هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تدور تكهنات في الأردن، حول أبعاد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المرتقبة للمملكة، قبل أسابيع من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للرياض، وبالتزامن مع نشاط اقتصادي سعودي - أردني شهدته عمّان خلال الأيام الماضية.
وكانت وكالة الأنباء الألمانية قد نقلت عن مسؤولين في الرياض، أن ولي العهد السعودي سيبدأ الأسبوع الحالي جولة تشمل ثلاث دول هي الأردن ومصر وتركيا، فيما أعلن الرئيس التركي أردوغان بشكل رسمي، أمس الجمعة، أن زيارة ابن سلمان إلى أنقرة ستكون الأربعاء القادم.
دلالات التوقيت
ويرى الكاتب والمحلل السياسي منذر الحوارات، أن "زيارة ولي العهد السعودي للأردن تأتي في ظل أزمة طاقة متفاقمة سيكون للسعودية دور رئيسي في حلها".
ولفت إلى أن زيارة ولي العهد السعودي للأردن تسبق زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للرياض، "وهذه الأخيرة تحتاج تنسيقا للمواقف العربية للوصول مع بايدن إلى رؤية مشتركة لمستقبل المنطقة، وكيفية حل القضايا العالقة فيها".
وحول علاقة الزيارة بملف الأمير حمزة وباسم عوض الله، أو ما يسميه النظام الأردني بـ"الفتنة" التي تحدثت وسائل إعلامية عن دور سعودي فيها؛ بيّن الحوارات أن هذا الملف طُوي أردنيا، وتم التخلص من شوائبه مع السعودية قبل الزيارة، مستدركا بالقول: "قد يكون موضوعا للنقاش العابر، ولكني لا أعتقد أنه جزء من المواضيع الرئيسية لهذه الزيارة، فهناك قضايا أهم منه بكثير".
اقرأ أيضا: ما موقف الأردن من مشروع الإنذار المبكر الأمريكي بالمنطقة؟
وأشار إلى أن الحرب الأوكرانية - الروسية ألقت بثقلها على بايدن، وجعلته يعيد حساباته من جديد تجاه المنطقة العربية والخليج، والسعودية بالدرجة الأولى، ولذلك تريد هذه الأخيرة أن تتسلح بتوافق إقليمي قوي قبل لقاء الرئيس الأمريكي، ترجمه الإعلان عن زيارة ابن سلمان لتركيا ومصر والأردن، لتحصل على مكاسب أكبر من واشنطن من خلال إظهار أنها فاعلة في صناعة القرار الإقليمي.
وقال الحوارات إن مواضيع الأمن ومنظومات الصواريخ والضمانات الأمريكية لأمن دول الخليج في حال تعرضت لاعتداء إيراني ستكون واحدة من أولويات النقاش، وعلاقة الأردن القوية مع جو بايدن ربما تكون دافعا لشراكة في طلب الأردن والسعودية ودول المنطقة من الولايات المتحدة بأن تضمن أمن المنطقة في حال حدوث أي اعتداء عليها من دول أخرى، وبالذات إيران.
بين السياسي والاقتصادي
وتأتي زيارة ولي العهد السعودي للمملكة؛ عقب نشاط اقتصادي أردني سعودي ملحوظ، تُوِّج بتوقيع مذكرة تفاهم، الخميس، بين صندوق الاستثمار الأردني وشركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار، لغايات تمكين الأخير من بحث فرصة الاستثمار في مشروع شبكة السكك الحديدية الوطنية.
وسبق ذلك توجيه من قبل مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الثلاثاء الماضي، لبدء التباحث مع الأردن في شأن مشروع اتفاقية تعاون بين الحكومتين السعودية والأردنية في مجال الطاقة.
ورأى المحلل السياسي منذر الحوارات أن من أهداف زيارة ابن سلمان "إزالة العوائق البيروقراطية المتعلقة بمشروع نيوم السعودي، الذي يحتاج إتمامه إلى إقامة شراكة اقتصادية بين الرياض والعقبة".
إلا أن الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت، ذهب إلى القول بأن السعودية تسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية في المنطقة، "قد يكون الجانب الاقتصادي أحد أدواتها"، واصفا مشروع نيوم بأنه "جزء من مشروع التصفية للقضية الفلسطينية" وفق تعبيره.
وقال لـ"عربي21" إن هذا المشروع يترجم السعي الإسرائيلي - الأمريكي لتوفير الأجواء لترانسفير ناعم للفلسطينيين، من خلال "خلق فرص عمل لهم في الخارج، والتضييق عليهم في الداخل، والعودة إلى الجسور المفتوحة التي كانت سائدة في سبعينات القرن الماضي، لتسهيل خروج أهالي فلسطين من أراضيهم بحثا عن العمل".
اقرأ أيضا: الجيش الأردني: تنظيمات إيرانية في سوريا تستهدف أمننا الوطني
وأضاف الكتوت أن ثمة حراكا أمريكيا إسرائيليا لإقامة تحالف إسرائيلي - عربي - خليجي، يضم الأردن والعراق ومصر ودول الخليج، واصفا هذا المشروع بأنه "من أخطر المشاريع على القضية الفلسطينية، ويعيدنا مرة أخرى إلى مشاريع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وغيرها من محاولات التصفية لهذه القضية".
ولفت إلى أن "العلاقات الأردنية السعودية تمر بحالة من الجمود، ويبدو أن هناك محاولة من ولي العهد السعودي لأن ينفتح على المنطقة، وخاصة أن هذه الزيارة تقترن بزيارات أخرى لتركيا ومصر، إضافة إلى زيارة للرئيس الأمريكي إلى الرياض".
ورأى الكتوت أن "السعودية دولة مركزية في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وكانت تبدو وكأنها تغرد خارج السرب، حيث لاحظنا مؤخرا أن ثمة نشاطا أردنيا إماراتيا عراقيا مصريا، دون مشاركة السعودية، وهذا دليل على وجود صعوبات أو تعقيدات في علاقة هذه الدول مع السعودية، التي يبدو أنها قررت الخروج من هذه الحالة".
وأشار إلى أهمية الانفتاح الاقتصادي الأردني على السعودية؛ لأن الأردن يعاني من وضع اقتصادي صعب جدا، فقد تراجع الاستثمار بشكل كبير، ما يستدعي السعي لاستقطاب الأموال العربية للاستثمار في البلاد، وإيجاد تكامل اقتصادي عربي لبناء الاقتصاد الوطني، لكن مع الحذر أن لا يكون ذلك جزءا من مشاريع تصفية القضية الفلسطينية.
وأعلنت الرياض مؤخرا أن الرئيس الأمريكي سيزورها في 15 و16 يوليو/تموز المقبل، بدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
ووجه الملك سلمان دعوة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للمشاركة في القمة التي تستضيفها المملكة خلال زيارة بايدن، بمشاركة الأخير، وحضور قادة الأردن والبحرين وعُمان والإمارات والكويت ومصر.