سياسة دولية

لماذا ترفض شركات الأدوية نشر أسرار تركيبة لقاح كورونا؟

منظمة العفو الدولية اتهمت الشركات الست الكبرى المطورة للقاح بالتسبب بانتهاك حقوق الإنسان- جيتي
منظمة العفو الدولية اتهمت الشركات الست الكبرى المطورة للقاح بالتسبب بانتهاك حقوق الإنسان- جيتي

تحافظ الشركات المصنعة للقاحات كورونا، على سر تركيبتها، رغم مطالب حقوقية تدعو لرفع حقوق الملكية الفكرية عنها.

 

وفي شهر أيار/ مايو، أعلنت الولايات المتحدة دعمها خطوة منظمة التجارة العالمية الهادفة إلى رفع حماية حقوق براءات اختراع لقاحات فيروس كورونا، مؤقتا.


وكانت دولتا الهند وجنوب أفريقيا قد اقترحتا هذه الخطة بهدف زيادة إنتاج اللقاح في جميع أنحاء العالم، لكنهما واجهتا معارضة قوية من الإدارة الأمريكية السابقة لدونالد ترامب وبريطانيا والاتحاد الأوروبي - حتى جاء الرئيس، جو بايدن، واتخذ مسارا مختلفا، وأيد المقترح.

 

لا تزال ذكريات ما جرى أثناء انتشار فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة "ومرض الإيدز الناجم عنه"، حاضرة لدى البروفسورة الجزائرية، مريم مراد، رغم مرور قرابة ثلاثين عاما عليها، بحسب تقرير لشبكة "بي بي سي" البريطانية.

كانت الشابة مريم حينها طبيبة مقيمة في أحد مشافي باريس، فشاركت في علاج كثير من المرضى الذين أصيبوا بالعدوى، وتابعت تفاصيل النقاشات والمشكلات التي دارت في تلك الفترة عندما انتشر المرض في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.

أحد تلك الأسئلة التي واجهتهم بعد التوصّل لإنتاج أدوية وعلاجات للمرض: هل يجب أن تتنازل الشركات عن حقوق ملكية الأدوية التي طوّرتها أم لا؟

 

اقرأ أيضا: علماء يكذبّون شائعة زرع شرائح في لقاحات كورونا

وقتها قادت دولة جنوب أفريقيا معركة لمواجهة عمالقة صناعة الأدوية الغربيين لانتزاع حق الحصول على أدوية الإيدز باهظة الثمن التي ينتجونها، لعلاج الملايين من مواطنيها المصابين. وانتهت تلك المعركة القضائية بما وُصف وقتها بـ"هزيمة ساحقة" لعمالقة الأدوية.

 

لذلك لا تستغرب الباحثة ومديرة مختبر المناعة في مستشفى "ماونت سايناي" الأمريكي المطالب الموجّهة حاليا للشركات الكبرى المطوّرة للقاح المضاد لفيروس كورونا لتتنازل عن حقوق ملكية اللقاح.

 

وقالت البروفسورة مريم: "الأمر مفزع. أشعر وكأن التاريخ يكرر نفسه. النقاش ذاته يتكرر. احتجنا عقدا كاملا حينها لنحصل على علاجات للإيدز. أعتقد أنه علينا التعلّم من التاريخ".


ولا تتفق الباحثة مع المطالب الحالية المشابهة بالتنازل عن حقوق ملكية اللقاح، وتقول: "علينا أن نتقبل الواقع الحالي: أنا أكاديمية؛ لا أعمل بهدف الربح. أؤمن بالمساواة في علاج الجميع. ولو أن الأمر عائد لي فلن آخذ قرشا واحدا من أي شخص. لكن هذه الفكرة مثاليّة. أدركتُ أن العالم لا يسير بهذه الطريقة".


لكن يبدو أن مجموعات حقوقيّة تعمل جاهدة للتأثير على كيفيّة سير العالم، ومن بينها منظمة العفو الدولية (أمنستي) التي أصدرت تقريرا اتهمت فيه الشركات الست الكبرى المطورة للقاح بالتسبب بانتهاك حقوق الإنسان، وطالبتها بتعليق العمل بحقوق الملكية الفكرية.

 

وهذه الشركات هي: مودرنا وفايزر وأسترازينيكا وجونسون أند جونسون ونوفافاكس، ولم يشمل التقرير اللقاحات المطوّرة من قبل شركات روسيّة وصينيّة بسبب "افتقار عملياتها إلى الشفافية"، وفقا لأمنستي.

 

"متقاعسون"

ووفقا لتقرير منظمة العفو الدوليّة، الصادر يوم 22 أيلول/ سبتمبر فإن مطوري اللقاحات "يزعمون" احترام حقوق الإنسان لكنهم "تقاعسوا جميعا - بدرجات متفاوتة - عن الوفاء بالمسؤوليات المترتبة عليهم".


