هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلنت فرنسا وشركاؤها الأوروبيون الخميس، رسميا، الانسحاب من مالي، تحت ضغط "العقبات" التي تضعها المجموعة العسكرية الحاكمة في باماكو.
وأكدت فرنسا أنها سبقى ملتزمة لدى دول منطقة الساحل وخليج غينيا.
وقالت باريس وشركاؤها في بيان مشترك: "نظرا للعقبات المتعددة التي تضعها السلطات الانتقالية المالية، ترى كندا والدول الأوروبية التي تعمل مع عملية برخان (الفرنسية) وداخل مجموعة تاكوبا الخاصة، أن الشروط لم تعد متوافرة لمواصلة مشاركتها العسكرية بشكل فاعل في مكافحة الإرهاب في مالي، وقررت بالتالي بدء انسحاب منسق من الأراضي المالية لوسائلها العسكرية المخصصة لهذه العمليات".
تصريحات ماكرون
وأكد الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحفي في الإليزيه، أن فرنسا وشركاءها الأوروبيين لا يشاطرون المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي "استراتيجيتها ولا أهدافها الخفية"، مبررا بذلك هذا الانسحاب.
وقال ماكرون: "لا يمكننا أن نظل ملتزمين عسكريا إلى جانب سلطات أمر واقع لا نشاطرها استراتيجيتها ولا أهدافها الخفية".
اقرأ أيضا: مالي تتهم فرنسا بدعم "الانفصاليين" للإطاحة بالحكومة
وأضاف: "هذا هو الوضع الذي نواجهه اليوم في مالي. لا يمكن ولا يجب أن تبرر مكافحة الإرهاب كل شيء، بحجة أنها أولوية مطلقة تحولت إلى محاولة للاحتفاظ بالسلطة الى أجل غير مسمى".
وحول الانسحاب العسكري، أوضح أن عسكريين أوروبيين يشاركون في مجموعة القوات الخاصة تاكوبا "سيعاد تموضعهم إلى جانب القوات المسلحة للنيجر في المنطقة الحدودية لمالي"، موضحا أن الانسحاب سيجري "بطريقة منظمة مع القوات المسلحة المالية وبعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما)".
موعد إغلاق آخر قواعد فرنسا
وأعلن الرئيس الفرنسي، أن إغلاق آخر القواعد الفرنسية في مالي سيستغرق "4 إلى 6 أشهر"، معلنا انسحاب الجنود الفرنسيين والأوروبيين والكنديين من هذا البلد الذي يديره مجلس عسكري.
وقال ماكرون: "سنغلق بالتالي تدريجيا في إجراء سيستغرق 4 إلى 6 أشهر، القواعد الموجودة في مالي. خلال هذا الوقت، سنواصل مهام الحفاظ على الأمن" مع بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) التي تعد أكثر من 13 ألف عنصر حفظ سلام.
وأوضحت هيئة الأركان الفرنسية أن نحو 2500 إلى ثلاثة آلاف جندي فرنسي سيبقون منتشرين في منطقة الساحل بعد انسحابهم من مالي خلال حوالي ستة أشهر.
وقال المتحدث باسم هيئة الأركان العامة الكولونيل باسكال إياني، في مؤتمر صحفي في باريس، إن 4600 جندي فرنسي ينتشرون في منطقة الصحراء والساحل، بينهم 2400 في مالي مضيفا أنه "في نهاية (الانسحاب) سيبلغ عددهم 2500 إلى ثلاثة آلاف عنصر".
ولفرنسا وجود عسكري منذ 2013 في مالي التي تعاني من جماعات مسلحة تنتشر في دول أخرى في منطقة الساحل.
وتقول باريس إنها تدخلت لوقف تقدم هذه الجماعات التي تهدد باماكو، ثم نظمت عملية واسعة في المنطقة لـ"مكافحة الجهاديين" تحمل اسم "برخان" ونشرت آلاف الجنود لمحاربة فرعي تنظيمي القاعدة والدولة.
لكن على الرغم من الانتصارات التكتيكية فإنها لم تتمكن الدولة المالية وقواتها المسلحة من بسط سيطرتها على الأرض من جديد.
وازداد الوضع خطورة مع الإطاحة بالحكومة المالية في انقلابين في 2020 و2021، أديا إلى تولي السلطة من مجموعة عسكرية ترفض تنظيم انتخابات قبل سنوات، وتستغل مشاعر العداء لفرنسا المتزايدة في المنطقة.
وأكد الرئيس الفرنسي أنه "يرفض بشكل كامل" فكرة فشل باريس في مالي. وقال: "ماذا كان سيحدث في 2013 لو لم تتدخل فرنسا؟ كنا سنشهد بالتأكيد انهيارا للدولة المالية"، مؤكدا أن "جنودنا حققوا نجاحات عدة"، بما في ذلك القضاء على أمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في حزيران/ يونيو 2020.
وينتشر نحو 25 ألف عنصر في منطقة الساحل حاليا.
اقرأ أيضا: التايمز: انسحاب فرنسا من مالي أكبر ضربة استراتيجية للغرب
وينتشر في مالي 15 ألف جندي تابعين لبعثة الأمم المتحدة (مينوسما) وبات مستقبلهم مجهولا حاليا لاعتمادهم على دعم كبير من قوة برخان.
وفرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عقوبات على السلطات المالية التي تدين الوجود العسكري الغربي على أراضيها، ولجأت بحسب الأوروبيين، إلى استقدام المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر.
مرتزقة فاغنر
واعتبر ماكرون أن مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر المعروفة بقربها من الرئيس فلاديمير بوتين، موجودة في مالي خدمة "لمصالحها الاقتصادية" ولضمان أمن المجلس العسكري الحاكم في باماكو.
وكانت مالي في قلب الإجراءات الأوروبية والفرنسية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.
وكان ماكرون قرر بدء خفض عديد القوات الفرنسية صيف 2021 لنشر قوات في المنطقة، لكن هذه المغادرة القسرية من البلاد ستجبر باريس على تسريع عملية إعادة التنظيم هذه في بلدان أخرى في المنطقة مهددة بعدوى الجهاديين وخصوصا في خليج غينيا.
وقال ماكرون: "إنها مسألة إعادة تركيز على طلبات شركائنا حيث ينتظرون مساهمتنا على شكل دعم، وفي تحقيق مزيد من التكامل".
وأضاف: "سنحدد في الأسابيع والأشهر المقبلة الدعم الذي سنقدمه لكل دول المنطقة على أساس الاحتياجات التي تعبر عنها"، موضحا أن هذا الدعم يمكن أن "يشمل المساعدة في التدريب وتوريد المعدات وحتى دعم عملياتها ضد الإرهاب".
ومنذ 2013، قتل 53 جنديا فرنسيا في منطقة الساحل، بينهم 48 في مالي.