سياسة دولية

12 يساريا بحكومة فرنسا الجديدة.. ماذا يريد ماكرون؟

اختار ماكرون التعويل على فريق يساري قبل الانتخابات التشريعية- جيتي
اختار ماكرون التعويل على فريق يساري قبل الانتخابات التشريعية- جيتي

كشف قصر الإليزيه الجمعة الماضي عن تركيبة الحكومة الفرنسية الجديدة برئاسة، إليزابيث بورن، والتي ضمت بعض الأسماء اليسارية، قبل أسابيع من عقد الانتخابات التشريعية، ما أثار انتقادات يمينية.


وفي أحد المفاجآت الكبرى، ضمت تركيبة الحكومة الأكاديمي اليساري باب ندياي في منصب وزير التعليم. ونداي هو مؤرخ متخصص في التاريخ الاجتماعي للولايات المتحدة والأقليات، ويبلغ من العمر 56 عاما، وُلد في باريس لأب سنغالي وأم فرنسية.


وعُرف ندياي بمواقفه المناهضة للاستعمار، حيث أعرب في وقت سابق عن تعاطفه مع أولئك الذين يقولون إن العرق والاستعمار لا يزالان عاملين مهمين في فهم الظلم.


وقارن الوزير الجديد كذلك بين التجارب الفرنسية والأمريكية في التعامل مع الأشخاص السود، ووصف المجتمع الفرنسي بأنه عنصري "بنيوي".


وجاءت هذه التصريحات في رد على وزير التعليم المنتهية ولايته، جان ميشيل بلانكير، الذي اعتبر أن ندياي "يساري إسلامي، فيما اعتبر نفسه عدوا صريحا لما يسمى بالأفكار المستيقظة".


ويشير هذا المصطلح إلى ضرورة  الانتباه إلى التحيزات المرتبطة بالجنس أو العرق، فيما زعم الوزير السابق أن هذه الأفكار تمثل تهديدا للتقاليد "العالمية" الفرنسية التي لا تفرق بين الناس من حيث المبدأ بعيدا عن اللون أو الأصل.


ورغم أن الحكومة الفرنسية الجديدة ضمت 12 وجها من المحسوبين على اليسار، من أصل 26 عضوا، إلا أن زعيم حركة "فرنسا الأبية" جان لوك ميلينشون لم يعبر عن ارتياحه إلا لتواجد باب ندياي ضمن الطاقم الوزاري، معتبرا إياه قطيعة مع فكر وزير التعليم السابق.


انتقادات يمينية


ولئن رحّب ميلينشون بتعيين ندياي في خطة وزير التعليم، فإن زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان نددت بدخول المؤرخ المتخصص في شؤون الأقليات للحكومة، متحدثة عن خيار "الاستفزاز" لرئيسة الوزراء.


وانتقدت لوبان، التي انهزمت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ضد ماكرون، "الخيار المرعب"، في أعقاب الهجمات التي نفذها اليمين المتطرف فور الإعلان عن هذا التعيين.


وقالت زعيمة اليمين المتطرف: "هذا الخيار لوضع رجل يدافع عن الأصلانية والعنصرية والاستيقاظ على رأس وزارة التعليم الوطنية هو خيار مرعب للآباء والأجداد"، معربة عن قلقها من "خيارات استفزازية وذات مغزى كبير للمستقبل".


وتظاهرت بالتساؤل: "ما هو الانقلاب السياسي الجيد؟ أي أن إيمانويل ماكرون يتفق مع جان لوك ميلينشون في جميع الأيديولوجيات التي يدعيها الأخير؟".


وبالتوازي بين موقفي إيمانويل ماكرون وجان لوك ميلينشون، أكبر منافسيه في الانتخابات التشريعية، اتهمت مارين لوبان الرجلين بالرغبة في "قيادة سياسة تفكيك فرنسا".


وأعربت عن أسفها بالقول: "نرى أن إيمانويل ماكرون وجان لوك ميلينشون يدافعان الآن عن جمهورية محلية"، بينما رحب الزعيم المتمرد بدخول المؤرخ إلى الحكومة، واصفا إياه بـ"المثقف العظيم".


وتساءلت لوبان: "ما هو الانقلاب السياسي الجيد؟ أي أن إيمانويل ماكرون يتفق مع جان لوك ميلينشون في جميع الأيديولوجيات التي يدعيها الأخير؟".


وبالتوازي بين موقفي إيمانويل ماكرون وجان لوك ميلينشون، أكبر منافسيه في الانتخابات التشريعية، فقد اتهمت مارين لوبان الرجلين بالرغبة في "قيادة سياسة تفكيك فرنسا"، على حد تعبيرها.


وأعربت عن أسفها قائلة: "نرى أن إيمانويل ماكرون وجان لوك ميلينشون يدافعان الآن عن جمهورية محلية"، بينما رحب الزعيم المتمرد بدخول المؤرخ إلى الحكومة، واصفا إياه بـ"المثقف العظيم".


اختيارات يسارية


واختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتماد على شخصية يسارية لتشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات الرئاسية، وجاء الاختيار على رئيسة الوزراء الحالية إليزابيث بورن.


وكانت بورن واحدة من أنصار الجناح اليساري لحكومة رئيس الوزراء السابق جان كاستكس، عندما كانت وزيرة للبيئة.


