نشر موقع
"نيوز ري" الروسي تقريرا تحدث فيه عن الزيارة التي أداها
المستشار النمساوي كارل نيهامر في 11 من الشهر الجاري إلى موسكو واجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن إعلان نيهامر عن رحلته إلى موسكو في ظل التوترات الجيوسياسية القائمة أثار ضجة كبيرة لا سيما بعد زيارته إلى كييف الأسبوع الماضي.
وذكر الموقع أن نيهامر هو أول زعيم دولة عضو في الاتحاد الأوروبي يجتمع مع الرئيس الروسي منذ بداية العملية العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية. وكان الكرملين قد أكد قبل يوم من المفاوضات اعتزامه عدم دعوة الصحفيين لتغطية اجتماع قادة البلدين. ولم يُعقد مؤتمر صحفي مشترك يكشف فيه الجانبان عن نتائج المفاوضات.
هل المسألة متعلقة بخطوط الأنابيب؟
ذكرت صحيفة "كرونين زيتونغ" النمساوية أن الزعيمين تحدثا وجها لوجه في مقرّ إقامة الرئيس الروسي في نوفو أوغاريوفو، في اجتماع غاب فيه المستشارون. بعد انتهاء الزيارة التي دامت ساعة ونصفا وعودته إلى النمسا، صرح المستشار النمساوي بأن الحاجة إلى إنهاء العملية العسكرية في أقرب وقت هي التي دفعته إلى زيارة موسكو وعقد محادثات مع بوتين. واعتبر نيهامر أن كلا من
روسيا وأوكرانيا خاسران في هذه الحرب، مؤكدا أن زيارته تمت لا بمقتضى الصداقة بل أملاها عليه واجبه.
كما أكد المستشار النمساوي أن عقوبات الاتحاد الأوروبي ستظل سارية المفعول وستصبح شديدة الصرامة طالما أن الحرب لا تزال تخلف ضحايا أوكرانيين، مشيرًا إلى الحاجة إلى عقد محادثات مع الجانب الروسي رغم جميع الخلافات.
ونقل الموقع عن الخبراء أن الكرملين سوف يستخدم المفاوضات لشن هجوم مضاد على الجبهة الدبلوماسية والتمسك بسياسته المتشددة تجاه الغرب. إن لم يحدث انقسام داخل المعسكر الموحد للقوى الغربية، سوف تحاول موسكو إظهار اختلاف وجهات النظر داخله.
وأشار الموقع إلى أن النمسا على عكس فنلندا والسويد، ليست عضوا داخل حلف شمال الأطلسي ولن تتخلى عن صفتها كدولة محايدة وتعلن انضمامها إلى الحلف. في إطار العقوبات الجماعية للاتحاد الأوروبي، اكتفت فيينا بطرد الدبلوماسيين الروس فقط آخذة جملة من المسائل بعين الاعتبار، أهمها تأمين الغاز الروسي حوالي 80 بالمئة من حاجياتها.
تعليقا على ذلك، قالت وزيرة البيئة والطاقة والبنية التحتية في النمسا ليونور جوسلر: "نحن الآن في ظل وضع تتعدى فيه خسائر النمسا أو أوروبا جراء نقص الغاز الروسي الخسائر التي تكبدتها روسيا".
من جانبه، أعلن نيهامر عن معارضته فرض حظر على استيراد النفط والغاز من روسيا، داعيا إلى اتخاذ الدول الأوروبية نفس الموقف. في حوار جمعه مع قناة "أو أي 24" الخاصة قال نيهامر: "ينبغي التخلي عن فكرة وقف استيراد النفط الروسي". وتعتقد شركة النفط والغاز الدولية "أو إم في" التي تتخذ من فيينا مقرا لها أن مخزون البلاد من الغاز سوف ينفد في العام المقبل، وبالتالي لا تستطيع وقف استيراد الغاز الروسي.
مهمة سرية
ذكر الموقع أن فيينا أصرت على اجتماع المستشار النمساوي باعتباره "مشيد جسور" ووسيطا في صراع أوكرانيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. عشية زيارته إلى موسكو أفاد نيهامر: "لا بد من وضع حد للظرف الراهن. نحن في حاجة ماسة إلى ممرات إنسانية ووقف إطلاق النار وإجراء تحقيق كامل في جرائم الحرب. نعم نحن محايدون عسكريا، لكن موقفنا في هذه القضية واضح تماما".
دفاعًا عن نيهامر من الهجمات الإعلامية التي طالته، أيد المستشار الألماني أولاف شولتز علنا الخطوة التي قام بها نظيره النمساوي. في هذا الصدد، نقلت صحيفة "شبيغل" عن نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، كريستيانه هوفمان قولها: "نحن ندعم جميع الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء العملية العسكرية في أوكرانيا وتهيئة الظروف الأساسية لعقد مفاوضات بين أوكرانيا وروسيا".
تعليقًا على الزيارة، قال رئيس مركز الدراسات السياسية في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير شفايتزر إن "الوضع المحايد للنمسا بشكل عام والشخصية التي يمتلكها المستشار البالغ من العمر 49 عامًا من العوامل التي تميز نيهامر باعتباره همزة وصل". وأضاف: "محاولة حفظ السلام من السمات التي ميزت السياسة الخارجية النمساوية منذ سنة 1945. إن الموقع الجغرافي للنمسا باعتبارها نقطة تقاطع أوروبا الغربية والشرقية، يساعدها على "بناء الجسور" بين الدول الأكثر نفوذاً".
وأكّد شفايتزر أن شخصية المستشار النمساوي كونه "سفير النوايا الحسنة" تخدم مصالح قيادة الاتحاد الأوروبي. في الأثناء، تدعي بعض المصادر في فيينا أن نيهامر نسق زيارته إلى موسكو مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين. ويضيف شفايتزر: "منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حافظت فيينا على علاقات ودية مع موسكو. من ناحية أخرى، تجمع فلاديمير بوتين علاقات مع مختلف رجال الدولة النمساويين".
ونوه الموقع بأن كييف لم تبد معارضتها تولي النمسا - كدولة محايدة - دور الوسيط في المفاوضات الروسية الأوكرانية بشأن تسوية النزاع، بينما لم تظهر فيينا استعدادا لتولي مهام أحد الضامنين للاتفاقيات المستقبلية المحتملة بين موسكو وكييف.