هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرًا، تحدثت فيه عن مواجهة السلطات الصينية مشكلات خطيرة بسبب غزو أوكرانيا.
وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إن العلاقات الروسية الصينية شهدت مستوى غير مسبوق من التقارب في السنوات القليلة الماضية؛ ليس فقط بسبب مكانة روسيا كمورد للمواد الخام، ولكن باعتبارها حليفا جيوسياسيا للصين في ظل المواجهة التي فُرضت عليها خلال رئاسة دونالد ترامب.
وأضافت الصحيفة أنه في بيان مشترك خلال زيارة فلاديمير بوتين إلى الصين، أعلنت بكين دعمها المطالب الروسية بشأن وقف توسع الناتو، داعية إلى جانب موسكو الحلف إلى التخلي عن النهج الأيديولوجي للحرب الباردة، واحترام سيادة وأمن ومصالح الدول الأخرى وتنوع أنماطها الحضارية والثقافية والتاريخية.
من ناحية أخرى، بحسب الصحيفة، ولدت بداية العملية العسكرية الروسية عوامل قد تدفع بكين إلى التصرف بشكل غير متوقع؛ حيث يشكك الوضع الراهن في الأيديولوجية المتبعة من طرف الصين والمصممة لإثبات الفرق الأساسي بين سياسة الهيمنة والعدوان التي تنتهجها الولايات المتحدة وحلفاؤها وعدم احترامها سيادة وسلامة أراضي الدول الأخرى، وبين سياسة الصين وروسيا التي تهدف إلى التعايش السلمي والتعاون البناء مع الجميع، بما في ذلك مع الغرب.
وتوضح الصحيفة أنه بجوار ذلك، يُلْحِق غياب الاستقرار في أوروبا نتيجة العملية العسكرية والعقوبات المفروضة وردود روسيا على ذلك ضررًا بالاقتصاد الصيني؛ بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وإمكانية تأثر الشركات الصينية بشكل غير مباشر بالعقوبات ضد روسيا.
وذكرت الصحيفة أنه في خضم العملية العسكرية، شككت بعض الأطراف في الصين بقدرة روسيا على تحقيق أهدافها وإنهاء العملية بشكل سريع؛ حيث يرى الصينيون أن الصراع الحالي وليد السياسة الأمريكية الاستفزازية المنتهجة منذ سنوات عديدة، ففي مقال نشرته صحيفة "يومية الجيش الحر" الصينية، انتقد المحلل العسكري جون شنغ السياسة الخارجية للولايات المتحدة، زاعمًا أن الولايات المتحدة هي التي أوقدت الفتيل الذي أدى إلى اندلاع الحرب الحالية في أوكرانيا، ومارست ضغطًا على روسيا باستخدام حيل، من قبيل توسيع الناتو باستمرار باتجاه الشرق، وتنظيم الثورات الملونة على حدودها.
وتتابع الصحيفة قائلة إن يانغ تشينغ، الخبير في شؤون روسيا في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، أشار في إحدى مقالاته إلى أنه يجب على روسيا الالتزام بالمبدأ القائل إنه "لا يمكن ضمان أمن دولة واحدة على حساب أمن الدول الأخرى"، وعليه باتت جميع الأطراف -وإن اختلفت وجهة نظرها- تؤمن بـ"قانون الغاب"، الذي يقوم على غياب المساواة بين الدول الكبيرة والصغيرة، الحقيقة التي كانت جلية في السياسة الدولية منذ القرن التاسع عشر.
اقرأ أيضا: WP: ما الذي يمكن أن يغير مسار حرب بوتين في أوكرانيا؟
وأوردت الصحيفة أن آراء الخبراء بشأن كيفية انتهاء الصراع والموقف الذي ينبغي على الصين اتخاذه متباينة؛ حيث عبر هو شيجين، كبير المحررين في صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، عن اعتراضه اتباع الصين سياسة خارجية مشابهة للتي تتبعها روسيا، مبينًا أن قوة الصين -على عكس روسيا- لا تكمن في القدرات العسكرية، بل في الاقتصاد، الأمر الذي يتطلب من الصين استخدام الأساليب الدبلوماسية، وتعزيز التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة، واكتساب مزايا تنافسية.