لذلك قالت أمنستي إن الشركات "تسببت أو أسهمت في التسبب بأضرار لحقوق الإنسان تعرض لها مليارات البشر" الذين لم يحصلوا على اللقاح، كما تسببت بأضرار لحقوق الإنسان بسبب قراراتها "بعدم إشراك الآخرين في الملكية الفكرية والتكنولوجيا"، وأسهمت في "انتهاكات لحقي الحياة والصحة" بسبب "بيعها المتكرر لمعظم مخزونها النادر إلى الدول الغنية غالبا بأرباح ملموسة".


فركّزت مطالبتها على مطالبة شركات الأدوية بتعليق العمل بحقوق الملكية الفكرية وذلك من خلال إما إصدار تراخيص عالمية مفتوحة وغير حصرية، أو المشاركة في مجمع C-TAP، من أجل الوصول إلى طرح عادل وسريع للقاحات في الأسواق.


ومجمّع C-TAP جاء بمبادرة أطلقتها منظمة الصحة العالمية، اسمها بالعربيّة "تجمّع الوصول إلى التكنولوجيا" أو (Technology Access Pool) بالإنجليزية، علما أن هناك مبادرات دولية مشابهة أشهرها كوفاكس.

 

اقرأ أيضا: الرئيس التنفيذي لـ"موديرنا" يتوقع موعد انتهاء وباء كورونا

وما تريده المنظمة الحقوقية من الشركات هو مشاركة ما لديها من معارف وتكنولوجيا، وتدريب المصنعين المؤهلين الملتزمين بزيادة إنتاج لقاحات فيروس كوفيد-19، وعدم محاولة ممارسة نفوذها لدى الحكومات لعرقلة اتخاذ التدابير الهادفة إلى تسهيل إشراك الآخرين في الملكية الفكرية والتكنولوجيا، وعدم وضع مصالحها الاقتصادية قبل مسؤولياتها تجاه حقوق الإنسان.


إلى جانب مطالبتها هذه الشركات الست بإعطاء الأولوية لتوفير مزيد من اللقاحات في المناطق والدول الأقل ثراء من خلال المشاركة في المبادرات الدولية.


لكن هل المشكلة الرئيسية هي حقوق الملكية؟

 

بعض الأصوات لا تعتقد ذلك، فالاتحاد الدولي لصناعة الأدوية، مثلا، يرى أن المشاكل الحقيقية لا تتعلق ببراءة الاختراع بل بوجود حواجز جمركية، وصعوباتِ التوزيع، ونقصِ المواد الخام في بعض الدول، إلى جانب تخزين الدول الغنية للجرعات بدلا من تقاسمِها مع الدول النامية.


البروفسورة مريم مراد أيضا مع هذا الرأي، وتعتقد أن الوصول إلى حل ممكن من خلال مشاركة التكنولوجيا والمهارات وخبرات تصنيع اللقاح - دون التنازل عن حقوق ملكيتها.


وتقول: "على الناس أن تعرف أن تلك الجهود لم تكن بسيطة. هل نريد أن نقول لهذه الشركات كلما احتجناها إنه عليها التنازل عن حقوق الملكية؟ هذه ليست الطريقة التي يسير عليها العالم حاليا"، وتؤكد الباحثة أنها تريد أن تبقى هذه الشركات هي المسؤولة وأن تبقى خاضعة للمساءلة.


"إن حقوق الملكية طريق مسدود؛ لأن الشركات قد تتنازل عنها لكن دولا قليلة جدا ستكون قادرة على تصنيع اللقاح - هذا أولا.


وثانيا، التنازل عن حقوق الملكية يعني أننا سنضع كل الجهود على عاتق الحكومات ونحن نعرف طريقة عمل بعض هذه الحكومات".


تعبر البروفسورة بوضوح عن تأييدها الكبير لرؤية رجل الأعمال الشهير، بيل غيتس، رئيس شركة مايكروسوفت الذي دخل عالم الصحة العامة واللقاحات، كما ارتبط اسمه بكثير من المؤامرات من قبيل أنه استغل الوباء وخطط لزرع رقاقات للتحكم بالبشر - وطبعا فنّدت كل هذه المزاعم.


ففي بودكاست من إنتاج نيويورك تايمز بعنوان "هل يمكن لبيل غيتس تطعيم العالم - Can Bill Gates Vaccinate the World" نشر في مارس/آذار من هذا العام، تحدثت الصحفية الاستقصائية الأمريكية، ميغان توهي، عن الدور الذي لعبه غيتس من خلال عمله على إنشاء منظمة وسيطة تعمل كحلقة وصل أساسية بين شركات الأدوية وبين الدول النامية.


كما ذكر البودكاست كيف أن ثلاث منظمات كانت ركائز مبادرة كوفاكس؛ وهي (Gavi) منظمة اللقاحات العالمية غير الربحية التي ساعد غيتس في تأسيسها، إلى جانب منظمة عالمية أخرى غير ربحية تسمى (CEPI) والتي ساعد الرجل أيضا في تأسيسها، إضافة إلى منظمة الصحة العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.