ورأى إيمانويل ماكرون فيها ميزة أساسية في وقت الإعلان عن إصلاحات اجتماعية جديدة، بدءًا من "أم المعارك" على المعاشات التقاعدية. 


وتتمثل مهمة بورن، التي تعتبر من كبار موظفي الخدمة المدنية، في تحمل الطموح البيئي الجديد الذي وعد به الرئيس، مساء يوم إعادة انتخابه. وهي مهمة لا ينبغي لها أن ترفضها وزيرة البيئة السابقة.


الانتخابات التشريعية


وجاءت هذه الاختيارات لماكرون لتؤكد يسارية الحكومة الجديدة، قبل أسابيع قليل من إجراء الانتخابات التشريعية المزمع عقدها على جولتين في 12 و19 حزيران/ يونيو المقبلين.


وعلى غرار الانتخابات الرئاسية، فإن الانتخابات التشريعية الفرنسية تجرى كل 5 سنوات لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية، وهي الغرفة الثانية في البرلمان الفرنسي إلى جانب مجلس الشيوخ، ويتنافس المرشحون في هذا الاستحقاق من أجل نيل مقاعد الجمعية الوطنية، وعددها 577 مقعدا والتي تمثل الدوائر الفرنسية في كامل فرنسا، وتجرى الانتخابات التشريعية على جولتين، ما يعني أن التحالفات تمنح فرصة للتعويض في جولة الإعادة.


وتتزامن اختيارات ماكرون اليسارية مع تصدر التحالف اليساري "لانوب" (الاتحاد الأيكولوجي والاجتماعي الشعبي الجديد) الذي أسسه ميلانشون، نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية المقبلة، على حساب حزب ماكرون، "النهضة".


وتوصلت أحزاب يسار الوسط في فرنسا إلى اتفاق تحالف بخصوص الاستحقاقات التشريعية، بهدف الحصول على ثقل برلماني يكون كفيلاً بعرقة خطط الإصلاح المثيرة للجدل التي طرحها الرئيس ماكرون، من خلال قائمات موحدة.

 

اقرأ أيضا: هل يمكن اعتبار هزيمة لوبان بانتخابات فرنسا انتصارا؟

ويضم تحالف "لانوب" كلا من الحزب الاشتراكي التاريخي وحزب الخضر والحزب الشيوعي، فضلا عن حزب اليسار الراديكالي "فرنسا الأبية" بقيادة جان لوك ميلينشون الذي حصل على 22 بالمئة في الانتخابات الرئاسية.

 

وفي حال نجح التحالف اليساري في تكوين أغلبية برلمانية، فإن الجمعية الوطنية ستكون في شبه انسجام مع حكومة تضم عددا مهما من الأصوات اليسارية المدعومة من ماكرون، فيما ستكون قضايا القدرة الشرائية والتخطيط البيئي من أهم الملفات التي تنتظر رئيسة الوزراء الجديدة إليزابيث بورن.


جدير بالذكر أن مرشحي هذه الأحزاب اليسارية في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية حصلوا على 28.33 بالمئة من الأصوات مجمعة، مقابل 27.84 بالمئة لماكرون، الذي حسم السباق الرئاسي في الجولة الثانية ضد لوبان.

التعليقات (2)
يحيى
الثلاثاء، 24-05-2022 06:51 م
هذه الحكومه لاستجداء اليسار لكنها ستبقى لشهر واحد فقط لانه في الشهر القادم تحصل الانتخابات النيابيه و من ثم ستشكل الاغلبيه حكومه جديده . لو فاز ماكرون سيحل هذه الوزاره و يعود لتعيين وزراء ذوي نزعه عنصريه كما كان سابقا . اما ان فاز تحالف اليسار بقياده ميلانشو فسيصبح ماكرون رئيس بدون اي سلطه
عابر سبيل
الثلاثاء، 24-05-2022 05:19 م
ماكِرٌ، هذا الرئيس!! "...وبتعيين بورن رئيسة جديدة للحكومة الفرنسية، أراد ماكرون اصطياد عصفورين بحجر واحد. أولا، بعث رسالة إلى معسكر اليسار مفادها أنه مهتم بالمشاكل الاجتماعية التي يعاني منها بعض الفرنسيين. ثانيا، كبح جماح جان لوك ميلنشون الذي لا زال يحلم بالفوز بالانتخابات التشريعية وبالتالي فرض نفسه كرئيس جديد وحقيقي للحكومة الفرنسية بعد نهاية الانتخابات التشريعية. وأمام بورن رهانات عديدة تنتظرها. أولها الدخول في المعترك الانتخابي خلال الانتخابات التشريعية التي ستجري الشهر المقبل. ويرجح أن تكون إلى جانب إيمانويل ماكرون لتمكين الحزب الرئاسي الحاكم من تحقيق فوز، ليس مضمونا هذه المرة. كما ينتظرها أيضا ملف إصلاح نظام التقاعد الذي لا يحظى بشعبية كبيرة عند الفرنسيين، فضلا عن تحسين قدرتهم الشرائية وتقليص أسعار المواد الأولية كمواد الاستهلاك والبنزين إلخ. ويعول ماكرون كثيرا على الذكاء والمعرفة الجيدة لعالم النقابات التي تملكهما رئيسة الوزراء الجديدة لكي تعبر الفترة المقبلة بأمان. فهل ستنجح في رفع التحديات المطروحة أمامها؟" طاهر هاني ـ موقع فرانس 24 بالعربي.