سياسة عربية

أسعار الأسماك بمصر تواصل الصعود رغم الاكتفاء الذاتي

مصر تشتهر بالإنتاج الكبير لسمك البلطي الذي يفضله الفقراء ومتوسطو الدخل- عربي21
مصر تشتهر بالإنتاج الكبير لسمك البلطي الذي يفضله الفقراء ومتوسطو الدخل- عربي21

احتلت مصر المركز الأول أفريقيا والسادس عالميا في الاستزراع السمكي وتعد ثالث أكبر دولة عالميا في إنتاج سمك البلطي، وهو أحد أكثر الأنواع شهرة على موائد الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل والمتوسطة، وبلغ إنتاجها نحو 2.2 مليون طن، بنسبة اكتفاء تجاوزت 80%.

وقال وزير الزراعة المصري السيد القصير إن بلاده وصلت إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الإنتاج السمكي بفضل المشروعات الكبرى لإنتاج السمك، مشيرا إلى أن إنتاج مصر من الأسماك ارتفع من 1.5 مليون طن في عام 2015 إلى 2.2 في عام 2020.

وتعاني مصر من فجوة غذائية كبيرة في العديد من السلع الغذائية الإستراتيجية تكلف الخزانة مليارات الدولارات، واحتلت الواردات الغذائية والحاصلات الزراعية المركز الرابع في واردات البلاد بحسب النشرة الاقتصادية للصادرات والواردات المصرية عن عام ٢٠٢٠، تجاوزت 13 مليار دولار بنسبة 20% من إجمالي الواردات.

من بين المواد الغذائية الإستراتيجية التي تعاني مصر منها من فجوة كبيرة هي القمح، أهم سلعة غذائية، وتصل نسبة الفجوة 60%، والزيوت بنسبة 90% واللحوم الحمراء بنسبة 60% والحبوب مثل الفول والعدس بنسب تتراوح بين 70 و100%.

أزمة الأعلاف المستوردة

ولا تزال أسعار جميع الأنواع من الأسماك بما فيها البلطي الأكثر شعبية مرتفعة رغم الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، وارتفعت الأسعار ما بين 30 و50% قبل عامين، ما يثير تساؤلات حول استمرار ارتفاع الأسعار عاما تلو الآخر، رغم ما تملكه مصر من مزارع سمكية ضخمة وبحار وبحيرات وأطول نهر في العالم.

وفي هذا الصدد يقول خبير الاستزراع السمكي والأستاذ بمركز البحوث الزراعية صلاح حجاح، إن "المزارع السمكية تعتمد على الأعلاف وليس الغذاء الطبيعي، ومعظم هذه الأعلاف مستوردة من الخارج، وتصل تكلفة الأعلاف إلى 70% من إجمالي تكلفة مشروع الاستزراع السمكي؛ وبالتالي تتأثر الأسعار محليا بارتفاع أسعار الأعلاف ومكوناتها خارجيا".

وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "الحل الأمثل لخفض الأسعار هو تقليل التكلفة ومن أجل ذلك دعوت مرارا عبر المؤتمرات والبرامج التلفزيونية والصحف إلى استغلال الأراضي الزراعية الجديدة والبالغة 1.5 مليون فدان من خلال زراعة نباتات علفية بها إن كانت المياه تصلح لزراعتها مثل الذرة والفول والصويا وعباد الشمس والفول السوداني وبالتالي استخدامها في إنتاج الزيوت والأعلاف لتقليل التكلفة".

وبشأن تراجع حجم الإنتاج السمكي من المصادر الطبيعية، أوضح خبير الاستزراع السمكي، "يوجد فقر سمكي في المصادر الطبيعية (البحار، البحيرات، الأنهار) بسبب الصيد الجائر وزيادة مصادر التلوث، والقضاء على الغذاء الطبيعي، ولذلك بدأت الدول تلجأ إلى المزارع السمكية في محاولة لتعويض نقص الأسماك أو الفجوة الناتجة عن الصيد المباشر" مشيرا إلى أن "الدولة تبذل جهودا واضحة من أجل تطهير البحيرات من التعديات والصيد الجائر وإعادتها إلى طبيعتها".

لماذا تستورد مصر الأسماك رغم الاكتفاء

ولا تنتج المزارع السمكية ولا المصادر الطبيعية من بحار وبحيرات ونهر جميع أنواع السمك، ولذلك تستورد مصر نحو 300 ألف طن سنويا من تلك الأنواع مثل الرنجة والماكريل والتونة وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغ حجم الواردات نحو 14 مليار جنيه (915 مليون دولار) عام 2020، وبلغ حجم الاكتفاء الذاتي نحو 85%.

ورغم حجم الإنتاج الكلي الكبير من الأسماك إلا أن معظمها يأتي من المزارع السمكية وليس من البحرين الأبيض والأحمر والبحيرات الكثيرة ونهر النيل، ويمثل حجم الإنتاج السمكي من المزارع أكثر من 80% وباقي الـ 20% من باقي المصادر الطبيعية، ما يجعل عملية الاكتفاء الذاتي مكلفة، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

أزمة ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج

بدوره؛ قال تاجر السمك بسوق الجملة بأحد أحياء مدينة الجيزة، عمران السمكي، إن "إنتاج مصر من السمك وفير وكثير، ولكن لا يعني ذلك أن يكون رخيص الثمن؛ لأن العديد من المزارع السمكية تخسر لعدة أسباب على عكس ما يظن البعض بأنها تحقق مكاسب دائما".

وعدد تلك الأسباب في حديثه لـ"عربي21" بالقول: "أسماك المزارع تعتمد على الأعلاف والأدوية والطاقة والنقل بشكل كبير ما يجعل مدخلات الإنتاج مكلفة على المزارعين، وشكار العلف زادت أكثر من 100% خلال العامين الماضيين، والسمك لا يمكن الاحتفاظ به فترة طويلة بالمزارع لأنه يستهلك علفا باستمرار ولذلك يجب على المزارع أن يبيع إنتاجه مهما كان السعر".

وتابع: "إلى جانب أن المزارع لا يمكنه الاحتفاظ بالسمك بعد استخراجه؛ لأنه ليس لديه ثلاجات كبيرة لحفظ السمك، وإن وجدت فهي مكلفة، فليس أمامه إلا البيع للتجار قبل أن يتلف ويضاعف الخسائر، وهناك مزارع كبيرة تديرها الدولة تستحوذ على الإنتاج والسوق وهذا سبب لا يمكن تجاهله أيضا".

 

التعليقات (0)