الحديث - طبعا - عن علاقة الرجل مع منظمة الصحة العالمية ودور مؤسسته معقّد جدا ويحتاج بحثا مطولا، لكن يبدو أن التركيز الآن منصبّ على المهمّة الملقاة على عاتق "كوفاكس" وغيرها من المبادرات العالمية لتحقيق الهدف الذي وضع في تموز/ يوليو لتطعيم 40 بالمئة من سكّان الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

 

التعليقات (2)
الخبر مصنف "سياسة دولية" وليس "طب وصحة". بدايدة جيدة للإستفاقة من الغفلة.
السبت، 02-10-2021 05:05 م
الخبر مصنف "سياسة دولية" وليس "طب وصحة". بدايدة جيدة للإستفاقة من الغفلة.
إلى الناس الذين يصرون على غبائهم في هذا العالم القذر، إقرأوا هذا الخبر
السبت، 02-10-2021 04:18 م
رسمياً وبالأرقام وللمرة السابعة: اللقاح يخفض فرصة النجاة من الفيروس وليس العكس الحقائق ثابتة في كل التقارير تثبت التقارير المتوالية التي أصدرتها هيئة الصحة العامة الانكليزية Public Health England (PHE) أن اللقاح يخفض فرصة النجاة من كوفيد عند الإصابة به وأن أعداد ونسب الوفيات بين المطعمين أعلى منها عند غير المطعمين. فللمرة السابعة على التوالي تثبت الأرقام في آخر تقرير فني (رقم 23) الحقائق التالية: اللقاح لا يحمي من الإصابة بالفيروس وأن أعداد الذين يصابون به من المطعمين في تصاعد متواصل اللقاح يسبب نسب وفيات بين المطعمين أعلى منها عند غير المطعمين ، وبالتالي فدعوى أنه يقلل حدة المرض هي محض كذب. أعداد الوفيات بين الملقحين أعلى بكثير من غير الملقحين (رغم أن عدد المصابين بكوفيد من غير الملقحين أكبر) أعداد المصابين بالفيروس من الملقحين في تزايد هندسي مقارنة آخر التقارير وكشفت المقارنة بين آخر تقارير الهيئة وهو التقرير رقم 23 (الصادر في 17 سبتمبر) وبين التقرير رقم 20 (الصادر في 6 أغسطس) عن حقائق مفزعة وأخبار سيئة لمن تلقوا اللقاح بخصوص قابليتهم للإصابة بكوفيد وفعالية جهاز المناعة البشري بعد الإصابة به كما يبين الجدول في أسفل المقال. وتصدر هيئة الصحة العامة البريطانية تقريراً كل أسبوعين بهدف مراقبة نشاط المتحورات المختلفة خاصة المتحور دلتا الذي يعتبر المتحور السائد هناك الآن ، حيث ترصد هذه التقارير أعداد الإصابات والدخول للمستشفيات والوفيات الناجمة عن الإصابة بهذا المتحور بين الملقحين بجرعة والملقحين بالجرعتين وغير الملقحين. اللقاح يخفض فرصة النجاة من الفيروس وليس العكس وقد استخلصنا هذا الجدول للمقارنة بين أعداد ونسب الإصابة والوفيات بين غير الملقحين وبين الملقحين بجرعتين (كاملي التلقيح). ويتضح من الأرقام أن نسبة الوفيات بين المصابين من الملقحين تتراوح بين ضعفين ونصف إلى خمس أضعاف نسبة الوفيات بين المصابين من غير الملقحين. وهذا يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن اللقاح يضعف مناعة الملقحين ويجعلهم غير قادرين على مقاومة الفيروس ويخفض فرص النجاة منه عند الإصابة به. وهذا على خلاف ما أعلنوه مراراً وتكراراً أن اللقاح يجعل الإصابة بالفيروس أقل خطورة وكما هو واضح من الأرقام أنه يجعل الإصابة بالفيروس أكثر خطوة مقارنة بالشخص الغير مطعم. المطعمون يشكلون 74% من الوفيات في الشهر الأخير وفي الشهر الأخير وحده ازدادت أعداد الوفيات بمقدار 1800 وفاة أي أكثر من ضعفي الوفيات خلال الخمسة أشهر الماضية مجتمعة ، وكانت الوفيات بين الملقحين تلقيحاً كاملاً 1211 أي أكثر من ثلثي عدد الوفيات خلال هذا الشهر فإذا ما أضفت إليهم الملقحين بجرعة واحدة وصلت نسبة الوفيات بين كل الملقحين إلى 74% أي ثلاث أرباع إجمالي الوفيات ، بينما لم تتجاوز نسبة الوفيات بين غير الملقحين نسبة 26.1%. ولا يمكن أن يدعي شخص ما أن ذلك بسبب أن معظم الناس تلقوا اللقاح وبالتالي فمن الطبيعي أن تزداد الوفيات بينهم ، لأنه بالنظر إلى نسبة الوفيات من المصابين تتضح الصورة فرغم أن أعداد المصابين بين الفئتين متقاربة في هذا الشهر إلا أن الوفيات بين هؤلاء المصابين أعلى بكثير داخل شريحة المطعمين. ومن الجدول أسفله يمكنك فهم الصورة الكاملة.