ملفات وتقارير

ماذا وراء الدعوة لتجنيد مليشيات بوادي حضرموت شرق اليمن؟

تكتسب منطقة "الوادي والصحراء" الواقعة شمالي حضرموت أهمية استراتيجية- جيتي
تكتسب منطقة "الوادي والصحراء" الواقعة شمالي حضرموت أهمية استراتيجية- جيتي

تشهد محافظة حضرموت، شرقي اليمن، استنفارا أمنيا وعسكريا غير معهودين، إثر دعوة أحد القيادات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي (انفصالي) المدعوم من الإمارات، لفتح معسكرات تجنيد غير رسمية تابعة للمجلس.

 

وهذه الدعوة تأتي في مناطق الوادي والصحراء من المحافظة التي تستأثر بثلث مساحة البلاد، البالغة نحو 555 ألف كلم2.

وفي وقت سابق من كانون الثاني/ يناير الجاري 2022، دعا الشيخ القبلي، حسن الجابري، الموالي للمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى فتح معسكرات تجنيد في المناطق إياها، مطالبا بطرد قوات الجيش في المنطقة العسكرية الأولى، التابعة لوزارة الدفاع بالحكومة المعترف بها دوليا، ما يثير الشكوك حول ارتباط هذه الدعوة بعمليات التجنيد التي تجري خارج الأطر الرسمية في هذه الحكومة.

وقال الجابري، الذي ينتمي لكتلة "حلف حضرموت الجامع"، خلال اجتماع عقد بمديرية تريم التابعة لحضرموت، إنه سيجري إنشاء عدة معسكرات لتجنيد ثلاثة آلاف جندي من أبناء وادي حضرموت، مبررا ذلك بحماية حضرموت، على الرغم من بعدها عن مناطق المواجهات مع جماعة الحوثي منذ اجتياحها صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014.

"رفض رسمي"


إزاء هذه الدعوات، حذر محافظ محافظة حضرموت، الذي يشغل كذلك منصب قائد المنطقة العسكرية الثانية، اللواء فرج البحسني من التجنيد خارج ضوابط المؤسسات الرسمية، العسكرية والأمنية، مشيرا إلى أن ذلك يعد أمرا غير مقبول، ويمثل خروجا على القانون والنظام ودستور البلاد.

وأوضح اللواء البحسني، ضمن تصريح لوسائل إعلام محلية، أن عملية التجنيد من مسؤولية المؤسستين العسكرية والأمنية، وأن على من يجد في نفسه الرغبة التوجه إلى الجهات العسكرية والأمنية ذات الصلة، بعد إقرار ذلك رسميا.

وعبّر اللواء البحسني عن رفضه الشديد لأي فكرة تأتي من أي مكون أو حزب سياسي، أو تجمع قبلي، من شأنها فتح باب التجنيد غير القانوني، مؤكدًا أن قيادة السلطة المحلية بمحافظة حضرموت، ترفض تلك الأفكار، ولن تسمح بالانسياق وراءها.

"إعلان الجاهزية للجيش"

بدوره، عقد قائد المنطقة العسكرية الأولى، اللواء الركن، صالح طيمس، اجتماعا طارئا، الأسبوع الماضي، بقادة الوحدات العسكرية التابعة للمنطقة، في خطوة بدت كأنها إشارة إلى الاستعداد لأي اضطراب أو أعمال عنف من شأنها تفجير الأوضاع في مسرح عمليات  هذه المنطقة، من الداخل أو من الخارج.

اللواء طيمس، الذي يقود، في الوقت ذاته، اللواء 37 مدرع، وجه بإعلان "الجاهزية العسكرية والأمنية، ورفع درجة الاستعداد القتالي، في عموم الوحدات العسكرية بالمنطقة، لقمع أي تحركات تقوم بها عناصر إرهابية وإجرامية، تستهدف الوضع الأمني المستقر في مديريات الوادي، أو استغلال ما يعكر ذلك في سبيل تنفيذ مخططاتها الإجرامية"، وفق تعبيره.

