هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حكم التعويض أخرس الكثير من الألسنة التي كانت تتطاول على خالد وأسرته
الحكم يُعدّ انتصارا صغيرا وليس أخيرا في قضية خالد "خاصة" وثورة يناير "عامة"
مَن عذّب وقتل أخي هو نفسه مَن قتل شيماء الصباغ واعتقل زياد العليمي وعلاء عبد الفتاح
قالت
أسرة الشاب المصري خالد سعيد، الذي يُوصف بـ"أيقونة ثورة 25 يناير" و"مُفجّر
الثورة"، إن الحكم الذي حصلوا عليه مؤخرا بتعويض بلغ مليون جنيه مصري (نحو 65
ألف دولار)، لا يمكن أن يعوضهم عن رحيل خالد وما تعرضوا له "طوال تلك السنوات
الماضية من حملات تشويه وافتراء".
لكنها
استدركت بالقول، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "إلا أن هذا الحكم أخرس
الكثير من الألسنة التي كانت تتطاول على خالد وأسرته بأبشع الأحاديث المنحطة والكاذبة.
كما أنه يُعدّ انتصارا صغيرا -وليس أخيرا- في قضية خالد خاصة، وثورة يناير عامة؛ لأنه
يمنحنا الأمل بأن العدالة حتما ستتحقق حتى لو تأخرت كثيرا".
وكانت
محكمة مصرية قد قضت، في 30 كانون الأول/ديسمبر الماضي، بتعويض مقداره مليون جنيه لأسرة
خالد سعيد، كـ "تعويض عن الأضرار المادية والأدبية والموروثة".
فيما
كشفت "زهرة"، شقيقة خالد سعيد، عن اعتزامهم اتخاذ مجموعة من الخطوات والإجراءات
الجديدة بخصوص قضية خالد، والتي قالت إن الأسرة ستعلن عن تفاصيلها في حينه، مشدّدة على أن "مسيرة النضال من أجل الحصول على حقوقه الكاملة والعادلة لن تتوقف سواء في
الداخل أو الخارج".
ووجهت
"زهرة" رسالة إلى كل ضحايا ثورة يناير، قائلة: "أنتم دائما في القلب،
ونحن لن نتنازل عن حقوقكم، وسنظل نواصل الكفاح حتى تتحقق تطلعاتكم وأحلامكم المشروعة
في العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية".
وأردفت:
"مَن عذّب وقتل أخي خالد بالأمس هو نفسه مَن قتل شادي حبش وشيماء الصباغ وغيرهما،
وهو نفسه مَن اعتقل زياد العليمي وهشام فؤاد وحسام مؤنس وعلاء عبد الفتاح، وغيرهم الكثير؛
لأن قضيتنا قضية واحدة لا تنفصل عن بعضها البعض".
وقبل
اندلاع ثورة يناير بشهور قليلة، قُتل خالد سعيد في 6 حزيران/ يونيو 2010 بالضرب والتعذيب
على يد أفراد من مخبري الشرطة المصرية. وأثار مقتله موجة غضب شعبية في مصر وردود أفعال
من قِبل منظمات حقوقية عالمية، وهو ما دفع البعض لاعتبار قتله بمنزلة الشرارة التي
أشعلت فتيل الثورة.
وتاليا
نص المقابلة الخاصة:
كيف
استقبلتم الحكم القضائي الذي صدر مؤخرا، والخاص بتعويض الأسرة بمبلغ مليون جنيه (نحو
65 ألف دولار)؟
لا يوجد
أي شيء في الدنيا يمكن أن يعوضنا عن خالد؛ فأموال الدنيا كلها لن تعوضنا عن خالد
الذي مات بطريقة بشعة للغاية، إلا أن هذا الحكم أخرس الكثير من الألسنة التي كانت تتطاول
على خالد وأسرته بأبشع الأحاديث المنحطة والكاذبة.
وربما
توهم البعض سابقا أن القضية انتهت وأُغلقت إلى الأبد، لكن العدالة كان لها رأي آخر،
وإن كان هذا الحكم حكما غير مكتمل الإنصاف بالنسبة لنا، وإن كان حكما متأخرا للغاية،
إلا أنه كما يقولون "أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا"، ونحن اليوم نثمن
هذا الحكم الذي يُعدّ انتصارا صغيرا -وليس أخيرا- في قضية خالد خاصة، وثورة يناير عامة؛
لأنه يمنحنا الأمل بأن العدالة حتما ستتحقق حتى لو تأخرت كثيرا.
مَن
هي الجهة التي ستقوم بصرف هذه الأموال؟
القضية
ضد وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المسؤولة عن المتهمين.
