اقتصاد عربي

مخاوف من ارتفاع أسعار الخبز في الأردن.. وتطمينات حكومية

وزير التجارة الأردني: لن نرفع أسعار بيع الخبز حتى لو وصل سعر طن القمح إلى ألف دولار- جيتي
وزير التجارة الأردني: لن نرفع أسعار بيع الخبز حتى لو وصل سعر طن القمح إلى ألف دولار- جيتي

تتنامى في الشارع الأردني، مخاوف من ارتفاع أسعار الخبز في البلاد، على خلفية تزايد أسعار القمح عالميا، وتوقعات بمزيد من الارتفاع في حال طال أمد الحرب الروسية على أوكرانيا، المتواصلة منذ 24 شباط/فبراير الماضي.


وتثير هذه المخاوف؛ تساؤلات حول كفاية مخزون الأردن من القمح، وقدرة الحكومة على المحافظة عليه بشراء المزيد منه، ومدى تأثير الأزمة الروسية - الأوكرانية على نسب استيراده، وهل سيرتفع سعر الخبز في البلاد مع استمرار ارتفاع أسعار القمح عالمياً جراء الحرب.

وارتفعت أسعار القمح لأعلى مستوى منذ 14 عاما، جراء الحرب الروسية - الأوكرانية، حيث بلغ سعر القمح ببورصة شيكاغو التجارية في مطلع آذار/مارس الجاري 12,9 دولار للبوشل، محققا أعلى سعر منذ 2008.

تطمينات حكومية


ويؤكد الناطق الإعلامي باسم وزارة الصناعة والتجارة والتموين الأردنية، ينال البرماوي، أن مخزون الأردن من مادة القمح "كافٍ وآمِن".

وأوضح البرماوي لـ"عربي21" أن مخزون القمح الحالي يكفي الاستهلاك المحلي لمدة 14 شهرا، بما يشمل الكميات الموجودة في المستودعات، وتلك المتعاقد عليها، والتي يتم توريدها ضمن مدد زمنية متفق عليها مع الشركات الموردة.

وبين أن الاردن لم يستورد القمح من روسيا خلال عام 2021 والعام الجاري، وذلك بسبب فرض موسكو ضرائب تصدير على القمح والشعير والذرة، لافتاً إلى أن المملكة لم تستورد أي كميات من القمح الأوكراني العام الحالي، في حين لم تتجاوز وارداتها منه الـ10 بالمئة العام الفائت.

وأشار البرماوي إلى أن معظم مستوردات المملكة من القمح هي من رومانيا، حيث لا تقل نسبة الكميات المستوردة منها عن 90 بالمئة من إجمالي الكميات التي تستوردها المملكة من القمح سنوياً.

وقال إن "وزارة الصناعة والتجارة والتموين تحرص على شراء المزيد من الكميات بشكل مستمر من مناشئ مختلفة في الأسواق العالمية؛ بما يضمن المحافظة على المخزون".

وأكد البرماوي أنه في حال طال أمد الحرب واستمر ارتفاع سعر القمح عالمياً؛ فإن ذلك لن يؤثر على أسعار الخبز، موضحاً أن الحكومة ستتحمل الكلف الإضافية الناتجة عن هذا الارتفاع.

وأعلنت الحكومة الأردنية مراراً أن أسعار الخبز "خط أحمر"، وذلك منذ أن رفعت دعمها عنه في كانون الثاني/يناير 2018، وتم تحديد سعر كيلو الرغيف الكبير بـ32 قرشاً (45 سنتاً) والصغير بـ40 قرشا (56 سنتاً أمريكياً)، وقررت بالتوازي دعم الأعلاف بقيمة 20 مليون دينار (28.1 مليون دولار) سنوياً، وصرف دعم نقدي سنوي للفئات الفقيرة ومتدنية الدخل بقيمة 171 مليون دينار (240.9 مليون دولار).

 

ماذا لو استمر ارتفاع سعر القمح عالمياً؟

 

في أحدث تصريح حكومي، أكد وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني، يوسف الشمالي، الأحد، أن الحكومة لن ترفع أسعار الخبز مهما زادت أسعار القمح.

وأوضح الوزير الأردني، خلال اجتماع للجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، أن رئيس الوزراء بشر الخصاونة وجه بعدم رفع أسعار بيع الخبز حتى لو وصل سعر طن القمح إلى ألف دولار.

وأضاف: "الأردن هو الدولة العربية الوحيدة التي لديها مخزون يكفي لأكثر من عام من القمح والشعير" لافتا إلى أن "الأردن لديه مخزون قمح يكفي لمدة 13 شهرا و8 أيام"، بحسب قناة "المملكة".

