هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال خبراء إن استهداف الاحتلال الإسرائيلي للعلم الفلسطيني في القدس، كشف عن مدى هشاشته، وتعامله ككيان "مهزوز".
وبحسب متابعة "عربي21" لتطور الأحداث في القدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، فقد كثفت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من قمعها لكل من يرفع علم فلسطين في المناطق المحتلة، حتى بات رفعه من قبل بعض الطلبة الفلسطينيين داخل بعض الجامعات الإسرائيلية يثير قلقا داخل الاحتلال.
وعملت أجهزة الاحتلال على ملاحقة كل من يرفع العلم الفلسطيني في القدس وفي الداخل المحتل، وظهر ذلك بشكل جلي في الاعتداء الوحشي على المشاركين في جنازة الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة.
"حماقة وهشاشة"
لم تقتصر إزالة العلم على العناصر الأمنية الإسرائيلية، وامتد ذلك إلى قيام المستوطنين بهذه المهمة التي تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى جاهدا إلى اجتثاث أي مظهر يشي بأن هذه هي أرض فلسطين المحتلة، حتى وإن كان ذلك في رمزية العلم، وخاصة في القدس المحتلة.
وفي قراءته للحرب الإسرائيلية على العلم الفلسطيني، أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن "الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت تبني سياساتها بطريقة فيها هشاشة كبيرة في العمل السياسي، تنم عن عدم ثقة الشخصيات التي تقود الحكومة في نفسها، هم يشعرون كاللص الذي على رأسه ريشة".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "قادة تلك الحكومة يتخبطون، وهذا يدفعهم لارتكاب حماقات من هذا النوع، حيث جعلوا من العلم الفلسطيني راية حمراء في مسابقة الثيران، وكل ثور يركض وراء العلم الأحمر وهو مستعد لأن يموت في سبيل الوصول إلى هذا العلم؛ وهذا ما يصيب الحكومة الإسرائيلية اليوم".
وأكد مجلي، أن "هناك محاولة إسرائيلية لتصفية كل إنجازات القضية الفلسطينية منذ اتفاقيات أوسلو، ومنها الاعتراف المتبادل ما بين منظمة التحرير وإسرائيل بالعلمين؛ الفلسطيني والإسرائيلي؛ وبناء على ذلك؛ الإسرائيلي يحترم العلم الفلسطيني باعتباره العلم الوطني للسلطة ومنظمة التحرير".
وقال: "الأقوياء من حكام إسرائيل لم يترددوا في رفع العلم الفلسطيني على ظهر مبنى الحكومة الإسرائيلية، ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود أولمرت، رفع العلم الفلسطيني فوق مقر حكومته في كل مرة كان يستقبل فيها الرئيس عباس في مقر الحكومة الإسرائيلية، كما أن أرئيل شارون وبيريس واسحاق رابين، حينما كانوا يجتمعون مع القيادة الفلسطينية كانوا يضعون العلمين؛ الفلسطيني والإسرائيلي".
ونبه الخبير، إلى أن "السياسي المبتدئ هو الذي يتوقع أن تؤدي هذه المعركة إلى نجاح"، مؤكدا أن "إسرائيل لن تنجح في طمس العلم الفلسطيني، وبدلا من أن تنزل العلم الفلسطيني في المناطق التي احتلتها عام 1967 فقد أصبحت تراه في المناطق التي احتلتها عام 1948؛ فالنتيجة كانت عكسية تماما، ولم تحرز تل أبيب أي شيء، ما يدل على أن القرار والسياسة المتبعة في هذا الشأن ضحلة وهشة تدل على شخصية مهزوزة، وعدم ثقة لا في النفس ولا في سياسية تلك الحكومة".
اقرأ أيضا: علم فلسطين يطوف بسماء باب العامود عبر مسيّرة.. وتفاعل
حالة مهزوزة
من جانبه، أوضح الباحث البارز في شؤون مدينة القدس والمسجد الأقصى، زياد ابحيص، أن "الاحتلال ولأسباب كثيرة أصبح يختصر ويختزل فكرة سيادته المزعومة على مدينة القدس المحتلة في 3 عناصر رمزية أساسية".
وذكر في حديثه لـ"عربي21"، أن "العنصر الأولي هو العلم، وهذه حالة مزمنة، فهو يعتبر منذ عام 1968 أن حضور العلم الصهيوني هو لإثبات هيمنته وسيادته على القدس، لأنه عندما ضم المدينة في الـ68 كان مركزها ومحيطها عربيا، وبالتالي فقد كانت الوسيلة الوحيدة هذه المسيرة (مسيرة الأعلام الإسرائيلية) والتي كان يصحبها استعراض عسكري في ذاك الوقت".
وقال ابحيص: "بعد مرور 55 عاما (استكمال احتلال القدس) فما زالت ذات الوسيلة لاستعراض السيادة المزعومة عبر اختراقها بالأعلام، لأنه فشل في اختراق مركز القدس؛ البلدة القديمة ما زال 90 في المئة من سكانها مقدسيين فلسطينيين مقابل 10 بالمئة مستوطنين، والأحياء المركزية في القدس 94 في المئة مقدسيين".
