تتيح لها قبول الآخر وبناء مؤسسات الدولة لتحقيق الديمومة والاستمرار وتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي وعد به قادتها.
ختاما.. تكاثرت التصريحات الصادرة عن الساسة والدبلوماسيين والقادة العسكريين الغربيين مفادها أن "طالبان تغيرت"؛ تصريحات لا تتسع المقال لذكرها؛ إذ تحتاج لمجلدات وشروحات لتصنيفها وفهم دوافع أصحابها الجيوسياسية من اليابان إلى الصين فروسيا والأهم أمريكا ودول الناتو.
فالحقيقة البسيطة تقول بأن طالبان لم تتغير وإنما انتصرت وتعززت ثقتها بنفسها وبمجتمعها وهذا هو جوهر التغير وحقيقته الذي يتجنب الخاسرون الإشارة إليه من قريب أو بعيد؛ فمن تغير في الحقيقة المهزومون ومقولاتهم.
hazem ayyad
@hma36