وتابع: "الأردن لديه الإمكانية أن يستوعب لمدة 18 شهرا من القمح ولكن ارتفاع كلفة القمح منعتنا من الشراء بكلفة عالية"، وقال: "عام 2022 لم نشتر من أوكرانيا أو روسيا".

وأوضح الوزير أن "كل كيلو خبز مدعوم بـ13 قرشا حاليا ولا تغيير على أسعاره للمواطن الأردني بغض النظر عن الأسعار عالميا".

وأضاف: "أرقام المنظمات الدولية تظهر ارتفاع أسعار المواد الغذائية 28.2 بالمئة عن عام 2020-2021 وفي العامين 2021-2022 وصلت النسبة إلى 9.8 بالمئة"، مشيرا إلى أنه تم تسعير الزيوت على آخر سعر كان يباع للمواطن الأردني.

 

"مخاوف من تكرار الاحتجاجات" 


ورغم تأكيد الحكومة أنها لن ترفع أسعار الخبز إذا ما تواصل ارتفاع سعر القمح عالمياً؛ إلا أن مراقبين يشككون في قدرتها على ذلك، خصوصا أن البلاد تعيش أزمة اقتصادية صعبة، زادت من حدتها جائحة كورونا، وما ترتب عليها من إجراءات حظر وإغلاق.

ويشير المحلل الاقتصادي فهمي الكتوت، إلى أن "الأسعار حالياً كلها مرتفعة في السوق، فيما لم تقْدِم الحكومة على أي خطوات لحماية المواطن من تبعات هذا الارتفاع".

ولفت إلى ضرورة قيام الحكومة بسلسلة إجراءات إزاء استمرار الحرب الأوكرانية، وانعكاسها على الأسعار في البلاد، وخصوصا فيما يتعلق بالمواد الأساسية والمحروقات "التي تحصل الدولة منها ضرائب مرتفعة، في حين أن المطلوب إلغاء هذه الضرائب بشكل كامل".

وقال الكتوت لـ"عربي21": "صحيح أن المواطن قد يستوعب ارتفاع الأسعار بسبب أزمة عالمية، ولكن من المفترض أن للخبز وضعا استثنائيا يستدعي أن تغطي الحكومة فرق الأسعار، وتستمر في توريد القمح والشعير إلى المخابز بأسعار مخفضة".

وأشار المحلل الاقتصادي إلى إنه في حال طال أمد الحرب؛ فستكون هناك مخاوف حقيقية من أزمة عامة تضرب العالم كله، والأردن جزء منه.

وأضاف الكتوت أن "روسيا وأوكرانيا من أكثر الدول إنتاجا للقمح، وبالتالي فإن استمرار الحرب سيؤثر على أسعار الخبز في الأردن وبقية دول العالم".

وتُعد أوكرانيا أحد أهم منتجي القمح في العالم، ويذهب حوالي نصف القمح الأوكراني إلى الشرق الأوسط. كما تعد روسيا أكبر مصدر للقمح على مستوى العالم.

ورأى الكتوت أن "الأمر ليس متعلقاً بحجم ما يستورده الأردن من القمح من هاتين الدولتين، فالطلب على القمح سيزداد عالميا مما سيرفع سعره أكثر"، مضيفا أن "التوجه إلى أسواق جديدة لن يحل المشكلة، فالقمح الأمريكي والكندي مثلاً سعرهما مرتفع جداً مقارنة بالأوكراني، وارتفاع الأسعار لن يتوقف عند دولة معينة إذا تواصلت الحرب".

وبيّن أن ارتفاع سعر القمح له علاقة بالطاقة أيضاً، "فإنتاج روسيا من الغاز والنفط مرتفع جداً، وهذا سيؤثر على ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وبالتالي ارتفاع كلف شحن القمح وغيره من المواد الغذائية، ناهيك عن ارتفاع كلف إنتاج الخبز في المصانع التي تعمل على الطاقة".

وأكد الكتوت أن الأردن لن يستطيع أن يبدد المخاوف المتعلقة باستمرار ارتفاع سعر القمح في حال لم تتوقف الحرب، "فآثارها ستكون كبيرة، تماما كما حصل في جائحة كورونا، حيث لم يتمكن الأردن من مقاومتها بشكل صحيح" وفق قوله.

يُشار إلى أن احتجاجات واسعة اندلعت في عام 1996 فيما عُرف بـ"ثورة الخبز" التي أطاحت بحكومة عبدالكريم الكباريتي، إثر رفعه سعر مادة الخبز استجابة لشروط صندوق النقد الدولي للحصول على قروض جديدة، مما خلّف احتجاجات واسعة في أنحاء المملكة.

 

التعليقات (0)