أما العنصر الثاني، "ساحة باب العمود، أصبحت وكأنها هي ميدان السيادة، بمعنى أنه إذا تمكن من اقتحام البلدة القديمة من خلال باب العمود، فهو سيد المدينة والعكس، وهنا يتأكد للجميع أننا أمام حالة مهزوزة لا تملك أدنى ثقة بنفسها"، وهذا يتوافق مع ما ذهب إليه الخبير مجلي.
وذكر أن جيش الاحتلال الذي لم يستطع وضع المتاريس الحديدية في ساحة باب العمود العام الماضي وأجبر على تفكيكها، "اليوم ينظر لهذا الأمر، على أنه أحد وسائل استعادة الهيبة والثقة في النفس".
وبين الباحث، أن العنصر الثالث يتعلق بالصلاة في المسجد الأقصى المبارك، حيث "بات الاحتلال يشعر بأن استعراض الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى، هي رمز للسيادة"، منوهة إلى أن "هذه العناوين الثلاثة، تعبر عن حالة أزمة لدى إسرائيل النووية، وهي عناصر هزيمة للاحتلال، تعبر عن هشاشته".
جدير بالذكر، أنه جرى أمس تنظيم "يوم العلم الفلسطيني" ردا على حرب الاحتلال ضده، حيث شهدت مختلف المناطق في الأراضي الفلسطينية المحتلة تفاعلا كبيرا، ورفع أبناء الشعب الفلسطيني في داخل وخارج فلسطين العلم الوطني الفلسطيني، وتم تنظيم العديد من الوقفات والمسيرات الجماهرية الحاشدة.
استهجان إسرائيلي
أطراف إسرائيلية انتقدت أيضا التعامل الأمني الهستيري مع علم فلسطين، إذ استهجنت صحيفة "هآرتس" ما يقوم به الاحتلال، مشيرة إلى أن ذلك يذكر العالم بـ"خطيئة احتلالنا فلسطين".
وأقرت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع التابعة للكنيست الإسرائيلي أمس، "منح حرية التصويت على مشروع قانون النائب إيلي كوهين من حزب "الليكود" المعارض، والذي يحظر "رفع علم دولة عدو أو علم السلطة الفلسطينية في مؤسسات ممولة أو مدعومة من الدولة، بما في ذلك الجامعات".
وذكرت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها، أن "مشروع القانون الهاذي، سيرفع للقراءة العاجلة يوم الأربعاء"، موضحة أن من عارض القانون من وزراء الحكومة هما فقط؛ الوزيرة كانا تمار زندبرغ من "ميرتس" والوزير نحمان شاي من "العمل".
ونبهت إلى أن "العلم الفلسطيني هو علم الشعب الفلسطيني، وينبغي الأمل في أن يكون في المستقبل هو علم دولة فلسطين، كما أن العلم الفلسطيني بشكل رسمي هو علم السلطة الفلسطينية، وهي السلطة التي أقيمت باتفاق سياسي مع إسرائيل، وهنا يدور الحديث عن رمز شرعي للسلطة، يعترف بها كل العالم، بما في ذلك إسرائيل، التي تقيم اتصالا جاريا معها في جملة من الجوانب الحياتية، بما في ذلك التنسيق الأمني الوثيق منذ نحو 30 سنة، فالسلطة الفلسطينية ليست دولة عدو".
وأكدت الصحيفة، أن "الموقف المعادي من العلم الفلسطيني، يدل على عملية تطرف يجتازها المجتمع الإسرائيلي؛ مجتمع، يبدي صفر تسامح على رفع هذا العلم، دون صلة بالسياق الذي يتم فيه؛ سواء في جنازة صحفية قتلت أثناء تغطية لاقتحام الجيش الإسرائيلي مدينة جنين، أم في احتفال ذكرى النكبة في جامعة "بن غوريون" في النقب".
ولفتت إلى أن "الهوس الإسرائيلي من العلم الفلسطيني، يذكرنا بخطيئة الاحتلال، التي يتنكر لها المجتمع الإسرائيلي، وبالتوازي، يشكل ردا على رفض الاعتراف بقومية فلسطينية في الداخل، مثلما وجد الأمر تعبيره في "قانون القومية".
وعليه، فإنه "ليس مفاجئا أن يتقرر إعطاء حرية تصويت للائتلاف رغم حقيقة أن هذا مشروع قانون من المعارضة، وينبغي أن ننتظر الآن لنرى ماذا ستفعل أحزاب اليسار و"الموحدة"، علما بأن موسي راز من "ميرتس"، قال: "فلينسوا في الائتلاف أن نؤيد هذا، لن يحصل هذا".
ونوهت "هآرتس"، إلى أن "إسرائيل بقدر ما تواصل محاولاتها التنكر لوجود الشعب الفلسطيني، رموزه، علمه، تاريخه وتطلعاته للاستقلال، فلن ينجح الأمر"، مطالبة بأن يتم "سحب مشروع القانون السيئ هذا، والعودة إلى طريق المفاوضات السياسية".