هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتجه الأنظار إلى اجتماع الحكومة التركية برئاسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي سيناقش إمكانية طرد سفراء 10 دول بسبب البيان الذي أدلوه عن رجل الأعمال المعتقل عثمان كافالا، من عدمه، وسط الحديث عن مطالبات بالتأني.
والجمعة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنه أصدر تعليمات إلى وزير الخارجية، من أجل إعلان السفراء العشرة، أشخاصا غير مرغوب فيهم بأسرع وقت.
وأضاف: "يجب على هؤلاء السفراء معرفة تركيا وفهمها وإلا فعليهم مغادرة بلادنا".
وذكرت صحيفة "حرييت" التركية، أن اجتماع مجلس الوزراء في تركيا سيناقش مسألة طرد سفراء الـ10 دول، لافتة إلى أن السفارات لم تتلق أي إخطار بعد.
ولفتت إلى أن هناك مزاعم بأن أردوغان طالب وزير خارجيته مولود تشاووش أوغلو بإعلان سفراء الـ10 دول "أشخاصا غير مرغوب فيهم" خلال جولته الأفريقية، لكن الأخير رأى أنه يجب التروي.
وأكدت أن مزاعم طرد السفير الهولندي من أنقرة والتي جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي مساء أول أمس لم تكن صحيحة.
ومن بين الادعاءات التي أثيرت أن دبلوماسية الباب الخلفي، تجري بين وزارة الخارجية والسفارات المعنية، كما أن السفراء العشرة أجروا محادثات فيما بينهم بعد تصريحات أردوغان.
وبحسب الصحيفة، فإنه يتم التأكيد على أنه إذا أعلنت تركيا سفراء ألمانيا والولايات المتحدة والدنمارك وفنلندا وفرنسا وهولندا والسويد وكندا والنرويج ونيوزيلندا الذين أدلوا ببيان حول إطلاق سراح عثمان كافالا "غير مرغوب فيهم"، فسيكون هناك انتقام فوري من دولهم.
وتشير التقديرات إلى أن إدراج السفير الأمريكي بين القائمة سيوجه ضربة كبيرة جدا للعلاقات التركية-الأمريكية، المهترئة في الآونة الأخيرة.
ووفقا للتوقعات المتفائلة في أنقرة، فإن المشكلة سيتم تناولها على أن تصريحات الرئيس التركي في ولاية إسكي شهير بشأن الوزراء قد تكون تحذيرا أخيرا موجها لهم، وأنه إذا تكرر الأمر من السفراء الـعشرة بعد ذلك فإن إجراءات "الشخص غير المرغوب فيه" ستبدأ على الفور.
ولكن هناك توقع آخر وهو أن عملية طرد السفراء قد تبدأ في أنقرة، وفي هذه الحالة سيتم استدعاء السفراء بشكل جماعي، أو فردي، وإمهالهم 48 ساعة لمغادرة البلاد، ولكن ذلك مرتبط بالتوضيحات التي سيدلي بها كل سفير لوزارة الخارجية التي ستحدد موقفها.
اقرأ أيضا: من هو "كافالا" المتسبب بأزمة دبلوماسية بين تركيا و10 دول؟
الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، في تقرير على صحيفة "حرييت" أشار إلى أن جهودا كبيرة بذلت خلال الـ48 ساعة الماضية، وما زالت لاحتواء الموقف مع العالم الغربي.
وأضاف أن إجراءات طرد السفراء الـعشرة والتواصل مع دولهم بهذا الشأن، لم تبدأ من وزارة الخارجية التركية، معربا عن أمله في أن لا يتم ذلك، لكن اليوم سيكون حاسما (في إشارة لاجتماع مجلس الوزراء التركي)، والأمر تجاوز قضية عثمان كافالا، وما يجري يعد تحولا في الأزمة بين تركيا والعالم الغربي.
وانتهك سفراء الدول العشرة اتفاقية فيينا ببيان جماعي يطالب بـ"الإفراج الفوري" عن عثمان كافالا، وتنص المادة 41 من الاتفاقية الدولية على أنه لا ينبغي للدبلوماسيين التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان المستضيفة، والمادة التاسعة تمنح تركيا الحق في ترحيلهم.
ورأى الكاتب التركي أن البيان الجماعي للسفراء لم يكن مفيدا للمعتقل كافالا، بل إنهم أضروا به في بيانهم الذي يعد تحديا لتركيا.
وتساءل: "هل دولة مثل تركيا، المستقلة بذاتها، ترضح لـ10 سفراء؟ هذه دولة ليست مستعمرة، والسفراء ليسوا حكاما للمستعمرة".
ورأى أن السفراء الـعشرة غير جادين بمسألة إطلاق سراح عثمان كافالا، لافتا إلى أن هناك احتمالا كبيرا كان بهذا الشأن في الجلسة التي ستعقد في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وكان هناك جهود جارية، ومع هذا البيان ألحقوا أكبر ضرر لكافالا، متابعا بأن همّ السفراء ليس كافالا، بقدر ما أنهم يريدون أن يوقفوا تركيا عند حد.
وأضاف أن السفير الأمريكي، الذي دعا إلى الإفراج الفوري عن كافالا، لم تبدأ بلاده حتى بإجراء محاكمة لـ"فتح الله غولن"، المتهم بمحاولة انقلاب 15 تموز/ يوليو، والذي كان مسؤولا عن مقتل 251 شخصا، وتتم مواصلة استضافته مثل الملوك في ولاية بنسلفانيا، رغم تقديم تركيا عددا كبيرا من الأدلة التي لم يجر النظر فيها من وزارة العدل الأمريكية.