هل هذا
يعني أن قضية خالد سعيد قد انتهت تماما بهذا الحكم؟
القضية
لم ولن تنتهي أبدا، ومهما طالت السنوات؛ لأنها ستظل راسخة في وجدان كل الحالمين بالتغيير
للأفضل، وهذا الحكم الأخير لم يسدل الستار عنها –كما يقول البعض- بل إنه أعاد إحياءها
في صدور الكثيرين، وخاصة أولئك الذين كانوا صغارا إبان اندلاع ثورة يناير، والذين لم
يكونوا حينها على علم ومعرفة بما جرى مع خالد، لكن حكم المحكمة أعاد للأذهان مرة أخرى
كل الأحداث التي سبقت وتلت الثورة، وبدأ الكثيرون يسألون عن قصة خالد وملابسات ما حدث
معه، وهذا أحد الجوانب الإيجابية للحكم.
وسيظل
خالد سعيد خالدا في ذاكرتنا بسيرته العطرة وقصته الملهمة مهما حاولوا تشويهها وإخفاء
حقائقها أو تزييفها، لأن كل الحقائق حتما ستتكشف للناس حتى لو طال الوقت.
وسنظل نواصل المسيرة، ولن نتوقف مهما جرى، ونعلن اليوم عن اعتزامنا اتخاذ مجموعة من
الخطوات الأخرى التي سنكشف تفاصيلها في حينه، فضلا عن أن قضية التعويض لا تزال مستمرة
في القضاء المصري، وقد قام فريق محامي "المركز المصري" الذي يتولى الدفاع
في القضية، بالطعن على هذا الحكم بالاستئناف من أجل زيادة مبلغ التعويض المقضي به ليتناسب
وفداحة الضرر الذي لحق بنا جميعا، ونحن متفائلون خيرا.
كيف
تأثرت الأسرة بالأحداث الكثيرة التي مرت بها قضية خالد قبل صدور هذا الحكم؟
كان
أكثر ما يؤلمنا حملة التشويه المغرضة والممنهجة التي تعرض لها خالد، والتي لم تكن حملة
تشويه لشخص خالد بقدر ما كانت تشويها لثورة يناير باعتباره "أيقونة ومفجر الثورة"،
وهذا الأمر كان يؤثر سلبا في نفوسنا جميعا، وخاصة والدتي رحمها الله.
هل تعرضت
الأسرة لأي مساومات أو ضغوط سابقة من أجل التنازل عن حق خالد؟
بالطبع.
لقد تعرضنا للكثير من الضغوط المختلفة من أجل إجبارنا على التنازل عن هذه القضية، لكننا
صمدنا ورفضنا بإصرار أي تنازل عن أي إجراء يمكننا اتخاذه حتى يعود حقه أو بالأحرى حتى
نسترد جزءا بسيطا من حقه، ولطالما قلنا إننا لن نتراجع مهما طالت السنين وتغيرت الأحداث،
وبالتأكيد لا يضيع حق وراءه مطالب.
هل هناك
أي إجراءات بعينها تعتزمون اتخاذها سواء في الداخل أو الخارج بخصوص قضية خالد؟
ما يمكننا
قوله الآن هو أن الأسرة لن تتوقف عن الاستمرار في مسيرة النضال من أجل الحصول على حقوقه
الكاملة، وأنا شخصيا لن أتوقف عن ذلك حتى آخر يوم في عمري؛ وبالفعل لا تزال هناك الكثير
من الإجراءات الأخرى التي سنكشف عنها لاحقا سواء في الداخل أو الخارج، وسنعلن عن كل
شيء في وقته المناسب.
هل هذا
الحكم ربما يساهم في حصولكم على شهادة وفاة تفيد بأن خالد قُتل جراء الضرب والتعذيب
على أيدي رجال الشرطة؟
أظن
أنه سيمكننا من استخراج شهادة الوفاة بعد هذا الحكم، وربما نأخذ قريبا بعض الإجراءات
في هذا الصدد.
لماذا
تأخر إصدار هذا الحكم كل هذه السنوات برأيكم؟
لأن
الجميع يعلم بأن العدالة في بلادنا تعاني خللا واعوجاجا واضحا، خاصة بسبب ترهل القضاء
وعدم استقلاله بالشكل الكامل، ونظرا لاعتماد بعض المعنيين على تحريات كاذبة ومفضوحة
وإجراءات مُضللة، وفي ظل ممارسات الأجهزة التي نعرفها جميعا، وحقيقة هذا السؤال ينبغي
توجيهه إلى القضاء المصري لأنه المعني بالإجابة عنه وليس نحن.
ما دلالة
صدور هذا الحكم تزامنا مع اقتراب الذكرى الـ 11 لثورة 25 كانون الثاني/يناير؟
له دلالة
رمزية، لكني لا أعتقد أن هناك علاقة واضحة بين موعد إصدار الحكم والذكرى الـ 11 للثورة.
