اقتصاد عربي

ارتفاع أسعار سلع أساسية بالأردن.. والحكومة تلوّح بعقوبات

هل تنجح الحكومة بالسيطرة على ارتفاع الأسعار في الأسواق؟ - جيتي
هل تنجح الحكومة بالسيطرة على ارتفاع الأسعار في الأسواق؟ - جيتي
"سنتعامل بالعين الحمراء مع كل من يتلاعب أو يتجاوز على قوت المواطن" بهذه العبارات هدد رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، بشكل مبطن التجار بعد أن ارتفعت أسعار سلع ومواد غذائية بالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية.

وشدد الخصاونة، الاثنين، على أن الحكومة "لن تسمح بالعبث بقوت المواطن أو المغالاة في أسعار السلع والمواد من قبل فئة قليلة قد تلجأ إلى التكسب على حساب المواطن والاستغلال غير المبرر لآثار وتداعيات أزمات عالمية".


حديث الخصاونة يأتي في ظل ارتفاع فلكي لأسعار الزيوت النباتية بنسب تراوحت ما بين 20% إلى 38%، بحسب دراسة أعدتها جمعية "حماية المستهلك"، بينما كشف موزع مواد غذائية لـ"عربي21" أن "شركات غذائية تستورد الزيوت النباتية طلبت من مندوبيها عدم توزيع زيت القلي رغم توفره في المستودعات".


وقال مواطنون لـ"عربي21" إن أسعار زيوت القلي ارتفعت بشكل كبير جدا إذ قفز سعر عبوة الزيت سعة 18 لترا التي كانت تباع بـ 21 دينارا (29 دولارا) إلى 32 دينارا (45 دولارا) لتقوم وزارة الصناعة والتجارة بتثبيت سقوف سعرية لمادة الزيت.

ولم يقتصر ارتفاع الأسعار على الزيوت النباتية، وشمل كذلك الأرز والسكر وحليب البودرة، وقال هشام أبو صفية، موزع مواد في شركة مواد غذائية معروفة: "ارتفع الحليب البودرة من 57 دولارا للكرتونة إلى 67 دولارا، بينما تباع العبوة الواحدة بـ 18 دولارا بينما كانت قبل أيام بـ10 دولارات للمستهلك".

ويتابع: "كما ارتفعت الأجبان بنسبة 25%، إلى جانب السكر الذي كان سعره قبل الحرب بأوكرانيا 6.84 دولارات للعبوة سعة 9 كيلو لتصبح بـ7.40 دولارات، كما ارتفعت أسعار البقوليات بنسب مختلفة".

رئيس جمعية مربي المواشي، زعل الكواليت، حذر أيضا من ارتفاع قريب سيطال اللحوم خصوصا المستوردة بسبب ارتفاع أسعار الذرة والصويا التي تدخل في خلطات الأعلاف والتي تنتجها بالدرجة الأولى روسيا وأوكرانيا.

وبين لـ"عربي21"، أن "الارتفاع طال مشتقات الألبان خصوصا المستوردة من الخارج، كمحصلة لارتفاع خلطات الأعلاف".

 

اقرأ أيضا: ارتفاع أسعار السلع التموينية بتونس متأثرة بحرب أوكرانيا

وعلى صعيد المطاعم والحلويات، هاجم نقيب أصحاب المطاعم، عمر عواد، وزارة الصناعة واتهمها بالتقصير، مبينا أن مدخلات إنتاج عديدة في المطاعم ارتفعت مثل الزيوت والحمص والأرز والدجاج.

وقال لـ"عربي21"، "ارتفعت أسعار الزيوت بشكل غير مبرر رغم وجود زيوت نباتية مخزنة لدى التجار قبل الحرب، كما ارتفع سعر طن الحمص الروسي بمقدار 400-500 دينار بعد أن كان 700 دينار، هذا سيزيد من الأعباء على قطاع المطاعم التي لم ترفع سعرها حتى الآن، وكان يجب على وازرة الصناعة ممارسة دور أكبر في الرقابة على بعض التجار الذين يخزنون السلع".

التجار يبررون

 بدوره استنكر نقيب تجار المواد الغذائية، خليل الحاج توفيق، استخدام رئيس الوزراء بشر الخصاونة مصطلح "العين الحمراء" خلال حديثه عن ارتفاع أسعار بعض السلع في الأسواق.

وقال: "تمنيت ألا يستخدم رئيس الوزراء مصطلح العين الحمراء ويجب أن تكون على الفاسدين وليس على التجار"، مشيدا بعمل التجار خلال جائحة كورونا.

واتهم توفيق في مؤتمر صحفي الإثنين جهات بـ"شيطنة القطاع التجاري"، وردا على رفع أسعار المواد الغذائية رغم توفرها في المخازن قبل الحرب الروسية الأوكرانية تابع: "البضائع اشتراها التجار بأسعار مرتفعة، والإرساليات تأتي تباعا بأسعار مختلفة".

وأضاف: "تكلفة شحن البضاعة ارتفعت أكثر من سعرها (...) السوق المحلي يستهلك 100 ألف طن من الأرز، وسعر مادة الأرز وصل إلى 1400 دولار في أرضة بالولايات المتحدة من دون إضافة أي كلفة عليها".

الاعتماد على الذات

عضو مجلس إدارة جمعية مصدري منتجات الزيتون، موسى الساكت، قال لـ"عربي21" إن "الأردن كبلد صغير يتأثر بالأزمات الكبيرة أو الصغيرة في العالم، وستؤثر الأزمة الروسية الأوكرانية على مخزون النفط والغاز أيضا، كون روسيا المصدر الأكبر للغاز مما سينعكس على جميع السلع والصناعة والنقل".

