هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت دعوة لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، الأمم المتحدة، إلى إنشاء آلية للكشف عن مصير الأشخاص المفقودين في سوريا، اهتماماً واسعاً، وسط آمال ضعيفة بتجاوب النظام السوري معها في حال تم تشكيلها من قبل مجلس الأمن.
وكانت اللجنة الدولية، قد أوصت الجمعة، خلال إصدار تقريرها بعنوان "المفقودون والمختفون في سوريا"، بإنشاء آلية ذات ولاية دولية، مؤكدة أن ضرورة أن تكون الولاية دولية من أجل ضمان العمل بمصداقية، وفي النجاح بتجميع المطالبات التي جمعتها الكيانات الأخرى، مع ضمان وجود مذكرات تفاهم لتقاسم المعلومات مع الكيانات الأخرى، إضافة إلى ضرورة أن تكون لديها سبل الوصول إلى أماكن خارج سوريا، حيث يوجد ملايين اللاجئين، من شهود وضحايا.
وأشارت اللجنة إلى وجود 100 ألف شخص في عداد المفقودين أو المختفين قسرياً على يد أطراف النزاع، وأكدت أنه "لا يزال مكان وجود هؤلاء المفقودين، ومصيرهم، مجهولاً حتى الآن".
وقال رئيس لجنة التحقيق باولو بينيرو إن هناك الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها لدعم الضحايا والناجين في عملية البحث، والعائلات انتظرت وقتاً طويلاً بالفعل، مضيفاً أن "تأثير القضية خطير على الناس من جميع الأطياف السياسية والجغرافية في سوريا ويجب أن يؤدي التقرير المقبل للأمين العام إلى اتخاذ إجراءات ملموسة من دون مزيد من التأخير".
ما هي الآلية الجديدة؟
وقال عضو "هيئة القانونيين السوريين"، المحامي عبد الناصر حوشان، إن "المقصود بالآلية الخاصة بالمفقودين والمختفين قسرياً، تشكيل لجنة على غرار لجنة التحقيق الدوليّة المستقلة، مهمتها البحث عن مصيرهم بالتعاون مع أهاليهم".
وأضاف لـ"عربي21" أن الهدف هو العمل على كشف مصيرهم والتحقق من هوية الذين لقوا حتفهم من خلال فحوصات طبية ومنها تحليل الحمض النووي (DNA)، واستلام الجثامين و نقلها و دفنها في مكان معلوم بمعرفة أهالي الضحايا.
ويتطلب تنفيذ مقترح اللجنة الدولية، وفق حوشان، مشروع قرار يُقدم إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومن ثم التصويت عليه من قبل المجلس، وبعد أن ينال الأغلبية المطلوبة أي بموافقة ثلثي أعضاء المجلس (47 عضواً)، يتم تسمية اللجنة رسمياً، وحينها يتم إلزام النظام بالتعامل والتعاون معها.
وأكد أنه في حال تم تنفيذ الآلية، فستباشر اللجنة عملها، ووقتها ستكون نتائجها وتقاريرها بمثابة أدلة قانونية على النظام السوري في جرائم الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب.
اقرأ أيضا: حقوقي سوري لـ"عربي21": العقوبات قد تطيح بنظام الأسد
ما المأمول من الآلية الجديدة؟
من جانبه، أعرب مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" فضل عبد الغني، خلال حديثه لـ"عربي21" عن أمله في أن تقوم اللجنة بعد تشكيلها، بمتابعة ملف المعتقلين والمختفين قسرياً والمفقودين، عند النظام بالدرجة الأولى، وبقية الأطراف أيضاً.
وأوضح أن المقترح يبحث في تشكيل منصة أو مرجعية، لمتابعة حالات الاختفاء والتواصل مع عائلاتهم، وقد تساهم بتقديم الرعاية وإعادة التأهيل النفسي للناجين، وكذلك من شأن تنفيذ هذا المقترح تسليط الضوء على هذا الملف، بالتنسيق مع المنظمات الحقوقية.
لكن في المقابل، دعا عبد الغني إلى عدم المبالغة في النتائج المتوقعة من الآلية الجديدة، لافتاً إلى أنه "في حال تشكلت هذه اللجنة، فإنها لن تُساهم في الإفراج عن المعتقلين، عبر الضغط على النظام السوري أو بقية الأطراف".
وأضاف مدير الشبكة الحقوقية، أن دور اللجنة سيكون محدوداً، مبيناً أن "الشبكة السورية طالبت المفوضية الأممية بدور كبير للجنة، ومن غير الواضح بعد الدور الحقيقي لها، وكل هذه التفاصيل ستتضح بعد تشكيلها".
مطالب بصلاحيات كبيرة
وفي الوقت الذي يرى فيه رئيس "الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين" الحقوقي فهد الموسى، أن من الضروري تشكيل آلية دولية خاصة بالمفقودين والمختفين قسرياً في سوريا، فإنه يطالب بمنح هذه الآلية صلاحيات كبيرة، تمكنها من دخول كافة السجون في سوريا، وتأمين الحماية للمعتقلين، وبيان مصير المختفين وتسليم جثامين المتوفين إلى ذويهم.
وفي حديثه لـ"عربي21" يقول: "بدون ذلك، ستبقى كل الآليات الدولية حبراً على ورق، الأمر الذي يشجع النظام على ارتكاب المزيد من الجرائم".
ويحمل الموسى المجتمع الدولي مسؤولية جرائم الإخفاء القسري التي مارسها نظام الأسد في سوريا، ويقول: "تعد ممارسات النظام جريمة إرهاب دولة منظمة وممنهجة ولم تستطع كل آليات الأمم المتحدة القاصرة أن تتلافى وقوع الجريمة، وتعتبر الأمم المتحدة قانونياً وفق مبادئها ووفق القانون الدولي مقصرة في منع وقوع الجرائم".
وأشار الموسى إلى أن الآلية الوحيدة المعمول بها في الأمم المتحدة هي الاستفسار عن المختفين قسرياً عن طريق المفوض الدولي الخاص بحالات الاختفاء القسري، مختتماً بقوله: "هذه الآلية هي آلية قاصرة تناسب انتهاكات حقوق الإنسان في دول ديمقراطية، وليس في سوريا التي يحكمها نظام لا يكترث بالرد عليها".
وتُقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان عدد المعتقلين لدى نظام الأسد بنحو 132 ألف معتقل.