وتنقل الصحيفة عن فنغ يوجون، نائب عميد معهد الدراسات الدولية في جامعة فودان، قوله إن المبدأ الرئيسي الذي حدد مسار التنمية في روسيا يقوم تاريخيًّا على التوتر بين طموحات القوى العظمى ونقص القوة، مضيفًا أن روسيا تعمل اليوم على استعادة أمجادها، غير أن القوة العامة للدولة تعاني من أوجه قصور، وعليه فإن الوقت الكفيل بتحديد ما إن كانت سوف تنجح في استعادة الإمبراطورية أو الاندثار.
وبحسب الصحيفة، فإن هو واي، نائب المدير العام لمركز أبحاث سياسات الدولة الصيني، قد أعرب في مقابلة نُشرت على موقع أجنبي بشكل صريح عن شكوكه في قدرة روسيا على تحقيق أهدافها، وهو ما يستدعي التخلي عن الحياد، وعدم تقديم المساعدة لموسكو من طرف الصين. ووفقًا لـ"هو واي"، تساعد هذه الخطوة الصين على تلميع صورتها، وتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة والغرب.
وأفادت الصحيفة بأن الموقف الرسمي للصين تجلى في تصريحات ممثلي الخارجية الصينية ودبلوماسيتها، وبالطبع قادة الدولة، ففي مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، نفى السفير الصيني الجديد لدى الولايات المتحدة، تشين غانغ، علم الصين بالخطط الروسية وطلبها تأجيل العملية العسكرية إلى حين اختتام دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، وفي السابع عشر من الشهر الجاري، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان، بأن قرار الحكومة الأمريكية بتوسيع حلف الناتو شرقًا سبب حدوث الأزمة الحالية في أوكرانيا، وأن مفتاح تسويتها في يد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
وفي خطاب أدلى به في 19 آذار/ مارس الجاري، انتقد نائب وزير الخارجية الصيني، له يو تشنغ، تفكير الكتلة ووجود الناتو ذاته بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وكذلك العقوبات الأحادية التي اتخذت دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، واصفًا إياها بأنها محاولات "استخدام العولمة كسلاح"، بحسب الصحيفة.
وبينت الصحيفة أن حقيقة اعتبار بكين رد فعل روسيا مبالغًا فيه تجلت في التصريحات الرسمية الأخيرة للمسؤولين الصينيين، الذين صاغوا موقفًا انتقدوا خلاله انتهاج لا فقط الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي سياسة القوة، بل دول أخرى، بما في ذلك روسيا.
وتلفت الصحيفة إلى أن موقف بكين بشأن الأزمة الأوكرانية يبدو أنه لم يتبلور بعد، وقد يخضع لبعض التغييرات في خضم الصراع، فمن ناحية، لا يزال نهج الصين المبدئي هو حماية وحدة أراضي جميع الدول، لا سيما في ظل مواجهتها مشكلات انفصالية، فضلا عن حقيقة تنصيب نفسها زعيما لدول الجنوب، ومن ناحية أخرى، تُعدّ روسيا أهم شريك للصين في مواجهة الولايات المتحدة. وعليه، لا يمكن للصين الاستجابة للنداء الأمريكي بشأن فرض عقوبات على روسيا، كونها تدرك أنه بعد تدمير موسكو، ستضاعف الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي جهودهما لاتباع السياسة ذاتها ضدها.
وفي نهاية التقرير، نوهت الصحيفة إلى أن الصين لن تستفيد من إضعاف روسيا، الأمر الذي قد يدفعها إلى تقديم المساعدات الممكنة لها، محاولة في الوقت ذاته تجنب التأثير الثانوي للعقوبات الأمريكية، عن طريق حث موسكو على إنهاء العملية في أسرع وقت.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)