وتابع: "أسعار السلع سترتفع، وسيكون هنالك تأخير في سلاسل التوريد خصوصا أن 85% من مستوردات الأردن مدخلات إنتاج مما يعني أن السلع المحلية ستتأثر أيضا، كما ستزيد أسعار السلع الغذائية المستوردة، وهذا سيرفع التضخم إلى 3%".

 

اقرأ أيضا: ارتفاع أسعار الخبز يفجر غضب المصريين.. ما خيارات الحكومة؟

وحول أبرز السلع التي ستتأثر يبين الساكت: "سترتفع أسعار القمح والشعير، لذا يجب إعادة التفكير بضرورة الاعتماد على الزراعة المحلية والصناعة".

الحكومة تتوعد

بدوره، قال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال لقائه فعاليات في الجامعة الأمريكية بمأدبا وبحضور فريق وزاري، بخصوص تداعيات الأزمة الأوكرانية على أسعار النفط والعديد من المواد الأساسية، "أنه ورغم الارتفاع المضطرد في أسعار النفط إلا أنه سيتمّ تثبيت أسعار المشتقَّات النفطيَّة للشهر الثَّالث على التَّوالي، بالتَّزامن مع حلول شهر رمضان المبارك".

وبين أن كلفة تثبيت أسعار المشتقات النفطية على الخزينة خلال الشَّهرين الحالي والمقبل قرابة 80 مليون دينار مثلما بلغت كلفتها على الخزينة خلال الأشهر الماضية بين 52 إلى 53 مليون دينار.

وأشار الخصاونة إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية أدت إلى ارتفاع مضطرد في أسعار المواد الأساسية مثل القمح والشعير والذرة والزيوت النباتية، لافتا إلى أن مخزون الأردن الاستراتيجي من القمح يكفي لفترة بين 14 إلى 15 شهرا.

وللتخفيف اقتصاديا على المواطنين لجأ البنك المركزي للتعميم على البنوك المحلية تأجيل أقساط قروض الأفراد لشهر نيسان/ أبريل بمناسبة حلول شهر رمضان.

فيما أعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، فيصل الشبول، خلال لقائه مدراء الإعلام الرسمي ورؤساء تحرير الصحف اليومية أن وزارة الصناعة والتجارة والتموين تراقب الأسواق والارتفاع العالمي للأسعار نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، ووضعت سقوفاً سعرية لمادة الزيت النباتي؛ وستتدخل في حال ارتفاع أسعار أي سلعة أساسية، بهدف التخفيف على المواطنين.

بدوره هاجم عضو الحملة الوطنية للدفاع عن عمال الأردن، مجد الفراج، الحكومة وطالبها في حديث لـ"عربي21" بممارسة دورها في الحماية الاجتماعية ورفع الحد الأدنى للأجور، وعدم الارتباط مع رأس المال، إذ تدرك الحكومة أن هناك أطنانا من المواد المخزنة لدى التجار وعلى وزارة الصناعة ممارسة دور رقابي وإجراء دراسة علمية حول الأسعار في السوق".

ما هي الحلول؟

الكاتب والمحلل الاقتصادي، سلامة الدرعاوي، رأى في حديث لـ"عربي21" أن "على الحكومة وضع حلول لارتفاع الأسعار وأكثرها نجاعة تقديم مبلغ مالي مقطوع لمرة واحدة يغطي نسبيا كلفة الارتفاعات الأخيرة على سلة الاستهلاك الأساسية للأسر الأردنيّة، يتم احتسابها ودراستها بشكل علمي وعملي، تغطي كلفة الزيادة لمرتين أو أكثر في العام".

معالجة الجذور

بينما رأى الرئيس السابق لجمعية المحاسبين الأردنيين، محمد البشير، أن على الحكومة وضع خطة اقتصادية لإنقاذ الاقتصاد، قائلا لـ"عربي21": "يجب على الحكومة معالجة الخلل في هيكل الاقتصاد الأردني ومعالجة جذور الأزمة الاقتصادية".

وتابع: "حصة الصناعة والزراعة في الاقتصاد الأردني لا تتجاوز الـ30% من الناتج الإجمالي بينما يشكل قطاع الخدمات 70% وهذا يعني المزيد من الاعتماد على الاستيراد"، داعيا الحكومة لإعادة النظر في ضريبة المبيعات التي أنهكت قطاعي الزراعة والصناعة.

وتوقع تراجع المنح والقروض الدولية للاقتصاد الأردني نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية "الدول المانحة ستتعرض لأزمة مالية نتيجة ارتفاع فاتورة الطاقة كما هو حاصل في أوروبا وأمريكا".

وبلغ حجم التبادل التجاري للأردن مع روسيا وأوكرانيا خلال الشهور الـ 11 الأولى من العام الماضي 308.1 ملايين دينار، وفق بيانات لغرفة تجارة عمّان.

وبحسب البيانات فإن الميزان التجاري يميل لصالح روسيا وأوكرانيا بقيمة 298.3 مليون دينار، فيما تتنوع السلع المستوردة من حبوب وزيوت وحيوانات حية وغيرها.

ماذا قال الأردنيون؟

وصب مواطنون جام غضبهم عبر شبكات التواصل على الحكومة الأردنية مستغربين ارتفاع أسعار سلع متوفرة في المخازن وغياب الرقابة الحكومية على التجار:





التعليقات (0)