صحافة دولية

موقع: الهوس الفرنسي من الحجاب كان يجب أن ينتهي مع كورونا

ما زال العديد من الرجعيين الانتقاميين غاضبين للغاية، ويمتد تدخلهم الآن إلى الحجاب- جيتي
ما زال العديد من الرجعيين الانتقاميين غاضبين للغاية، ويمتد تدخلهم الآن إلى الحجاب- جيتي

نشر موقع "تي آر تي وورلد" التركي تقريرا، تحدّث فيه عن استمرار معاناة النساء اللاتي يرتدين الحجاب في فرنسا، على الرغم من التغيرات التي فرضها فيروس كورونا ومواجهة البلاد لأزمة صحية واقتصادية.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه مع دخول العالم السنة الثالثة من الجائحة، وتقبل فكرة ارتداء أقنعة الوجه حول العالم، يتوقع البعض أن فرنسا ربما تكون قد خففت من معارضتها لارتداء الحجاب. ولسنوات عدة، احتشد السياسيون من أقصى اليسار واليمين، والعديد غيرهم من المعتدلين، ضد الملابس الخاصة بالمسلمين التي يعتقدون أنها تتحدى القيم العلمانية. وقد كان القلق موجها أكثر إلى أي لباس قد يخفي السمات المميزة للأشخاص في مكان عام.

أدت هذه المخاوف إلى إعلان ما يعرف بـ"حظر البرقع" في سنة 2011، الذي ينص على منع إخفاء الوجه بأي طريقة محتملة، سواء من خلال الأقنعة أو حتى خوذات الدراجات النارية، في بعض المواقف غير المناسبة لـ"دواع أمنية". لكن هذا القانون يبدو غير ضروري في سنة 2022، في وقت ترتدي فيه الغالبية العظمى من سكان فرنسا قناعا يغطي أفواههم وأنوفهم بشكل روتيني.

في ظل هذه الظروف، كيف يمكن لأي شخص أن ينزعج من أقلية صغيرة من النساء المسلمات، يقدر عددهن بأقل من 2000، اللواتي اخترن ارتداء النقاب الذي يغطي الوجه باستثناء العينين؟

 

اقرأ أيضا: غضب حقوقي بفرنسا بعد حظر ارتداء الحجاب في الرياضة

في الواقع، ما زال العديد من الرجعيين الانتقاميين غاضبين للغاية، ويمتد تدخلهم الآن إلى الحجاب، الذي يعدّ لباسا محتشما. علاوة على ذلك، تم تكريس وقت ثمين في البرلمان لمناقشة مسألة ما إذا كان ينبغي للدولة أن تسمح للرياضيات بارتداء الحجاب.

وأضاف الموقع أنه من غير المعقول أن يمثل أي شخص مصدر إزعاج بسبب تغطية رأسه أثناء لعب الغولف أو التنس أو الهوكي أو غيرها من الألعاب. دائما ما تكون القبعات المزركشة والقلنسوات متواجدة بكثرة في الملاعب، لكن المؤيدين المخادعين للعلمانية الفرنسية في مجلس الشيوخ بباريس قد صوتوا للتو لحظر الحجاب، الذي يصفونه بأنه من "الرموز الدينية الملفتة"، من جميع المسابقات التي تنظمها الاتحادات الرياضية.

ورأى الموقع أن العلمانية لا تحظر الدين، بل تهدف إلى حمايته وحماية القيم والحريات المرتبطة بالتعبير الديني. مع ذلك، لم يقدم أعضاء مجلس الشيوخ أي حجّة عندما اقترحوا أن سلامة الرياضيين قد تتعرض للخطر بسبب الحجاب، إذ يبدو كل هذا سخيفا بشكل يبعث على السخرية، كما أنه قد تم تمرير الإجراء بأغلبية 160 صوتًا مقابل 143.

لقد اقترح الجمهوريون القرار الجديد بحظر الحجاب في الرياضة. وعلى الرغم من معارضة الحكومة لهذا الحظر، وإمكانية رفضه، إلا أن حقيقة أن هذه المناقشات لا تزال مستمرة في حالة الطوارئ الصحية العالمية والصعوبات الاقتصادية المرتبطة بها، يكشف أن هذا البلد لا يزال مهووسا بالملابس التي ترتديها النساء المسلمات.

 

اقرأ أيضا: الشرطة الفرنسية تمنع مظاهرة احتجاجية للاعبات محجبات

من المقرر أن تقام دورة الألعاب الأولمبية في باريس في غضون سنتين فقط، وليس هناك شك في أن الشعبويين الكارهين للأجانب رأوا في ذلك فرصة جيدة لتطبيق التعصب ضد المسلمين في مجال الألعاب الرياضية.

وذكر الموقع أن سياسة الهوية تهيمن أيضًا على الحملة الرئاسية الجارية في فرنسا. يركز أولئك الذين يأملون استبدال إيمانويل ماكرون في نيسان/ أبريل، على تحيزات عميقة الجذور من أجل حشد الأصوات، ولا يزال تجريم النساء على طريقة لباسهن من أسهل طرق القيام بذلك في فرنسا.

يمكن أن تكون عواقب مثل هذه الأعمال وخيمة، إذ تتعرض النساء بانتظام للاعتداء اللفظي والجسدي لارتدائهن الحجاب. والنقاشات رفيعة المستوى حول عمليات الحظر لا تشوه سمعتهن فحسب، بل تساعد في توفير شرعية مشوهة لأولئك الذين يقودون مثل هذه الهجمات.

وأضاف الموقع أن أولئك الذين يبشرون بالحرية لجميع النساء باستثناء المسلمات، يزعمون أن هناك الكثير من النساء اللاتي يتم إجبارهن على ارتداء الحجاب، لكن إذا كان هذا هو الحال بالفعل، فإن مثل هذه المضايقات يجب أن تكون مسألة تخص نظام العدالة الجنائية المجهز بالفعل بمجموعة من التشريعات المناسبة، وليس السياسيين الرجعيين.

برز الطابع الساخر الذي يرتبط بهذه النقاشات هذا الشهر، عندما أشادت مجلة "فوغ فرانس" في البداية بمظهر الممثلة الأمريكية جوليا فوكس لارتدائها غطاء رأس أسود خلال زيارة إلى أسبوع الموضة في باريس بعبارة "نعم للحجاب!". لكن سرعان ما حذفت المجلة هذا التعليق.

وأشار مستخدمو إنستغرام إلى أن المجلة أشادت بامرأة أمريكية بيضاء لتغطية رأسها في بلد تتعرض فيه المرأة المسلمة للقمع بسبب قيامها بالشيء ذاته. كل هذا يؤكد النفاق وازدواجية المعايير والهوس الفرنسي بالحجاب، الذي كان كثيرون يأملون القضاء عليه خلال جائحة كورونا.

التعليقات (0)