هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما زال
الإسرائيليون يبحثون آثار وتبعات زيارة الرئيس يتسحاق هرتسوغ إلى تركيا، ولقائه بالرئيس
رجب طيب أردوغان، الذي قرر أن يعيد تموضعه في علاقاته الإقليمية، ليس فقط مع إسرائيل،
بل مع الإمارات ومصر والسعودية واليونان، ويبدو أن حقبة جديدة قد بدأت في علاقات تركيا
الخارجية، من خلال كسرها للجليد معها، ولعل ذلك يأتي انسجاما مع التحركات الجارية في
المنطقة، وإعادة شبكة التحالفات التي تشهدها.
تبدي
المحافل الإسرائيلية تقديرها أن تركيا لا تريد أن تتخلف عن الركب الجاري، كي لا تعيش
في حالة من القلق، ولذلك قد تسفر هذه الزيارة عن افتتاح قريب للسفارة التركية في تل
أبيب، رغم أن ذلك قد يحمل مجازفة إسرائيلية بعلاقاتها القوية مع اليونان وقبرص، ولكن
حتى اللحظة ليس من الواضح كيف تلقت هاتان الدولتان الإيماءات الرمزية العديدة التي
تلقتها إسرائيل من تركيا.
إيتمار
ليفين رئيس رابطة أساتذة العلوم السياسية ذكر في مقاله بموقع "نيوز ون"،
ترجمته "عربي21" أن "هرتسوغ خلال زيارته إلى تركيا، بدا أنه يركض باتجاه
أردوغان، رغم أن العلاقات الثنائية بينهما شهدت على مر السنين تقلبات قليلة، لم تبدأ
بمظاهرة الرافضين للحصار الإسرائيلي على غزة من خلال اقترابهم من شواطئها عبر سفينة
مافي مرمرة أواسط 2010، بل بدأت قبلها بسنوات، حين بدأت اللهجة التركية بالتصاعد ضد
إسرائيل، ثم انتهت باستسلام إسرائيلي مخجل".
وأضاف
أن "الزيارة تضع علامة بارزة في العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، التي شهدت تهرباً
إسرائيليا عن تحميل تركيا مسؤولية ما حصل للأرمن، حتى في السنوات التي أصبحت فيها تركيا
دولة معادية تقريبًا، رغم أنه كان ينبغي الاعتراف بذلك منذ فترة طويلة، مما يشير إلى
تفوق تركي في هذه المسألة على إسرائيل، بدليل أنه رغم الزيارة الأخيرة، فلا زالت تركيا
تحتضن أعداء إسرائيل داخل حدودها، وهم الذين يعملون ضد إسرائيل، وفي هذه الحالة سيكون
السؤال المشروع: ما معنى الزيارة إن لم تغلق تركيا مكاتب حماس لديها، خاصة وأننا نجازف
بعلاقاتنا الجيدة مع اليونان وقبرص".
دانا
بن شمعون، الخبيرة في الشؤون الفلسطينية ذكرت في مقالها بموقع "زمن إسرائيل"،
ترجمته "عربي21" أن "التفسيرات الإسرائيلية لفتح أبواب تركيا أمام هرتسوغ
تتلخص في جملة أسباب مجتمعة، لعل أهمها الاقتصاد التركي المتراجع، واستطلاعات الرأي
الداخلية، والاضطرابات الجارية في الشرق الأوسط، وربما كل شيء معًا".
وأضافت
أن "نظرة أردوغان إلى إسرائيل كشريك على الأقل في المرحلة الحالية، لكن هذا لا
يعني أنه ينوي الإطاحة بحماس، ورغم الرغبة التركية بإعادة بناء العلاقات مع إسرائيل،
فإن أردوغان لن يحرق الجسور المؤدية إلى غزة، حتى لو اتخذ خطوات لإرضاء إسرائيل، فستكون
ضئيلة".
ترقب
المحافل الإسرائيلية تبعات التقارب مع تركيا على العلاقة مع حماس بقولها إن ذلك لم
ينزل بردا وسلاما على قيادتها، لكنها اتخذت موقفا حذرا من زيارة هرتسوغ، وفي الوقت
ذاته فإن الحركة ما زال لديها العديد من أوجه الدعم والإسناد في المنطقة، المالي والعسكري
على حد سواء، وبالتالي فما زال رأسها فوق الماء، فضلا عما تحظى به من شعبية في الرأي
العام الفلسطيني، في ظل ما تقدمه من بديل أمام فساد السلطة الفلسطينية، وتعاونها الأمني
مع إسرائيل.
يتحدث
الإسرائيليون أن زيارة هرتسوغ لم تشكل خبرا سارا لحماس البتة، لكن الحركة في الوقت
ذاته بدت متيقظة، فهي تحافظ على ضبط النفس، ولا تريد أن تشد الحبل أكثر، وما زالت تأمل
أن يعود الأتراك عن توجههم الجديد، أو على الأقل أن تتعافى الحكومة التركية من الضغط
الداخلي في الرأي العام التركي، وهي تشعر أن هذا ليس الوقت المناسب لكسر الأدوات، خاصة
مع أنقرة، ولذلك ظهرت حريصة على عدم مضايقتها، وتدرك أن الأمر لا يستحق المخاطرة بالقليل
المتبقي مما لديها من علاقات.