هذا وتشكل المنطقة العسكرية الأولى التي يقع مقرها بمدينة سيئون، قوة رادعة لأي محاولة اختراق تقوم بها المليشيات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بحسب ما يؤكده محللون.

"أهمية وادي حضرموت"

وتكتسب منطقة "الوادي والصحراء" الواقعة شمالي محافظة حضرموت، وعاصمتها مدينة سيئون، أهمية استراتيجية متنوعة؛ فإلى جانب احتوائها على حقول النفط، مثل "حقل مسيلة"، ظلت طيلة سنوات الحرب، الجغرافيا الأمنية، والعسكرية، والسياسية الوحيدة في البلاد، التي بقيت تتمسك بالرئيس عبد ربه منصور هادي، وسلطات الدولة المختلفة.

فمدينة سيئون، اتخذ منها وزير الداخلية، اللواء الركن إبراهيم حيدان، مقرا لوزارته، بعد تعذر إدارة مهماته من مدينة عدن، جنوبي البلاد، بعد خضوعها لسيطرة القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وتعذر تنفيذ اتفاق الرياض الذي وقع عليه مع الحكومة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.

وتأتي خطوة التجنيد في سياق مماثل سابق للإمارات، التي قامت بتشكيل العديد من التشكيلات والجماعات المسلحة التي وصفتها تقارير فريق خبراء مجلس الأمن المعني باليمن، بأنها تمثل وكلاء محليين لأبوظبي.


وعبر نشطاء عن خشيتهم من تشكيل الإمارات ذراعا عسكرية مسلحة جديدة تمثل كتلة ما يسمى "حلف حضرموت الجامع"، الموالي لها، بما يضمن فاعلية تأثيرها في المسرح السياسي والعسكري في منطقة وادي حضرموت، التي ظلت بعيدا عن سيطرتها.

 

وسبق أن شكلت الإمارات "لواء بارشيد"، عام 2016، ويتمركز بالمنطقة الساحلية بين حضرموت وشبوة، وتتولى قيادته شخصيات عسكرية من محافظة الضالع؛ حيث مسقط رأس رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي.

"صفقة بين أبوظبي والرياض"


ويبرر الدور الإماراتي العائد بقوة في هذه المناطق، ما تشير إليه معلومات متداولة في دوائر رسمية يمنية، بأن الإمارات استغلت طلب السعودية، من دول الخليج، دعمها بشكل عاجل بصواريخ اعتراضية، وقنابل وصواريخ أخرى متطورة خاصة بالمقاتلات الحربية، بعد ما أوشك المخزون منها على النفاد، نتيجة لاستمرار هجمات الحوثيّين على أراضيها، بالصواريخ الباليستيّة، والطّائرات غير المأهولة (المُسيّرة دون طيار).

ووفقا لمصادر خاصة تحدثت لـ"عربي21"، شريطة عدم كشف أسمائها، فإن تلبية الإمارات للطلب السعودي لم يكن دون ثمن؛ حيث قايضت الرياض ذلك بـ"السماح للإمارات بالتحرك بأريحية في المناطق اليمنية المحررة من قبضة الحوثي، لإكمال خططها التي تعثرت خلال السنوات الثلاث الماضية.

وأوضحت المصادر أن |الإمارات تسلمت إدارة الملف العسكري، وهو ما يمكنها من إجراء الترتيبات التي تريدها في هذا الملف، بينما تسلمت الرياض الملف السياسي، وهو ما يتمثل بممارسة الضغط على القيادة العليا اليمنية المقيمة لديها، بترتيبات سياسية تعضد الترتيبات العسكرية".

ومؤخرا استجاب الرئيس هادي لضغوط سعودية لإقالة محمد صالح بن عديو من قيادة السلطة المحلية بمحافظة شبوة، تلبية لرغبة إماراتية بذلك، بعدما كان حائط صد أمام تحركاتها التوسعية.

 
التعليقات (0)