هل هذا
الحكم يُعدّ بارقة أمل لكل ضحايا الثورة المصرية بأن العدالة ربما ستنصفهم ولو بعد
حين؟
بكل
تأكيد، لأنه بارقة أمل بالنسبة لنا جميعا، وأتوقع أن يدفع هذا الحكم الذي حصلنا عليه،
بعض الأشخاص الآخرين إلى رفع قضايا مماثلة للحصول على حقوقهم، خاصة أن هناك بعض الجرائم،
وعلى رأسها التعذيب، لا تسقط بالتقادم وفقا للقانون المصري والدولي، ونحن على يقين
تام بأن عجلة التاريخ لا تسير إلا إلى الأمام، وأن دوام الحال من المحال، وأن التغيير
قادم شاء من شاء وأبى من أبى.
وهناك
الكثير من الجهات التي تقوم برصد وتوثيق جرائم التعذيب والقتل والتشويه - كالتي تعرض
لها خالد- وغيرها من الجرائم، ولن يفلت أحد من العقاب، ولنا اليوم أن نقارن على سبيل
المثال بين حجم وتأثير دور مواقع التواصل الاجتماعي، والتي ساهمت في نشر قضية خالد
قبل اندلاع ثورة يناير عام 2011، وبين انتشارها وتأثيرها اليوم في عام 2022، ولذلك
نجد أن هذه النقطة تصب في صالح مشروع التغيير والديمقراطية والعدالة، وهذا التطور يصب
في صالح ثوار يناير ودعاة الحقوق والحريات.
ما الذي
دفع أسرة خالد سعيد للهجرة خارج مصر؟
لأسباب
كثيرة ومختلفة أهمها الضغوط وحملات التشويه والافتراء التي تعرضنا لها على مدى سنوات
ماضية، بالإضافة إلى تدهور صحة والدتي في ظل الإهمال المتعمد الذي تعرضت له، والذي
أدى إلى سوء حالتها الصحية بشكل أكبر.
هل هناك
مَن يتواصل معكم سواء من مؤسسات الدولة أو شخصيات سياسية قبل الحكم الأخير أو بعده؟
لا يوجد
أي تواصل بيننا وبين أي أحد في مصر سواء كانت جهات في الدولة أو حتى شخصيات سياسية.
لماذا
لم تقم الأسرة بدفن جثمان والدة خالد في مصر بجوار خالد؟
بالطبع
كنا نتمنى دفن والدتي بجوار أخي خالد، لكن الظروف الخارجة عن إرادتنا حالت دون ذلك
للأسف، كما أنه حينما حاول البعض إقامة عزاء لوالدتي في مسجد عمر مكرم بمحافظة القاهرة
أو حتى في مسقط رأسنا بمحافظة الإسكندرية قامت قوات الأمن بمنعهم ورفضت بشكل غير إنساني
بالمرة إقامة العزاء، ولم أكن أتخيل على الإطلاق أن يصل الأمر لهذه الدرجة. وكم كنت
أتمنى أن تكون والدتي موجودة معنا عقب إصدار هذا الحكم، لكن قدر الله وما شاء فعل.
ما هي
رسالتكم اليوم إلى خالد سعيد؟
رسالتي
إلى أخي وحبيبي خالد: أنا عند وعدي لك بأن أظل أدافع عن حقوقك وأقف بجوارك في كل اللحظات،
وسأظل على تلك المسيرة حتى يعود حقك كاملا وعادلا ولو بعد حين.
وماذا
عن رسالتكم لضحايا ثورة يناير وذويهم؟
رسالتي
لكل شهداء ثورة يناير وأهاليهم: أنتم دائما في القلب، ونحن لم ولن ننسى الدفاع عنكم،
ولن نتنازل عن حقوقكم، وسنظل نواصل الكفاح حتى تتحقق تطلعاتكم وأحلامكم المشروعة في
العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وبالتأكيد سيأتي اليوم الذي سينصفكم فيه
التاريخ فردا فردا، وستظل سيرتكم عطرة وخالدة أبد الدهر، والظلم لن يدوم، وحتما بلادنا
سترى النور عما قريب، وأقول إنه لا تفرقة بين كل شهداء أو أبطال وشباب ثورة يناير وما
بعدها؛ فمَن عذّب وقتل أخي خالد بالأمس هو نفسه مَن قتل شادي حبش وشيماء الصباغ وغيرهما،
وهو نفسه مَن اعتقل زياد العليمي وهشام فؤاد وحسام مؤنس وعلاء عبد الفتاح، وغيرهم الكثير؛
لأن قضيتنا قضية واحدة لا تنفصل عن بعضها البعض.
أخيرا..
ماذا تقولون اليوم في الذكرى الـ 11 لثورة يناير؟
لن يفلت
أحد من العقاب، وحتما يد العدالة ستطول كل المجرمين في جميع المراحل مهما طال الزمن،
والحق هو الذي ينتصر دائما في نهاية المطاف، وأقول إن جيل يناير لن يفرط في أحلامه،
ولن يتراجع عن إرادته ورغبته في التغيير للأفضل، ولن يتنازل عن حقوقه المشروعة، مهما
كان الثمن، ومهما كانت التضحيات.