هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في اول مقابلة له مع الاعلام الأردني، يزور السفير الأمريكي هنري ووستر، صحيفة الغد، ويجري مقابلة مع عائلتها الصحفية، من صحفيين وكتاب صحفيين، وما بين سؤال وجواب، نشرت الغد يوم الخميس الماضي، النص الكامل للمقابلة، التي تلونت بالسياسة والاقتصاد معاً.
كنت حاضرا، ولفت انتباهي إجابات السفير على بعض الأسئلة، وخصوصا، ما يتعلق بعقوبات قيصر على سورية، اذ يقول السفير إن العقوبات ليست على الأردن إنما على سورية، موضحا أن مواقف الإدارة الأمريكية تجاه هذه العقوبات وإعادة الإعمار لم تتغير، مضيفا ” نحن لا نشجع التطبيع مع الأسد ونحن لم نجر أي تطبيع مع الأسد، وهذا يعني أننا سنفعل ما بوسعنا للتأكد من ألا يلحق أي ضرر بحلفائنا وشركائنا الاستراتيجيين مثل الأردن، سواء كان ذلك الاقتصاد الأردني أو استقراره وسياسته الخارجية، ولن نفعل أي شيء قد يضر باستقرار الأردن”.
لا بد من الإشارة هنا الى عدة نقاط، أولها ان العقوبات على سورية، قد لا تكون على الأردن، مثلما يقول السفير، لكن الأردن يتضرر منها، بشكل كبير، وهذا يعني ان الأردن متضرر، كون علاقاته الاقتصادية وغيرها، سوف تتوقف الى حد كبير مع السوريين، ولا يمكن هنا، مع تفهمنا لمغزى كلام السفير، الا تكون العقوبات على سورية، مركزة فقط على دمشق، بل تنال فعلياً من الأردن، كما ان افتراض نجاة الأردن، من آثار الكارثة السورية، افتراض غير عميق، في هذه الحالة.
حين طبقت الولايات المتحدة العقوبات على العراق، تم استثناء الأردن، بشكل محدد وتفصيلي، بما جعل العقوبات على العراق، اقل تأثيرا على الأردن، في ذلك الوقت، لاعتبارات مختلفة.
برغم كلام السفير تتعامى الولايات المتحدة دون اعلان رسمي، عن التنسيق الاقتصادي بين الأردن وسورية، وواشنطن هنا لا تعلن رسميا استثناء الأردن من عقوبات قيصر، لكن على ارض الواقع، يتم منح الأردن مساحات إضافية لتعزيز علاقاته السياسية والاقتصادية، دون ان يتورط الأمريكيون بمباركة ذلك علنا، لكن على ما يبدو هي محاولة لمنح الأردن المزيد من المرونة، ليثبت صحة نظريته التي تتحدث عن إمكانية استرداد سورية للمنطقة العربية بعيدا عن ايران.
الإجابة الثانية اللافتة للانتباه تتعلق بموقف واشنطن من إسرائيل، وإطلاق محادثات السلام، والواضح من إجابات السفير، ان هناك تأكيدا على ان الولايات المتحدة لا تريد التدخل.
يقول السفير ” نحن يمكننا أن ندعو الأطراف للتفاوض وأن نكون صلة ربط بينهما ويمكننا تسهيل هذه العملية ولكن لا يمكننا الإصلاح يمكننا أن نكون متعاونين، لدينا الاستعداد التام للتعاون لإيجاد حل بين الطرفين، لكن الولايات المتحدة ليست الحل للمشكلة، والإدارة الأمريكية مهتمة بالمفاوضات الرامية للمساهمة بجلب الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للمفاوضات”.
الذي تفهمه من مغزى كلام السفير، هو ذات ما تسمعه من المطلعين عما يجري في الإدارة الأمريكية الحالية، حيث لا توجد وصفة أمريكية لعملية السلام، ولا أي مشروع حاليا، ولا توجد خطة أيضا لتحريك مفاوضات السلام، ولا يوجد أي موفدين أمريكيين للمنطقة يتحركون على هذا المسار، مقارنة بإدارات أمريكية سابقة، والكل يعلم ان واشنطن تريد امرين فقط حاليا، أولهما تثبيت الاستقرار وفقا للشكل الحالي، دون مواجهات في القدس والضفة الغربية، وثانيهما التركيز على الخطط الاقتصادية، لتحسين الأوضاع بين الفلسطينيين، ولا توجد أي تصورات سياسية، وتترك واشنطن هذا الملف لتحكم الطرف الأقوى حاليا، أي إسرائيل، دون تدخل.
هذا يتطابق مع ما قاله السفير، أيضاً ” محور تركيز الإدارة الحالية يتعلق بالأمور المحلية للولايات المتحدة، وبعد ذلك وضعنا أهمية في سياستنا الخارجية على آسيا في المحيط الهادئ”.
هناك تغيرات في سياسات واشنطن في المنطقة، وهي تغيرات ملموسة منذ الآن ويمكن القول بكل وضوح ان الإدارة الحالية، قد لا تكون معنية كثيرا بتطهير سمعة واشنطن من سياسة الإدارة السابقة، بقدر كونها معنية بصياغة سياسات جديدة تخصها، وفقا للظروف الحالية فقط، وهذا يعني ان واشنطن لا تعمل تحت ضغط الخلاص من سمعة إدارة ترامب، بل تحت ضغط آخر يتعلق بسياسات جديدة، تناسب هذه الإدارة والمرحلة والظروف دون تأثر بعوامل ثانية.
(الغد الأردنية)