وتابع، بأن بلجيكا التي تعد مركز الاتحاد الأوروبي لم تسلم المتهمة فخرية أردال، الضالعة في اغتيال رجل الأعمال التركي أوزدمير صابانجي، وترفض ألمانيا تسليم الهارب جان دوندار المدان بإفشاء أسرار الدولة، مؤكدا أن هذه الدول تحمي القتلة.
ورأى أن المطلوب من تركيا أن تتصرف كدولة كبرى، مع الهدوء قبل اتخاذ أي موقف قد يضر بالعلاقات، مشيرا إلى أن الرئيس أردوغان تحدث باللغة التي تفهمها هذه الدول، وأظهرت تركيا موقفها حكومة ومعارضة بهذ الشأن، والموقف يتطلب الآن الهدوء والتروي.
وأشار إلى أنه من المفيد أن الإجراءات لم تبدأ مباشرة بعد تصريحات الرئيس أردوغان حول السفراء العشرة، ولم يتم ترحيلهم، لافتا إلى أن هناك العديد من الخيارات الدبلوماسية.
ولفت إلى أنه حتى في زمن الحرب تمنح الدبلوماسية فرصة، ويجب على تركيا تفعيل الخيارات الدبلوماسية قبل الضغط على زر أزمة قوية مع 10 دول متقدمة في العالم وتربطها علاقات اقتصادية وسياسية، وقد تستمر لفترة طويلة.
وأضاف إلى أنه قد تقوم وزارة الخارجية التركية باستدعاء السفراء مرة أخرى، وتنبيههم إلى حساسية الأمر بالنسبه لتركيا، وأنه إما الالتزام أو المغادرة، وهذا ما يظهر بتصريح الرئيس أردوغان الذي قال فيه: "يجب على هؤلاء السفراء معرفة تركيا وفهمها وإلا فعليهم مغادرة بلادنا".
الخيار الآخر، هو أن تركيا قد تجري بعض التضييقات على السفراء قبل ترحيلهم، من خلال إعاقة أعمالهم، وإلغاء المواعيد وتجاهلها، وعدم السماح لهم بحضور أي اجتماعات رسمية.
وتوقع أن يكون هناك تدخل من الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، أو رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، أو رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
ورأى أن قرار الطرد قد يستغرق 15 دقيقة، ولكن ذلك قد يكلفنا 15 عاما لإعادة ترتيب العلاقات مرة أخرى، ولذلك يجب إعطاء فرصة للحل قبل هذا الإجراء، مشيرا إلى أن كسر الجسور من تركيا هو طلب من العديد من الجهات الغربية لا سيما تلك الدول التي تعمل على استفزازها.
وأشار إلى أن العديد من الأوساط الغربية تتحدث الآن عن فرض عقوبات على تركيا، لا سيما تلك الأوروبية، التي تتحدث على إخراج تركيا من المجلس الأوروبي، وتعليق مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وسحب الأموال الممنوحة من الاتحاد، بالإضافة إلى توافق كندي-أمريكي للتحرك المشترك ضد تركيا، واحتمالية طرد سفراء أنقرة على أساس المعاملة بالمثل.
والدول العشر لديها روابط اقتصادية وسياسية قوية جدا مع تركيا، ويقطنها مواطنون أتراك بشكل مكثف، وحجم التجارة مرتفع، ولذلك فإنه قبل اتخاذ أي قرار ترحيل، يجب التفكير مليا في العواقب الاقتصادية والسياسية وفي ما يؤثر على تركيا بشكل أكبر، كما يرى الكاتب سيلفي الذي أعرب عن أمله في أن تكون مخرجات مجلس الوزراء في أنقرة إيجابية.
اقرأ أيضا: أردوغان يأمر بإعلان سفراء 10 دول أشخاصا غير مرغوب فيهم
الكاتب التركي مليح ألتنوك، قال في تقرير في صحيفة "صباح" التركية، إن الجميع يتحدث عن أن رد فعل الرئيس أردوغان إزاء السفراء العشرة غير تقليدية وقاسية، وهي كذلك، ولكن في المقابل فإن مواقف هذه البلدان أيضا غير عادية.
ورأى أن السفراء العشرة، تصرفوا على أساس أنه إذا لم يتم الامتثال لقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية معينة، فإنه ينبغي التعبير عن ذلك من قبل الهيئات التي تمثل الهوية المؤسسية للاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أنه كان الأفضل لهم التصرف على الأقل بحكمة كما فعلوا في مناقشاتهم مع بولندا التي تعاني مشاكل مماثلة مع الاتحاد الأوروبي.
وقضت المحكمة الدستورية البولندية بأن مبدأ "السيادة المطلقة" لقوانين الاتحاد الأوروبي يتعارض مع الدستور البولندي.
وأما بالنسبة لمسألة طرد السفراء، فأشار الكاتب ألتنوك، إلى أن تصريحات أردوغان كانت رسالة موجهة بالأساس إلى باقي الدول التي تحاول تغيير قواعد اللعبة في تركيا، وهو إطار يشير إلى الوضع الذي قد يذهب إليه، مستبعدا اتخاذ أي اجراءات قاسية ضد السفراء العشرة.